> كلّ النقاشات التي تطفو إلى السطح من حين إلى آخر حول دور النقد السينمائي وفاعليّته وجدواه مكرّرة، وقد طُرحت على هذا النحو منذ أكثر من 50 سنة.
> سنجد، لو راجعنا أرشيفات المجلات القديمة المعنية بالفن السينمائي، أن هذه الأسئلة وردت في المنتديات وفي المجلات، التي كان عددها في ذلك الحين يربو على مائة مجلة أميركية وأوروبية، وضعف ذلك حول العالم. وكذلك في كثير من الكتب التي تناولت النقد السينمائي وماهيّته وأهميّته.
> تمحور بعض هذا النقاش حول فاعلية وتأثير النقد على الجمهور، انطلاقاً من سؤال ورد في مقالة نشرتها مجلة «سايت آند ساوند» البريطانية عام 1950، مفاده أن الأفلام التي لا تعجب النقّاد هي الأكثر نجاحاً تجارياً، في حين أن تلك التي تعجبهم لا تعني شيئاً للجمهور السائد.
> يستوقفني أمران في هذا الصدد: الأول أن نقّاد اليوم (شرقاً وغرباً) مصابون بداء الرغبة في تلبية ما يطلبه المشاهدون أكثر من أي وقت مضى، لأجل البقاء في الصورة الإعلامية. فقد تحوّل جزء كبير من النقد إلى ذراع إعلامية غير مستقلّة، وهذا ما يجعل تلك الملاحظة في غير مكانها هذه الأيام.
> الأمر الثاني، أن جمهور المثقفين والمعنيّين بالسينما بوصفها فناً، والذين يؤمّون النقد بوصفه ثقافة ومعرفة، كانوا ولا يزالون أقلّ عدداً من الذين لا يأبهون إلا لما يطلبونه في الحياة، من أنواع الطعام ولون الأثاث إلى الأفلام وسواها.
> هذه طبيعة لا يستطيع النقد تغييرها. فالناقد يحمل مصباحاً فقط لينير الطريق أمام الراغبين في السير معه، وهؤلاء كانوا وسيظلون دوماً قلّة.