تضخم منطقة اليورو يستقر فوق هدف «المركزي الأوروبي» في أبريل

وسط ضغوط أساسية تفوق التوقعات

متسوقة في سوبرماركت كارفور في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
متسوقة في سوبرماركت كارفور في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
TT

تضخم منطقة اليورو يستقر فوق هدف «المركزي الأوروبي» في أبريل

متسوقة في سوبرماركت كارفور في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
متسوقة في سوبرماركت كارفور في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)

سجّل التضخم في منطقة اليورو استقراراً طفيفاً فوق هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة خلال أبريل (نيسان)، فيما ارتفعت الضغوط التضخمية الأساسية بأكثر من المتوقع، وهو ما يُرجح أن يثير قلق بعض صانعي السياسة في البنك، رغم أن التوترات التجارية العالمية قد تعزز مبررات خفض أسعار الفائدة مجدداً.

وبلغ معدل التضخم في الدول العشرين التي تعتمد اليورو 2.2 في المائة، متجاوزاً توقعات استطلاع أجرته «رويترز» والتي أشارت إلى 2.1 في المائة، مدعوماً بارتفاع أسعار الخدمات والمواد الغذائية غير المُصنّعة، والتي عوّضت تراجع تكاليف الطاقة، وفق «رويترز».

وساهم صعود أسعار الخدمات في دفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والمواد الغذائية المتقلبة، إلى 2.7 في المائة مقارنة بـ2.4 في المائة في مارس (آذار)، متجاوزاً التوقعات البالغة 2.5 في المائة. ورغم أن البنك المركزي الأوروبي يولي أهمية كبيرة لمؤشرات التضخم، ولا سيما الأساسي منها، فإن الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة قد تكون عاملاً حاسماً في النقاشات قبيل اجتماع السياسة النقدية للبنك في 5 يونيو (حزيران).

ومع ذلك، قد يؤدي ارتفاع أسعار الخدمات إلى تقوية موقف الأعضاء الأكثر تشدداً في المجلس الحاكم (صقور السياسة)، الذين يدعون إلى إبطاء وتيرة التيسير النقدي لحين التأكد من انحسار الضغوط التضخمية بشكل مؤكد.

في الوقت الراهن، يرى معظم الاقتصاديين احتمالية تتجاوز 80 في المائة لخفض إضافي في أسعار الفائدة خلال يونيو، مع توقّع خفض آخر قبل نهاية العام، ما قد يُخفض سعر الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي إلى 1.75 في المائة أو أقل.

وقد بدأ صانعو السياسات بالفعل، سواء علناً أو من وراء الكواليس، في تهيئة الأسواق لخفض ثامن في أسعار الفائدة خلال 13 شهراً، مستندين إلى أن الحرب التجارية العالمية قد تؤدي إلى ضغوط انكماشية تُعيد التضخم إلى ما دون مستواه المستهدف.

وفي الواقع، طرأ تحول واضح على نبرة البنك في الفترة الأخيرة؛ فبينما كان يتوقع سابقاً بلوغ معدل التضخم المستهدف بحلول 2026، بدأ المسؤولون يؤكدون الآن أن الهدف قد تحقق فعلياً.

ويرجع ذلك إلى أن النزاعات التجارية تُبطئ النمو وتُعيق تدفقات الاستثمار، كما ساهمت في تراجع أسعار الطاقة وارتفاع قيمة اليورو، مما خفّض من تكلفة الواردات. كما يثير احتمال قيام الصين بإغراق السوق الأوروبية بفائض إنتاجها، نتيجة لتقلص فرص النفاذ إلى السوق الأميركية، مخاوف إضافية من تزايد الضغوط الانكماشية.

وبينما يُحتمل أن يؤدي تفكك سلاسل التوريد العالمية إلى رفع تكاليف الإنتاج مستقبلاً، إلا أن هذا الخطر لا يزال محدوداً نسبياً، إذ تظل توقعات الأسواق بشأن التضخم طويل الأمد مستقرة قرب مستوى 2 في المائة المستهدف من قِبل البنك.

ويرى محللون أن زيادة الإنفاق العسكري قد تسهم أيضاً في دفع الأسعار، نتيجة اتساع العجز المالي، لكن تأثير هذا النوع من الإنفاق يُرجّح أن يكون محدوداً على المدى القريب نظراً لطبيعته الممتدة على مدى زمني طويل.


مقالات ذات صلة

انخفاض طفيف لمؤشر أسعار المستهلكين في الصين خلال أبريل

الاقتصاد متسوقون يشترون الطماطم داخل سوق في بكين (رويترز)

انخفاض طفيف لمؤشر أسعار المستهلكين في الصين خلال أبريل

أعلنت الهيئة الوطنية الصينية للإحصاء، السبت، أن مؤشر أسعار المستهلكين في البلاد، وهو مقياس رئيسي للتضخم، انخفض بنسبة 0.1 في المائة على أساس سنوي في شهر أبريل.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سيدتان تتسوقان في سوبر ماركت بالقاهرة (رويترز)

التضخم في مصر يرتفع إلى 13.9 % خلال أبريل بسبب أسعار الوقود

ارتفع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 13.9 في المائة في أبريل (نيسان) من 13.6 في المائة في مارس (آذار)، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مايكل بار يدلي بشهادته بمبنى الكابيتول في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

بار من «الفيدرالي»: سياسات ترمب التجارية تهدد برفع التضخم وتباطؤ النمو

قال مايكل بار، عضو مجلس محافظي «الاحتياطي الفيدرالي»، إن السياسات التجارية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستؤدي على الأرجح إلى ارتفاع معدلات التضخم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

بين التشديد والتيسير... الرسوم تُعمّق الانقسام في سياسات الفائدة العالمية

تشهد البنوك المركزية الكبرى تبايناً في توجهاتها، في وقت تهدد فيه الرسوم الجمركية التي يفرضها البيت الأبيض بزيادة التضخم في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد دونالد ترمب يجيب عن أسئلة الصحافيين في المكتب البيضاوي (إ.ب.أ)

بعد تثبيت الفائدة... ترمب ينتقد باول ويصفه بـ«الأحمق»

انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الخميس، واصفاً إياه بـ«الأحمق»، وذلك عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قصة «بلاك روك» الأميركية وعلاقاتها الاستراتيجية مع السعودية

لاري فينك متحدثاً للحضور في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
لاري فينك متحدثاً للحضور في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

قصة «بلاك روك» الأميركية وعلاقاتها الاستراتيجية مع السعودية

لاري فينك متحدثاً للحضور في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
لاري فينك متحدثاً للحضور في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)

يعود لاري فينك، الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» الأميركية، عملاقة إدارة الأصول، مجدداً إلى الرياض برفقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الثلاثاء المقبل، وعدد من رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات في الولايات المتحدة؛ حيث تجمع بين السعودية والشركة التي تُعدّ عملاقة إدارة الأصول في العالم علاقات استراتيجية ممتدة في كثير من القطاعات، من ضمنها مذكرة تفاهم لتأسيس منصة استثمارية متعددة الأصول بقيمة 5 مليارات دولار.

زيارة فينك ليست الأولى بالطبع؛ إذ يحرص على زيارة المملكة عدة مرات سنوياً للمشاركة في الفعاليات العالمية الكبرى، وبناء شراكات استراتيجية متنامية.

وقد نجح فينك في ترسيخ مكانة «بلاك روك» بوصفها أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم تشرف على أكثر من 10 تريليونات دولار، ولها استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وكانت «بلاك روك» عززت حضورها في المملكة؛ حيث كانت أول شركة إدارة استثمارات عالمية كبرى تفتتح مكتباً إقليمياً لها في الرياض، كما ضمت إلى مجلس إدارتها العام الماضي الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» العملاقة للنفط المهندس أمين الناصر. وتتوافق أنشطة «بلاك روك» في السعودية بشكل وثيق مع «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير مختلف القطاعات غير النفطية. وترى «بلاك روك» فرصاً استثمارية كبيرة في التحول الاقتصادي بالسعودية.

ومن هنا تأتي تصريحات فينك المتكررة في العديد من المناسبات؛ حيث كان يقول إن هناك فرصاً هائلة أمام المستثمرين في السعودية والمنطقة.

منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي

تزامناً مع زيارة ترمب إلى السعودية، تستضيف العاصمة، الرياض، «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي»، الذي يُعقَد في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات، بحضورٍ رفيع المستوى يضم قادة المال والأعمال من الجانبين، في احتفاء بشراكة اقتصادية واستثمارية قاربت على إتمام قرنها الأول. وسيشارك فينك في المنتدى مع عدد من رجال الأعمال والشخصيات البارزة من الجانبين، إلى جانب الرئيسة التنفيذية لـ«سيتي غروب»، جاين فريزر، ورئيس «كوالكوم»، كريستيانو آمون، ورئيس «آي بي إم»، آرفيند كريشنا، وستيفن شوارزمان، مؤسس ورئيس «بلاكستون»، ورئيسة الاستثمارات في «غوغل» و«ألفابت»، روث بورات.

حزمة مشاريع مشتركة

وتسعى «بلاك روك» إلى الحصول على تفويضات استثمارية واستشارية داخل المملكة؛ إذ وقّعت مع «صندوق الاستثمارات العامة» في عام 2024 مذكرة تفاهم تتولى من خلالها الشركة تأسيس منصة استثمارية متكاملة متعددة الأصول في الرياض ترتكز على استثمار أوّلي من الصندوق بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار.

الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» خلال توقيع مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة بحضور المحافظ ياسر الرميان (الشرق الأوسط)

بحسب فينك، سيؤدي النمو المستمر لأسواق رأس المال في المملكة وتنويع قطاعها المالي إلى تحقيق الرخاء المستقبلي لمواطنيها وتعزيز تنافسية شركاتها وقوة اقتصادها.

كما وقعت «بلاك روك» مذكرة تفاهم مع الصندوق لاستكشاف فرص الاستثمار في البنية التحتية بالمملكة العربية السعودية والشرق الأوسط. وركزت هذه المذكرة المعلَن عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 على حزمة من المشاريع التي تستهدف عدداً من القطاعات، مثل الطاقة، والمرافق الخدمية، والمياه، والبيئة، والنقل، والاتصالات والبنية التحتية الاجتماعية. ويخطط «السيادي السعودي» و«بلاك روك» للتعاون بما يمكنهما من جذب المستثمرين الإقليميين والدوليين للمشاركة في المشاريع الاستثمارية، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، وإضافة قيمة إيجابية للاقتصاد والسوق السعوديين، وتمكين نقل المعرفة والمهارات. وكذلك، استضافت الشركة، العام الماضي، تجمعاً لكبار المديرين للشركات والمسؤولين الحكوميين في الرياض، وهو أول حدث للشركة بهذا الحجم في العاصمة السعودية.

بيئة استثمارية آمنة

يؤكد فينك أن السعودية تتمتع ببيئة استثمارية جاذبة، نظراً لتجربته في التعاون مع الجهات الحكومية في البلاد. وخلال «منتدى دافوس الاقتصادي» لعام 2025. قال فينك: «روح الفريق الواحد التي لمستها بين الوزراء في السعودية من الأسباب التي تجعلنا في (بلاك روك) متحمسين للاستثمار في هذا البلد الواعد».

وقد عززت «بلاك روك» وجودها في السعودية بتركيزها على قطاعات البنية التحتية، والعقارات، والأسهم الخاصة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد. وأكد فينك أن السعودية أصبحت منطقة نمو واستثمار آمنة، مشيراً إلى التغيرات الإيجابية التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة، قائلاً: «أثناء تأملي في التغيرات التي حدثت خلال السنوات الخمس الماضية، أدركت أن أفكاري اليوم تختلف تماماً عن المحادثات التي كنت أجريها قبل 5 سنوات فقط... لأولئك الذين لم يزوروا المملكة، يجب أن يطلعوا على التوجهات الحالية؛ سيُفاجأون بشكل كبير».

صفقات كبرى

شاركت «بلاك روك» في صفقة تأجير وإعادة استئجار مع «أرامكو السعودية»، في عام 2021؛ حيث استحوذت على حصة 49 في المائة من شبكة أنابيب الغاز التابعة لـ«أرامكو» بقيمة 15.5 مليار دولار، من خلال كيان مشترك مع شركة «حصانة» الاستثمارية، الذراع الاستثمارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية.

وفي فبراير (شباط) الماضي، وقَّعت «السعودي الفرنسي كابيتال» مع «بلاك روك»، تعزيزاً للابتكار في الخدمات استشارية، من خلال دمج الخبرات المحلية التي تتمتع بها «السعودي الفرنسي كابيتال» مع «بلاك روك»، في إدارة الأصول والخدمات الاستشارية.

وكذلك، تسعى «بلاك روك» إلى تعزيز توسعها في الشرق الأوسط، من خلال استحواذها على حصة في شركة «خطوط أنابيب السعودية - البحرين»، بالتعاون مع شركة «بابكو إنرجيز» البحرينية في سبتمبر (أيلول) الماضي.

في الختام، ومع استمرار «بلاك روك» في توسيع حضورها واستثماراتها في مختلف القطاعات، يلوح في الأفق مستقبل واعد يحمل المزيد من التعاون المثمر والصفقات الكبرى التي ستعود بالنفع على الطرفين وتسهم في ترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزاً استثمارياً عالمياً جاذباً.

OSZAR »