تركيا ترفض موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الحدود البحرية مع ليبيا

عدّته متحيزاً ومدفوعاً بضغط من اليونان وقبرص

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

تركيا ترفض موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الحدود البحرية مع ليبيا

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

رفضت تركيا موقف الاتحاد الأوروبي من مذكرة التفاهم بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في البحر المتوسط، الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة عام 2019.

وأكدت تركيا أن المذكرة الموقعة بين الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الليبية السابقة فائز السراج، في إسطنبول 27 نوفمبر «تشرين الثاني» عام 2019، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط، تتوافق تماماً مع القانون الدولي، وتبيّن أن أنقرة لن تسمح أبداً بانتهاك حقوقها ومصالحها المشروعة.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، في بيان علّق فيه على ما جاء في البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عُقدت في بروكسل، الخميس، إن النتائج التي اعتُمدت في القمة تُظهر أن اليونان و«إدارة جنوب قبرص اليونانية» «جمهورية قبرص» تواصلان مساعيهما لفرض مطالبهما المتطرفة، المخالفة للقانون الدولي ومبدأ العدالة، على الاتحاد الأوروبي.

موقف متحيز

ووصف كيتشالي موقف الاتحاد الأوروبي بأنه «متحيز وذو دوافع سياسية»، فيما يتعلق بقضية حساسة ذات أبعاد قانونية وفنية، مثل ترسيم الحدود البحرية، عاداً ذلك «لا يخدم السلام والاستقرار الإقليميين».

وجاء في البيان أنه «ينبغي على الاتحاد الأوروبي دعوة جميع أعضائه إلى الالتزام بالقانون الدولي، بدلاً من تبني ادعاءات لا أساس لها من الصحة القانونية»، مشدداً على أن تركيا ستواصل الدفاع بحزم عن حقوقها ومصالحها المشروعة في شرق البحر الأبيض المتوسط في إطار القانون الدولي.

رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال مشاركته في القمة الأوروبية (أ.ف.ب)

وأدى توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط التركية، والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية، بشأن الأبحاث الزلزالية، إلى حشد جهود اليونان.

واتبعت اليونان، التي تسعى عادةً إلى دعم الاتحاد الأوروبي في القضايا المتعلقة بتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، النهج نفسه في هذه الاتفاقية.

وطرح رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، القضية على قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بعد أن أعطى أولى الإشارات إلى طرح القضية على قمة الاتحاد خلال قمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» في لاهاي يوم الأربعاء.

ووصف ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقب قمة الناتو، مذكرة التفاهم البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية بأنها «غير مقبولة وغير قانونية ولا أساس لها من الصحّة، وليس لها أي أثر قانوني».

وقال: «كما ذكرنا في ديسمبر (كانون الأول) 2019، ستطالب اليونان بإدراج حقيقة أن هذه الوثيقة غير قانونية، وغير معترف بها من قبل الاتحاد الأوروبي، ومن ثمّ لن تُحدث أي أثر قانوني، في البيان الختامي مرة أخرى».

وأضاف: «أرى أنه من المهم أن يُكرر هذا بطريقة يمكن لليبيا فهمها بوضوح ودقّة في هذه المرحلة».

إردوغان وقع مع السراج مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية أواخر عام 2019 (الرئاسة التركية)

وفي البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي في 12 ديسمبر 2019، الذي أشار إليه ميتسوتاكيس، استُخدمت عبارات: «إن مذكرة التفاهم التركية الليبية بشأن تحديد مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تتوافق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية على الدول الثالثة».

حجج تركيا

وبالنسبة لتركيا، تهدف الوثيقة، التي أقرها برلمانها في 5 ديسمبر 2019، إلى حماية حقوق تركيا وليبيا الناشئة عن القانون الدولي، وترى أنها رد قوي على المبادرات السياسية والاقتصادية التي تسعى إلى عزلها وحصارها في شرق البحر المتوسط.

وتجادل تركيا بأن المذكرة أوضحت الحدود الغربية لولايتها البحرية في شرق البحر المتوسط، وأنها لن تسمح بأي أمر واقع في المنطقة.

وبموجب المذكرة، أنشأت تركيا خطاً بطول 18.6 ميل بحري جنوب غربي حدود جرفها القاري، الذي أخطرت به الأمم المتحدة أيضاً في شرق البحر المتوسط.

وحددت مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019 المناطق الاقتصادية الخالصة لتركيا وليبيا في شرق البحر المتوسط، وأثارت اعتراضات من دول في المنطقة، ولا سيما اليونان.

تركيا وقعت مع حكومة الدبيبة للنفط والغاز الطبيعي عام 2022 (الخارجية التركية)

وفي 3 أكتوبر «تشرين الأول» عام 2022، وسّع الجانبان نطاق المذكرة الأولى بمذكرة تفاهم جديدة تمنح تركيا حقوق التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المياه الإقليمية وداخل أراضي ليبيا.

ونددت اليونان بالمذكرتين وعدّتهما باطلتين، ورفض مجلس النواب في شرق ليبيا الاعتراف بهما أو المصادقة عليهما حتى الآن.

وأفادت تقارير إعلامية خلال الأيام الأخيرة، بأن مجلس النواب الليبي قرر تشكيل لجنة فنية لإعادة النظر في مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019، وأن ذلك جاء بعد تحسن العلاقات مؤخراً بين أنقرة وشرق ليبيا وزيارات أبناء خليفة حفتر لتركيا ولقائهم مع عدد من مسؤوليها، فضلاً عن انتهاء الخلافات بين مصر وتركيا التي شكلت عقبة أمام النظر في المذكرة أو المصادقة عليها.

وغداة قمة الاتحاد الأوروبي، بحث وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، مع وزير النفط والغاز الليبي خليفة رجب عبد الصادق، إمكانات التعاون بين البلدين في مجال الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي).

وقال بيرقدار، على حسابه في منصة «إكس»، إن لقاءه الوزير الليبي في إسطنبول، الجمعة، تم خلاله تقييم فرص التعاون في مجال الهيدروكربونات، وبخاصة في مجال استكشاف النفط والغاز الطبيعي. وأضاف: «أكدنا أننا قادرون على الاستفادة من خبرة بلدينا في هذا المجال من خلال التعاون الملموس الذي يعود بالنفع المتبادل على الجانبين».


مقالات ذات صلة

بطالة منطقة اليورو ترتفع إلى 6.3 % في مايو

الاقتصاد عامل يزيل السقالات في موقع بناء بجزيرة زوروتساورّي في بلباو بإسبانيا (رويترز)

بطالة منطقة اليورو ترتفع إلى 6.3 % في مايو

أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» أن معدل البطالة المعدل موسمياً في منطقة اليورو ارتفع إلى 6.3 في المائة في مايو (أيار) 2025.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا صبي يبرّد جسده في روما (رويترز)

«الوضع أشبه بالفرن»... موجة حرارة غير مسبوقة في أوروبا (صور)

تجتاح أوروبا موجة حرّ غير مسبوقة في بداية موسم صيف 2025، وتثير مخاوف واسعة وتحذيرات من السلطات الصحية والأرصاد الجوية في عدة دول.

يسرا سلامة (القاهرة)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» يُعرَض في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية ترتفع بقيادة شركات التعدين والبنوك

ارتفعت الأسهم الأوروبية، يوم الأربعاء، مدعومة بمكاسب قوية في أسهم شركات التعدين والبنوك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزراء خارجية الترويكا الأوروبية ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء الاجتماع الخاص بالملف النووي في جنيف 20 يونيو (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يدعو إيران لاستئناف المحادثات النووية فوراً

دعا الاتحاد الأوروبي، طهران، إلى استئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي «في أقرب وقت ممكن»، مشدداً على ضرورة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
أوروبا رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن تتحدث مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال قمة أوروبية ببيروكسل في 26 يونيو 2025 (أ.ب)

الدنمارك تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي... الأولوية لأمن القارة

تتولى الدنمارك، الثلاثاء، الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي وعلى رأس أولوياتها أمن القارة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

تجاهل مصري لحديث إسرائيلي جديد عن إسقاط «مُسيَّرة»

مسؤولون مصريون قرب الحدود مع إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري)
مسؤولون مصريون قرب الحدود مع إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري)
TT

تجاهل مصري لحديث إسرائيلي جديد عن إسقاط «مُسيَّرة»

مسؤولون مصريون قرب الحدود مع إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري)
مسؤولون مصريون قرب الحدود مع إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري)

بينما تُكرر إسرائيل إعلاناتها عن إحباط ما تصفه بـ«محاولات تهريب أسلحة من الحدود المصرية»، اعتبر مصدر مصري مطلع أن الأمر لا يعدو كونه «محاولات بائسة لجر مصر إلى التورط فيما تدعيه تل أبيب من أن هناك دعماً بالسلاح لـ(حماس)».

وقال المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تعي هذا الأمر جيداً، ولا تعلّق عليه، لأنه غير مقبول وغير منطقي؛ فالقاهرة تؤمّن حدودها جيداً».

وأضاف: «إسرائيل تزعم أن هذه المُسيَّرات خرجت من مصر وعبرت إليها دون رصدها من الجانب المصري، وهذا كلام غير حقيقي».

وأعلن الجيش الإسرائيلي قيام لواء باران الإقليمي، الثلاثاء، بإسقاط طائرة مُسيَّرة قال إنها «قادمة من مصر إلى إسرائيل في محاولة لتهريب أسلحة».

وبحسب الإعلان الإسرائيلي، عثر جنود اللواء على الطائرة المُسيَّرة، التي قيل إنها كانت تحمل 10 أسلحة، وصادروها؛ كما رصدوا، الأربعاء، «مركبة مشبوهة» في المنطقة وطاردوها.

ووفق إسرائيل، عثر الجنود على 14 سلاحاً داخل المركبة، وألقوا القبض على المشتبه به الذي كان يقودها، وتم تسليمه والأسلحة إلى قوات الأمن لاستكمال الإجراءات.

و«باران» أو «اللواء 512» هو لواء مشاة إقليمي نظامي في الجيش الإسرائيلي يتبع الفرقة 80 في القيادة الجنوبية المسؤولة عن الجبهة مع مصر.

«محاولة إلصاق»

الخبير المصري في الأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل تهدف من وراء ما تدعيه بشأن إحباط أسلحة مهربة من مصر إلى «محاولة تبرير احتلالها للمنطقة الحدودية مع مصر بالمخالفة لكل الاتفاقيات والمعاهدات السابقة، وأيضاً محاولة تبرير فشلها أمام (حماس) التي باتت تنفذ عمليات نوعية بأسلحة متطورة، وتحاول تل أبيب إلصاق تهمة توصيل تلك الأسلحة لمصر».

ونوَّه بأنه على الرغم من ذلك، «فإن كل الإعلانات الإسرائيلية لم تتحدث عن ضبط أسلحة مما تستخدمها (حماس) على متن المُسيَّرات التي تدعي تل أبيب ضبطها، ما يعني أنها لا تستطيع إثبات محاولة إلصاق دعم (حماس) بالأسلحة إلى مصر».

لقطة أرشيفية لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

وعلى مدى أكثر من عام، كررت إسرائيل الإعلان عن «إسقاط مُسيّرات اخترقت الأجواء من مصر وتحمل أسلحة»؛ وفي كل مرة تتجاهل السلطات المصرية الرد رسمياً.

ادعاءات مكررة

تحدّث الجيش الإسرائيلي، في 29 أبريل (نيسان) الماضي، عن «إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر إلى إسرائيل»، وقال: «تم رصد طائرة مُسيَّرة كانت تحاول تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة لواء باران».

وأضاف حينها، في منشور عبر حسابه بمنصة «إكس»: «تم إسقاط الطائرة من دون طيار من قِبل قوات الجيش الإسرائيلي»، وقال إنها كانت «تحمل 10 أسلحة من نوع (إم 16) وذخيرة». واختتم بالقول: «تم تسليم الأسلحة المصادرة إلى قوات الأمن لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة».

وقال الجيش الإسرائيلي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن قواته «أسقطت طائرة مُسيّرة عبَرت من الأراضي المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة لواء باران». وفي الشهر التالي، أعلن مجدداً، في بيان، «رصد وإسقاط مُسيَّرة عبرت من الأراضي المصرية»، مضيفاً أنها «كانت تحمل 4 بنادق و5 خراطيش والمئات من الرصاصات... وتم نقل الأسلحة والذخيرة إلى قوات الأمن لمزيد من التحقيق».

أيضاً في فبراير (شباط) الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط طائرة مُسيَّرة تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل، وإنه عثر على 4 بنادق ومسدس بعد إسقاطها.

وفي منتصف أبريل الماضي، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه «تم رصد طائرة مسيّرة حاولت تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى داخل إسرائيل وتم إسقاط المسيرة».

OSZAR »