الفقر والجوع يفاقمان معاناة لاجئي الروهينغا في بنغلاديش

مخيماتهم تحت رحمة عصابات إجرامية... والآلاف يحلمون باللجوء إلى دول الجوار

لاجئات من الروهينغا في ملجأ مؤقت بعد وصولهن إلى إندونيسيا بحراً في 15 ديسمبر (أ.ب)
لاجئات من الروهينغا في ملجأ مؤقت بعد وصولهن إلى إندونيسيا بحراً في 15 ديسمبر (أ.ب)
TT

الفقر والجوع يفاقمان معاناة لاجئي الروهينغا في بنغلاديش

لاجئات من الروهينغا في ملجأ مؤقت بعد وصولهن إلى إندونيسيا بحراً في 15 ديسمبر (أ.ب)
لاجئات من الروهينغا في ملجأ مؤقت بعد وصولهن إلى إندونيسيا بحراً في 15 ديسمبر (أ.ب)

في مخيمات بنغلاديش، يعاني اللاجئون الروهينغا يومياً من تفاقم الجوع والعنف، ما يدفع عدداً متزايداً منهم إلى الانطلاق بحراً في رحلات محفوفة بالمخاطر سعياً للوصول إلى إندونيسيا أو ماليزيا. وتقول نور قيس، التي تعتمد بشكل كامل على مساعدات إنسانية تقدّمها الأمم المتحدة منذ أن اعتُقل زوجها لمحاولته العمل خارج مخيم كوتوبالونغ في جنوب شرق البلاد، إن لديها «حصة واحدة» فقط في اليوم لإبقائها على قيد الحياة مع طفليها. وتابعت هذه الشابة البالغة 27 عاماً واللاجئة منذ عام 2017، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «عندما يرى أطفالي أن الجيران يتناولون شيئاً ما، يجهشون بالبكاء. لا أقوى على تحمّل دموع أطفالي»، مضيفة: «أمضي أيامي وليالي بالبكاء».

تفاقم المعاناة

مثلها، فرّ نحو مليون من أبناء هذه الأقلية، وغالبيتهم من المسلمين، من عمليات اضطهاد في ميانمار فُتح تحقيق دولي فيها للاشتباه بأنها ترقى إلى «إبادة جماعية». وشهدت ظروف العيش المتردية أصلاً في مخيمات اللاجئين مزيداً من التدهور في الأشهر الأخيرة، إذ تفاقم شح المواد الغذائية وتضاعفت أعمال العنف.

صورة جوية لمخيم الروهينغا في كوكس بزار ببنغلاديش (أ.ف.ب)

وباتت شائعة في المخيمات حروب العصابات، والاتجار بالمخدرات، وعمليات الخطف للحصول على فدية، بإقرار الشرطة التي تقول إن أكثر من 60 من أبناء الروهينغا قتلوا هذا العام، في حصيلة قياسية. ويقول سيف الأركاني، وهو ناشط من أبناء هذه الأقلية يبلغ 27 عاماً: «لقد سئم الروهينغا من العيش في المخيمات ومن العيش تحت رحمة قطاع الطرق».

وتقول نور قيس إن أحد جيرانها خُطف «خلال نومه»، وإن عائلته اضطرت للاستدانة لجمع 1350 دولاراً طلبها الخاطفون فديةً للإفراج عنه. وتخشى هذه الشابة من أن تجد نفسها في وضعية مماثلة، وهي لا تملك أي وسائل لدفع أي فدية في حال تعرّضت للخطف أو اختُطف أحد أطفالها. ويستحيل عليها إلى الآن جمع ما يكفي من أموال لزيارة زوجها فاروق، وهو بحّار أودع السجن قبل 6 أشهر بسبب انتهاكه الحظر المفروض على عمل اللاجئين خارج المخيمات. وتقول نور قيس إنها لا تملك أي مبلغ من المال لتوكيل محامٍ قد يكون قادراً على انتزاع قرار بإطلاق سراح مشروط لزوجها. وتتساءل: «أين يمكن أن أجد بين 4 و5 آلاف تاكا (35 - 45 دولاراً) في حين لا أملك شيئاً لعائلتي؟». وتعمل نور قيس لدى عائلة ميسورة نسبياً في المخيم، لكنّها تنفق راتبها الضئيل وأكثر من نصف ما تتلقاه من مساعدات غذائية لسداد ديون تكبدتها لبناء كوخ من الخيزران والقماش المشمع تعيش فيه مع أطفالها.

رحلة اللجوء

وأجبر الفقر عشرات الآلاف من الروهينغا على العمل خارج المخيمات، حسب عضوين في لجنة اللاجئين في بنغلاديش، طلبا عدم كشف هويتهما. ويقول أحدهما لوكالة الصحافة الفرنسية إن هؤلاء اللاجئين ينافسون اليد العاملة المحلية، لافتاً إلى أن هذا الأمر «يستفز السكان وهو أمر مفهوم».

أطفال من الروهينغا في مخيم لجوء بإندونيسيا (أ.ب)

وبالنسبة لكثر من الروهينغا، خصوصاً الشبان، يكمن الحل الوحيد في محاولة العبور بحراً إلى إندونيسيا أو ماليزيا. ويشدد سيف الأركاني على أن هؤلاء «يغادرون المخيمات لأنهم يائسون ويريدون أن يعيشوا حياة أفضل بعيداً عن العنف. لا يهم إذا ماتوا في البحر، هم يريدون المغادرة». واعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني)، ازدادت هذه الرحلات بشكل غير مسبوق منذ بدء أعمال الاضطهاد في ميانمار عام 2017، وقد وصل أكثر من 1500 من الروهينغا إلى إقليم أتشيه الإندونيسي الواقع على بعد 1800 كلم من كوتوبالونغ، حسب الأمم المتحدة. ولم يتردد محمد إسلام في إرسال ابنه الوحيد إلى ماليزيا العام الماضي، على الرغم من أنه يملك متجراً صغيراً في المخيم. ويقول إن «الناس لا يكترثون بحياتهم، هم يكترثون ببطونهم». إضافة إلى المخاطر التي تتهدد هذه الرحلات، يتقاضى المهربون ما بين 900 و1800 دولار عن كل راكب. وهذا المبلغ ليس إطلاقاً بمتناول نور قيس التي تقول «لو كان قد توفر لدي ما يكفي من المال لكنت غادرت مع عائلتي إلى إندونيسيا أو ماليزيا».


مقالات ذات صلة

مفوضية اللاجئين: اليأس الشديد ربما تسبب في وفاة مئات الروهينغا في البحر

آسيا لاجئ من الروهينغا أخفى وجهه لأسباب أمنية خلال حديثه مع وكالة «أسوشييتد برس» في نيودلهي بالهند (أ.ب)

مفوضية اللاجئين: اليأس الشديد ربما تسبب في وفاة مئات الروهينغا في البحر

قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الوضع الإنساني في ميانمار وبنغلاديش، ربما أدى إلى وفاة ما يقدر بنحو 427 لاجئاً من الروهينغا في البحر.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا أولاد من اللاجئين الروهينغا يلعبون داخل مخيم للاجئين في بنغلادش (رويترز)

إنقاذ 100 لاجئ من الروهينغا من المياه قبالة إندونيسيا

أُنقذ أكثر من مائة من اللاجئين الروهينغا بينهم نساء وأطفال بعد غرق مركبهم قبالة سواحل إندونيسيا.

آسيا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

مدعي «الجنائية الدولية» يطلب إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس مجلس بورما العسكري

طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس المجلس العسكري البورمي على خلفية جرائم مفترضة ضد أقلية الروهينغا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
آسيا لاجئات من الروهينغا في ملجأ مؤقّت بعد وصولهن إلى إندونيسيا بحراً في 15 ديسمبر (أرشيفية - أ.ب)

بنغلاديش تدعو إلى تسريع إعادة توطين الروهينغا في بلد آخر

دعا محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش، الحائز على جائزة نوبل للسلام، الأحد، إلى تسريع عملية إعادة توطين مسلمي الروهينغا الذين فرّوا من ميانمار.

«الشرق الأوسط» (داكا)
آسيا جندي متمرد من جيش التحالف الوطني الديمقراطي في ميانمار يحمل بندقيته في أثناء حراسته بالقرب من قاعدة عسكرية في منطقة كوكانغ (رويترز)

شهود: مقتل عشرات الروهينغا في هجوم بطائرات مسيّرة في ميانمار

قال شهود إن هجوماً بطائرات مسيّرة أودى بحياة العشرات من الروهينغا في أثناء فرارهم من ميانمار إلى بنغلاديش الأسبوع الماضي، ومنهم أسر بأطفالها.

«الشرق الأوسط» (بانكوك )

ماكرون يشرح أمام طلاب فيتناميين «غياب ضوابط لدى القوى العظمى»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
TT

ماكرون يشرح أمام طلاب فيتناميين «غياب ضوابط لدى القوى العظمى»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، أمام طلاب فيتناميين نهجه، منتقداً ضرائب دونالد ترمب الجمركية «التي تتغير كل صباح»، وكذلك مطالب بكين في بحر الصين الجنوبي، قائلاً إن «كل شيء يمكن أن ينقلب بقرار مفاجئ من قوة عظمى، أو بنزوة غير محسوبة».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يروج الرئيس الفرنسي لهذه الرسالة منذ أن بدأ مساء الأحد جولته التي تستمر ستة أيام في جنوب شرقي آسيا، وستقوده إلى إندونيسيا، وسنغافورة مساء الثلاثاء.

وقال في جامعة العلوم والتكنولوجيا في هانوي بفيتنام: «إن الصراع بين الصين والولايات المتحدة واقع جيوسياسي يلقي بظلاله على خطر نشوب نزاع أوسع في هذه المنطقة الرئيسة».

وأضاف: «لدينا قوى عظمى في العالم قررت عدم احترام القانون الدولي، ورفض السلام». وتابع موجهاً كلامه إلى روسيا: «أصبحت سيادة الشعوب ووحدة أراضيها موضع تشكيك بما في ذلك من قبل القوى العظمى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي».

قلق في بحر الصين الجنوبي

وفي ما يخص بكين التي يدور نزاع بينها وبين هانوي بشأن السيادة على الجزر قبالة سواحل فيتنام، اعتبر ماكرون أنه عندما تكون ثمة ضرورة للتذكير «بأن حرية الملاحة والحرية البحرية مهمة في بحر الصين الجنوبي، فهذا يعني أن شيئاً ما يحدث، ويقلق الجميع».

ودان موقف الولايات المتحدة، معتبراً أن «أكبر اقتصاد في العالم يقرر عدم (...) احترام قواعد» التجارة العالمية و«يفرض رسوماً تتغير تبعاً لليوم الذي نستيقظ فيه».

وهو انتقاد يتردد بينما يبحث قادة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في قمة ماليزيا عن شركاء لتنويع شبكاتهم التجارية في مواجهة تهديدات الرئيس الأميركي الجمركية.

أمام هذا الوضع، أقر إيمانويل ماكرون بأن فرنسا «القوة العسكرية والجيوسياسية الكبرى ليست إحدى القوتين العظميين في العالم». وأضاف: «وكذلك فيتنام».

ورأى أن من هنا أهمية «استراتيجيته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ» التي تتمثل في اقتراح على هذا الجزء من العالم الواقع في قلب المواجهة الصينية الأميركية «عدم الاعتماد» على واشنطن وبكين، وبالتالي بناء «طريق الحرية» و«السيادة» معاً.

«عالم الأغبياء»

تأمل باريس أن يترجم هذا التموضع بإبرام عقود مع الشركات الفرنسية.

في فيتنام، تم إبرام اتفاقات بقيمة تسعة مليارات يورو وفق الرئيس الفرنسي، ولا سيما مع شركة صناعة الطائرات «إيرباص»، بينما من المقرر توقيع اتفاقات في إندونيسيا في مجالات الدفاع، والطاقة، والمعادن الحيوية.

ولهذه المناسبة، حث إيمانويل ماكرون هؤلاء الطلاب الناطقين بالفرنسية على عدم الغرق في «عالم الأغبياء» الذي يسود في نظره على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن الانتقاد برسائل قصيرة «الشخص الذي لا تستوعبون أفكاره».

وقال: «بالنسبة لي أحد المخاطر التي يواجهها جيلكم هو أن نقول لأنفسنا: بما أن لدي إمكانية الوصول إلى (تويتر) وأستطيع (...) أن أقول لأفضل مدرس كيمياء في العالم أو أفضل فيلسوف (أنت أحمق)، وأن يكون لدي عدد أكبر من الأشخاص الذين يؤيدن تغريدتي، أو الذين سيتابعون حسابي على (إنستغرام)، (أنا أقوى منه)». وأضاف: «هذا العالم بغيض، وغير مرغوب».

وشدد على أنه «يجب ألا نكون في عالم من القدح، بل في عالم من الشك»، داعياً الشباب الفيتنامي إلى «انتهاج النقاش المحترم» في بلد كثف فيه الحزب الشيوعي قمع رسائل منتقدة عبر الإنترنت في تحدٍ لحرية التعبير، وفق المجموعات التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان.

OSZAR »