كشف استطلاع جديد أن أغلبية البالغين في الولايات المتحدة يعارضون طريقة تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع القضايا المتعلقة بالكليات والجامعات، في وقت تشدد إدارته التهديدات بقطع التمويل الفيدرالي ما لم تمتثل المؤسسات التعليمية لأجندته السياسية، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه مركز «أسوشييتد برس-نورك» (AP-NORC) للشؤون العامة أن 56 في المائة من الأميركيين يعارضون نهج الرئيس الجمهوري في التعامل مع التعليم العالي، في حين يؤيده نحو 4 من كل 10، وهو ما يتماشى مع معدل التأييد العام لترمب.
ومنذ توليه المنصب في يناير (كانون الثاني)، سعى ترمب لفرض تغييرات في الجامعات التي يصفها بأنها أصبحت مراكز لليبرالية ومعاداة السامية، وتصدرت جامعة هارفارد الواجهة؛ حيث جمَّدت إدارة ترمب أكثر من 2.2 مليار دولار من المنح الفيدرالية، وهددت بسحب وضع الإعفاء الضريبي للجامعة، وطالبت بتغييرات سياساتية واسعة.
كما قطعت إدارة ترمب التمويل عن جامعات نخبوية أخرى، منها «كولومبيا» و«بنسلفانيا» و«كورنيل»، بسبب قضايا مثل التعامل مع النشاط المؤيد لفلسطين ومشاركة الرياضيين المتحولين جنسياً في رياضات النساء. وقد وصفت «هارفارد» مطالب الحكومة بأنها تهديد للاستقلالية التي منحتها المحكمة العليا للجامعات الأميركية لعقود.
ويكشف الاستطلاع تناقضاً في المواقف بين استهداف إدارة ترمب للجامعات ورأي العامة الذين يرون الجامعات ركيزةً للبحث العلمي والأفكار الابتكارية. إذ يقول 6 من كل 10 بالغين إن الجامعات تسهم إيجابياً في الأبحاث الطبية والعلمية، في حين يؤيد العدد نفسه الحفاظ على التمويل الفيدرالي للبحث العلمي.
قال فريدي أورتيغا (66 عاماً)، ديمقراطي ومتقاعد من الجيش الأميركي في كولومبوس بولاية جورجيا: «لنتحدث عن (جامعة) هارفارد للحظة. طريقة سحبه كل ذلك التمويل أثّرت على مشروعات كانت تعمل (عليها الجامعة) لصالح العالم». وأضاف: «ينبغي ألا يتمتع شخص واحد بهذه السلطة، هذه من صلاحيات الكونغرس».
كما أعرب أورتيغا، وهو ينتمي للاتينيين الأميركيين، عن قلقه من محاولات ترمب تفكيك برامج التنوع والمساواة والشمول: «خدمت في الجيش، وأعرف فوائد هذه البرامج. إنها تُغير مسارات حياة الناس».
انقسام الجمهوريين حول قطع التمويل
ويجد موقف ترمب من التعليم العالي تأييداً أكبر بين الجمهوريين الذين يرون أن الحرم الجامعية تُسكت المحافظين، وتُطلق العنان للأفكار الليبرالية. إذ يؤيد نحو 8 من كل 10 جمهوريين تعامله مع قضايا الجامعات -وهي نسبة تفوق تأييدهم لأدائه الاقتصادي (70 في المائة)- ويعبّر 6 من كل 10 عن قلقهم من «الانحياز الليبرالي» في الجامعات.
لكن الجمهوريين منقسمون حول قطع التمويل عن المدارس غير الممتثلة: نصفهم يؤيدونه، في حين يعارضه ربع آخر ويتحفظ آخرون.
وقالت الناخبة الجمهورية هنغامه أبراهام (38 عاماً) من روزفيل بولاية كاليفورنيا: «أؤيد قطع التمويل ومعارضة برامج التنوع. هاجرت من إيران وأنا مراهقة ونجحت بجهدي دون تمييز إيجابي».
ويرى تشارلز جوليفيت (43 عاماً)، مستشار مهني في نيو أورلينز، أن سياسات ترمب «هجوم على حرية التعبير وأصحاب البشرة الملونة». وقال: «الرئيس يستهدف كل معارضيه، ويهاجم مؤسسات مجتمعية أساسية. هذا تنمر متوحش من رئيس يفترض به مد الجسور بين الحزبين».
«تكاليف الدراسة» الهاجس الأكبر
ويبقى هاجس الأميركيين الأكبر هو تكاليف الدراسة الجامعية؛ حيث يُعبّر 6 من كل 10 عن قلقهم منها، متفوقةً على مخاوف العنصرية والانحياز الليبرالي.
وقالت يونيس كورتيز (68 عاماً)، جمهورية من هيوستن: «التعليم مكلف أكثر من اللازم. ينبغي ألا تدفع كل مدخراتك للحصول على شهادة». ورغم دعمها لترمب، تخشى أن تعوق سياساته فرص الحاصلين على منح دراسية.
ويكشف الاستطلاع فجوة بين خريجي الجامعات وغيرهم: «62 في المائة من الحاصلين على شهادات جامعية يعارضون قطع التمويل، في حين غير المتعلمين جامعياً منقسمون، مع تحفظ 4 من كل 10 عن الإدلاء برأيهم».
وقالت كارا هانسن (40 عاماً)، ناخبة مستقلة في أوكلاهوما: «أؤيد إصلاح النظام التعليمي، لكنني قلقة من نزعات ترمب الاستبدادية والخوف من التعبير في الجامعات. يشعر الجميع بأن أفواههم مُكممة».
ويشعر 3 من كل 10 بالغين أن الطلاب والأساتذة قادرون على التعبير بحرية «كبيرة» في الحرم الجامعي، في حين يرى 4 من كل 10 أن ذلك ممكن «إلى حد ما». ويعتقد 8 من كل 10 جمهوريين أن الليبراليين يستطيعون التعبير بحرية، مقابل أقل من النصف يرون أن المحافظين يتمتعون بالحرية نفسها.
وجرى إجراء الاستطلاع بواسطة مركز «AP-NORC» خلال الفترة من 1 إلى 5 مايو (أيار)، مع عينة من 1075 بالغاً يمثّلون شرائح الشعب الأميركي، وهامش خطأ 4 في المائة.