الصيف على الأبواب... فهل تلجأ مصر إلى تخفيف أحمال الكهرباء؟

منطقة المقطم في القاهرة خلال انقطاع الكهرباء في وقت سابق (أرشيفية - أ.ف.ب)
منطقة المقطم في القاهرة خلال انقطاع الكهرباء في وقت سابق (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الصيف على الأبواب... فهل تلجأ مصر إلى تخفيف أحمال الكهرباء؟

منطقة المقطم في القاهرة خلال انقطاع الكهرباء في وقت سابق (أرشيفية - أ.ف.ب)
منطقة المقطم في القاهرة خلال انقطاع الكهرباء في وقت سابق (أرشيفية - أ.ف.ب)

على الرغم من تطمينات الحكومة المصرية بشأن «عدم العودة إلى تخفيف أحمال الكهرباء» التي طُبِّقت العامين الماضيين خلال أشهر الصيف، فإن تساؤلات أثيرت أخيراً حول إمكانية لجوء مصر لـ«تخفيف الأحمال» والصيف على الأبواب، خصوصاً مع حديث بعض المصريين عن «انقطاعات متكررة يومياً للتيار الكهربائي في أكثر من منطقة».

وواجهت مصر أزمة بلغت ذروتها الصيف الماضي؛ بسبب نقص الوقود والغاز اللازمين لتشغيل محطات الكهرباء مع زيادة الاستهلاك نتيجة موجات الحر، ما دفع الحكومة، أخيراً، لاتخاذ إجراءات عدة من بينها «زيادة معدلات استيراد الوقود اللازم لتشغيل المحطات، واتخاذ إجراءات لضمان انتظام التيار الكهربائي».

وطالب وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، خلال اجتماع مع مسؤولي شركات الكهرباء، الخميس الماضي، بالانتهاء من الصيانات الدورية لوحدات الكهرباء خلال الشهر الجاري، على أن تكون جميعها جاهزة للدخول على الشبكة في أي وقت لضمان استقرار واستدامة التيار الكهربائي.

وأكد أن أحد أهم الأهداف التي يجري العمل عليها «مرتبط بتحقيق التشغيل الاقتصادي لمحطات التوليد وتطبيق برامج الصيانة بتوقيتات محددة وجداول زمنية معلنة ومتفق عليها مع (مركز التحكم القومي) لضمان الاستقرار للشبكة الكهربائية الموحدة وخفض استخدام الوقود».

وجاءت تصريحات وزير الكهرباء بعد أيام من اجتماع مماثل مع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تحدث فيه عن «توفير البنك المركزي الموارد الدولارية اللازمة لاستيراد الوقود، من أجل انتظام التيار الكهربائي خلال أشهر الصيف».

مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة ملف الكهرباء في البلاد (مجلس الوزراء المصري)

ويبدأ فصل الصيف في البلاد رسمياً يوم 21 يونيو (حزيران)، والعام الماضي بعد يومين فقط من بدايته، أعلنت «الكهرباء المصرية» تسجيل أعلى مستوى تاريخي لاستخدام الكهرباء عند 36 ألف ميغاواط، في وقت تشير توقعات إلى «زيادة هذا الرقم خلال الصيف الجاري لنحو 38 ألف ميغاواط».

وأعلنت «الكهرباء المصرية» فصل التيار لمدة 3 ساعات، السبت، عن 24 منطقة بمركز دسوق التابع لمحافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) بسبب الصيانات الدورية التي يتم إجراؤها لشبكة التوزيع في المنطقة، على أن يعود التيار الكهربائي بمجرد الانتهاء من الصيانة.

وأفاد بعض المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، أخيراً، بحدوث انقطاعات متكررة في الكهرباء بمنازلهم خلال الأيام الماضية، كما سجل البعض انقطاع الكهرباء، السبت، لوقت قصير بالتزامن مع الموجة الحارة في البلاد.

وبحسب مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية، فإنه «جرى تأمين أربع سفن لإمدادات الغاز في البلاد، إلى جانب التعاقد على نحو من سبع إلى ثماني شحنات غاز شهرياً خلال فصل الصيف». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل شحنة غاز تبلغ تكلفتها قرابة 70 مليون دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.2 جنيه في البنوك المصرية)»، موضحاً أن «هذه السفن ترتبط بمواقع مختلفة جميعها متصلة بالشبكة القومية لضمان توزيع الطاقة بكفاءة خلال فترات الذروة وارتفاع درجات الحرارة».

أستاذة الاقتصاد والطاقة في مصر، الدكتورة وفاء علي، ترى أن «هناك إجراءات حكومية لاستيراد كميات المازوت وتشغيل محطات الطاقة المتجددة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «التحركات الرسمية تشير إلى قدرة محطات الكهرباء في البلاد على العمل بكامل طاقتها من دون معوقات خلال أشهر الصيف، وبالتالي عدم اللجوء إلى تخفيف الأحمال».

جانب من خطة تخفيف الأحمال في وقت سابق بأحد الأحياء المصرية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أما عضو «لجنة الطاقة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، بهجت الصن، فتوقع أن «تفي الحكومة بتعهداتها فيما يتعلق بعدم اللجوء إلى تخفيف الأحمال خلال الصيف»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الإجراءات التي اتخذت من استيراد كميات الغاز اللازمة، بالإضافة إلى الاستعانة بـ(سفن التغويز) أمور تساهم في انتظام الشبكة الكهربائية في البلاد».

وتعتبر وحدات و(سفن التغويز) بمثابة محطات عائمة، تقوم بتسلم شحنات الغاز المستوردة وإعادتها من الصورة السائلة إلى صورتها الطبيعية الصالحة للاستهلاك المباشر، مع تسخين الغاز لكي يعود إلى حالته الغازية الأصلية ويصبح جاهزاً للضخ في أنظمة التخزين أو شبكات التوزيع.

وبحسب الصن فإن «الوفاء بالالتزامات المالية لهذه الإجراءات بدأ منذ وقت مبكر مع الاستعداد لزيادة الاستهلاك خلال أشهر الصيف»، مشيراً إلى «استمرار تطبيق قرار إغلاق المحال التجارية مبكراً خلال ساعات الليل».

وطبقت الحكومة المصرية قراراً يقضي بغلق المحال التجارية الساعة 11 مساء عدا يومي الخميس والجمعة تمتد حتى منتصف الليل، كإحدى الخطوات التي تساهم في «ترشيد استهلاك الكهرباء».

وزير الكهرباء المصري خلال تفقد «المركز القومي الجديد للتحكم في الطاقة» (مجلس الوزراء المصري)

في حين توقع الرئيس الأسبق لـ«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء» في مصر، محمد السبكي، «عدم انقطاع الكهرباء خلال الصيف»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار أزمة الانقطاعات للتيار الكهربائي لن يتكرر بنفس الصورة التي حدثت خلال العامين الماضيين، وإذا حدث في بعض المناطق فسيكون لوقت قصير ولأسباب مختلفة عن التي تواجدت خلال العامين الماضيين، نتيجة وجود عجز بين الإنتاج والاستهلاك بسبب نقص الوقود».

ويشرح السبكي أن «الانقطاعات إذا حدثت فستكون مرتبطة بشبكات التوزيع وفي نطاقات صغيرة ولأوقات محدودة للغاية»، لافتاً إلى «وجود مرونة لدى محطات الكهرباء المختلفة بزيادة طاقتها الإنتاجية بما يتناسب مع احتياجات الاستهلاك المتوقع وفق اعتبارات الأحوال الجوية». وشدّد على أن «محطات الكهرباء لديها جاهزية للعمل ودخول إنتاجها على شبكات التوزيع خلال فترة زمنية قصيرة للغاية»، وهو أمر يجعل «هناك مرونة لزيادة الإنتاج عند الحاجة مع زيادة الطلب، خصوصاً في فترات ذروة موجات الحرارة».

عودة إلى أستاذة الاقتصاد والطاقة في مصر التي تشير إلى «احتياج مصر يومياً نحو 5.7 مليار قدم مكعبة من الغاز، في حين أن الإنتاج المحلي يبلغ نحو 4 مليارات قدم مكعبة فقط، مما يضطر الدولة إلى سد الفجوة، من خلال الاستيراد بعقود طويلة الأجل، وهو ما يُعد خطوة مهمة في ضبط الفاتورة الاستيرادية وتقليل الضغط على الاقتصاد مع مرور الوقت».

كما يشير الرئيس الأسبق لـ«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء» إلى توجه «الكهرباء» لتشغيل المحطات بزيت الوقود من النفط بدلاً من الغاز لارتفاع سعره العالمي أخيراً، لافتاً إلى أن «المحطات يمكنها العمل بالغاز أو النفط، لكن الأخير يعطي طاقة أقل بنسبة لا تزيد على 3 في المائة في أسوأ الأحوال، وبالتالي مع تراجع أسعار النفط تكون الجدوى الاقتصادية في الاعتماد عليه أكبر من الغاز».


مقالات ذات صلة

«قمة بغداد»... دعوات لوقف النار في غزة ورفض لتهجير الفلسطينيين

المشرق العربي قادة يحضرون الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد بالعراق (أ.ب) play-circle

«قمة بغداد»... دعوات لوقف النار في غزة ورفض لتهجير الفلسطينيين

بدأت القمة العربية الرابعة والثلاثون على مستوى القادة في بغداد اليوم السبت لبحث عدد من القضايا الإقليمية على رأسها الأوضاع في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شمال افريقيا محطة «الضبعة النووية» (هيئة المحطات النووية)

مصر وروسيا لتسريع العمل بمشروع «الضبعة» النووي

تستهدف مصر وروسيا تسريع العمل بمشروع محطة «الضبعة» النووي، لتوليد الكهرباء، وتنفيذ مراحله، وفق المخطط الزمني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد  الحكومة المصرية تقدم تسهيلات للمزارعين من أجل توريد القمح (وزارة الزراعة)

هل تُحفز تيسيرات الحكومة المصرية المزارعين على توريد القمح؟

تسعى الحكومة المصرية لتشجيع المزارعين على سرعة توريد القمح خلال الموسم الحالي، الذي بدأ منتصف الشهر الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا السلطات المصرية تحدثت عن انتهاء 60في المائة من أعمال إنشاء خط سكة حديد متكامل يربط سيناء بشتى أنحاء البلاد (وزارة النقل)

مصر: خط سكة حديد في سيناء... ماذا يعني؟

تعمل السلطات المصرية على تدشين خط سكة حديد جديد يربط شمال سيناء بشبكة السكك الحديدية في البلاد.

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع «الحركة المدنية» لمناقشة إعداد قائمة لخوض الانتخابات البرلمانية (الحركة)

معارضون مصريون يتأهبون لخوض انتخابات البرلمان رغم رفض قوانينها

تستعد الحكومة المصرية لإجراء انتخابات البرلمان هذا العام، وفقاً لنصوص الدستور التي تقضي بإجراء الانتخابات قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلسَين الحاليين.

عصام فضل (القاهرة)

السفارة الأميركية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا

فلسطينيون يغادرون رفح بعد أوامر إخلاء إسرائيلية في 25 مارس الحالي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يغادرون رفح بعد أوامر إخلاء إسرائيلية في 25 مارس الحالي (أ.ف.ب)
TT

السفارة الأميركية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا

فلسطينيون يغادرون رفح بعد أوامر إخلاء إسرائيلية في 25 مارس الحالي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يغادرون رفح بعد أوامر إخلاء إسرائيلية في 25 مارس الحالي (أ.ف.ب)

نفت السفارة الأميركية في ليبيا، الأنباء التي أفادت بأن الإدارة الأميركية تعكف على خطة لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا، حيث كانت شبكة «إن.بي.سي نيوز ذكرت، الخميس، أن إدارة ترمب تعمل على خطة لنقل ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم.

واستندت الشبكة الإخبارية في تقريرها إلى خمسة أشخاص مطلعين بينهم شخصان على دراية مباشرة بالأمر ومسؤول أميركي سابق.

وقالت السفارة الأميركية في منشور على منصة «إكس»: «التقرير حول خطط مزعومة لنقل سكان غزة إلى ليبيا عار عن الصحة».

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال في السابق إنه يرغب في أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وترحيل سكانه إلى مكان آخر. ويرفض الفلسطينيون بشدة أي خطة تنطوي على مغادرتهم غزة.

OSZAR »