الهند وباكستان توافقان على وقف‭ ‬فوري لإطلاق النار

«مناوشات كشمير» تثير مخاوف من استئناف القتال على الحدود

TT

الهند وباكستان توافقان على وقف‭ ‬فوري لإطلاق النار

سكان يزيلون الأنقاض من منازلهم المتضررة بعد القصف عبر الحدود بين باكستان والهند في الشطر الباكستاني من كشمير (أ.ف.ب)
سكان يزيلون الأنقاض من منازلهم المتضررة بعد القصف عبر الحدود بين باكستان والهند في الشطر الباكستاني من كشمير (أ.ف.ب)

وافقت الهند وباكستان، السبت، على وقف إطلاق النار، بعد أسوأ تصعيد عسكري بين القوتين النوويتين منذ قرابة ثلاثة عقود. إلا أن مناوشات في إقليم كشمير أثارت قلقاً من استئناف القتال في المناطق الحدودية بين البلدين.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أعلن عن وقف إطلاق النار، بـ«المنطق السليم» الذي أبداه الطرفان. كما ثمّنت عدّة دول حول العالم خفض التصعيد بين الجارتين.

ومنذ الأربعاء، تتبادل الدولتان الجارتان قصفاً مدفعياً وهجمات بمسيّرات وصواريخ، الأمر الذي أثار مخاوف من وصول الأمور إلى حرب شاملة ودفع العديد من العواصم الأجنبية إلى الدعوة إلى ضبط النفس.

وقف فوري لإطلاق النار

وقال ترمب في منشور عبر منصته «تروث سوشال»: «بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، يُسعدني أن أُعلن أنّ الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري»، مشيداً بالبلدين «للجوئهما إلى المنطق السليم والذكاء العظيم».

وأكد وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر «إكس»، أن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على «وقف إطلاق نار بمفعول فوري». وعلى الجانب الهندي، أوضح مصدر حكومي في نيودلهي أنّه تم التوصل إلى الاتفاق بعد تفاوض مباشر بين الهند وباكستان، مشيراً إلى أنّ البلدَين الجارين لم يُخطّطا لمناقشة أي شيء آخر غير وقف إطلاق النار.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنّ الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثّفة أجراها هو ونائب الرئيس جاي دي فانس مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين. وقال عبر «إكس»: «يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان اتفقتا على وقف فوري لإطلاق النار وبدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في مكان محايد».

وعبّر المجتمع الدولي عن ترحيب وارتياح واسعين بالهدنة بوقف أعمال العنف بين إسلام آباد ونيودلهي. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أمله في أن يقود وقف إطلاق النار إلى «سلام دائم».

مناوشات في كشمير

وبعد ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار، اتّهم وكيل وزارة الخارجية الهندية، فيكرام ميسري، باكستان بخرق الاتفاق، وأكّد تلقّي القوات المسلحة الهندية تعليمات بالتعامل بقوة مع الانتهاكات.

وقال ميسري إن القوات المسلحة الهندية بدأت الرد على انتهاكات باكستان لاتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف أن القوات المسلحة تلقت تعليمات «بالتعامل بقوة» مع الانتهاكات.

بدوره، نشر رئيس الحكومة المحلية في كشمير الهندية، عمر عبد الله، مقطع فيديو على «إكس»، يُظهِر على ما يبدو اعتراض أنظمة الدفاع مقذوفات أُطلقت من الجانب الباكستاني. وقال عبد الله إن «هذا ليس وقفاً لإطلاق النار».

أما وزير التعليم في كشمير الباكستانية، فأكّد بدوره استمرار المناوشات على طول الحدود الفعلية مع الهند.

وأكدت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أن إسلام آباد «لا تزال ملتزمة تنفيذ» وقف إطلاق النار مع الهند، بعدما اتهمتها نيودلهي بانتهاكه وإعلانها أنها مضطرة إلى الرد.

وقالت الخارجية إن القوات المسلحة الباكستانية «تتعامل مع الوضع بمسؤولية وضبط للنفس»، متهمة الهند بأنها ارتكبت هي انتهاكات لوقف النار. وأضاف البيان: «نعتقد أن أي قضية مرتبطة بتنفيذ دقيق لوقف النار ينبغي تناولها عبر التواصل بواسطة قنوات مناسبة. وعلى القوات على الأرض أن تظهر بدورها ضبطاً للنفس».

وبدأت المواجهات العسكرية في 22 أبريل (نيسان)، عندما شهد الشطر الهندي من كشمير هجوماً نفذه مسلّحون قتلوا خلاله 26 شخصاً في موقع سياحي. واتّهمت الهند جماعة «عسكر طيبة»، المنظمة التي تصنّفها الأمم المتحدة إرهابية وتتخذ من باكستان مقراً، بتنفيذ الهجوم. لكن إسلام آباد نفت أي علاقة لها بالهجوم ودعت إلى تحقيق مستقل.

رجال أمن باكستانيون في حراسة ميناء كراتشي بعد تصعيد عسكري بين الهند وباكستان (إ.ب.أ)

وفي أعقاب عقوبات دبلوماسية وتهديدات تتعلّق بتقاسم المياه، بدأت الدولتان، الأربعاء، أسوأ مواجهة عسكرية بينهما منذ عقود. وفي اليوم نفسه، نفَّذت الهند ضربات على العديد من المدن الباكستانية، مؤكدة أنّها دمّرت فيها «معسكرات إرهابية»، الأمر الذي أثار دوامة من الهجمات والهجمات المضادة. وصباح السبت، أعلنت باكستان أنّها شنّت هجمات مضادة على الهند عقب تعرّض 3 من قواعدها الجوية لضربات خلال الليل.

وتقع إحدى هذه القواعد بالقرب من إسلام آباد، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأكد رئيس الحكومة الباكستانية أنّه من خلال هذه العملية «قدّمت باكستان رداً مناسباً للهند، وانتقمت للقتلى الأبرياء»؛ الأمر الذي كان قد تعهد به في «خطاب إلى الأمة»، الأربعاء.

كشميري يتفقد الأضرار التي لحقت بمنزله جراء القصف الهندي الذي وقع أثناء الليل في شاه كوت بوادي نيلوم... وهي منطقة في الجزء الخاضع لإدارة باكستان من كشمير (أ.ب)

من جانبها، أكدت الهند أنّها تعرّضت لسلسلة هجمات، خصوصاً بمسيّرات، على أهداف عسكرية في جميع أنحاء الجزء الشمالي الشرقي من أراضيها. وفي الصباح الباكر من يوم السبت، تعرّضت قاعدة أوانتيبورا الجوية القريبة من سريناغار لقصف، ثمّ تعرّضت لقصف مرة أخرى عند الظهيرة، وفقاً لمصدر في الشرطة طلب عدم الكشف عن هويته. وفي ظل هذه التطورات، حضّ روبيو وزيري خارجية البلدين الخصمين على «ضرورة تحديد الطرفين سبل خفض التصعيد واستئناف الاتصالات المباشرة تجنباً لأي سوء تقدير»، بينما رفعت الصين نبرتها، داعية «بحزم» الجارتين إلى ممارسة ضبط النفس.

تداعيات مستمرّة

أدت أعمال العنف منذ يوم الأربعاء، بحسب الحصيلة الرسمية الصادرة عن الجانبين، إلى مقتل نحو 60 مدنياً. كما تسببت حالة الحرب بحركة نزوح كبيرة على جانبي «خط المراقبة» الذي يفصل منطقة كشمير المتنازع عليها بين الدولتين. وفي الجزء الهندي من كشمير، سارع عدد كبير من الأشخاص إلى محطة القطارات في مدينة جامو التي كانت هدفاً لهجمات بطائرات من دون طيار باكستانية خلال الليلتين الماضيتين. إلى ذلك، تسببت المواجهات في عرقلة حركة الملاحة الجوية في البلدين، وإغلاق عشرات المطارات.

ولا تقتصر تداعيات التصعيد على الجانب العسكري، بل تتجاوزها إلى اتفاقية تقاسم المياه وحركة التجارة والهجرة بين البلدين.

وقالت 4 مصادر حكومية بالهند لوكالة «رويترز» إن معاهدة مياه نهر السند بين الهند وباكستان لا تزال مُعلقة، رغم توصل البلدين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتُنظم معاهدة عام 1960، التي تمت بوساطة البنك الدولي، تقاسم مياه نهر السند وروافده بين الهند وباكستان. وانسحبت الهند منها، الشهر الماضي، بعد الهجوم على السياح الهندوس في كشمير. وقال مصدر من وزارة المياه الباكستانية: «لم تكن معاهدة مياه نهر السند جزءا من مناقشات (وقف إطلاق النار)». كما ذكر مصدر حكومي هندي لـ«رويترز» أنه «لا تغيير في الموقف» من المعاهدة. واتفاقية المياه واحدة من العديد من الإجراءات المتبادلة التي اتخذتها الجارتان بعد هجوم كشمير، بما في ذلك إغلاق الحدود البرية وتعليق التجارة ووقف إصدار جميع فئات التأشيرات تقريباً لمواطني كل منهما.

وقال مصدران من الحكومة الهندية لـ«رويترز» إن جميع الإجراءات المتخَذة ضد باكستان، بما في ذلك المتعلقة بالتجارة والتأشيرات، ستظل سارية رغم توقف الأعمال القتالية بين البلدين.


مقالات ذات صلة

مصادر: معاهدة نهر السند بين الهند وباكستان لا تزال معلقة رغم الهدنة

آسيا تُنظم المعاهدة التي تمت بوساطة البنك الدولي تقاسم مياه نهر السند وروافده بين الهند وباكستان (أ.ف.ب) play-circle

مصادر: معاهدة نهر السند بين الهند وباكستان لا تزال معلقة رغم الهدنة

قالت 4 مصادر حكومية في الهند، لوكالة «رويترز»، إن معاهدة مياه نهر السند بين الهند وباكستان لا تزال مُعلَّقة، رغم توصل البلدين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف خلال اجتماع مع قادة القوات الباكستانية ومسؤولين حكوميين آخرين (أ.ف.ب) play-circle

وزير الدفاع الباكستاني: لا اجتماع مقرراً لأعلى هيئة نووية في البلاد

كشف وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف أنه لم يتم تحديد موعد لاجتماع هيئة القيادة الوطنية، أعلى هيئة عسكرية ومدنية في باكستان تشرف على الترسانة النووية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا مبنى سكني تضرر إثر هجوم بطائرة مسيرة باكستانية في جامو بالهند (أ.ب) play-circle

روبيو يدعو الهند وباكستان لاستئناف الاتصالات بينهما «تجنّبا لأي سوء تقدير»

عرض وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وساطة بلاده لإطلاق «محادثات بناءة» بين الهند وباكستان، وذلك خلال مكالمة مع قائد الجيش الباكستاني عاصم منير الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن-بكين)
آسيا مسؤولون أمنيون باكستانيون في ميناء كراتشي بعد التصعيد العسكري بين إسلام آباد ونيودلهي (إ.ب.أ)  play-circle

باكستان تبدأ عملية عسكرية ضد الهند بعد هجوم استهدف 3 من قواعدها الجوية

أعلن الجيش الباكستاني، أن ثلاثاً من قواعده الجوية تعرضت لهجوم صاروخي هندي، بينها قاعدة تقع على مشارف العاصمة إسلام آباد بالقرب من مقر قيادة الجيش.

«الشرق الأوسط» (كراتشي)
آسيا طائرات «جيه إف 17» خلال تدريبات مشتركة في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية بالسعودية فبراير 2024 (القوات الجوية الباكستانية) play-circle

الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بشن هجمات مع تصاعد الأعمال القتالية

قالت القوات الجوية الباكستانية إن أكثر من 100 طائرة باكستانية وهندية اشتبكت لمدة ساعة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

كوريا الجنوبية: حزب سلطة الشعب يختار كيم مون - سو مرشحاً لانتخابات الرئاسة

كيم مون سو مرشح حزب سلطة الشعب في انتخابات الرئاسة (رويترز)
كيم مون سو مرشح حزب سلطة الشعب في انتخابات الرئاسة (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية: حزب سلطة الشعب يختار كيم مون - سو مرشحاً لانتخابات الرئاسة

كيم مون سو مرشح حزب سلطة الشعب في انتخابات الرئاسة (رويترز)
كيم مون سو مرشح حزب سلطة الشعب في انتخابات الرئاسة (رويترز)

اتخذ حزب سلطة الشعب المحافظ في كوريا الجنوبية موقفاً مغايراً آخر، اليوم السبت، وأعاد ترشيح كيم مون سو لانتخابات الرئاسة، بعد ساعات فقط من التخلي عنه وإعادة فتح باب الترشيح.

يأتي ذلك في الوقت الذي يكافح فيه الحزب المنقسم من أجل الحفاظ على وحدته لمواجهة مرشح الحزب الديمقراطي الليبرالي الأوفر حظاً في الانتخابات التي ستُجرى بعد أربعة أسابيع.

ورحّب كيم بالقرار الذي اتُخذ بعد استطلاع رأي أعضاء الحزب حول إمكانية ترشيح رئيس الوزراء السابق هان دوك سو بدلاً منه.

كيم مون سو يصافح هان دوك سو (رويترز)

وكان دخول هان المتأخر إلى السباق أدى إلى عرقلة التوافق حول مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية المبكرة في الثالث من يونيو (حزيران).

وقال كيم في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء: «الآن ستستقر الأمور»، متعهداً بالسعي إلى الوحدة وبناء ائتلاف واسع لمواجهة مرشح الحزب الديمقراطي الليبرالي، لي جاي ميونغ، عندما تبدأ الحملة الانتخابية رسمياً، يوم الاثنين.

ويعد لي المرشح الأبرز لخلافة الرئيس المحافظ السابق يون سوك يول الذي أقيل من منصبه في أبريل (نيسان) لانتهاكه واجباته عندما أعلن فرض الأحكام العرفية لفترة وجيزة في ديسمبر (كانون الأول).

زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية لي جاي ميونغ (رويترز)

وقاوم كيم، الذي اختير مرشحاً عن المحافظين في مؤتمر للحزب قبل أسبوع، ضغوط الحزب عليه للتنحي لصالح هان الأكثر شعبية، الذي امتنع عن المشاركة في عملية الترشيح عندما كان لا يزال يشغل منصب رئيس الوزراء.

وأمضى كيم الأيام الأخيرة في صدام علني مع قيادة حزب سلطة الشعب، وأقام دعاوى فضائية ضد الحزب، بما في ذلك في الساعات التي سبقت إعادة اختياره مرشحاً للحزب. ووصف نفسه بأنه المرشح الشرعي الوحيد الذي اختير في إطار عملية ديمقراطية.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مكتب الإحصاء الوطني، حصول لي جاي ميونغ الذي يواجه العديد من القضايا الجنائية على 44 في المائة من نوايا التصويت، مقارنة بـ34 في المائة لهان دوك سو. ويتعين على الأحزاب تسجيل مرشحيها بحلول (الأحد).

OSZAR »