«هدنة غزة»: القاهرة والدوحة تؤكدان فاعلية دور الوساطة قبيل زيارة ترمب

وسط حديث عن مقترح أميركي... وتمسك «حماس» باتفاق شامل

فلسطينيون يحملون جثمان أحد ضحايا غارة إسرائيلية على مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان أحد ضحايا غارة إسرائيلية على مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: القاهرة والدوحة تؤكدان فاعلية دور الوساطة قبيل زيارة ترمب

فلسطينيون يحملون جثمان أحد ضحايا غارة إسرائيلية على مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان أحد ضحايا غارة إسرائيلية على مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين في مخيم البريج وسط غزة (أ.ف.ب)

كشف بيان مصري - قطري مشترك حول المفاوضات المتعثرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، عن التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق يضع حداً للأوضاع المأساوية في القطاع قبيل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع المقبل.

ذلك البيان المشترك الذي يعد الأول من نوعه منذ الوساطة بين مصر وقطر بعد حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حمل رسائل واضحة بأنه لا تراجع عن الوساطة، ولا بديل عن أهمية المضي في اتفاق بالتنسيق مع واشنطن، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، متوقعين أن تتجه الأمور لإدخال مساعدات فقط حال لم تقبل «حماس» باتفاق جزئي مطروح، كما يتردد إعلامياً على الطاولة من جانب الولايات المتحدة خلال اجتماع ربما يكون وشيكاً بالقاهرة.

موقف واحد

وأفاد بيان مصري - قطري مشترك، الأربعاء، بأن «جهودهما في ملف الوساطة مستمرة ومتسقة، وتستند إلى رؤية موحدة تهدف إلى إنهاء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، وتخفيف معاناة المدنيين عبر تهيئة الظروف الملائمة للوصول إلى تهدئة شاملة»، مشدداً البيان على أن «التشكيك أو التحريف أو التصعيد الإعلامي، لن ينجح، ولن يثنيهما عن مواصلة العمل المشترك لإنهاء هذه الحرب».

فلسطينيون يتفقدون الدمار في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين إثر غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط غزة (أ.ف.ب)

وكانت قطر، أعلنت في بيان، الأحد الماضي، للمتحدث باسم «الخارجية القطرية»، ماجد الأنصاري، «رفضها تصريحات تحريضية من مكتب نتنياهو ضدها»، مؤكدة أنها «ستواصل العمل بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة لضمان وقف إطلاق نار فوري». وذلك غداة دعوة مكتب نتنياهو الدوحة، إلى «الكف عن اللعب على الجانبين، وأن تقرر إن كانت ستقف إلى جانب الحضارة، أم إلى جانب وحشية (حماس)».

أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، يري أن البيان المشترك بين الدولتين الوسيطتين، يحمل رسائل واضحة تؤكد على دورهما وفاعليته بالمفاوضات، وأنهما مستمرتان في قيادة عمليات التفاوض دون تأثر باتهامات إسرائيلية، ومصرتان على استكمال نجاح وساطتهما التي تكللت بهدنتين سابقتين في 2023 و2025 وفي طريقهما لتحقيق ثالثة.

وعلى مسافة قريبة من ذلك الطرح، يعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن توقيت صدور البيان المشترك لمصر وقطر قبل زيارة ترمب «محاولة لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة جهود الوسطاء بالاتهامات»، ويرى المحلل السياسي القطري، صالح غريب، أن البيان رسالة للرأي العام العربي والعالمي تؤكد متانة الوساطة المصرية القطرية ودورها الفعال، وتأكيد استمراريتها رغم الاتهامات الإسرائيلية، وأنها لن تستطيع إفشال الوساطة قبل زيارة ترمب.

مقترح جديد

البيان المصري القطري المشترك أكد أيضاً أن «جهودهما تنسق عن كثب مع الولايات المتحدة في سبيل التوصل إلى اتفاق يضع حداً للمأساة الإنسانية ويضمن حماية المدنيين»، وذلك قبل أيام من زيارة ترمب إلى السعودية، وقطر، والإمارات، وترقب يتواصل لحديثه الثلاثاء عن أنه سيصدر إعلاناً «إيجابياً» كبيراً جداً قبل الجولة لم يحدد فحواه.

ذلك التنسيق «المصري القطري الأميركي» يأتي غداة كشف مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن «جولة جديدة من المفاوضات ستنطلق في القاهرة خلال أيام قليلة قد تكون نهاية الأسبوع الحالي أو بداية المقبل، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول هدنة قبل أو مع وصول ترمب إلى المنطقة»، لافتة إلى أن «الوسطاء يحاولون طرح اتفاق يتضمن إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين مقابل هدنة تستمر لشهور، على أن تكون هناك ضمانات أميركية لاتفاق نهائي بعد ذلك يُنهي الحرب».

ويتوقع صالح غريب أن تحمل زيارة ترمب للمنطقة طرحاً بشأن ملف غزة، في ظل مطالب عربية واضحة بحل نهائي لتلك الأزمة، مرجحاً أن يتجه الرئيس الأميركي لدعوة إسرائيل لوقف القتل وإدخال المساعدات، والتوصل لحل نهائي ينهي ملف الرهائن، ويلبي متطلبات المقاومة الفلسطينية.

ويرى فهمي أن «البيان المصري القطري يشي بأن هناك مقترحاً جديداً في الكواليس بالتنسيق مع واشنطن تشير المعلومات الأولية إلى أنه مقترح أميركي قدم خلال الـ48 ساعة الماضية، وأنه محل دراسة، وهو ما نعتقد أنه سيكون اتفاق اللحظات الأخيرة الذي يعد قبل أو مع وصول ترمب».

وبتقديرات مطاوع، فإن «الرؤية الأميركية التي تشير معلومات أولية إلى أنها أرسلت لمصر ستكون حال نجحت اجتماعات القاهرة المحتملة في تمريرها بعد التشاور؛ اتفاق اللحظات الأخيرة»، مرجحاً أيضاً حدوث هدنة مؤقتة تليها مباحثات بشأن اتفاق نهائي.

ورغم التفاؤل الحذر بإمكانية حدوث اتفاق، إلا أن «حماس» لا تزال تتمسك بإبرام اتفاق شامل، وقال عضو المكتب السياسي باسم نعيم، الأربعاء، إن «هناك محاولات مستميتة قبل زيارة ترمب إلى المنطقة، عبر جريمة التجويع واستمرار حرب الإبادة الجماعية والتهديد بتوسيع العمل العسكري لإنجاز اتفاق جزئي يعيد بعض الأسرى الصهاينة، مقابل أيام محدودة من الطعام والشراب».

وأكد نعيم في تصريحات أوردتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «(حماس) وفصائل المقاومة تؤكد إصرارها على التوصل إلى اتفاق شامل ورزمة كاملة، وليس اتفاقاً جزئياً».

وحال تمسكت «حماس» بموقفها، يرى مطاوع، أن البديل ترتيبات لإدخال المساعدات، مستبعداً أن يحمل ترمب فرصاً لاتفاق نهائي، في ظل عدم وجود ضغوط أميركية على نتنياهو، ولا وقت يكفي لإبرام ذلك قبل الزيارة.


مقالات ذات صلة

هل تمهّد «تلميحات ترمب» لاتفاق هدنة جديد في غزة؟

العالم العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف على جباليا جنوب غربي قطاع غزة منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)

هل تمهّد «تلميحات ترمب» لاتفاق هدنة جديد في غزة؟

قال ترمب، مساء الأربعاء، إنه من المقرر صدور مزيد من المعلومات بشأن غزة، وبشأن مقترح جديد للإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في القطاع.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي صبي فلسطيني مع أقرانه في أثناء الحصول على الطعام من مطبخ خيري في مخيم النصيرات وسط غزة أمس (أ.ف.ب)

«أكسيوس»: مسؤول أممي سابق يجري محادثات لرئاسة مؤسسة إغاثية في غزة

قال موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مصدرين إن المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي يجري محادثات لرئاسة «مؤسسة غزة الإنسانية» الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينية خلال وقوفها في وقت سابق بين خيام النازحين بخان يونس (رويترز)

النرويج وآيسلندا: خطة إسرائيل لإخلاء غزة ستكون تهجيراً قسرياً غير قانوني

قال وزيرا خارجية النرويج وآيسلندا، اليوم الخميس، إن خطط إسرائيل لإجلاء الفلسطينيين من قطاع غزة تصل إلى حد التهجير القسري غير القانوني.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تتجه نحو قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

«القسام»: أوقعنا قوة إسرائيلية من 12 جندياً بين قتيل وجريح بشرق رفح

قالت «كتائب القسام»، الخميس، إن مقاتليها تمكّنوا من استهداف قوة هندسية إسرائيلية من 12 جندياً كانت تستعدّ لنسف أحد المنازل في شرق مدينة رفح، بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تنفي إسرائيل وجود أزمة إنسانية وتقول إن في غزة ما يكفي من الغذاء (أ.ب)

«الصليب الأحمر» تندد بحصار إسرائيلي «غير مقبول» على قطاع غزة

ندّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الخميس، بالكلفة الإنسانية الباهظة للحرب الدائرة في غزة، وشجبت «الحصار الكامل وغير المقبول» الذي تفرضه إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

هل تمهّد «تلميحات ترمب» لاتفاق هدنة جديد في غزة؟

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف على جباليا جنوب غربي قطاع غزة منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف على جباليا جنوب غربي قطاع غزة منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

هل تمهّد «تلميحات ترمب» لاتفاق هدنة جديد في غزة؟

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف على جباليا جنوب غربي قطاع غزة منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف على جباليا جنوب غربي قطاع غزة منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)

حملت تصريحات للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حول غزة «تلميحات»، رأى خبراء أنها تمهد لاتفاق «هدنة» جديد في قطاع غزة، قد يُعلن قبيل زيارة ترمب المرتقبة للمنطقة، الأسبوع المقبل، لا سيما أنها تتزامن مع تنسيق مكثف بين الوسطاء في القاهرة والدوحة وواشنطن من أجل وقف إطلاق النار ووضع حد للوضع «المتفاقم» في غزة.

وقال ترمب، مساء الأربعاء، إن من المقرر صدور مزيد من المعلومات بشأن غزة (غداً) وبشأن مقترح جديد للإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في القطاع. وأضاف: «هناك الكثير من الحديث يدور حول غزة حالياً. ستعرفون على الأرجح خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة».

حديث ترمب جاء بعد ساعات من بيان مصري - قطري مشترك أشار إلى أن «جهودهما تنسق عن كثب مع الولايات المتحدة في سبيل التوصل إلى اتفاق يضع حداً للمأساة الإنسانية ويضمن حماية المدنيين».

وكان ترمب قد ألمح، الثلاثاء، إلى خبر «مذهل» يعتزم الإعلان عنه في الأيام المقبلة، لم يكشف عن فحواه، وقال، في تصريحات صحافية: «الأمر لا يتعلق بالتجارة، بل يتعلق بشيء آخر، لكنه سيكون تطوراً إيجابياً ومذهلاً حقاً لهذا البلد ولشعبه، وسيحدث ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة».

وقبل ساعات من ذلك التصريح، لمح الرئيس الأميركي إلى أنه سيكون هناك «إعلان مهم للغاية» قبل رحلته المخطط لها إلى الشرق الأوسط، الأسبوع المقبل، والتي ستشمل السعودية وقطر والإمارات.

هذه التلميحات المتكررة رأى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة أنها «مربكة وغير مفهومة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أحداً لا يستطيع التكهن بمغزى الإعلان المذهل الذي يتحدث عنه ترمب».

وأضاف أن «الحشد الإسرائيلي الحالي في قطاع غزة لا يشير إلى إمكانية وقف الحرب، وربما يكون الحديث عن هدنة مؤقتة، وهو ما لا يتفق مع مطالب حركة (حماس) بوقف كامل لإطلاق النار».

فلسطينية خلال وقوفها في وقت سابق بين خيام النازحين بخان يونس (رويترز)

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، رأى أن «تلميحات ترمب قد تمهد لإعلان هدنة مؤقتة في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «الإعلام العبري يتداول أنباء عن احتمال إعلان هدنة، أو صفقة لإدخال المساعدات إلى غزة»، معرباً عن اعتقاده أن «ترمب سيعلن عن هدنة مؤقتة يتم خلالها التفاوض لوقف كامل لإطلاق النار».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مفاوضات وجهود تبذل من الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة تشير إلى أن هناك صفقة تعد في الكواليس لوقف الحرب».

هذه الجهود أشار لها البيان المصري - القطري المشترك، الذي صدر أخيراً، والذي حمل رسائل واضحة بأنه لا تراجع عن الوساطة، ولا بديل عن أهمية المضي في اتفاق بالتنسيق مع واشنطن.

وأشار الرقب إلى أن «واشنطن هي الوحيدة التي تملك القدرة للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو»، متوقعا أن يعلن ترمب عن اتفاق هدنة جديد في غزة.

الدخان تصاعد في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

ونقلت «رويترز» عن خمسة أشخاص مطلعين، قولهم، الأربعاء، إن «الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا إمكان قيادة واشنطن لإدارة مؤقتة في غزة بعد الحرب». ووفق المصادر، فإن المشاورات «رفيعة المستوى» تركزت على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة مسؤول أميركي تشرف على غزة إلى أن يصبح القطاع منزوع السلاح ومستقراً، وتظهر إدارة فلسطينية قادرة على العمل.

في رأي عكاشة، فإن «تلميحات ترمب ربما تتعلق باتفاق مع إيران، أو بضغوط لإيصال المساعدات لقطاع غزة، لا سيما مع الحديث المتكرر أخيراً عن مجاعة في القطاع»، معرباً عن اعتقاده بأن «إدخال المساعدات لغزة لن يكون خبراً مفاجئاً أو مذهلاً، في ظل الجهود الحالية بشأنها».

وكانت جامعة الدول العربية قد أعربت في بيان، الخميس، عن أملها في أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة «الحوثي» في اليمن، «إيجاباً في الجهود الدبلوماسية الرامية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة».

ويحذر مسؤولون في الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية منذ أسابيع من النقص المتزايد في الوقود والأدوية والغذاء والمياه الصالحة للشرب في غزة. والخميس، ندّدت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» بالكلفة الإنسانية الباهظة للحرب في غزة، وشجبت «الحصار الكامل وغير المقبول» الذي تفرضه إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المدمّر.

في كل الأحوال، ومع ما تحمله تلميحات ترمب من أمل بوقف الحرب، فإن خبير الشؤون الإسرائيلية أشار إلى أنه «ربما يجب ألا يتم التعامل مع تصريحات ترمب بدرجة عالية من الدقة، لا سيما أنه يعيد تعديلها أو يغيرها بين الحين والآخر».

OSZAR »