ما زالت أزمة «البنزين المغشوش»، تثير التكهنات في مصر، بشأن أسباب تداول «وقود غير مطابق للمواصفات القياسية». فمع عدم توضيح وزارة البترول المصرية لتفاصيل التحقيقات، رجَّح مراقبون وبرلمانيون «احتمالَين» وراء الأزمة، إما «خلط بنزين» أو «عدم تنقية خزانات ومحطات الوقود من الشوائب».
وشكا مصريون، الأسبوع الماضي، من تعرُّض سياراتهم لأعطال في دورة التشغيل، بداعي «غش في البنزين»، وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منشورات تتحدث عن «استخدام وقود غير مطابق للمواصفات».
ومع تزايد شكاوى مصريين من تعرض سياراتهم لأعطال، شكَّلت الحكومة المصرية لجنة من وزارتي البترول والتموين، لفحص 807 عينات وقود من مختلف المحافظات المصرية، وأظهرت النتائج المعلنة من وزارة البترول المصرية، الأحد، «تداول 5 عينات غير مطابقة للمواصفات»، في حين جاءت «802 عينة مطابقة للمواصفات القياسية للتداول بالأسواق».
وكان من المفترض أن تقدم تحليل جودة البنزين، المعلنة من «البترول» المصرية، تفسيراً لشكاوى تداول «وقود مغشوش»، غير أن رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية السابق، باتحاد الغرف التجارية المصرية، حسام عرفات، عدّ البيان الحكومي، «غامضاً، لم يقدم نتيجة واضحة لأسباب (غش البنزين)».
وتوقف عرفات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع «إعلان وزارة البترول، ثبوت تداول عينة لبنزين غير مطابق للمواصفات، في محافظة بني سويف (جنوب القاهرة)، رغم عدم تلقي الوزارة شكوى منها»، عادَّاً ذلك «يثير علامات استفهام بشأن الأسباب الحقيقية للأزمة».
وحسب وزارة البترول المصرية، جاءت العينات الغير المطابقة للمواصفات من محافظات «القاهرة، والقليوبية، والإسكندرية، وبني سويف، وقنا»، وقالت إنها تلقت 870 شكوى في الفترة من 4 حتى 9 مايو (أيار) الحالي، وأشارت إلى أن «القاهرة تصدرت عدد الشكاوى، بواقع 429 شكوى، ثم محافظة الجيزة بعدد 208 شكاوى، وتلتها محافظة القليوبية بنحو 50 شكوى»، إلى جانب شكاوى بنسب أقل من «الإسكندرية، والغربية، والمنوفية، والدقهلية، والمنيا، والفيوم، والإسماعيلية».
ويرجّح عرفات أن يكون سبب تداول وقود مغشوش، «خلط بنزين منخفض الجودة (درجة 80)، مع آخر عالي الجودة (درجتي 92 و95)»، وعدّ إعلان الحكومة تعويضات لمقدمي الشكاوى، «اعترافاً بوجود الأزمة، وتحمل نتيجتها».
وتعهدت وزارة البترول بصرف تعويض للمتقدمين بشكاوى من تعطل سياراتهم في الفترة من 4 حتى 10 مايو الحالي، بـ«صرف تعويض مماثل للقيمة المعتمدة لاستبدال (طرمبات البنزين)، بحد أقصى ألفا جنيه» (نحو 40 دولاراً).
وأرجع عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب المصري (البرلمان)، محمد الجبلاوي، أسباب غش الوقود، إلى «تنامي ظاهرة التلاعب وسرقة البنزين، من محطات وقود، في مناطق نائية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تشكيلات عصابية، تعمل على تهريب كميات من الوقود، وتسعى لتعويض هذه الكميات بإضافة كميات من المياه للبنزين المتداول، أو خلطها بأصناف أقل جودة».
وتقدم الجبلاوي، بطلب إحاطة لمجلس النواب المصري، يتهم فيه وزارة البترول المصرية بالتقاعس في مواجهة غش البنزين؛ ما تسبّب في أعطال لسيارات مستهلكين.
وأوضح البرلماني المصري، أن هناك «محطات وقود مغلقة منذ أشهر، في مناطق نائية، ورغم ذلك تصرف حصصاً يومية من الوقود»، مشيراً إلى أن «هذه الكميات يتم تهريبها، للتداول في السوق السوداء»، ودلل على ذلك «بضبط وزارة الداخلية المصرية، وقائع عدّة لتداول منتجات بترولية خارج الجهات المعتمدة للتداول بالأسواق».
بينما يتوقف وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، أمام سبب آخر، لتداول «بنزين مغشوش»، وهو «كثرة اختلاط الشوائب، داخل خزانات الوقود الرئيسة، ومحطات بيع البنزين للمستهلكين»، وقال إن «سوء استخدام وإجراء بعض المحطات لمعايير نقل وتداول الوقود، تزيد من كثرة الشوائب في الوقود المستخدم في السيارات».
ويعتقد كمال، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «إهمالاً في إجراءات تداول الوقود»، ويستبعد في الوقت نفسه احتمالية «وجود غش للبنزين»، ودعا إلى ضرورة أن تكون هناك «رقابة مستمرة لعملية تداول الوقود للتأكد من مطابقته للمواصفات القياسية».
وأعلنت وزارة البترول المصرية، اتخاذ إجراءات إضافية لتشديد الرقابة على الوقود المتداول في الأسواق، من بينها «عدم تدفيع معامل التكرير للبنزين المنتج محلياً إلا بعد تحليل عينات منه في معملَين مختلفين بدلاً من معمل واحد، على أن تتطابق النتائج»، إلى جانب «سحب عينات من البنزين المستورد، بإشراف شركات محايدة وتحليلها في 3 معامل مختلفة، بدلاً من معمل واحد».