«الدعم السريع» تسيطر على مدينة استراتيجية في غرب السودان

قصفت القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على مدينة استراتيجية في غرب السودان

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الخميس، سيطرتها على مدينة النهود في ولاية غرب كردفان، بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني والقوات الموالية له، فيما قصفت قواتها القصر الرئاسي في وسط العاصمة الخرطوم.

وقال المتحدث الرسمي باسم «الدعم السريع»، الفاتح قرشي، وهو محاط بقواته من أمام مقر مباني الحكومة المحلية: «تمكنت قواتنا من تحقيق النصر والاستيلاء على مدينة النهود الاستراتيجية» بعد فرار ما تبقى من قوات الجيش في الاتجاه الشرقي.

وأضاف قرشي: «نعمل خلال الساعات المقبلة على إحكام السيطرة الكاملة على المدينة».

وتعد محلية (بمثابة محافظة) «النهود» آخر محافظة كبرى في الولاية، كان يسيطر عليها الجيش.

نازحون في العراء بعدما فروا من المعارك في شمال دارفور27 أبريل 2025 (رويترز)

والسيطرة على المدينة تمكن «قوات الدعم السريع» من تأمين وقطع كل الطرق أمام الجيش للتحرك لفك الحصار على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وفي الوقت نفسه تضع مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان تحت حصار محكم.

وأفادت مصادر محلية في «النهود»، كانت تتحدث لــ«الشرق الأوسط» قبل دقائق من انقطاع الاتصالات، بأن معارك ضارية تدور في أطراف المدينة، وسط تبادل مكثف للقصف المدفعي بين الجيش السوداني و«الدعم السريع». وقالت المصادر المحلية إن «الدعم السريع» اجتاحت المدينة من عدة جهات، ودارت معارك ضارية مع الجيش السوداني قبل سحب قواته وتحصنه بمقر فرقته العسكرية.

قصف القصر الرئاسي

كذلك استهدفت «الدعم السريع» القصر الجمهوري في وسط العاصمة، الخرطوم، بقصف مدفعي بعيد المدى. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري قوله إن القصف انطلق من منطقة الصالحة، جنوب أم درمان، وطال كذلك مقر وزارة المعادن في المنطقة الحكومية بالعاصمة.

مساعدات غذائية من «برنامج الغذاء العالمي» على الأرض في أم درمان 17 أبريل 2025 (رويترز)

وقال سكان في أحياء شرق الخرطوم لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا ألسنة الدخان السوداء تتصاعد بكثافة من محيط القصر الرئاسي، وأضافوا: «هذه هي المرة الثانية التي يتعرض لها القصر الجمهوري ومقر قيادة الجيش لقصف مدفعي منذ سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم».

وأطلق الجيش في مارس (آذار) الماضي عمليةً واسعةً من وسط البلاد أفضت إلى استعادة السيطرة على القصر الجمهوري ومطار الخرطوم ومواقع حيوية أخرى انتهت بإعلان قائد الجيش «الخرطوم حرة».

وما زالت «الدعم السريع» تحتفظ بمعاقلها في جنوب أم درمان وغربيها التي تنطلق منها هجماتها الأخيرة على الجيش.

من جهة أخرى، قال مواطنون في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض إن سرباً من الطائرات المسيرة هاجمت في الساعات الأولى من صباح الخميس مقر الفرقة 18 التابعة للجيش السوداني، وأضافوا: «هذا هو الهجوم الثاني على قيادة الجيش في المنطقة خلال 24 ساعة».

ووفق ما يُتداول، فإن «الدعم السريع» تستخدم مسيرات استراتيجية متطورة في الهجمات التي تشنها على مواقع عسكرية ومدنية في مناطق مختلفة بالبلاد. وتجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح من جهة، و«الدعم السريع» من جهة أخرى في مدينة الفاشر، وفق ما أفادت به «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر».

وقالت «التنسيقية»، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن «الدعم السريع» تواصل قصف الأحياء السكنية المدنية، ما أدى إلى قتلى وجرحى وسط المدنيين. وفي جنيف، أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان، الخميس، إن 542 مدنياً على الأقل قتلوا في ولاية شمال دارفور السودانية منذ ثلاثة أسابيع. وقال تورك في بيان: «يُرجّح أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير».

وأشار في تعليقه حول الوضع في السودان، حيث تتواجه «الدعم السريع» مع الجيش في حرب مستمرّة منذ سنتين إلى أن «المأساة المتفاقمة في السودان لا تعرف أي حدود».

حركة مواطنين في أحد شوارع العاصمة الخرطوم 29 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف أنه خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط، شنّت «الدعم السريع» هجمات منسّقة من عدّة محاور على مدينة الفاشر المحاصرة ومخيم أبو شوك للنازحين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 مدنياً. وعبّر تورك عن قلقه إزاء تحذير «الدعم السريع» من «حمام دم» قبل معارك وشيكة مع الجيش السوداني.

وأضاف أن التقارير عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء في ولاية الخرطوم «مقلقة للغاية». ومن جهة ثانية قال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، رمطان لعمامرة، إنه ناقش مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، آخر المستجدات في السودان والجهود الجارية لإنهاء الحرب ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني. ‏وأضاف في تدوينة على منصة «إكس»: «توافقنا في الرأي بأنه لا يوجد حل عسكري لذلك الصراع، وأن هناك حاجة للمضي في مسار سياسي يشمل الجميع بما يحقق استعادة السلام في البلاد، ويحفظ وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيه».


مقالات ذات صلة

لليوم السادس... مسيّرات تهاجم بورتسودان ومدناً أخرى

شمال افريقيا صورة قمر اصطناعي لدخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (رويترز)

لليوم السادس... مسيّرات تهاجم بورتسودان ومدناً أخرى

على مدار الأيام الماضية كثفت «قوات الدعم السريع» هجماتها بالمسيّرات على بورتسودان، وركزت على مقار عسكرية ومستودعات الوقود الرئيسية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج الإمارات ترفض مزاعم تسليح أطراف النزاع في السودان

الإمارات ترفض مزاعم تسليح أطراف النزاع في السودان

أكدت الإمارات رفضها القاطع لما ورد في تقرير نشرته منظمة غير حكومية بشأن مزاعم تتعلق بوجود أنظمة مدفعية من طراز «AH-4» في السودان.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي أعمدة الدخان تتصاعد بعد غارات بطائرات من دون طيار على الميناء الشمالي في مدينة بورتسودان (أ.ب) play-circle

الجيش السوداني يتهم «الدعم السريع» بقصف الفاشر في شمال دارفور

اتهم الجيش السوداني، الجمعة، «قوات الدعم السريع» بقصف أحياء مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، الخميس.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون عائدون من مصر إلى وطنهم (وكالة أنباء السودان)

عودة آلاف السودانيين «تُهدّئ» أسعار الإيجارات في مصر

مع عودة عشرات الآلاف من السودانيين المقيمين في مصر إلى بلادهم خلال الشهور الماضية، هدأت أسعار إيجارات بعض الشقق في مصر.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا النيران تشتعل بمستودع وقود في بورتسودان بالسودان (رويترز) play-circle

ضربات جديدة بمسيّرات على قاعدة بحرية في بورتسودان

شهد السودان، اليوم الخميس، هجمات بطائرات مسيّرة، استهدفت إحداها قاعدة بورتسودان (شرق) الرئيسية في البلاد للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

عمرو موسى: توقفت عن الإيمان بعبد الناصر صباح 5 يونيو 1967

عمرو موسى: توقفت عن الإيمان بعبد الناصر صباح 5 يونيو 1967
TT

عمرو موسى: توقفت عن الإيمان بعبد الناصر صباح 5 يونيو 1967

عمرو موسى: توقفت عن الإيمان بعبد الناصر صباح 5 يونيو 1967

قال الدبلوماسي المصري المخضرم عمرو موسى إنه «توقف عن الإيمان بعبد الناصر» صباح يوم الهزيمة في 5 يونيو (حزيران) 1967، بعدما اكتشف أن «البيانات تكذب ومصر مهددة».

وفي الجزء الأول من حوار موسع مع «الشرق الأوسط» يُنشر على 4 حلقات، أعرب موسى عن قلقه العميق على مستقبل بلاده، معتبراً أن «مصر تدفع ثمن 70 عاماً من غياب الحكم الرشيد». وأضاف: «أنا لا أؤمن بأن مصر دولة فقيرة... ما تحتاج إليه هو إدارة الثروة وإعطاء الأهمية المتناسبة المتوازنة» لمختلف القطاعات.

موسى، الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة أبرزها وزارة الخارجية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، شبّه لحظة وقوف أنور السادات في الكنيست بـ«نزول الإنسان على القمر»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري الراحل قام بعمل «سليم جداً» حين استعاد الأرض التي ضاعت في الهزيمة.

وفيما يتعلق بالجدل حول تصريحاته السابقة عن طعام عبد الناصر، قال موسى: «لم أقل إنه كان يطلب طعاماً من سويسرا»، موضحاً أن الأمر ارتبط بـ«طعام خاص بمرضى السكري لم يكن متوافراً في القاهرة».

OSZAR »