قادة غرب أفريقيا يبحثون الانقلابات العسكرية والأزمة الأمنية

عقب فشل محاولات الوساطة في النيجر

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا الأحد (أ.ف.ب)
جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا الأحد (أ.ف.ب)
TT

قادة غرب أفريقيا يبحثون الانقلابات العسكرية والأزمة الأمنية

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا الأحد (أ.ف.ب)
جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا الأحد (أ.ف.ب)

أجرى قادة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) محادثات، في العاصمة النيجيرية أبوجا الأحد، بشأن منطقتهم التي تعاني أزمة متفاقمة بعد تولي عسكريين الحكم في أربع دول، وتزايد المخاطر بسبب الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل، كما ذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية».

وبعد الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنيجر منذ عام 2020، شهد البلدان العضوان في «إيكواس» سيراليون وغينيا بيساو محاولتين انقلابيتين في الأسابيع الأخيرة. كما أدّى الانسحاب العسكري الفرنسي من منطقة الساحل على طول الصحراء الكبرى إلى زيادة المخاوف بشأن توسع نشاط التنظيمات الإرهابية جنوبا إلى غانا وتوغو وبنين وساحل العاج الواقعة في منطقة خليج غينيا.

انقلاب النيجر

وانصبّ الاهتمام الدولي على الانقلاب الأخير في النيجر في يوليو (تموز)، بعد أن أطاح عسكريون الرئيس محمد بازوم، وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات صارمة عليها وأوقفت التجارة معها. وطالبت النيجر، فرنسا الشريك الرئيسي في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، بمغادرة القوات المتمركزة في نيامي، في حين لا تزال للولايات المتحدة قوات في البلاد.

من جانبها، تدعو «إيكواس» إلى عودة بازوم فوراً إلى السلطة، لكنّ حكام النيجر أبقوا الرئيس المخلوع رهن الاحتجاز واقترحوا فترة انتقالية تصل إلى ثلاث سنوات قبل تسليم السلطة لمدنيين.

صورة جماعية لقادة «إيكواس» في أبوجا الأحد (أ.ف.ب)

وقال رئيس مفوضية «إيكواس»، عمر توراي، في مستهل القمة في أبوجا: «للأسف أبدت السلطات العسكرية القليل من الندم، بينما تتمسك بمواقفها التي لا يمكن الدفاع عنها، واحتجزت ليس فقط الرئيس بازوم وعائلته وأعضاء حكومته رهائن، بل كذلك شعب النيجر». وأضاف توراي أنّ المجموعة الاقتصادية تعترف بالوضع «الإنساني المتردي» في النيجر، لكنه اتهم حكام نيامي بالتدخل في إدارة المساعدات المسموح بدخولها إلى البلاد. وفي مؤشر محتمل إلى استمرار الموقف المتشدد تجاه نيامي، حضر رئيس وزراء النيجر المنفي أوحمدو محمدو قمّة أبوجا.

محاولة وساطة

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت نيجيريا إنها طلبت من نظام النيجر إطلاق سراح بازوم والسماح له بالسفر إلى دولة ثالثة، تمهيدا لفتح محادثات بشأن رفع العقوبات. لكنّ القادة العسكريين في النيجر رفضوا البادرة، وطلبوا من رئيس توغو فور غناسينغبي التوسط في الخلاف. وقبل قمة «إيكواس»، قام القائد العسكري للنيجر الجنرال عبد الرحمن تياني وبعض وزرائه بزيارة توغو الجمعة لتعزيز العلاقات الثنائية. وقال مصدر دبلوماسي توغولي إن «تياني مستعد لبحث مدة الفترة الانتقالية ووضع بازوم». في الأثناء، لم تستبعد «إيكواس» خيار التدخل العسكري في النيجر، رغم أن المحللين يقولون إن ذلك يبدو مستبعدا.

خطط انتقال «واقعية»

ويتولى الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو الرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي دعت إلى قمتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي فيي، لمناقشة سبل دعم عودة النيجر إلى الحكم الديمقراطي وأمن منطقة الساحل.

انطلاق القافلة العسكرية الفرنسية من النيجر باتجاه تشاد في 10 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وتناقش القمة العادية أيضا عمليات الانتقال المؤجلة أو المعلقة إلى الحكم المدني، وإجراء الانتخابات، في كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنيجر. ودعا تينوبو إلى «إعادة التعامل مع الدول الخاضعة للحكم العسكري على أساس خطط انتقالية واقعية وقصيرة الأمد».

ومنذ أن بدأت القوات الفرنسية مغادرة المنطقة، عززت الأنظمة العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو مواقفها، وأسست «تحالف دول الساحل». وقال تينوبو أمام القمة «يبدو أنّ هذا التحالف الوهمي يهدف إلى صرف الانتباه عن سعينا المشترك نحو الديمقراطية والحكم الرشيد». وفي الشهر الماضي، اقتحم مسلحون مواقع عسكرية وسجونا ومراكز شرطة في سيراليون، العضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، فيما وصفته الحكومة بمحاولة انقلاب خلّفت 21 قتيلا. وبعد أسبوع، أعلنت غينيا بيساو أيضا إحباط محاولة انقلاب، بعد اشتباكات بين الحرس الوطني والقوات الخاصة التابعة للحرس الرئاسي.


مقالات ذات صلة

اتفاق السلام بين كينشاسا وكيغالي... كيف ينعكس على أزمة «شرق الكونغو»؟

أفريقيا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)

اتفاق السلام بين كينشاسا وكيغالي... كيف ينعكس على أزمة «شرق الكونغو»؟

اتفاق أولي للسلام وقعته الكونغو الديمقراطية ورواندا برعاية أميركية، يتضمن نصاً بـ«فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق البيئة القاحلة أجبرت الجماعات البشرية على الهجرة إلى أماكن أكثر ملاءمة للحياة (واس)

كيف غزا الإنسان القارات؟ دراسة تكشف عن لحظة تحوّله الكبرى قبل الهجرة من أفريقيا

توصلت دراسة حديثة قادها باحثون إلى أن الإنسان العاقل بدأ رحلة التكيّف مع البيئات القاسية والمتنوعة في أفريقيا قبل نحو 70 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر لتعزيز تعاونها أفريقياً في مجال الاستثمار الزراعي

تعزز مصر تعاونها مع الدول الأفريقية في مجال الاستثمار الزراعي، عبر شراكات تستهدف الأمن الغذائي

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد مقر البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير في القاهرة (إكس)

هيئة أفريقية تدعو إلى إعادة النظر في خفض «فيتش» لتصنيف «أفريكسيم بنك»

انتقدت هيئة مراجعة ائتمانية تابعة للاتحاد الأفريقي تساؤلات حول قرار وكالة «فيتش» بخفض تصنيف البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، ودعت إلى إعادة النظر في القرار.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
أفريقيا جنود من جيش الكونغو الديمقراطية يقومون بدورية ضد المتمردين قرب مقاطعة شمال كيفو (رويترز)

رئاسة «الإيكاس» تُشعل توتراً جديداً بين الكونغو ورواندا وتُهدد مساعي السلام

عرقلة كينشاسا وصول كيغالي للرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا «إيكاس» تهدد مساعي السلام الحالية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اتفاق السلام بين كينشاسا وكيغالي... كيف ينعكس على أزمة «شرق الكونغو»؟

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)
TT

اتفاق السلام بين كينشاسا وكيغالي... كيف ينعكس على أزمة «شرق الكونغو»؟

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)

اتفاق أولي للسلام وقعته الكونغو الديمقراطية ورواندا برعاية أميركية، يتضمن نصاً بـ«فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة»، وذلك بعد أيام من التأجيل للموعد المحدد في منتصف يونيو (حزيران) الحالي، وينتظر أن يشهد يوم 27 من الشهر ذاته توقيع اتفاق نهائي.

ذلك الاتفاق الأولي الذي يتضمن إنهاء الصراع في شرق الكونغو لم تعلق عليه بعد حركة «23 مارس» المتمردة هناك والمدعومة من رواندا، لكن خبيراً في الشؤون الأفريقية تحدث لـ«الشرق الأوسط» يرى الاتفاق خطوة أولى تنتظر استجابة الحركة المتمردة التي توسعت في مناطق سيطرتها منذ بداية العام بشرق الكونغو.

ويعتقد الخبير ذاته أن واشنطن التي رعت الاتفاق الأولي ستحرص على إتمامه بشكل نهائي، لتعظيم مصالحها المتعلقة بالمعادن التي تشتهر بها شرق الكونغو، موضحاً: «لكن يجب أن تنهي الإشكالية بين حكومة الكونغو الديمقراطية وحركة (23 مارس) أولاً حتى لا يصبح كما سبق من اتفاقات لا يرى النور ولا ينفذ».

ووقعت الكونغو الديمقراطية ورواندا بالأحرف الأولى نص اتفاق سلام يهدف إلى إنهاء الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية سيوقّع رسمياً في 27 يونيو الحالي، بحضور وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وفقاً لبيان مشترك صدر الخميس تحت رعاية الولايات المتحدة.

ويتضمن النص الذي يستند إلى إعلان المبادئ الذي تمت الموافقة عليه في أبريل (نيسان) الماضي، أحكاماً بشأن «احترام سلامة الأراضي ووقف الأعمال العدائية» في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بحسب البيان الذي أصدرته وزارة خارجية البلدين، بالإضافة إلى قطر وهي وسيط أيضاً، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

جنود من جيش الكونغو تتمركز بمواقعها بعد تجدد القتال في كليمانيوكا خارج غوما بمقاطعة شمال كيفو (رويترز)

وتم التوصل إلى الاتفاق خلال ثلاثة أيام من «الحوار البناء حول المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية» بين ممثلين لجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في واشنطن. ويتضمن النص أيضاً أحكاماً بشأن «فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة».

وحققت حركة «23 مارس» المسلحة التي يقول خبراء الأمم المتحدة والولايات المتحدة إنها مدعومة عسكرياً من رواندا، تقدماً سريعاً في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، واستولت على بلدات رئيسية وأراض شاسعة في اشتباكات أسفرت عن مقتل الآلاف، ويستشري العنف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد والواقعة على الحدود مع رواندا، منذ ثلاثة عقود، وقد تجدد منذ شن متمرّدو الحركة هجوماً نهاية 2021.

ومنذ 2021، أُقرَّ أكثر من 10 اتفاقات هدنة في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، لكن كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهاء النزاع باءت بالفشل.

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، فإن توقيع الاتفاق الأولي بين كينشاسا وكيغالي، يعد خطوة أولى نحو الأمام، وستسهم في تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو، مضيفاً: «لكن التحدي في مدى تنفيذ الطرفين لبنود الاتفاق وتنفيذ حركة (23 مارس) لنصوصه أيضاً».

وأكد أنه «لو لم تتم معالجة أي إشكاليات بين الحركة المتمردة التي تشتكي من التهميش والحكومة، فسنكرر تعثر محاولات الاتفاقات السابقة منذ 2021».

وقبل أيام من هذا الاتفاق، كان وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه ندوهونغيريهي، قال عبر منصة «إكس»: «لم يُوقّع أي اتفاق سلام في واشنطن يوم 15 يونيو، الذي كان بالفعل الهدف الأولي لتوقيع الاتفاق في البيت الأبيض، لكن الأطراف اضطرت إلى تعديل الموعد ليتماشى مع واقع المفاوضات الجارية»، مؤكداً أن «المحادثات لا تزال مستمرة»، وأن التوقيع على الاتفاق لن يتم إلا بعد التوصل إلى «اتفاق سلام يحقق مكاسب متبادلة للطرفين».

عناصر من حركة «23 مارس» المتمردة يركبون مركباتهم في غوما بمقاطعة شمال كيفو شرق الكونغو (رويترز)

ويأتي اتفاق السلام الأولي، بعد أيام من قرار رواندا في 8 يونيو الحالي عبر بيان لـ«الخارجية» الانسحاب من الكتلة الاقتصادية الرئيسية بوسط أفريقيا، بعد ما عدّته «استغلال» كينشاسا للتكتل، ومنعها من تولي الرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا «إيكاس» بسبب النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ووقَّعت رواندا والكونغو الديمقراطية، في 25 أبريل الماضي «إعلان مبادئ» في واشنطن، بحضور وزير الخارجية الأميركي، وذلك عقب يومين من إعلان حكومة الكونغو الديمقراطية، وحركة «إم 23»، في بيان مشترك، اتفاقهما، عقب وساطة قطرية، على «العمل نحو التوصُّل إلى هدنة».

وأواخر مايو (أيار) الماضي، نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، عن مصدرين مقربين من المفاوضات، أن «مسؤولين من الكونغو الديمقراطية متفائلون بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن في نهاية يونيو الحالي، لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، فضلاً عن دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء التمرد المدعوم من رواندا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية».

وترى كينشاسا أن الاستيلاء على ثرواتها المعدنية محرك رئيسي للصراع بين قواتها ومتمردي حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا في شرق الكونغو، الذي اشتد منذ يناير الماضي، وتتهم كيغالي بتهريب معادن بعشرات الملايين من الدولارات عبر الحدود شهرياً لبيعها من رواندا.

ورغم تلك الأجواء المتوترة، استطاعت الولايات المتحدة تأمين اتفاق أولي، بحسب تورشين، لافتاً إلى أن مصلحة واشنطن في تأمين استثمارات في المعادن الغنية بها الكونغو الديمقراطية سيجعلها تمهد كل السبل لتوقيع الاتفاق النهائي القريب. وجدد تورشين التأكيد أن الاتفاق يتوقف على مدى تفاعل الحركة المتمردة وإلا فلن يدخل حيز التنفيذ، و«لن نشهد استقراراً في شرق الكونغو».

OSZAR »