انقسام في بنك اليابان حول تأثير السياسات الأميركية على رفع أسعار الفائدة

تراجع الطلب على السندات العشرية لأقل مستوياته منذ 2021

أحد المشاة في شارع بوسط العاصمة اليابانية طوكيو يمر أمام شاشة إلكترونية تعرض حركة الأسهم (أ.ب)
أحد المشاة في شارع بوسط العاصمة اليابانية طوكيو يمر أمام شاشة إلكترونية تعرض حركة الأسهم (أ.ب)
TT

انقسام في بنك اليابان حول تأثير السياسات الأميركية على رفع أسعار الفائدة

أحد المشاة في شارع بوسط العاصمة اليابانية طوكيو يمر أمام شاشة إلكترونية تعرض حركة الأسهم (أ.ب)
أحد المشاة في شارع بوسط العاصمة اليابانية طوكيو يمر أمام شاشة إلكترونية تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

أظهر محضر اجتماع بنك اليابان لشهر مارس (آذار)، الذي نشر يوم الخميس، انقساماً حول موعد رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة مجدداً، مع ازدياد حالة عدم اليقين الناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية الأميركية.

وصرّح أحد الأعضاء، وفقاً للمحضر، قائلاً: «لقد ازدادت المخاطر السلبية الناجمة عن السياسات الأميركية بسرعة، وبناءً على التطورات المستقبلية في سياسة التعريفات الجمركية، من المحتمل جداً أن يكون لهذه المخاطر تأثير سلبي كبير على الاقتصاد الحقيقي لليابان». وأضاف أن بنك اليابان «سيحتاج بالتالي إلى توخي الحذر الشديد عند النظر في توقيت رفع أسعار الفائدة المقبل».

وقال عضو ثانٍ إنه حتى مع ازدياد حالة عدم اليقين، فإن بنك اليابان ليس ملزماً دائماً بإدارة سياسته النقدية بحذر مفرط. وأضاف أن بنك اليابان «قد يواجه موقفاً يتطلب منه التصرف بحزم». بينما قال عضو آخر إن على بنك اليابان المركزي أن يأخذ في الاعتبار توقعات التضخم للشركات والأسر، ومخاطر ارتفاع الأسعار، والتقدم المحرز في زيادات الأجور عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية في اجتماعه المقبل.

وفي اجتماعه المنعقد يومي 18 و19 مارس، أبقى بنك اليابان المركزي أسعار الفائدة ثابتة عند 0.5 في المائة. وحذّر المحافظ كازو أويدا، في إحاطة إعلامية عقب الاجتماع، من تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، مشيراً إلى خطر ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونمو الأجور بشكل أقوى من المتوقع، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم الأساسي في اليابان.

وفي الأسبوع الماضي، قرّر بنك اليابان المركزي مجدداً إبقاء أسعار الفائدة ثابتة. وقال أويدا إن توقيت اقتراب التضخم الأساسي من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة قد «تم تأجيله بعض الشيء»، مما يشير أساساً إلى توقف مؤقت لرفع أسعار الفائدة لمزيد من الوضوح بشأن تداعيات رفع الرسوم الجمركية.

وفي الأسواق، شهدت سندات الخزانة العشرية اليابانية أقل مستوى للطلب عليها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021، مع تراجع العائد عليها، وتوقعات استمرار زيادة أسعار الفائدة الرئيسية في اليابان.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن معدل التغطية في طرح وزارة المالية اليابانية لسندات أجل عشر سنوات بقيمة 2.6 تريليون ين (18 مليار دولار) التي تستحق السداد في مارس 2035، الذي تم تنفيذه خلال مارس الماضي، كان 2.54 مرة، مقابل 3.15 مرة في طرح الشهر السابق.

ويذكر أن معدل التغطية هو مقياس للطلب على السندات، حيث يشير إلى حجم الاكتتاب مقارنة بحجم الطرح.

وبلغ العائد على السندات العشرية اليابانية في أواخر مارس 1.59 في المائة، وكان أعلى مستوى له منذ 2008، ثم تراجع إلى نحو 1.1 في المائة يوم الأربعاء، بسبب المخاوف من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية.

وقال شوكي أوموري، كبير محللي التداول في شركة «ميزوهو سيكيورتيز» للوساطة المالية في طوكيو: «لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان اللاعبون الرئيسيون في السوق يشعرون بأي رغبة ملحة في الاستحواذ على حصص كبيرة من السندات لأجل عشر سنوات في هذه المرحلة»، مضيفاً: «يبدو أن كثيراً من المستثمرين قد اتخذوا نهجاً مدروساً، حيث راقبوا المستثمرين الآخرين في السوق لتقييم ما إذا كان المشترون الرئيسيون، مثل البنوك ذات القوة الشرائية الكبيرة، سيدخلون بقوة».

وأرجأ بنك اليابان المركزي التوقيت المتوقع للوصول إلى معدل التضخم المستهدف، في حين خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في الأسبوع الماضي، بعد أن ألقت الحرب التجارية بظلالها على التوقعات الاقتصادية.

وأدت هذه التغييرات في التوقعات إلى انخفاض قيمة الين وعوائد السندات لأجل عشر سنوات، حيث يتوقع المتداولون الآن رفع أسعار الفائدة في وقت أبعد من المتوقع.

ومن جانبه، ارتفع مؤشر «نيكي» الياباني يوم الخميس، حيث اقتفت أسهم شركات الرقائق الإلكترونية أثر ارتفاع أسهم شركات أشباه الموصلات الأميركية، بينما قفزت أسهم «إن تي تي داتا» عقب تقرير استحواذ.

وأغلق مؤشر «نيكي» على ارتفاع بنسبة 0.41 في المائة عند 36,928.63 نقطة، بعد أن كسر سلسلة مكاسب استمرت سبعة أيام يوم الأربعاء. وعكس مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً مساره ليغلق على ارتفاع بنسبة 0.09 في المائة عند 2,698.72 نقطة، مسجلاً سلسلة مكاسب على مدار تسع جلسات.

وقال سييتشي سوزوكي، كبير محللي أسواق الأسهم في مختبر «توكاي طوكيو»: «استعاد المؤشران الرئيسيان خسائرهما بسرعة (منذ إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية الشهر الماضي)، لكن وتيرة التعافي تباطأت. وأصبح المستثمرون حذرين مع اقتراب مؤشر (نيكي) من المستوى النفسي البالغ 37,000 نقطة».

وارتفع سهم «إن تي تي داتا» بنسبة 16.73 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى يومي له بعد أن أفادت صحيفة «نيكي» بأن شركة الاتصالات العملاقة «إن تي تي» تخطط لشراء الأسهم التي لا تملكها بالفعل من خلال عرض اكتتاب عام.


مقالات ذات صلة

هل يتراجع ترمب عن رسومه العالية ضد الصين؟

الاقتصاد مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)

هل يتراجع ترمب عن رسومه العالية ضد الصين؟

استبق ترمب انعقاد المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والصينيين في سويسرا يوم السبت، وألمح إلى أنه قد يخفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 80 بالمائة.

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد كيفن هاسيت يتحدث مع عدد من الصحافيين في البيت الأبيض فبراير 2025 (رويترز)

مستشار ترمب الاقتصادي: اتفاقية التجارة مع بريطانيا نموذج لصفقات مقبلة

قال مستشار البيت الأبيض الاقتصادي كيفن هاسيت، يوم الجمعة، إن اتفاقية التجارة مع المملكة المتحدة تُمثّل نموذجاً مبدئياً لاتفاقيات مستقبلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مصفاة نفطية قرب مدينة ليسيتشانسك الصناعية شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

النفط لمكاسب أسبوعية... والأعين على سويسرا

ارتفعت أسعار النفط، يوم الجمعة، متجهة إلى تحقيق مكاسب أسبوعية، مع ظهور بوادر انحسار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أكبر مستهلكي نفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفينة حاويات تغادر ميناء قينغداو شرق الصين (أ.ب)

ترمب يلمح لخفض الرسوم على الصين إلى 80% ويطالبها بفتح أسواقها

صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الجمعة بأن فرض رسوم جمركية بنسبة 80 في المائة على البضائع الصينية «يبدو قراراً صائباً»

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد زحام في شارع تجاري بالقرب من أحد المزارات السياحية في العاصمة اليابانية طوكيو (أ ف ب)

الأجور الحقيقية تواصل التراجع في اليابان... وارتفاع إنفاق المستهلكين

أظهرت بيانات حكومية أن الأجور الحقيقية في اليابان انخفضت للشهر الثالث على التوالي في مارس متأثرة بارتفاع التضخم

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

هل يتراجع ترمب عن رسومه العالية ضد الصين؟

مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)
مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)
TT

هل يتراجع ترمب عن رسومه العالية ضد الصين؟

مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)
مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)

استبق الرئيس الأميركي دونالد ترمب انعقاد المحادثات بين المسؤولين الأميركيين ونظرائهم الصينيين في سويسرا يوم السبت، وألمح إلى أنه قد يخفض الرسوم الجمركية على الصين من 145 بالمائة إلى 80 بالمائة، في حين بدت أنها خطوة لتهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وقال ترمب عبر منصة «تروث سوشيال» صباح الجمعة: «يبدو أن فرض رسوم جمركية بنسبة 80 بالمائة على الصين هو القرار الصحيح! الأمر متروك لسكوت بي»، في إشارة إلى وزير الخزانة سكوت بيسنت الذي يقود المحادثات مع الصين.

وفي تغريدة أخرى على منصة «تروث سوشيال»، أوضح ترمب رؤيته لما يريده من الصين مقابل خفض الرسوم الجمركية، وقال: «ينبغي على الصين أن تفتح أسواقها أمام الولايات المتحدة - سيكون ذلك في صالحها! فالأسواق المغلقة لم تعد مجدية!».

وخلال إعلان الاتفاق التجاري مع المملكة المتحدة يوم الخميس، قال ترمب للصحافيين إن لديه اهتماماً بفتح السوق الصينية الخاضعة لسيطرة مشددة أمام الشركات الأميركية، ووصف الصراع بأنه معركة أوسع ضد ما يسميه بممارسات التجارة الصينية «غير العادلة»، وقال: «نود أن نرى الصين منفتحة، حتى نتمكن من المنافسة في الصين، وإعطاء الناس شيئاً لم يتمكنوا من الوصول إليه من قبل».

وأثارت هذه التصريحات والتغريدات شهية الخبراء والمحللين بأن ترمب يميل إلى التراجع عن قراراته السابقة بشأن الرسوم الجمركية، خاصة بعد النجاح الذي حققه في إبرام الاتفاق التجاري مع المملكة المتحدة، والذي تم الاحتفاء به بصورة كبيرة داخل الإدارة الأميركية، رغم تشكك الخبراء في أن الصفقة كانت كاملة وشاملة كما وعد ترمب؛ إذ ترك الكثير من التفاصيل المهمة لمزيد من المفاوضات.

وقدمت تغريدات ترمب جرعة قوية من التفاؤل للمستثمرين الذين يتوقون لأي إشارة إلى أن الرئيس الأميركي سيسعى إلى إيجاد مخرج من حرب تجارية هزت أسواق الأسهم والسندات، وأثارت مخاطر حدوث تباطؤ عالمي.

أولى المحادثات المباشرة

ومن المقرر أن يبدأ وزير الخزانة سكوت بيسنت، والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير، محادثات مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، في سويسرا يوم السبت، وهي أولى المناقشات بين أكبر اقتصادين في العالم لنزع فتيل حرب تجارية شهدت فرض ترمب رسوماً بنسبة 145 بالمائة على الصين، ورد بكين برسوم انتقامية بنسبة 125 بالمائة على العديد من السلع الأميركية.

وستمثل هذه المحادثات أول لقاء وجهاً لوجه بين كبار المسؤولين من البلدين منذ فرض الرئيس ترمب الرسوم الجمركية التاريخية في أوائل أبريل (نيسان)، لكن الآمال في تحقيق انفراجة هذا الأسبوع مع الصينيين لا تزال ضعيفة.

وقد حاول وزير الخزانة خفض سقف التوقعات من هذه المحادثات، وقال لشبكة «فوكس نيوز» يوم الثلاثاء: «أعتقد أن الأمر يتعلق بخفض التصعيد، وليس باتفاقية التجارة الكبرى». وأشار الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير، إلى أن هذه المحادثات الأولية هي فرصة لبدء تخفيف التوترات فقط.

ويخفض أيضاً المفاوضون الصينيون من سقف التوقعات، ولديهم حذر مماثل، وتخوف كبير من تقديم تنازلات دون ظهور مؤشرات على تسوية أميركية. وكتب المتحدث باسم وزير الخارجية الصيني لين جيان على «إكس»: «إن الضغط على الصين أو إكراهها بأي طريقة كانت لن يجدي نفعاً».

ومع ذلك، ينظر بعض المحللين إلى قرار جمع كبار المفاوضين من الجانبين على طاولة المفاوضات، باعتباره خطوة إيجابية إلى الأمام بعد أشهر من المناورات الاقتصادية. ورغم أن التوقعات بتحقيق انفراجة تظل منخفضة، فإن حقيقة أن البلدين اتفقا على إجراء محادثات تشير إلى اعتراف بالتكاليف الباهظة للصراع المطول.

وتقول ماري لوفلي، الخبيرة في العلاقات الأميركية - الصينية، وكبيرة الباحثين في معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي: «لم تكن الولايات المتحدة مهتمة بشكل خاص بما يريده أي طرف تجاري آخر، لكن الولايات المتحدة لا تزال تعتمد على الصين في العديد من السلع المهمة للسوق الأميركية، وبالتالي لا تزال الصين تتمتع بقدر كبير من القوة في هذه العلاقة».

OSZAR »