«نيبون» للاستحواذ على «يو إس ستيل»... بمباركة ترمب وإدارة أميركية

استثمار بقيمة 14 مليار دولار وإنقاذ لعشرات الآلاف من الوظائف

أحد مصانع شركة «يو إس ستيل» الأميركية في ولاية بنسلفانيا الأميركية (رويترز)
أحد مصانع شركة «يو إس ستيل» الأميركية في ولاية بنسلفانيا الأميركية (رويترز)
TT

«نيبون» للاستحواذ على «يو إس ستيل»... بمباركة ترمب وإدارة أميركية

أحد مصانع شركة «يو إس ستيل» الأميركية في ولاية بنسلفانيا الأميركية (رويترز)
أحد مصانع شركة «يو إس ستيل» الأميركية في ولاية بنسلفانيا الأميركية (رويترز)

في خطوة تعكس مزيجاً من الانفتاح الاقتصادي والاعتبارات الأمنية، أعلنت مصادر مطلعة أن شركة «نيبون ستيل» اليابانية ستتمم صفقة استحواذها على شركة «يو إس ستيل» الأميركية بسعر 55 دولاراً للسهم، وبقيمة إجمالية تبلغ نحو 14 مليار دولار، بحسب ما نقلته شبكة «سي إن بي سي» الأميركية.

وتأتي هذه الصفقة بعد حصولها على الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رغم معارضته السابقة، وكذلك معارضة من إدارة بايدن السابقة، ما يمثل تحولاً لافتاً في الموقف السياسي تجاه الاستثمارات الأجنبية بالقطاعات الاستراتيجية.

وفي جانب من التفاصيل، أعلن السيناتور الأميركي ديف ماكورميك أن الصفقة ستتضمن تعيين رئيس تنفيذي أميركي لشركة «يو إس ستيل»، بالإضافة إلى تشكيل مجلس إدارة بغالبية أميركية. والأهم من ذلك، أنه سيتم توقيع «اتفاق أمني وطني» مع الحكومة الأميركية يمنحها «سهماً ذهبياً»، وهو أداة سيادية تتيح لها الاعتراض على قرارات معينة ضمن مجلس الإدارة.

وأوضح ماكورميك أن نيبون ستيل وافقت على ضخ استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في «يو إس ستيل»، تتضمن تطويراً لمرافق الشركة في «مون فالي» بولاية بنسلفانيا. وهذا الاستثمار من المتوقع أن يحفظ 10 آلاف وظيفة قائمة، ويوفر 10 آلاف وظيفة جديدة في قطاع البناء، خصوصاً مع خطط إنشاء فرن قوسي إضافي.

ومن الناحية الاقتصادية، تمثل الصفقة دفعة قوية لقطاع الصلب الأميركي من حيث التحديث التكنولوجي، وضمان الاستدامة التشغيلية دون المساس بالسيادة الإدارية. ويعد الاحتفاظ بالمقر الرئيس في بيتسبرغ وتعيين قيادة أميركية ترسيخاً للطابع الوطني للشركة حتى بعد دخول الشريك الأجنبي، مما يهدئ المخاوف المرتبطة بالأمن القومي وسلاسل الإمداد الاستراتيجية.

وباتت السياسة الأميركية تجاه الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً من دول حليفة مثل اليابان، تتسم بمزيد من «المرونة المشروطة». فبينما حظرت إدارة بايدن الصفقة سابقاً، أعادت إدارة ترمب مراجعتها ضمن رؤية تعد الاستثمار الياباني في الصناعات الثقيلة بمثابة «شراكة وليس تهديداً».

ويرى مراقبون أنه ينبغي على المستثمرين مراقبة كيفية تنفيذ الضمانات الأمنية والإدارية، خصوصاً ما يتعلق بـ«السهم الذهبي» الأميركي الذي سيكون سابقة تنظيمية فريدة من نوعها. كما يستوجب من المسؤولين في قطاعات مماثلة الاستفادة من هذا النموذج الذي يجمع بين السيادة التشغيلية والانفتاح على رؤوس الأموال الأجنبية.

أما صناع السياسات، فعليهم التفكير في كيفية تعميم آليات مشابهة في قطاعات استراتيجية أخرى لضمان تدفق الاستثمارات مع الحفاظ على السيطرة الوطنية، بحسب الخبراء. وصفقة استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل» تمثل نموذجاً جديداً من الشراكات الاقتصادية ذات البعد السيادي. وبينما تفتح الباب أمام استثمارات ضخمة وتطوير صناعي، فإنها تؤكد أيضاً قدرة الولايات المتحدة على صياغة نماذج تضمن أمنها القومي دون عرقلة النمو الاقتصادي. ومع اقتراب إتمام الصفقة، تبقى الأنظار موجهة نحو كيفية تفعيل الضمانات الأميركية، واستثمار الزخم الاقتصادي الناتج عنها.


مقالات ذات صلة

عضو «المركزي الأوروبي»: أسعار الفائدة ضمن نطاق يُرجح بقاؤها فيه

الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي بفرنكفورت (رويترز)

عضو «المركزي الأوروبي»: أسعار الفائدة ضمن نطاق يُرجح بقاؤها فيه

أكد غابرييل مخلوف، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، أن أسعار الفائدة حالياً ضمن نطاق يُرجَّح بقاؤها فيه خلال المستقبل المنظور.

«الشرق الأوسط» (دبلن-فرنكفورت )
الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة إلكترونية تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

اقتصاد اليابان بين مطرقة الرسوم الأميركية وسندان العوائد

وسط أجواء عالمية مضطربة؛ بفعل تصاعد التوترات التجارية، تجد اليابان نفسها أمام مجموعة من التحديات الاقتصادية المعقدة التي تهدد تعافيها الهش.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد صورة عامة لمدينة عمّان (أرشيفية - رويترز)

التضخم السنوي في الأردن يرتفع 1.98 % خلال مايو

أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، الصادرة الأربعاء، أن معدل التضخم في شهر مايو ارتفع بنسبة 1.98 %، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد عمال يحفرون في أحد مواقع مناجم المعادن الأرضية النادرة بموقع «غيانشيان» وسط الصين (أ.ب)

الصين تمنح تراخيص تصدير لمغناطيسات المعادن النادرة عقب محادثات لندن

أعلنت شركة صينية حصولها على تراخيص تصدير لمنتجاتها من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة ومكوناتها، مما قد ينعكس على استقرار سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد أحد موظفي بورصة نيويورك يتابع الشاشات خلال ساعات العمل يوم الثلاثاء (أ.ب)

أحدث هدنة تجارية بين الصين والولايات المتحدة تُربك المستثمرين

كان رد فعل السوق خافتاً عقب اختتام المسؤولين الأميركيين والصينيين يوم الثلاثاء يومين من المحادثات في لندن بتعهدات بإحياء اتفاق جنيف

«الشرق الأوسط» (عواصم)

النفط يرتفع لأعلى مستوى في 7 أسابيع بدعم اتفاق التجارة الأميركي - الصيني

عَلم أميركا على منصة للنفط في ولاية تكساس (رويترز)
عَلم أميركا على منصة للنفط في ولاية تكساس (رويترز)
TT

النفط يرتفع لأعلى مستوى في 7 أسابيع بدعم اتفاق التجارة الأميركي - الصيني

عَلم أميركا على منصة للنفط في ولاية تكساس (رويترز)
عَلم أميركا على منصة للنفط في ولاية تكساس (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها في سبعة أسابيع، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين؛ الأمر الذي يهدئ التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين وأكبر مستهلكين للنفط في العالم.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.15 دولار، أو 1.7 في المائة، لتصل إلى 68.02 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 1.31 دولار، أو 2 في المائة، ليصل إلى 66.29 دولار، وهو أعلى مستوياته في أكثر من شهرين.

وصرح ترمب بأن بكين ستوفر المغناطيس والمعادن الأرضية النادرة، وأن الولايات المتحدة ستسمح للطلاب الصينيين بالالتحاق بكلياتها وجامعاتها. وأضاف ترمب أن الاتفاق يخضع للموافقة النهائية منه ومن الرئيس شي جينبينغ.

وقال المحلل في شركة «بي في إم»، تاماس فارغا، إن مخاطر التراجع المرتبطة بالتجارة في النفط قد زالت مؤقتاً، على الرغم من أن رد فعل السوق كان فاتراً نظراً لعدم وضوح كيفية تأثر النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط.

وفي غضون ذلك، قال ترمب إنه أقل ثقة في موافقة إيران على وقف تخصيب اليورانيوم في اتفاق نووي مع واشنطن. من جانبها، هددت إيران بضرب القواعد الأميركية في الشرق الأوسط إذا فشلت المفاوضات النووية ونشأ صراع مع الولايات المتحدة.

ويعني استمرار التوتر مع إيران أن إمداداتها النفطية من المرجح أن تظل مقيدة بسبب العقوبات. ومع ذلك، ستزداد الإمدادات مع اعتزام «أوبك بلس» زيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز)، في إطار سعيها إلى تخفيف تخفيضات الإنتاج للشهر الرابع على التوالي.

وفي الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار المستهلك بأقل من المتوقع في مايو (أيار)؛ ما عزز قناعة الأسواق المالية بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة بحلول سبتمبر (أيلول). ويمكن لانخفاض أسعار الفائدة أن يُحفّز النمو الاقتصادي والطلب على النفط.

OSZAR »