قمة اليمين الأوروبي المتطرف تُبايع ترمب وتفتح النار على المؤسسات الأوروبية

انعقدت تحت شعار «ميغا» لاستعادة عظمة أوروبا... ونجمها بلا منازع رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان

القادة الأوروبيون المشاركون في التجمع بمدريد (رويترز)
القادة الأوروبيون المشاركون في التجمع بمدريد (رويترز)
TT

قمة اليمين الأوروبي المتطرف تُبايع ترمب وتفتح النار على المؤسسات الأوروبية

القادة الأوروبيون المشاركون في التجمع بمدريد (رويترز)
القادة الأوروبيون المشاركون في التجمع بمدريد (رويترز)

منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، لم يعرض اليمين الأوروبي المتطرف عضلاته كما فعل هذا السبت في قمته الرابعة التي استضافتها العاصمة الإسبانية، وشارك فيها جميع القيادات اليمينية الأوروبية المتطرفة، في الحكم أو خارجه. وتميّزت هذه القمة بحملة شعواء شنّها كل الخطباء ضد الاتحاد الأوروبي الذي وصفه البيان الختامي بأنه «متحجّر في الماضي»، وأنه «لم يتعلّم شيئاً من أخطائه، ولم يتخلَّ عن سعيه لجعل أوروبا دولة ضخمة تقوم على الهندسة الاجتماعية، وما يترتب عليها من نتائج كارثية مثل الهجرة غير الشرعية وانعدام الأمن وتراجع القدرة التنافسية والتعصب المناخي».

عدد من أشهر قيادات اليمين يتصدرهم زعيم اليمين الإسباني (رويترز)

رأس القمة زعيم حزب «فوكس» الإسباني، سانتياغو آباسكال، الذي كانت القمة الأخيرة في باريس قد انتخبته العام الماضي رئيساً لتحالف «الوطنيون الأوروبيون» الذي يضمّ الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة في بلدان الاتحاد، والذي حصل على 19 مليون صوت في الانتخابات الأوروبية الأخيرة مطلع الصيف الماضي، وأصبح الكتلة الثالثة في البرلمان الأوروبي.

واتهم بيان القمة المؤسسات الأوروبية بأنها «مرتع للفساد وقمع حرية التعبير»، مؤكداً «أن عصر النخب في بروكسل قد انتهى»، وأن هدف هذا التحالف هو الحصول على الأغلبية في برلمانات الدول الأعضاء وفي أجهزة اتخاذ القرار الأوروبية.

ورغم تزامن هذه القمة مع الجدل الواسع حول الهجوم الذي أطلقه الرئيس الأميركي الجديد ضد القانون الدولي، بدعوته إلى إخلاء السكان الفلسطينيين من قطاع غزة، وإعلانه عن حزمة عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية، اقتصرت إشارة البيان الختامي للقمة إلى دونالد ترمب بوصفه «قدوة تحتذى»، وأنه إلى جانب الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، دليل قاطع على الإرادة السياسية، مدفوعة بالتأييد الشعبي الواسع، قادرة على تغيير مصير الأمم.

نجم القمة بلا منازع كان رئيس الوزراء المجري، فكتور أوربان، الوحيد بين قادة الاتحاد الذي أيّد مقترح ترمب بشأن غزة، ورفض التوقيع على البيان الأوروبي المشترك لدعم المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب حكومتي ليتوانيا والجمهورية التشيكية. وإلى جانب أوربان، كان آباسكال محفوفاً بزعيمة التجمع الوطني الفرنسي، مارين لوبان، التي تنتظر صدور القرار النهائي في محاكمتها بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي، من شأنه في حال إدانتها أن يقصيها عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2027. ومن المشاركين البارزين أيضاً نائب رئيسة الوزراء الإيطالية وزعيم حزب الرابطة، ماتيو سالفيني، الذي يبدو أنه طوى صفحة الخلافات السابقة مع آباسكال عندما أعلن وقوفه بجانب الحركة الانفصالية الكاتالونية التي يعارضها اليمين الإسباني المتطرف بشدة.

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان (أ.ف.ب)

وشارك في القمة أيضاً أندريه بابيس، زعيم اليمين التشيكي المتطرف، الذي فاز في الانتخابات الأخيرة والمرجح فوزه في الانتخابات المقبلة المقررة خريف العام الحالي. كما شارك الزعيم الهولندي اليميني المتطرف، غيرت ويلدرز، المعروف بمواقفه العدائية من المسلمين، الذي فاز حزبه في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، لكنه بقي خارج الحكومة. ولم يشارك زعيم الحرية النمساوي اليميني المتطرف، هربرت كيكل، الذي فاز في الانتخابات الأخيرة، والذي كلّفه مؤخراً رئيس الجمهورية تشكيل حكومة جديدة بعد أن فشلت الأحزاب الأخرى في التوافق على تشكيلة تقصيه عن الحكومة. ودوّت القمة بالتصفيق والهتاف عندما قال أوربان إن القمة المقبلة ستستضيف كيكل مستشاراً للنمسا.

زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان (أ.ب)

وبعد الجلسات الرسمية للقمة التي انعقدت تحت شعار «ميغا» الذي يدعو إلى استعادة عظمة أوروبا، تيمناً بشعار الرئيس الأميركي «ماغا»، تناول قادة اليمين المتطرف الطعام على مائدة كيفين روبرتس، رئيس منتدى «Heritage» الذي يعد أقوى المنتديات السياسية اليمينية المتطرفة في العالم، والذي تستمد منه الإدارة الأميركية الجديدة معظم أفكارها. وكان روبرتس قد اجتمع بالقيادات الأوروبية اليمينية المتطرفة في واشنطن أواخر الشهر الماضي خلال المشاركة في حفل تنصيب دونالد ترمب.

ومن بروكسل قال ناطق بلسان المفوضية الأوروبية إن أورسولا فون در لاين سوف تردّ يوم الاثنين على الاتهامات التي تضمنها بيان قمة مدريد، وجاءت في كلمات الخطباء خلالها، فيما شجبت ناطقة بلسان المجلس الأوروبي ما ورد في البيان من «معلومات ملفّقة وكلام مغرض».


مقالات ذات صلة

الحكومة البريطانية تشدد سياسة الهجرة تصدياً لتقدم اليمين المتطرف

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في مركز إقامته بداونينغ ستريت في لندن 12 مايو 2025 (إ.ب.أ)

الحكومة البريطانية تشدد سياسة الهجرة تصدياً لتقدم اليمين المتطرف

تعهّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، «استعادة السيطرة أخيراً» على حدود بلاده، في حين أعلنت حكومته سياسات تهدف إلى الحد من الهجرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا ميرتس يغادر بعد مؤتمر صحافي مع زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي عقب التوصل إلى اتفاق حول الحكومة الائتلافية في برلين (رويترز) play-circle

المخابرات الألمانية تصنف «البديل من أجل ألمانيا» «يمينياً متطرفاً مؤكداً»

فتحت المخابرات الألمانية الداخلية، نظرياً، الباب أمام حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» بتصنيفه حزباً «يمينياً متطرفاً مؤكداً».

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا زعيم حزب «إصلاح المملكة المتحدة» في بريطانيا نايجل فاراج يحتفل بعد فوز حزبه في انتخابات فرعية... 2 مايو 2025 (د.ب.أ)

اليمين المتشدد يوجّه ضربة لستارمر في الانتخابات المحلية

انتزع حزب «إصلاح المملكة المتحدة» اليميني المتطرف، مقعداً برلمانياً من حزب «العمال» بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر، الجمعة، في انتخابات محلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مظاهرة لفلسطينيات وإسرائيليات من مناصرات السلام في تل أبيب منتصف الشهر (أ.ب)

ميليشيات يمينية إسرائيلية تعتدي على نشطاء سلام يهود

في السنوات الأخيرة، بات من النادر أن ترى في إسرائيل والمناطق الفلسطينية أحداً يتحدث عن السلام بين الشعبين

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ صورة من الفيديو الذي تم تصويره في بروكلين (أ.ب)

أنصار بن غفير يعتدون على أميركية في حي بروكلين (صور)

قالت امرأة من حي بروكلين بولاية نيويورك الأميركية إنها شعرت بأن حياتها في خطر بعدما طاردها حشد من اليهود الأرثوذكس وركلوها وبصقوا عليها ورشقوها بأشياء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسكو: دبلوماسيون أتراك وروس ناقشوا محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا

جندي أوكراني من كتيبة الهجوم المنفصلة الرابعة والعشرين «أيدار» يقف خلال فترة راحة بين دورات التدريب في مكان غير معلن (أ.ف.ب)
جندي أوكراني من كتيبة الهجوم المنفصلة الرابعة والعشرين «أيدار» يقف خلال فترة راحة بين دورات التدريب في مكان غير معلن (أ.ف.ب)
TT

موسكو: دبلوماسيون أتراك وروس ناقشوا محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا

جندي أوكراني من كتيبة الهجوم المنفصلة الرابعة والعشرين «أيدار» يقف خلال فترة راحة بين دورات التدريب في مكان غير معلن (أ.ف.ب)
جندي أوكراني من كتيبة الهجوم المنفصلة الرابعة والعشرين «أيدار» يقف خلال فترة راحة بين دورات التدريب في مكان غير معلن (أ.ف.ب)

ذكرت وزارة الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان، تحدثا يوم الاثنين لمناقشة اقتراح الرئيس فلاديمير بوتين، إجراء محادثات روسية - أوكرانية مباشرة هذا الأسبوع في تركيا، وفق «رويترز».

وقالت الوزارة في بيان إنهما ناقشا «قضايا مرتبطة بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبدء محادثات مباشرة بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية في 15 مايو (أيار) بإسطنبول».

وقال مصدر دبلوماسي تركي في وقت سابق، إن الوزيرين تحدثا، لكنه لم يتطرق إلى تفاصيل.

جاء اقتراح بوتين مطلع الأسبوع بعد اجتماع قادة أوروبيين في كييف وحثهم روسيا على الموافقة على وقف إطلاق النار 30 يوماً بحلول يوم الاثنين، وإلا فستواجه عقوبات جديدة.

ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالقول إنه مستعد للقاء بوتين في تركيا يوم الخميس. ويوم الاثنين، عرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانضمام إلى المحادثات في تركيا.

وقال زيلينسكي في خطابه المصور الليلي يوم الاثنين، إن روسيا لم ترد على اقتراحه إجراء محادثات مع بوتين يوم الخميس.

وأضاف زيلينسكي أن ترمب أيد الاجتماع المقترح، «ونود أن تتاح له فرصة الوجود في تركيا».

OSZAR »