يستعد المواطن الغزّاوي الدكتور عمر الحساينة للوقوف بعرفة، بعد أن وصل إلى مكة المكرمة ضمن «برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين»، الذي وجَّه باستضافة ألف حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني على نفقته الخاصة؛ لأداء مناسك الحج لهذا العام 2025.
ويستجمع الحساينة نفسه لأداء مناسك الحج، في مواجهة آلام الفقد التي يعانيها منذ هجوم مأساوي نفذه سلاح الجوّ الإسرائيلي على حي الصبرة بغزة عام 2023، وأوقع نحو 100 قتيل كان أكثر من نصفهم من أسرته، بينهم زوجته وأبناؤه وعدد من أحفاده، فيما نجا هو بأعجوبة، وخرج من تحت الأنقاض محملاً بأعباء نفسية ثقيلة.
وبعد نحو عام من الهجوم المأساوي، وقع عليه الاختيار للانضمام إلى «برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين لأداء الحج» هذا العام، ليجد في ذلك سلواناً عن خسارته الفادحة. وقال الدكتور الحساينة إن «حُسن استقبال السعودية وكرم ضيافتها، ضمّدا جراح كل الموجوعين من المسلمين الذين تيسر لهم الوصول لأداء فريضة الحج».
ويضيف الحساينة: «عندما جئنا إلى المملكة، وجدنا إخواننا السعوديين يستقبلوننا استقبالاً حاراً. وجدنا ذلك في عيونهم وأفعالهم وقلوبهم. وجدنا المحبة والإخاء والإخلاص والأخوة، وتمثلت هذه الصفات فيهم؛ لأنهم سفراء للملك سلمان والأمير محمد بن سلمان»، سائلاً الله أن «يكرمهم، ويجعلهم سنداً لهذه المملكة، ويديم هذه العزة عليهم، وعلى هذا الشعب السعودي المبارك».
وخلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، يسترجع الدكتور الحساينة تفاصيل الهجوم الذي أودى بكامل عائلته، حيث أغارت الطائرات الإسرائيلية على مربع سكني يتبع عائلة الحساينة وأبو شريعة بحي الصبرة جنوب مدينة غزة، يوم الخميس 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، لتتسبّب هذه المجزرة في مقتل أكثر من 93 فلسطينياً.
يقول الحساينة: «نحن في غزة وفلسطين تعرضنا لحرب شرسة وقوية، أسفرت عن استشهاد أبنائي الأربعة، بالإضافة إلى زوجتي وأحفادي، و70 من أفراد عائلتي في بيتي، وأنا خرجت من تحت الأنقاض بكرم الله عز وجل، ليتسنى لي أن أرى المملكة والكعبة ومناسك الحج، وهذا من كرم الله عز وجل».
ويتابع: «بعد أن نُسف بيتي واستشهد أهله جميعاً، إلا ولد واحد لي، خرجنا من القصف بمنة الله وفضله، والإنسان الذي يخرج من مواقف كهذه، لكأنه وُلد من جديد... خرجنا وتركنا أموالنا وديارنا وأهلنا وكل ما نملك، ولكن الله منّ علينا، وهذا من كرمه عز وجل الذي لن يتركنا أبداً ولن يخذلنا، ولنا عنده كرم ولنا فيه رجاء».
ويحكي الدكتور الحساينة أن مرارة الواقع في غزة تتصاعد كل يوم، آملاً أن «تسهم جهود فلسطين والسعودية وبقية الدول العربية والمجتمع الدولي في وقف المأساة، ومنع تكرار الخسائر الفادحة التي يتكبدها الفلسطينيون في غزة».
ويضيف: «أستثمر كل ساعة في هذا المكان المبارك لأدعو بالرحمة لمن فقدنا، والنجاة لمن بقي، وأن تزول هذه السحابة القاتمة عن سماء فلسطين عمّا قريب».