أطباء قطاع غزة يتبرعون بالدم لإنقاذ مرضاهم

«أطباء بلا حدود» تدين «عسكرة» المساعدات الإنسانية

فلسطينيون نازحون يسيرون لتلقي مساعدات إنسانية في رفح جنوب قطاع غزة - 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يسيرون لتلقي مساعدات إنسانية في رفح جنوب قطاع غزة - 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب)
TT

أطباء قطاع غزة يتبرعون بالدم لإنقاذ مرضاهم

فلسطينيون نازحون يسيرون لتلقي مساعدات إنسانية في رفح جنوب قطاع غزة - 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يسيرون لتلقي مساعدات إنسانية في رفح جنوب قطاع غزة - 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

قالت منظمة «أطباء بلا حدود» الطبية الخيرية، اليوم (الخميس)، إن الأطباء في قطاع غزة يتبرعون بالدم لإنقاذ مرضاهم بعد مقتل عشرات الفلسطينيين بالرصاص في أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.

ونظّم مئات من موظفي المنظمة تحركاً احتجاجياً في جنيف الخميس، معبرين عن إدانتهم لـ«عسكرة» المساعدات الإنسانية في قطاع غزة من جانب إسرائيل.

وحمل المحتجّون لافتة كبيرة كُتب عليها «غزة: كل الخطوط الحمراء تمّ تجاوزها»، مطالبين بإنهاء الحصار الذي تفرضه إسرائيل، والسماح بوصول المساعدات الكافية التي يعتمد عليها سكان القطاع الفلسطيني.

وقال المدير العام للمنظمة في سويسرا ستيفن كورنيش، لوكالة «رويترز» خلال المظاهرة: «يحتاج الناس إلى أساسيات الحياة... ويحتاجون أيضاً إليها بكرامة».

وأضاف: «إذا كنت تخاف على حياتك، وتركض مع الطرود التي تفتح، فهذا شيء يفوق كل ما رأيناه من قبل... لقد قتلت هذه الهجمات العشرات... لقد تُركوا ينزفون على الأرض».

موظفو منظمة «أطباء بلا حدود» أثناء تنظيمهم مظاهرة ضد «عسكرة إمدادات المساعدات الإنسانية» في قطاع غزة بجوار مكاتب الأمم المتحدة في جنيف - 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وقال كورنيش إن العاملين في أحد المستشفيات التي تعمل فيها منظمة «أطباء بلا حدود» اضطروا إلى التبرع بالدم، لأن معظم الفلسطينيين الآن يعانون من سوء التغذية لدرجة لا تسمح لهم بالتبرع.

وسمحت إسرائيل لمؤسسة «غزة الإنسانية» الخاصة بالبدء في توزيع المواد الغذائية بغزة الأسبوع الماضي، بعد أن أغلقت القطاع بالكامل أمام جميع الإمدادات منذ بداية مارس (آذار).

وتقول سلطات غزة إن 102 فلسطيني على الأقل قُتلوا وأصيب نحو 500 آخرين، في أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات من مواقع توزيع الأغذية في الأيام الثمانية الأولى.

وقال شهود إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الحشود. وقال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي حركة «حماس» هم المسؤولون عن إطلاق النار، رغم اعترافه الثلاثاء، بعد مقتل 27 شخصاً على الأقل، بأن قواته أطلقت النار على «المشتبه بهم» الذين اقتربوا من مواقعها.

وكان الطاقم الطبي التابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في مقدمة من شهدوا الفوضى المحيطة بتوزيع المساعدات التي تقدّمها مؤسسة «غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة.

وقالت ميكاييلا سيرافاني رئيسة «أطباء بلا حدود» في سويسرا: «استقبلنا العديد من الجرحى بعد توزيع المساعدات، وجرى ذلك في جو من الذعر والعنف».

وخسرت منظمة «أطباء بلا حدود» 11 من العاملين معها بقطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقالت في بيان: «فقط وقف إطلاق النار الدائم وفتح حدود قطاع غزة بشكل فوري أمام المساعدات الإنسانية، خصوصاً الغذاء والإمدادات الطبية والوقود، يمكن أن يخفّفا من هذه الكارثة المفتعلة».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة في غزة تحذر من انهيار ما تبقى من مؤسسات صحية بالقطاع

العالم العربي وزارة الصحة في قطاع غزة تحذر من أن مجمع الشفاء الطبي والمستشفى الأهلي العربي يواجهان خطر الخروج عن الخدمة خلال 24 ساعة (د.ب.أ)

وزارة الصحة في غزة تحذر من انهيار ما تبقى من مؤسسات صحية بالقطاع

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من أن مجمع الشفاء الطبي والمستشفى الأهلي العربي يواجهان خطر الخروج عن الخدمة خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح جنوب قطاع غزة (أ.ب)

«الصليب الأحمر»: غالبية المصابين الذين استقبلناهم كانوا يحاولون الوصول لمراكز توزيع المساعدات

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأحد، إن غالبية المصابين في المستشفى الميداني التابع لها أفادوا بأنهم كانوا يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي سفينة الإغاثة «مادلين» التابعة لأسطول الحرية المتجهة إلى غزة (أ.ب)

سفينة الإغاثة المتجهة إلى غزة ستواصل مهمتها «حتى اللحظة الأخيرة»

أكد ناشطون على متن سفينة أسطول الحرية المتجهة إلى غزة، عزمهم على مواصلة مهمتهم «حتى اللحظة الأخيرة»، بعدما أمرت إسرائيل جيشها بمنعها من الوصول إلى القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون وسط غزة يترقّبون إمدادات إغاثية من مؤسسة غزة الإنسانية قرب مركز توزيع مساعدات (أ.ف.ب)

تحليل إخباري كيف تؤثر خسائر الرهائن في مفاوضات «هدنة غزة»؟

وصول السلطات الإسرائيلية إلى مكان رابع رهينة في قطاع غزة، خلال نحو 3 أيام منذ تعثر مفاوضاتها غير المباشرة مع «حماس»، فتح تساؤلات بشأن مستقبل مسار التهدئة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي صورة وزَّعها الجيش الإسرائيلي ديسمبر الماضي لمحمد السنوار في سيارة داخل أحد أنفاق «حماس» شمال غزة (الجيش الإسرائيلي - رويترز) play-circle 02:53

إسرائيل تتعرف على جثة محمد السنوار

أعلنت السلطات الإسرائيلية، الأحد، أنها تأكدت بشكل قاطع من عثورها على جثة محمد السنوار أحد أبرز قادة «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»

«الشرق الأوسط» (غزة)

حمى البحث عن الآثار السورية وبيعها ارتفعت منذ سقوط الأسد

أطفال يلهون في مدينة تدمر الأثرية في سوريا 25 يناير (أ.ب)
أطفال يلهون في مدينة تدمر الأثرية في سوريا 25 يناير (أ.ب)
TT

حمى البحث عن الآثار السورية وبيعها ارتفعت منذ سقوط الأسد

أطفال يلهون في مدينة تدمر الأثرية في سوريا 25 يناير (أ.ب)
أطفال يلهون في مدينة تدمر الأثرية في سوريا 25 يناير (أ.ب)

أدّى انهيار جهاز الأمن السوري بعد سقوط نظام الأسد، وانتشار الفقر، إلى ارتفاع حمى البحث عن «الذهب»، سواء بمعناه المباشر أم بمعناه الاستعاري. سوريا التي تقع حيث نشأت الحضارة المستقرة، تزخر بالفسيفساء والتماثيل والقطع الأثرية التي تُباع بأسعار مرتفعة لدى هواة جمع الآثار في الغرب، وكانت موقع نهب لآثارها منذ عام 2012، بحسب تحقيق لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

ووفقاً لمشروع أبحاث الاتجار بالآثار وأنثروبولوجيا التراث (ATHAR)، الذي يحقق في الأسواق السوداء للآثار عبر الإنترنت، فإن ما يقرب من ثلث الحالات السورية، البالغ عددها 1500 حالة، وثّقه المشروع منذ عام 2012، وجرى منذ ديسمبر (كانون الأول).

تمثالان لملكين من سوريا يعودان إلى النصف الأول للألفية الثانية قبل الميلاد (جامعة توبنغن الألمانية)

ويُنفّذ كثير من عمليات النهب أفرادٌ يائسون من تحصيل المال، على أمل العثور على عملات معدنية أو آثار قديمة، يُمكنهم بيعها بسرعة. وفي دمشق، يكشف التقرير أنه انتشرت في المتاجر أجهزة الكشف عن المعادن، بينما تُظهر الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمين وهم يكتشفون كنوزاً مخفية بنماذج مثل جهاز «XTREM Hunter»، الذي يُباع بالتجزئة بأكثر من 2000 دولار أميركي.

وقفة أمام المتحف الوطني بدمشق للمطالبة بحماية الآثار السورية ومواجهة عمليات التنقيب غير الشرعي في فبراير الماضي (سانا)

يقول محمد الفارس، أحد سكان تدمر وناشط في منظمة «تراث من أجل السلام» غير الحكومية: «يأتون ليلاً مسلحين بالمعاول والمجارف والمطارق، ويُزعج اللصوص الموتى. وتحت جنح الظلام، ينبش الرجال قبوراً دُفنت منذ أكثر من ألفي عام في مدينة تدمر السورية القديمة، بحثاً عن الكنز».

ويتابع الناشط: «في النهار، يكون الدمار الذي أحدثه لصوص القبور واضحاً. تُشوّه حفر بعمق 3 أمتار معالم تدمر، حيث تجذب سراديب الدفن القديمة الناس بوعود الحصول على ذهب جنائزي وقطع أثرية قديمة تُباع بآلاف الدولارات».

وبينما كان يقف على بقايا سرداب قديم نبشه اللصوص، قال فارس لمراسل الصحيفة: «هذه الطبقات المختلفة مهمة، وعندما يخلطها الناس معاً، يستحيل على علماء الآثار فهم ما ينظرون إليه». والتقط قطعة فخار محطمة تركها لصوص القبور ووضعها بجانب زعنفة قذيفة هاون صدئة. تعرّضت مدينة تدمر، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، لأضرار جسيمة خلال فترة سيطرة تنظيم «داعش»، عندما فجّر مسلحون أجزاءً من الموقع الأثري عام 2015، معتبرين آثاره أصناماً.

وتدمر ليست الموقع الأثري الوحيد المُهدد. يقول خبراء ومسؤولون إن نهب الآثار السورية والاتجار بها قد ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر (تشرين الأول)، ما زاد من الخطر على تراث البلاد.

كنيسة القديس سمعان شمال غربي حلب كما بدت في 8 مارس 2023 تعرضت للدمار خلال الحرب (أ.ب)

يقول عمرو العظم، أستاذ تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط في جامعة شوني ستيت بولاية أوهايو، والمدير المشارك لمشروع «آثار»: «عندما سقط نظام الأسد، شهدنا طفرة هائلة في أعمال النهب. كان ذلك انهياراً تاماً لأي قيود ربما كانت قائمة في عهد النظام، وكانت تتحكم في عمليات النهب».

من جهتها، أفادت كاتي بول، المديرة المشاركة لمشروع «آثار» ومديرة مشروع الشفافية التقنية: «شهدت الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية أكبر موجة تهريب للآثار رأيتها في حياتي، من أي بلد». تتابع: «نشهد الآن أسرع عملية بيع للقطع الأثرية شهدناها على الإطلاق. على سبيل المثال، كان بيع فسيفساء من الرقة يستغرق عاماً كاملاً، الآن، تُباع الفسيفساء في غضون أسبوعين».

وتتابع بول، بالتعاون مع العظم، مسار تهريب الآثار الشرق أوسطية عبر الإنترنت، وقد أنشأت قاعدة بيانات تضم أكثر من 26,000 لقطة شاشة ومقطع فيديو وصورة توثق عمليات تهريب الآثار التي يعود تاريخها إلى عام 2012.

يلفت تحقيق «الغارديان» إلى أن الحكومة السورية الجديدة حثّت اللصوص على التوقف عن الحفر، وعرضت مبالغ لمن يُسلم الآثار بدلاً من بيعها، وهدّدت المخالفين بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً. لكن دمشق، المنشغلة بإعادة بناء بلد مُدمّر، وتكافح لفرض سيطرتها، لا تملك سوى موارد محدودة لحماية تراثها الأثري.

قطعة آثار سورية عرضت للبيع على «فيسبوك» في أبريل الماضي (منظمة آثار)

في عام 2020، حظر «فيسبوك» بيع الآثار التاريخية على منصته، وأعلن أنه سيزيل أي محتوى ذي صلة. ومع ذلك، وفقاً لبول، نادراً ما تُطبق هذه السياسة، على الرغم من توثيق عمليات البيع المستمرة على المنصة جيداً. وتتابع: «الاتجار بالممتلكات الثقافية أثناء النزاعات جريمة». وأضافت أنها تتابع عشرات مجموعات تجارة الآثار على «فيسبوك» التي تضم كل منها أكثر من 100 ألف عضو، وأكبرها يضم نحو 900 ألف عضو.

ورفض ممثل عن «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، الردّ على طلب صحيفة «الغارديان» للتعليق. وتُستخدم مجموعات «فيسبوك» كبوابة للمتاجرين، حيث تربط لصوصاً صغاراً في سوريا بشبكات إجرامية تُهرّب القطع الأثرية خارج البلاد إلى الأردن وتركيا المجاورتين. ومن هناك، تُشحن القطع حول العالم لإصدار فواتير بيع ومصادر مزورة، ليتم غسلها في السوق السوداء للآثار. وبعد 10 إلى 15 عاماً، تجد طريقها إلى دور المزادات القانونية، حيث يقتنصها جامعو الآثار والمتاحف، التي تقع في الغالب في الولايات المتحدة وأوروبا.

OSZAR »