شارك كل من لبنان وسوريا في القمة العربية التي عُقدت في بغداد، يوم السبت، بخطابين عبّرا نسبياً عن التحولات الدراماتيكية التي شهدها البلدان، بدءاً من انهيار نظام الأسد في دمشق، ومروراً بانطلاق عهد جديد في بيروت، غير أن التحديات التي يواجهانها لا تزال قائمة حتى اليوم.
وحذّر وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، من «محاولات لزرع الفتن في سوريا»، مشيراً إلى أن «عصابات (داعش) لا تزال تنتهك سيادة سوريا وتهدد أمنها الداخلي».
وقال الشيباني، في كلمته أمام القمة العربية في دورتها الرابعة والثلاثين ببغداد: «هناك مَن يريد تفتيت سوريا، ونطالب العرب بحماية وحدة سوريا ورفض التقسيم»، مضيفاً أن «سوريا تتعرض لخروقات إسرائيلية متكررة تهدد جنوب البلاد والاستقرار الإقليمي».
وأضاف: «لا نقبل الوصاية على سوريا، أو أن تكون ساحة لصراعات الآخرين، وما زلنا نواجه تحديات جسيمة وتنازعاً في المصالح على أرضنا»، مثمّناً «كل خطوة تسهم في كسر العزلة ورفع العقوبات عن سوريا».
وأعرب الشيباني عن تطلعه إلى موقف عربي موحّد يضمن استعادة سوريا سيادتها الكاملة على أراضيها، وإدانة الخروقات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي، مؤكداً أن «سوريا كانت وستبقى جزءاً من قلب الأمة العربية، ونمدّ أيدينا لتعزيز العمل العربي المشترك».
كما أكد أن «الشعب السوري متمسك بعروبته، وسوريا لجميع السوريين، ولا مكان للتهميش والإقصاء»، مشيراً إلى أن بلاده «تعمل على صياغة دستور يؤسس لدولة القانون ووحدة الأراضي السورية، وتضع اللمسات الأخيرة على انتخابات برلمانية تُمثّل جميع السوريين، ولا يمكن اقتطاع أي جزء من أراضي سوريا».
أمن مشترك
ولدى وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد، السبت، شدد الشيباني على أن «أمن سوريا والعراق مشترك، وهناك تنسيق عالٍ بين البلدين في هذا المجال». وفي أول تصريح لوسائل إعلام عراقية، قال لتلفزيون «العراقية» الحكومي: «نأمل من العراق والأشقاء العرب تقديم كل الدعم لسوريا، ونتمنى لقمة بغداد النجاح... هذه القمة ستنجح على أرض العراق». وأضاف: «ما يضرّ العراق يضرّ سوريا، والعكس بالعكس. نحن نريد سوريا مستقرة وآمنة، ولا نريد أي تدخلات خارجية».
كما أكد الوزير السوري أن «جغرافيا العراق وسوريا واحدة، والتنسيق بينهما سيكون في جميع المجالات».
من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السبت، أن «الإقليم والعالم يواجهان تحديات كبيرة، بدءاً من غزة وغيرها»، مؤكداً أن «السيادة والاستقلال في سوريا أمر ضروري».
وجدد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، دعم بلاده للحكومة السورية في «مواجهة التحديات الأمنية»، مشيداً بـ«قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا».
ووصف الجبير هذا القرار بأنه «فرصة كبيرة للتعافي ودعم التنمية».
لبنان... «صفحة جديدة»
في الشأن اللبناني، أكد رئيس الحكومة، نواف سلام، أن بلاده افتتحت صفحة جديدة في تاريخها تقوم على الإصلاح في جميع المجالات.
وقال خلال كلمته في القمة: «نريد فرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وتأكيد أن الدولة هي مَن تختار السلم والحرب».
وأفادت رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، في بيان، أن سلام أكد رفض بلاده القاطع للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وضرورة الوقف الفوري لها، وذلك خلال اجتماعه السبت مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بغداد.
وأضاف البيان أن سلام جدّد، خلال الاجتماع الذي عُقد على هامش القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية، التزام حكومته بالتعاون الكامل مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لحفظ الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق.
وشدد سلام على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي اللبنانية يشكل انتهاكاً فاضحاً لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 1701.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، خلال القمة، تقديم بلاده مبلغ 20 مليون دولار لمبادرة الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار في غزة ولبنان.