قطاع الخدمات في منطقة اليورو يعود للنمو خلال يونيو

ألمانيا تقترب من الاستقرار وفرنسا تُبطئ وتيرة الانكماش

أشخاص يقضون وقتاً بأحد المطاعم في ساحة «بلازا مايور» بالعاصمة الإسبانية (رويترز)
أشخاص يقضون وقتاً بأحد المطاعم في ساحة «بلازا مايور» بالعاصمة الإسبانية (رويترز)
TT

قطاع الخدمات في منطقة اليورو يعود للنمو خلال يونيو

أشخاص يقضون وقتاً بأحد المطاعم في ساحة «بلازا مايور» بالعاصمة الإسبانية (رويترز)
أشخاص يقضون وقتاً بأحد المطاعم في ساحة «بلازا مايور» بالعاصمة الإسبانية (رويترز)

استأنف قطاع الخدمات، الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد منطقة اليورو، نموه في يونيو (حزيران) الماضي، بعد انكماش طفيف في مايو (أيار) الذي سبقه، إلا إن وتيرة هذا النمو بقيت محدودة في ظل استمرار ضعف الطلب، رغم تحسن ثقة الأعمال، وفقاً لمسح نُشر يوم الخميس.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في منطقة اليورو، وفق المسح الذي تُعده «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 50.5 نقطة في يونيو مقابل 49.7 نقطة في مايو، متجاوزاً التقدير الأولي البالغ 50 نقطة. وتشير القراءات فوق 50 إلى النمو في النشاط، فيما تشير القراءات دون هذا المستوى إلى الانكماش، وفق «رويترز».

وقال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في «بنك هامبورغ التجاري»، إن «هذه الفترة تمثل أطول سلسلة من النمو الضعيف نسبياً، وهي فترة لم يُسجل مثلها منذ 27 عاماً من بيانات مؤشر مديري المشتريات».

كما ارتفع المؤشر المركب لمديري المشتريات، الذي يضم القطاعين الصناعي والخدمي، بشكل طفيف إلى 50.6 نقطة في يونيو مقابل 50.2 نقطة في مايو، وهو أعلى مستوى له في 3 أشهر، لكنه لا يزال يعكس نمواً متواضعاً. وكان التقدير السريع للمؤشر عند 50.2 نقطة.

وأظهر المؤشر المركب تراجعاً في إجمالي الأعمال الجديدة للشهر الـ13 على التوالي، إلا إن وتيرة هذا الانخفاض تباطأت إلى مستوى طفيف عند 49.7 نقطة. ورغم ذلك، فإن شركات خدمات التوظيف واصلت، للشهر الرابع على التوالي، المحافظة على سلسلة خلق الوظائف التي استمرت نحو 4 سنوات ونصف السنة.

وعلى صعيد الأداء الوطني، حافظت آيرلندا على صدارة النمو بين اقتصادات منطقة اليورو الكبرى للشهر الرابع على التوالي، رغم تباطؤ وتيرته إلى أضعف مستوى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وتقدّمت إسبانيا على إيطاليا لتحتل المرتبة الثانية، بينما عادت ألمانيا إلى منطقة التوسع. وبقيت فرنسا الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي لا يزال في حالة انكماش، مسجلة تراجعاً للشهر العاشر توالياً.

وبينما تحسنت ثقة الأعمال بين مقدمي الخدمات إلى أعلى مستوياتها منذ بداية عام 2025، متعافية من أدنى مستوى لها في 29 شهراً المسجل في أبريل (نيسان)، إلا إنها لا تزال دون متوسطها طويل الأجل.

وفي جانب الأسعار، تباطأ تضخم أسعار المدخلات إلى أدنى مستوى له في 7 أشهر، إلا إنه بقي مرتفعاً نسبياً، فيما ارتفعت أسعار البيع بأسرع وتيرة خلال 3 أشهر، مما قد يعقّد مهمة «البنك المركزي الأوروبي» في احتواء التضخم، رغم تخفيضه أسعار الفائدة مؤخراً.

وقال دي لا روبيا: «من غير المرجّح أن يشعر (البنك المركزي الأوروبي) بالرضا الكامل تجاه ارتفاع أسعار البيع في قطاع الخدمات خلال يونيو، إلى جانب تسارع أسعار المدخلات مجدداً». وأوضح أن «البنك المركزي»، بعد عام من خفض الفائدة، من المرجّح أن يُقدم على خفض إضافي في سبتمبر (أيلول) المقبل، وفق ما أظهره استطلاع أجرته «رويترز» الأسبوع الماضي.

وفي ألمانيا، أظهر قطاع الخدمات علامات على الاستقرار مع نهاية الربع الثاني، حيث سجل نشاط الأعمال تراجعاً طفيفاً فقط في يونيو. وارتفع مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات الصادر عن «إتش سي أو بي» إلى 49.7 في يونيو، من أدنى مستوى له في عامين ونصف العام المسجل في مايو والبالغ 47.1، متجاوزاً قليلاً القراءة الأولية لشهر يونيو البالغة 49.4.

وقال دي لا روبيا: «لقد مر مقدمو الخدمات بفترة صعبة خلال الأشهر الثلاثة الماضية»، مشيراً إلى أن النشاط في القطاع أصبح أكثر تقلباً منذ جائحة (كوفيد19)».

وكشف المسح عن تباطؤ في تراجع الأعمال الجديدة، إلى جانب انخفاض في حجم الأعمال المتراكمة للشهر الـ14 على التوالي. كما استمر التوظيف في الارتفاع بشكل معتدل للشهر السادس على التوالي، في إشارة إلى سعي الشركات لتوسيع طاقتها التشغيلية.

وعلّق دي لا روبيا قائلاً: «إذا نظرنا بإيجابية، فإنه يمكن تفسير هذا الاتجاه على أنه تعبير عن ثقة مقدمي الخدمات بازدياد الطلب في المستقبل القريب»، مضيفاً: «أما إذا نظرنا إليه من زاوية أكبر حذراً، فقد يكون استمرار التوظيف دليلاً على الحاجة إلى عدد أكبر من الموظفين للحفاظ على مستوى النشاط السابق نفسه».

وتوقّع دي لا روبيا أن يشهد النمو الاقتصادي في ألمانيا انتعاشاً خلال النصف الثاني من العام، بدعم جزئي من حزمة التحفيز الحكومية، وهو ما سيعود بالنفع ليس فقط على قطاعي البناء والصناعة، بل أيضاً على قطاع الخدمات.

وارتفع المؤشر المركب لمديري المشتريات في ألمانيا، الذي يشمل الخدمات والصناعات التحويلية، إلى 50.4 نقطة في يونيو مقابل 48.5 نقطة في مايو الماضيين.

أما في فرنسا، فقد أظهر قطاع الخدمات إشارات على الاستقرار في يونيو، مع تباطؤ وتيرة الانكماش في نشاط الأعمال إلى أبطأ مستوى لها خلال 9 أشهر.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات في فرنسا، في المسح الصادر عن «بنك هامبورغ التجاري»، إلى 49.6 نقطة خلال يونيو مقارنة بـ48.9 نقطة في مايو، مما يشير إلى انكماش طفيف جداً في النشاط. وكانت القراءة الأولية للمؤشر عند 48.7 نقطة.

وقال يوناس فيلدهاوزن، «الخبير الاقتصادي المبتدئ» في «بنك هامبورغ التجاري»، إن مسح «ستاندرد آند بورز غلوبال» أظهر تحسناً في طلبات التصدير الجديدة وارتفاعاً في ثقة الأعمال، إلا إن حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فرضها لا تزال تلقي بثقلها على المعنويات.

وأضاف فيلدهاوزن: «تحسنت ثقة مقدمي الخدمات الفرنسيين بشكل ملحوظ في يونيو. ومن المتوقع أن تدعم ضغوط التضخم المتراجعة والسياسة النقدية الأقل تقييداً استهلاك الأسر واستثمارات الأعمال خلال العام المقبل».

وتابع: «لكن حالة الغموض المحيطة بالتدابير الجمركية المحتملة قد تؤثر سلباً على المعنويات على المدى القريب. وفي ظل استمرار ضعف الطلب، تستكشف شركات قطاع الخدمات سبلاً لتعزيز الكفاءة وتحسين التكاليف».


مقالات ذات صلة

الطلبات الصناعية الألمانية تنخفض بأكثر من المتوقع في مايو

الاقتصاد يرتدي الموظفون كمامات واقية في خط تجميع شركة «فولكسفاغن» في فولفسبورغ (رويترز)

الطلبات الصناعية الألمانية تنخفض بأكثر من المتوقع في مايو

تراجعت الطلبات الصناعية الألمانية بنسبة 1.4 في المائة في مايو مقارنة بالشهر السابق، في انخفاض فاق التوقعات وأنهى موجة تعافٍ حديثة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا فلاحون سودانيون (رويترز - أرشيفية)

مزارعو السودان يعانون من جفاف أراضيهم مع استمرار الحرب

يعاني مزارعو السودان من جفاف أراضيهم، وارتفاع تكلفة الزراعة مع استمرار الحرب، وخسارتهم مواسمهم الزراعية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الاقتصاد مزارعون يغرسون شتلات الأرز في أحد الحقول بمدينة باندا أكيه في إندونيسيا (إ.ب.أ)

ارتفاع طفيف في أسعار الغذاء العالمية في يونيو

أعلنت منظمة الفاو أن أسعار السلع الغذائية العالمية ارتفعت قليلاً في يونيو، مدعومةً بارتفاع أسعار اللحوم والزيوت النباتية ومنتجات الألبان

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث خلال مؤتمر صحافي في أبريل 2025 (د.ب.أ)

لاغارد: تعزيز مكانة اليورو عالمياً يتطلب اقتصاداً أوروبياً أكثر كفاءة وإنتاجية

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، الجمعة، أن تعزيز مكانة اليورو عملةً عالمية رائدة يتطلب أن تصبح اقتصادات الاتحاد الأوروبي أكثر كفاءة وإنتاجية.

«الشرق الأوسط» (فرانكقورت)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار أسهم «داكس» الألماني في بورصة فرانكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تتراجع وسط ترقب الرسوم الجمركية الأميركية

تراجعت الأسهم الأوروبية بنحو 1 في المائة يوم الجمعة، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن مستقبل الاتفاقات التجارية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الطلبات الصناعية الألمانية تنخفض بأكثر من المتوقع في مايو

يرتدي الموظفون كمامات واقية في خط تجميع شركة «فولكسفاغن» في فولفسبورغ (رويترز)
يرتدي الموظفون كمامات واقية في خط تجميع شركة «فولكسفاغن» في فولفسبورغ (رويترز)
TT

الطلبات الصناعية الألمانية تنخفض بأكثر من المتوقع في مايو

يرتدي الموظفون كمامات واقية في خط تجميع شركة «فولكسفاغن» في فولفسبورغ (رويترز)
يرتدي الموظفون كمامات واقية في خط تجميع شركة «فولكسفاغن» في فولفسبورغ (رويترز)

تراجعت الطلبات الصناعية الألمانية بنسبة 1.4 في المائة في مايو (أيار) مقارنة بالشهر السابق، في انخفاض فاق التوقعات وأنهى موجة تعافٍ حديثة، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية نُشرت الجمعة. وقد جاء هذا التراجع مدفوعاً بانخفاض قوي في الطلبات المحلية، خاصة من داخل منطقة اليورو.

وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد أشار إلى انخفاض طفيف لا يتجاوز 0.1 في المائة. لكن بيانات مكتب الإحصاء الألماني أظهرت تراجعاً أوسع، خصوصاً في قطاع منتجات الكمبيوتر والإلكترونيات والبصريات، الذي هبطت الطلبات فيه بنسبة 17.7 في المائة، بعد أداء قوي في أبريل (نيسان). كما شهدت قطاعات المعدات الكهربائية والمعادن الأساسية انخفاضاً ملحوظاً.

وباستثناء الطلبات الكبيرة التي تتسم بتقلبات شهرية حادة، انخفضت الطلبات الصناعية بنسبة 3.1 في المائة في مايو.

وعلى الرغم من ارتفاع الطلبات الخارجية بنسبة 2.9 في المائة، فإن الطلب من منطقة اليورو تراجع بنسبة 6.5 في المائة، في حين قفزت الطلبات من خارج المنطقة بنسبة 9 في المائة. وفي المقابل، سجل الطلب المحلي انخفاضاً حاداً بلغ 7.8 في المائة.

وقال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري، إن استمرار قوة اليورو قد يُضعف من جاذبية الصادرات الألمانية ويؤثر سلباً على الطلبات المستقبلية. لكنه أشار أيضاً إلى أن ضعف الطلب قد يتلاشى إذا ما فعّلت الحكومة حوافز الاستثمار وخفّضت قيمة العملة لدعم الاقتصاد.

وبالفعل، وافقت الحكومة على حزمة إعفاءات ضريبية تهدف إلى تحفيز الاستثمار وإنعاش الاقتصاد بعد عامين من الانكماش.

أما على أساس متوسط ثلاثة أشهر، فقد ارتفعت الطلبات الجديدة بنسبة 2.1 في المائة في الفترة من مارس (آذار) إلى مايو مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، ما يعكس بعض الزخم رغم التراجع الشهري في مايو.

كما تمت مراجعة بيانات أبريل صعوداً لتُظهر نمواً بنسبة 1.6 في المائة بدلاً من 0.6 في المائة، نتيجة الإبلاغ المتأخر عن بعض الطلبات في قطاع السيارات.

وذكر كلاوس فيستيسن من «بانثيون ماكروإيكونوميكس» أن التراجع في مايو لا يبدو مقلقاً في ضوء مراجعة أبريل التصاعدية، لكنه أشار إلى أن الزخم الذي شهده الإنتاج في نهاية الربع الأول قد تلاشى تماماً في بداية الربع الثاني.

وفي السياق نفسه، قال رالف سولفين من «كومرتس بنك» إن تحسناً في بيانات يونيو (حزيران) - الذي تدعمه مؤشرات مثل تحسن معنويات الشركات في مؤشر «إيفو» - قد يُعيد بعض التفاؤل. لكنه حذّر من أن أي تعافٍ في القطاع الصناعي سيكون على الأرجح محدوداً وضعيفاً.

OSZAR »