السعودية و«إيفاد» يتعاونان لمكافحة الجوع وتعزيز الأمن الغذائي

المدير الإقليمي لـ«الشرق الأوسط»: شح التمويل والتغير المناخي أبرز التحديات

موسم زراعة وحصاد محصول الذرة في إحدى محافظات المملكة (صورة أرشيفية من واس)
موسم زراعة وحصاد محصول الذرة في إحدى محافظات المملكة (صورة أرشيفية من واس)
TT

السعودية و«إيفاد» يتعاونان لمكافحة الجوع وتعزيز الأمن الغذائي

موسم زراعة وحصاد محصول الذرة في إحدى محافظات المملكة (صورة أرشيفية من واس)
موسم زراعة وحصاد محصول الذرة في إحدى محافظات المملكة (صورة أرشيفية من واس)

في ظل اتساع الفجوة الغذائية العالمية وتصاعد تأثيرات التغير المناخي، أكد الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) الدور الحيوي لتعزيز دعم الأنشطة الزراعية والغذائية لتحقيق التنمية المستدامة في المناطق الريفية. ويشيد الصندوق بالتعاون القوي والمتعدد الأوجه مع السعودية، الذي يركز على محاور أساسية هي الأمن الغذائي، التنمية الريفية، وبناء القدرة على الصمود في وجه التغيرات البيئية.

محميات داخل إحدى المزارع في محافظة عسير (واس)

الاقتصاد الأزرق واستراتيجية «إيفاد»

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، كشف نوفل تلاحيق، المدير الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا في «إيفاد»، عن جهود الصندوق المتواصلة في تعزيز مفهوم «الاقتصاد الأزرق». هذا المفهوم التنموي الحديث يركز على الاستخدام المستدام للمحيطات والبحار والموارد المائية لتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش، مع الحفاظ على صحة النظم البيئية البحرية.

وأوضح تلاحيق أن «إيفاد» نفذ أكثر من 100 مشروع في 35 دولة خلال العقود الأربعة الماضية، بتمويل إجمالي تجاوز 3.4 مليار دولار، ساهم الصندوق بنحو 1.5 مليار دولار منها. هذه المشاريع استهدفت أكثر من 80 مليون مستفيد، بمن فيهم الصيادون، ومزارعو الأحياء المائية، والحرفيون في صناعة الأسماك، والتجار، بالإضافة إلى النساء، والشباب، والمجتمعات الأصلية، وذوي الإعاقة. ويوجد حالياً أكثر من 75 مشروعاً قيد التنفيذ تتعلق بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وسبل العيش في المناطق الساحلية.

ويعرف الاقتصاد الأزرق بأنه أحد المفاهيم التنموية الحديثة، ويركز على الاستخدام المستدام للمحيطات والبحار والموارد المائية لتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش، مع الحفاظ على صحة النظم البيئية البحرية.

ويشمل هذا الاقتصاد قطاعات متعددة مثل الصيد البحري المستدام، وتربية الأحياء المائية، والسياحة الساحلية، والطاقة المتجددة من البحار، والنقل البحري، وإدارة النفايات الساحلية.

وأضاف تلاحيق أن «إيفاد» يركز على تمكين سكان الريف من تقليل الفقر، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وبناء القدرة على الصمود. ومنذ تأسيسه عام 1978، قدم الصندوق أكثر من 25 مليار دولار في شكل قروض منخفضة الفائدة ومنح لتمويل مشاريع تنموية في البلدان النامية.

التمويل والتحديات

تناول تلاحيق أبرز التحديات التي تواجه «إيفاد» في تحقيق أهدافه، مشيراً إلى محدودية التمويل في ظل الأزمات العالمية المتزايدة، وتداعيات تغير المناخ على سبل العيش، وضعف البنية التحتية في المناطق المستهدفة. كما شدد على أن عدم الاستقرار السياسي والنزاعات يعيقان تنفيذ المشاريع واستدامتها، إلى جانب صعوبة تحقيق الشمولية الكاملة والمساواة في الوصول إلى الموارد.

ولمواجهة هذه التحديات، أكد تلاحيق ضرورة تعزيز الشراكات، وتبني حلول تمويل مبتكرة، وتطوير حلول محلية مرنة، مع تحسين أنظمة الرصد والتقييم لضمان الاستدامة وتعظيم الأثر.

مزارع يجني محاصيل غذائية من إحدى الأراضي في جنوب المملكة (واس)

التعاون مع السعودية

تواصل المملكة العربية السعودية دعمها القوي والمتنوع لـ«إيفاد»، حيث تركز على تنمية الريف، وتعزيز الأمن الغذائي، ومواجهة تغير المناخ.

وأكد أن المملكة، بصفتها عضواً مؤسساً في الصندوق، قدمت أكثر من 485 مليون دولار منذ عام 1977، مما يجسد التزامها الدائم بمكافحة الفقر وتعزيز نظم الغذاء في البلدان النامية.

وأشار إلى أن إنشاء مكتب اتصال للصندوق في الرياض عام 2019 كان خطوة محورية لتعزيز الشراكات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتبادل المعرفة، وتنفيذ مبادرات رائدة. ومن أبرز هذه المبادرات «المساعدة الفنية القابلة للاسترداد»، التي تهدف إلى دعم صغار المزارعين في منطقة جازان من خلال نماذج إنتاج ذكية مناخياً للبن والمانجو.

كما وقّع الصندوق اتفاقية تعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في عام 2021، بهدف مكافحة الجوع وسوء التغذية في الدول الأشد ضعفاً، من خلال تعزيز الوصول المستدام إلى الغذاء.

وأكد تلاحيق تطابق أهداف الصندوق مع مبادرات المملكة البيئية الكبرى، مثل «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، التي تسعى لاستعادة النظم البيئية وتعزيز الاستدامة البيئية، بما في ذلك النظم البحرية والساحلية.

مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2025

وفي سياق الجهود العالمية، شارك «إيفاد» في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات الذي عقد في نيس الفرنسية من 9 إلى 13 يونيو (حزيران) الحالي. وقد تركزت مشاركة الصندوق على تطوير حلول تمويل مبتكرة تهدف إلى حماية المحيطات، ودعم المجتمعات الساحلية ومجتمعات الصيادين لضمان سبل عيش مستدامة وكريمة.

ويسعى «إيفاد» إلى تسريع اقتصاد المحيطات المستدام والمرن من خلال برامجه الاستثمارية والمبادرات غير الإقراضية، التي تركز على مصايد الأسماك الصغيرة، وتربية الأحياء المائية، والمناطق الساحلية، والدول الجزرية الصغيرة النامية. ويؤكد الصندوق أن هذه الموارد البحرية، بما فيها مصايد الأسماك والاستزراع المائي، تشكل مصدراً حيوياً للدخل والغذاء، خصوصاً للمجتمعات التي تعيش قرب البحار والمحيطات، وكذلك حول البحيرات والأنهار، وخزانات المياه الكبرى، وفي البيئات التي يُمارَس فيها الاستزراع المائي.


مقالات ذات صلة

اليابان ترفض التضحية بالقطاع الزراعي من أجل اتفاقية التعريفات

الاقتصاد وزير الزراعة الياباني شينجيرو كويزومي يتفقد مخزونات الحكومة من الأرز في مدينة كاناغاوا (رويترز)

اليابان ترفض التضحية بالقطاع الزراعي من أجل اتفاقية التعريفات

صرّح كبير مفاوضي اليابان بأن بلاده لن تضحي بالقطاع الزراعي في إطار محادثات التعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو - واشنطن)
الاقتصاد العاصمة الأردنية عمّان (أ.ف.ب)

الناتج المحلي الإجمالي في الأردن يرتفع 2.7 % خلال الربع الأول 

ارتفعت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في الأردن خلال الربع الأول من عام 2025 إلى 2.7 في المائة.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
الاقتصاد حاويات يتم تحميلها في ميناء بفيتنام (رويترز)

شركات فيتنامية لاستيراد منتجات زراعية أميركية بـ3 مليارات دولار

وقعت شركات فيتنامية 20 مذكرة تفاهم من المحتمل أنها تقدر بنحو 3 مليارات دولار لاستيراد مزيد من المنتجات الزراعية الأميركية، خلال محادثات بشأن الرسوم الجمركية

«الشرق الأوسط» (هانوي)
الاقتصاد حقل قمح في أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتوقع تراجع صادرات الحبوب في موسم 2025 - 2026

قال تاراس فيسوتسكي، النائب الأول لوزير الزراعة الأوكراني، إنه من المتوقع أن تنخفض صادرات أوكرانيا من الحبوب خلال موسم 2025 - 2026، إلى ما بين 35 و40 مليون طن.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد مزارع يفرغ سماداً أوكرانياً من شاحنة لاستخدامه في حقل قمح بالقرب من قرية ياكوفليفكا (رويترز)

الاتحاد الأوروبي ينهي الامتيازات التجارية لأوكرانيا

سمح الاتحاد الأوروبي بإنهاء الامتيازات التجارية لأوكرانيا منهيا بذلك نظام الإعفاءات الجمركية الذي تم إدخاله بعد وقت قصير من بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

انخفاض صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا 18 % في يونيو

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا (رويترز)
TT

انخفاض صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا 18 % في يونيو

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا (رويترز)

انخفض متوسط إمدادات الغاز الطبيعي اليومية لشركة الطاقة الروسية العملاقة «غازبروم» إلى أوروبا، عبر خط أنابيب ترك ستريم البحري، 18.3 في المائة خلال يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بالشهر السابق عليه، وسط أعمال صيانة للبنية التحتية، وفقاً لحسابات «رويترز».

وأصبحت تركيا طريق النقل الوحيد المتبقي للغاز الروسي إلى أوروبا، بعد قرار أوكرانيا عدم تمديد اتفاق النقل مع موسكو، الذي كانت مدته خمس سنوات، عند انتهاء أجله في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي.

ووفقاً للبيانات المتاحة، انخفض إجمالي صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، في الفترة من يناير إلى يونيو الماضيين، إلى 8.33 مليار متر مكعب، من 15.5 مليار متر مكعب في الفترة نفسها من العام السابق، مع الأخذ في الحسبان الإمدادات عبر أوكرانيا.

وأظهرت الحسابات، المستندة إلى بيانات من مجموعة نقل الغاز الأوروبية «إنتسوج»، أن صادرات الغاز الروسي عبر خط الأنابيب «ترك ستريم» انخفضت إلى 37.6 مليون متر مكعب يومياً في يونيو، من 46 مليون متر مكعب يومياً في مايو (أيار).

وتشير حسابات «رويترز» إلى أن إجمالي إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط الأنابيب «ترك ستريم» ارتفعت 6.8 في المائة، خلال النصف الأول من هذا العام، من 7.8 مليار متر مكعب خلال الفترة نفسها من العام السابق.

ولم تنشر شركة غازبروم إحصاءاتها الشهرية منذ بداية عام 2023.

وأظهرت بيانات «غازبروم» وحسابات «رويترز» أن روسيا زوّدت أوروبا بنحو 63.8 مليار متر مكعب من الغاز، عبر مسارات مختلفة في عام 2022. وانخفض هذا الرقم 55.6 في المائة ليصل إلى 28.3 مليار متر مكعب في عام 2023، لكنه ارتفع إلى نحو 32 مليار متر مكعب في عام 2024.

وتراوحت تدفقات الغاز الروسية السنوية إلى أوروبا، في ذروتها خلال عاميْ 2018 و2019، من 175 مليار متر مكعب إلى 180 مليار متر مكعب.

OSZAR »