«الفيدرالي» يُمدد ترقّب الأسواق... وغموض التجارة يدفع نحو الملاذات الآمنة

شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بورصة نيويورك (أ.ب)
شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«الفيدرالي» يُمدد ترقّب الأسواق... وغموض التجارة يدفع نحو الملاذات الآمنة

شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بورصة نيويورك (أ.ب)
شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بورصة نيويورك (أ.ب)

في حين لا يزال المستثمرون يكافحون من أجل فهم التداعيات الاقتصادية المحتملة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فإنهم يواجهون في الوقت نفسه حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن اتجاه السياسة النقدية، في ضوء المشهد التجاري المضطرب.

فقد أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، الأربعاء، كما كان متوقعاً، محذّراً من ارتفاع في مخاطر التضخم والبطالة؛ ما جعله غير مستعجل لاتخاذ خطوات فورية، وترك «الاستجابة المناسبة» للسياسة النقدية غير واضحة، وفق «رويترز».

ورغم أن البيانات الاقتصادية لم تُظهر بعد علامات واضحة على التباطؤ، فإن المستثمرين يتحضرون لاحتمال تعرض النمو لأضرار بفعل الرسوم الجمركية الواسعة التي تفرضها إدارة ترمب، في حين لا تزال المفاوضات التجارية مع الشركاء في حالة تغير مستمر. هذا الوضع يدفع بعض المستثمرين إلى توخي الحذر، من خلال التركيز على الأصول المحمية من التضخم، وأسهم الشركات ذات القدرة الأكبر على الصمود في وجه التباطؤ الاقتصادي.

وبينما يلتزم «الفيدرالي» جانب الحذر، يرى المستثمرون أن أسعار الأصول باتت أكثر حساسية من أي وقت مضى للبيانات الاقتصادية الرئيسة وتطورات التجارة؛ إذ يبحث المتعاملون في الأسواق عن أي مؤشرات يمكن أن ترشدهم إلى الخطوة التالية لـ«الفيدرالي».

وقال جوش جامنر، كبير محللي استراتيجية الاستثمار في شركة «كليربريدغ إنفستمنتس»: «لا شيء يزعج المستثمرين أكثر من الغموض، و(الفيدرالي) ليس في موقع يمكّنه من منحهم اليقين».

وفي مؤتمر صحافي بعد إعلان القرار، قال رئيس «الفيدرالي» جيروم باول إن سياسة التجارة تظل مصدراً لعدم اليقين؛ ما يعزز حاجة البنك المركزي إلى نهج «الانتظار والترقب».

وعلق روبرت كريستيان، رئيس إدارة المحافظ المطلقة في «فرانكلين تمبلتون إنفستمنت سوليوشنز»، قائلاً: «باول مثل باقي المستثمرين... ينتظر فقط ليرى كيف ستتطور الأمور».

ورغم أن «الفيدرالي» خفّض معدلات الفائدة بمقدار نقطة مئوية خلال العام الماضي، فإنه أبقاها منذ بداية 2025 في نطاق 4.25 في المائة إلى 4.5 في المائة. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يتوقعون المزيد من التيسير النقدي هذا العام.

تُظهر العقود الآجلة لمعدلات الفائدة أن الأسواق تتوقع ثلاثة تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس بحلول ديسمبر (كانون الأول)، على أن يكون أول خفض مرجحاً في يوليو (تموز).

وترى مارتا نورتون، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في شركة «إمباور» لخدمات التقاعد والثروات، أن هذه التوقعات مستندة إلى الاعتقاد بأن تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي سيفوق أي ارتفاع محتمل في التضخم. لكنها حذَّرت من أن «التضخم قد يفاجئ الجميع من حيث الاتجاه الصعودي».

وقال إد الحُسيني، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في «كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس»، إن من المرجح ألا يتحرك «الفيدرالي» قبل اجتماعه في سبتمبر (أيلول)، موضحاً: «نحتاج إلى تدهور كبير ليدفع (الفيدرالي) إلى التحرك قبل سبتمبر. وبحلول ذلك الوقت، سيكون لدينا على الأقل فكرة أوضح عن الاتجاه العام».

وفي الواقع، خفّض المتداولون من رهاناتهم على حجم التيسير المتوقع هذا العام، واستبعدوا تقريباً حدوث خفض في يونيو (حزيران)، خصوصاً بعد تقرير الوظائف القوي الصادر الجمعة الماضي، الذي أظهر إضافة 177 ألف وظيفة – أعلى من التوقعات.

وعلاوة على الغموض المحيط بالتجارة والسياسة النقدية، هناك حالة من عدم اليقين بشأن السياسة المالية أيضاً، بما في ذلك كيفية تطور مداولات الميزانية الفيدرالية، بحسب جيفري بالما، رئيس حلول الأصول المتعددة في «كوهن آند ستيرز»، الذي أضاف: «كل ذلك يشير إلى أن تقلبات السوق ستبقى مرتفعة إلى حد ما في المستقبل المنظور».

ورغم هذه الأجواء، تعاملت الأسواق مع إعلان «الفيدرالي» بهدوء؛ إذ أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً بنسبة 0.4 في المائة بعد إعلان القرار، مدعوماً بمكاسب في أسهم شركات الرقائق الإلكترونية، على خلفية تقارير عن خطط إدارة ترمب للتراجع عن قيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي. أما عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات فبلغ 4.27 في المائة، منخفضاً قليلاً خلال اليوم.

وانخفض مؤشر تقلبات السوق CBOE (مقياس قلق المستثمرين) قليلاً، لكنه ظل عند 23.55 – وهو أعلى من المتوسط التاريخي البالغ 17.6.

المستثمرون يبحثون عن ملاذات أكثر أماناً

أوصى بالما بزيادة تنويع المحافظ الاستثمارية، وتضمين أصول حقيقية مثل العقارات والبنية التحتية والموارد الطبيعية، التي يمكن أن توفر حماية ضد التضخم.

وأشار جامنر إلى أن الوضع الحالي يفرض على المستثمرين التحول إلى أسهم الشركات التي تمتلك المرونة للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية، أو تتمتع بميزة تنافسية تحصّنها من تقلبات الاقتصاد.

أما المستشارون الماليون – الذين يعملون منذ أشهر على إعادة توازن المحافظ وتقليل المخاطر – فقد أكدوا أن عدم تقديم باول توقعات محددة كان متوقعاً.

وبعد الاجتماع، قالت رافيا حسن، الرئيسة التنفيذية للاستثمار في «بيريغون ويلث مانجمنت»: «سأحول تركيزي الآن إلى صفقات التجارة المحتملة. هذا هو ما قد يكون له التأثير الأكبر على الأسواق».


مقالات ذات صلة

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

الاقتصاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

أعلنت «أمازون ويب سيرفيسز»، التابعة لشركة Amazon.com, Inc. و«هيوماين» السعودية الجديدة عن خطط لاستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار لتطوير «منطقة ذكاء اصطناعي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي المقام حالياً في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:30

شراكة استراتيجية بين «إي إم دي» الأميركية و«هيوماين» السعودية بـ10 مليارات دولار

أعلنت شركة «إي إم دي» الأميركية، الثلاثاء، توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع «هيوماين»، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» مع طارق أمين الرئيس التنفيذي لشركة «هيوماين» في منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي (الشرق الأوسط)

«إنفيديا» ترسل 18 ألف رقاقة ذكاء اصطناعي متطورة إلى السعودية

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، جينسن هوانغ، يوم الثلاثاء، أن الشركة ستبيع أكثر من 18 ألف رقاقة ذكاء اصطناعي حديثة لشركة «هيوماين» السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور في الكلمة الافتتاحية (الشرق الأوسط)

السعودية وأميركا تكشفان عن خطط لتعميق التحالف الاقتصادي الاستراتيجي وتوسيع الاستثمارات

كشفت السعودية والولايات المتحدة الأميركية عن مساعيهما لزيادة وتعميق العلاقات الاقتصادية، وتعزيز التحالف الاستراتيجي المتنامي بين الرياض وواشنطن.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» ترتفع مع تباطؤ التضخم الأميركي

شهدت الأسهم الأميركية ارتفاعاً ملحوظاً يوم الثلاثاء، بعد تقرير مشجع أظهر تباطؤاً غير متوقع في التضخم على مستوى البلاد، خلال الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)

أعلنت «أمازون ويب سيرفيسز»، التابعة لشركة Amazon.com, Inc. و«هيوماين» السعودية الجديدة المعنية بتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة وعلى مستوى العالم، عن خطط لاستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار في إطار شراكة استراتيجية لتطوير «منطقة ذكاء اصطناعي» رائدة من نوعها في المملكة.

وتنسجم هذه الشراكة مع «رؤية 2030»، وتعزز من التزام المملكة ببناء اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي، ما يمثل خطوة نوعية نحو تحقيق طموحاتها في أن تصبح مركزاً عالمياً رائداً في هذا المجال.

وستجمع هذه المنطقة المتقدمة تحت مظلتها مجموعة من الحلول والإمكانات التقنية الرائدة، من ضمنها بنية تحتية متخصصة للذكاء الاصطناعي وخوادم مزوّدة بأشباه موصلات عالمية المستوى، وشبكات UltraCluster لتسريع تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي ومعالجتها، بالإضافة إلى خدمات «أمازون ويب سيرفيسز» المتقدمة مثل Amazon Bedrock وSageMaker، وخدمات تطبيقية مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل Amazon Q، وذلك دعماً لمساعي المملكة نحو ترسيخ مكانتها كدولة رائدة عالمياً في هذا المجال الحيوي.

وكانت «أمازون ويب سيرفيسز» قد أعلنت في وقت سابق عن خططها لإنشاء منطقة بنية تحتية خاصة بها في المملكة، والمقرر إطلاقها في عام 2026، ضمن استثمار يبلغ 5.3 مليار دولار.

وتشكل «منطقة الذكاء الاصطناعي» الجديدة استثماراً إضافياً يهدف إلى تلبية الطلب المحلي والعالمي المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، في إطار التزام «أمازون ويب سيرفيسز» طويل الأمد بتوفير بنيتها التحتية المتطورة وخدماتها الرائدة في السوق السعودية.

وبموجب هذه الشراكة، ستقدّم شركة «أمازون ويب سيرفيسز» إمكاناتها المتقدمة في البنية التحتية من حيث الخوادم والشبكات، بالإضافة إلى خدماتها المتقدمة في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في المملكة، بما في ذلك خدمة Amazon Sagemaker AI وAmazon Bedrock وAmazon Q، والخدمات المدارة بالكامل لتطوير وتوسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي (genAI).

ومع توافر Amazon Bedrock في السعودية، ستتمكن الشركات والمؤسسات الحكومية من الوصول إلى نماذج عالية الكفاءة مقدّمة من أبرز شركات الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع ضمان أعلى مستويات الأمان، والخصوصية، والالتزام باستخدام مسؤول وأخلاقي للتقنية.

وفيما يخص Amazon Q، الذي يعد أحد أكثر المساعدات الذكية تطوراً في العالم في مجال البرمجة، ويتيح للمنظمات بناء مساعدين مدعومين بالذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكنهم الإجابة عن الأسئلة، وتلخيص المحتوى، وإنشاء المواد، وإنجاز المهام بناءً على بيانات المؤسسات.

ومن خلال هذه الشراكة، تخطط «هيوماين» لتطوير حلول ذكاء اصطناعي باستخدام تقنيات شركة «أمازون ويب سيرفيسز»، وتقديمها إلى عملائها النهائيين.

كما ستتعاون «هيوماين» مع شركة «أمازون ويب سيرفيسز» لتطوير سوق موحّدة لوكلاء الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تسهيل عملية الوصول إلى برمجيات الذكاء الاصطناعي ونشرها وإدارتها لصالح الجهات الحكومية السعودية.

وتهدف الشراكة أيضاً إلى دعم نمو نماذج اللغة الضخمة (LLMs)، بما في ذلك النماذج العربية (ALLaM)، إلى جانب تسريع وتيرة تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في المؤسسات والقطاعات المختلفة داخل منطقة الخليج وخارجها.

وتساهم هذه الشراكة في تمكين قطاعات رئيسية، بما في ذلك القطاعات الحكومية وقطاع الطاقة والرعاية الصحية والتعليم، من تسريع وتيرة تحولها الرقمي، من خلال تبنّي أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح تجارب تعليمية مخصصة للطلاب، وتساعد في الكشف المبكر عن الأمراض، وتعزز الإنتاجية في مختلف العمليات الإدارية الحكومية، على امتداد سلاسل العمل الأساسية والمساندة.

وسيتم تسريع هذه الاستخدامات من خلال مركز الابتكار في الذكاء الاصطناعي التوليدي التابع لشركة «أمازون ويب سيرفيسز»، بالتعاون مع «هيوماين»، ما يتيح لقاعدة واسعة من العملاء، بدءاً من الشركات الناشئة الأسرع نمواً، وصولاً إلى كبرى المؤسسات والجهات الحكومية، تعزيز خريطة أعمالهم ومشاريعهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بما يضمن تقديم خدمات حيوية بشكل أكثر كفاءة وعدالة، وتحقيق أثر أوسع على مستوى المجتمع.

وقال المهندس عبد الله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة إن هذا التعاون الجديد مع «هيوماين» سيرسخ أسس العصر الذكي، ويسرع زخم الابتكار، وينمي مواهب الكوادر الوطنية، ويعزز مكانة المملكة كشريك عالمي رائد في عصر الذكاء الاصطناعي.

من ناحيته، أوضح مات جارمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون ويب سيرفيسز»: «يمثل هذا التعاون لتطوير منطقة ذكاء اصطناعي في المملكة خطوة محورية لتمكين الابتكار في مختلف القطاعات، من خلال حلول شركة (أمازون ويب سيرفيسز) المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، ويعكس في الوقت ذاته التزامنا بدعم مستهدفات رؤية السعودية 2030».

وتابع: «نعمل من خلال هذه الشراكة على تمكين العملاء من الوصول إلى تقنيات سحابية آمنة وفعّالة من حيث التكلفة، وتحفيز الابتكار والنمو الاقتصادي في مختلف أنحاء المملكة، إلى جانب دعم شركة (هيومين) في توسيع نطاق أعمالها وخدماتها لتلبية احتياجات العملاء على المستوى العالمي».

عاجل زلزال بقوة 6.3 يضرب اليونان وكريت ويشعر به سكان مصر والأردن
OSZAR »