«غالاكسي إس25 ألترا»: حقبة جديدة من الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

تقنياته الذكية تفوق نظيرتها في الجوّالات حتى الآن

تفوق على جميع الأصعدة بقدرات متقدمة وتصميم أنيق
تفوق على جميع الأصعدة بقدرات متقدمة وتصميم أنيق
TT

«غالاكسي إس25 ألترا»: حقبة جديدة من الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

تفوق على جميع الأصعدة بقدرات متقدمة وتصميم أنيق
تفوق على جميع الأصعدة بقدرات متقدمة وتصميم أنيق

غيّر الذكاء الاصطناعي العديد من جوانب الحياة ودخل في الهواتف الجوالة، ولكن هاتف «سامسونغ غالاكسي إس25 ألترا» Galaxy S25 Ultra يقدم تفوقاً ملحوظاً في هذا المجال، حيث يتكامل الذكاء الاصطناعي في جميع مجالات الاستخدام، مع تقديم تطويرات عديدة للاستخدام اليومي. واختبرت «الشرق الأوسط» الهاتف، ونذكر ملخص التجربة.

يتكامل الذكاء الاصطناعي مع جميع وظائف الهاتف لتجربة استخدام غير مسبوقة

تصميم أنيق بقدرات متقدمة

أول ما ستحمل الهاتف ستلاحظ أن تصميمه قد تغير، حيث أصبحت أطرافه مسطحة بزوايا منحنية مقارنة بالأطراف المنحنية والزوايا القائمة للإصدار السابق، وهو أقل وزناً من سابقه بـ15 غراماً وأقل سماكة بـ0.4 مليمتر، ويعتبر الأقل وزناً وسماكة في تاريخ السلسلة. أما أماكن الأزرار والكاميرات الخلفية فبقيت كما هي عليه. وهو مصنوع من التيتانيوم المقوى مع استخدام زجاج مقاوم للصدمات، مقدماً تحسيناً بنسبة 29 في المائة في الصلابة.

كما خفضت الشركة من مسافة أطراف الشاشة والهيكل بنحو 15 في المائة لتشغل الشاشة نسبة أكبر في الجهة الأمامية. وتقدم الجهة الخلفية للهاتف تدرجاً للضوء حسب زاوية النظر، ما يمنحه شكلاً أنيقاً. والهاتف متوافر بألوان التيتانيوم الفضي أو التيتانيوم الأسود أو التيتانيوم الأبيض أو التيتانيوم الرمادي.

برمجيات متقدمة وتكامل الذكاء الاصطناعي

من التغييرات المفيدة للمستخدمين في هذا الإصدار تطوير البرمجيات، حيث أصبحت أكثر سرعة وسلاسة وأعلى استجابة للأوامر والتفاعل، إلى جانب دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الاستخدام من خلال مساعدي «غوغل جيميناي» و«سامسونغ بيكسبي» في تكامل مريح جداً. ويمكن الضغط مطولاً على زر التشغيل الجانبي لتفعيل ميزة الذكاء الاصطناعي وتقديم الأوامر الصوتية للنظام، ليقوم بتفعيل «جيميناي» أو «بيكسبي» حسب الحاجة.

وسيتم استخدام «بيكسبي» للتفاعل مع تطبيقات الهاتف، بينما سيتم استخدام «جيميناي» للبحث عن المعلومات في الإنترنت وتلخيصها وترجمتها والتعرف على محتوى الشاشة، وغيرها من المزايا الأخرى المفيدة. هذا، ويمكن طلب تغيير اسم المساعد ليكون ما يريد المستخدم، وبكل سهولة. ويمكن طلب أمر يعمل عبر المساعدين في آن واحد، مثل طلب البحث عن حفلة موسيقية مقبلة لفنان ما وإضافتها إلى جدول المواعيد في الهاتف.

ويمكن القول إن تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجودة في هذا الهاتف تتفوق على جميع التقنيات التي تم طرحها على الهواتف الجوالة إلى الآن، حيث إنها تتكامل مع جميع التطبيقات، مثل القدرة على إبطاء التصوير وتحريك الصور الثابتة وإزالة العناصر غير المرغوبة من الصور وتحرير عروض الفيديو بوصف نصي (مثل طلب تحرير فيديو طويل إلى نحو 90 ثانية ليشمل جميع اللقطات التي تحتوي على عناصر من البيئة)، وحذف عناصر الصوتيات من الفيديوهات بعد تسجيلها.

ويمكن تحويل أي صورة ملتقطة مسبقاً أو عثر المستخدم عليها في الإنترنت إلى صورة مرسومة بالذكاء الاصطناعي بأساليب مختلفة، أو يمكن رسم شكل ما بالقلم الذكي ومن ثم تحويل ذلك إلى رسمة مجسمة وملونة بشكل مبهر، أو يمكن كتابة نص وصفي يطلب توليد صورة ما، وبكل سهولة.

كما يمكن تفعيل ميزة «الاختيار بالذكاء الاصطناعي» AI Select لاختيار منطقة ما من الشاشة وتحليلها وتحويلها إلى نص أو تلخيصها أو ترجمتها إلى لغة أخرى أو تحويلها إلى ملصق أو صورة متحركة (مثل جزء قصير من فيديو) يمكن مشاركتها مع الآخرين أو اجتزاء الصورة ومشاركتها مع الأهل والأصدقاء، أو حتى إعادة رسمها بأساليب فنية عديدة ومن زوايا مختلفة.

ونذكر كذلك قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على التعرف على الموسيقى التي يتم تشغيلها من داخل فيديو وعرض معلومات مرتبطة بها مثل اسم الفنان وكلمات الأغنية وتاريخ الإطلاق واسم الألبوم وفيديوهات لها، وغيرها. ويستطيع الهاتف التعرف على بعض الأمور البديهية وتذكير المستخدم بها، مثل اقتراب انتهاء صلاحية كوبون خصم ما وصل إلى حسابه في «واتساب»، أو على شكل رسالة بريد إلكتروني، أو معرفة أن المستخدم سيسافر بعد قليل إلى المطار، ليقوم بتحديد موقعه وتذكيره بوجوب التحرك في وقت معين للوصول إلى المطار في الوقت المناسب.

يضاف إلى ذلك القدرة على تصوير عناصر الأطعمة الموجودة أمام المستخدم أو في ثلاجته وطلب اقتراح وجبات تستند إلى تلك المكونات. هذا، وسيعرض الهاتف على الشاشة الرئيسية معلومات حول أمور قد تكون مهمة حسب تاريخ البحث، مثل نتائج مباريات رياضية لفريقه المفضل.

كما يمكن تسجيل المحادثات الصوتية والحصول على نص المحادثة وتلخيصه (في الدول التي يُسمح فيها القيام بذلك)، مع إمكانية البحث عن كلمات محددة في تلك المحادثة. ومن المزايا اللافتة للنظر قدرة الذكاء الاصطناعي على تلخيص صفحة إنترنت يقرأها المستخدم ومن ثم قراءة ذلك الملخص صوتياً، وهي ميزة مهمة لمن يقود السيارة أو يعاني من دوار الحركة أثناء القراءة وركوب المركبات.

ويدعم المساعد الذكي اللغة العربية وعبر عدة لهجات تشمل الفصحى واللهجات السعودية والمصرية والسورية واللبنانية، وغيرها، مع دعم «الاستماع» إلى فيديو «يوتيوب» طويل في ثوانٍ قليلة وتلخيص محتواه نصياً وصوتياً ومشاركته مع المستخدم، بما في ذلك الفيديوهات العربية. ويستطيع الهاتف رفع دقة أي محتوى يتم عرضه على الشاشة آلياً، سواء كان ذلك لعبة ما أو فيديو من الإنترنت، للحصول على أفضل تجربة مشاهدة على الهواتف الجوالة إلى الآن.

قدرات تصويرية ممتدة

ويدعم الهاتف رفع دقة الصور الملتقطة وخصوصاً الصور العريضة جداً والصورة القريبة، ويستطيع التقاط عدة صور لوجه المستخدم في الصور الذاتية (سيلفي) أو الصور الجماعية، واختيار أفضل وجه لكل شخص ودمجها في صورة واحدة للحصول على أفضل لقطة ممكنة. وهناك ميزة أخرى تستحق الذكر وهي قدرة الذكاء الاصطناعي على التعرف على محتوى عناصر الفيديو الثابتة والمتحركة خلال التصوير، وضمان وضوح كل منها باستخدام تقنيات مختلفة داخلياً. كما يستطيع الهاتف التعرف على أنواع الصوتيات المسجلة في الفيديوهات وتقديم خيار حذف أي منها بعد الانتهاء من التسجيل، مثل صوت المتحدث أو الموسيقى أو الضجيج في الخلفية أو صوت المارة، وغيرها، وبكل سهولة.

ويدعم الهاتف كذلك التصوير في ظروف الإضاءة المنخفضة بجودة مبهرة، ويستطيع تصوير عناصر في بيئة مظلمة جداً لكن مع ضوء شحيح بعيد عن تلك العناصر، لتظهر الصورة بوضوح كبير وبتفاصيل غنية دون أي تشويش. هذه الميزة موجودة في تطبيق الكاميرا وأيضاً في تطبيقي «إنستغرام» و«سنابشات» التي تعتبر حصرية على هذه الهواتف دون تقديمها في أي هاتف آخر.

مواصفات تقنية

يبلغ قطر شاشة الهاتف 6.9 بوصة وهي تعرض الصورة بدقة 3120x1440 بكسل وبكثافة 498 بكسل في البوصة وبتردد 120 هرتز، وبشدة سطوع تبلغ 2600 شمعة بألوان المجال العالي الديناميكي 10 بلس High Dynamix Range 10 Plus وبتقنية «أموليد 2إكس» AMOLED 2X، وهي مقاومة للخدش والصدمات بسبب استخدام زجاج «غوريلا أرمور 2».

ويعمل الهاتف بمعالج «سنابدراغون 8 إليت» بإصدار خاص لسلسلة «غالاكسي إس25» بسرعات أعلى (يقدم أداء أعلى بنحو 30 في المائة إلى 40 في المائة مقارنة بالإصدار السابق)، وهو ثماني النوى (نواتان بسرعة 4.47 غيغاهرتز و6 نوى بسرعة 3.53 غيغاهرتز) وبدقة التصنيع 3 نانومتر، مع دعم استخدام شريحتي اتصال وشريحة إلكترونية eSIM. ويدعم المعالج تقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها Ray Tracing لمزيد من الواقعية في رسومات الألعاب، إلى جانب استخدام نظام تبريد أكبر بنسبة 40 في المائة ومواد أعلى كفاءة لتشتيت الحرارة بهدف زيادة الكفاءة الحرارية وعدم انخفاض مستويات الأداء لدى الاستخدام المكثف للهاتف.

ويتم كثير من عمليات الذكاء الاصطناعي على الجهاز نفسه دون الحاجة للاتصال بالإنترنت بفضل المعالج المتقدم، وذلك لحماية خصوصية بيانات المستخدم وزيادة سرعة الاستجابة. ويقدم المعالج الجديد مستويات أداء أعلى بنسبة 40 في المائة في وحدة المعالجة العصبية المتخصصة بتقنيات الذكاء الاصطناعي (مقارنة بالجيل السابق من المعالج) و37 في المائة في الحوسبة القياسية و30 في المائة في معالجة الرسومات، ما يقدم تجارب متقدمة على جميع الأصعدة في الاستخدامات اليومية وللعمل والترفيه والإنتاجية، بما في ذلك وظائف الذكاء الاصطناعي التي كانت تعتمد سابقاً على الاتصال بالأجهزة السحابية. ويقدم الهاتف 12 غيغابايت من الذاكرة للعمل و256 و512 و1024 غيغابايت من السعة التخزينية.

وبالنسبة لمصفوفة الكاميرات الخلفية، فتبلغ دقتها 200 و10 و50 و50 ميغابكسل (للزوايا العريضة والصور البعيدة ولتقريب الصور وللصور بالزوايا العريضة جداً) مع تقديم «فلاش» مدمج بتقنية LED واستخدام الليزر للتركيز على العناصر بسرعات فائقة، بينما تبلغ دقة الكاميرا الأمامية 12 ميغابكسل بعدسة للصور العريضة.

ويقدم الهاتف سماعتين جانبيتين للحصول على تجسيم متقن للصوتيات، مع دعم شبكات «واي فاي» a وb وg وn وac و6e و7 و«بلوتوث 5.4»، إلى جانب دعم تقنية الاتصال عبر المجال القريب Near Field Communication NFC. كما يقدم مستشعر بصمة خلف الشاشة، ويعمل بنظام التشغيل «آندرويد 15» وواجهة الاستخدام «وان يو آي 7»، ويستخدم بطارية بتقنية الكوبالت المعاد تدويره بشحنة 5000 ملي أمبير – ساعة يمكن شحنها سلكياً بقدرة 45 واط (من 0 إلى 65 في المائة في خلال 30 دقيقة فقط)، مع دعم الشحن اللاسلكي بقدرة 15 واط والشحن اللاسلكي العكسي للأجهزة والملحقات الأخرى بقدرة 4.5 واط، وهو مقاوم للمياه والغبار وفقاً لمعيار IP68 (يمكن غمره تحت المياه لعُمق متر ونصف المتر ولمدة 30 دقيقة).

وتبلغ سماكة الهاتف 8.2 مليمتر، ويبلغ وزنه 218 غراماً، وهو متوافر في المنطقة العربية بألوان التيتانيوم الفضي أو التيتانيوم الأسود أو التيتانيوم الأبيض أو التيتانيوم الرمادي بسعات التخزين 256 و512 و1024 تيرابايت بأسعار 5399 5899 و6899 ريالاً سعودياً (1439 و1573 و1839 دولاراً أميركياً).


مقالات ذات صلة

شركة «شاومي» تطلق شريحة هواتف جوالة مطورة ذاتياً أواخر مايو

تكنولوجيا شعار شركة «شاومي» الصينية للهواتف الذكية والمركبات الكهربائية (رويترز)

شركة «شاومي» تطلق شريحة هواتف جوالة مطورة ذاتياً أواخر مايو

أعلنت شركة «شاومي» الصينية المصنعة للهواتف الذكية والمركبات الكهربائية، اليوم (الخميس)، أنها تعتزم إطلاق شريحة هواتف جوالة جديدة مطورة ذاتياً في أواخر مايو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا هواتف «آيفون» معروضة في متجر «أبل» بنيويورك (أ.ف.ب)

«أبل» تستعين بالذكاء الاصطناعي لإطالة عمر بطارية آيفون

كشف تقرير صحافي أن شركة «أبل» تخطط لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لمعالجة مشكلة قصر عمر بطارية «آيفون»، التي تعتبر مصدر إزعاج متكرر للعملاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد «أبل» تدرس رفع أسعار تشكيلة هواتف «آيفون» التي ستطرح في وقت لاحق من هذا العام (إ.ب.أ)

صحيفة: «أبل» تبحث رفع أسعار هواتف «آيفون» الجديدة

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، يوم الاثنين، أن شركة «أبل» تدرس رفع أسعار تشكيلة هواتف «آيفون» التي ستُطرح في وقت لاحق من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متجر تطبيقات «أبل» المعروف بـ«آب ستور» (أ.ب)

«أبل» تجمع 10 مليارات دولار عمولات «آب ستور» أميركا العام الماضي

جمعت شركة أبل أكثر من 10 مليارات دولار من عمولات تنزيل المستخدمين التطبيقات الموجودة على متجرها الإلكتروني «آب ستور» بأميركا خلال العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد معرض تابع لشركة «سامسونغ» للجوالات في كوريا الجنوبية (رويترز)

«سامسونغ» تتوقع تأثر أسعار الهواتف بسبب الرسوم الجمركية

حذّرت شركة «سامسونغ إلكترونكس» من أن الرسوم الجمركية الأميركية ربما تخفّض الطلب على منتجات مثل الهواتف الذكية؛ مما يجعل التنبؤ بأداء الشركة في المستقبل صعباً.

«الشرق الأوسط» (سيول)

الذكاء الاصطناعي بين الحوكمة والحرية... من يكبح من؟

«ساس»: الشفافية وبناء الثقة عنصران أساسيان لحماية سمعة المؤسسات في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
«ساس»: الشفافية وبناء الثقة عنصران أساسيان لحماية سمعة المؤسسات في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
TT

الذكاء الاصطناعي بين الحوكمة والحرية... من يكبح من؟

«ساس»: الشفافية وبناء الثقة عنصران أساسيان لحماية سمعة المؤسسات في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
«ساس»: الشفافية وبناء الثقة عنصران أساسيان لحماية سمعة المؤسسات في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

بينما تتسارع وتيرة نشر الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، من قرارات الائتمان إلى التوائم الرقمية، لم تكن الحاجة إلى الحوكمة الواعية والمسؤولة أكثر إلحاحاً من اليوم. على هامش مؤتمر «SAS Innovate 2025» الذي استضافته مدينة أورلاندو الأميركية هذا الشهر، قال ريدجي تاونسند، نائب رئيس وحدة أخلاقيات البيانات في شركة «SAS»: «إن الذكاء الاصطناعي يسمح بالتحرك بسرعة... لكن الحوكمة هي المكابح». ونبّه خلال حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط» أنه حتى الآن «لا يملك كثير من المؤسسات الشجاعة للضغط عليها».

الثقة والحوكمة في القطاع المصرفي

في قطاع البنوك والخدمات المالية، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي منذ عقود في كشف الاحتيال وتقييم الجدارة الائتمانية، تتضاعف أهمية الحوكمة بسبب حساسية السمعة وشدة التنظيم. وأوضح تاونسند أن لدى البنوك ممارسات ومعايير راسخة، وهي معتادة على بيئات تنظيمية صارمة. لكن الذكاء الاصطناعي اليوم ينتشر خارج أقسام المخاطر، ليصل إلى الموارد البشرية والدعم الفني وسير العمل الداخلي. وأشار إلى أن البنوك اليوم تتبنى نماذج مختلفة، بعضها يدمج فرق إدارة المخاطر ضمن فرق حوكمة الذكاء الاصطناعي الأكبر، بينما تفضّل أخرى إبقاءها منفصلة لضمان الاستقرار. وذكر أن القرار النهائي لا يزال غير محسوم، لكن ما لا يمكن التفاوض حوله هو الحاجة إلى الحفاظ على الثقة. وأكّد تاونسند على أهمية القدرة على شرح سبب حصول هذا العميل على قرض، ولم يحصل الآخر عليه، على سبيل المثال، دون تعريض الأنظمة المعقدة بالكامل للمستهلكين.

ريدجي تاونسند نائب رئيس وحدة أخلاقيات البيانات في شركة «SAS» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (ساس)

الحوكمة ليست أداة، بل ثقافة

أطلقت شركة «ساس» وحدة استشارية مخصصة لحوكمة الذكاء الاصطناعي. وأشار تاونسند إلى أن ردود الفعل من العملاء كانت «إيجابية للغاية»، لكن التحدي الأكبر يتمثل في مقاومة التغيير داخل المؤسسات. وقال إن «العمل الحقيقي يبدأ بعد الأدوات.... الحوكمة ليست منتجاً، بل حواراً مع الإدارة العليا وثقافة مؤسسية متجذرة». وذكر أن القطاع العام يواجه تحديات أكبر، إذ يصعب على الجهات الحكومية تعديل هياكلها بسرعة لاستيعاب وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى وجود وعي متزايد، «لكن الهيكل الإداري في كثير من الحكومات لا يسمح بالتحرك بالسرعة المطلوبة».

بين الحذر والأمل

قدّم تاونسند نظرة دقيقة ومتحفظة عن أخلاقيات استخدام البيانات الاصطناعية والتوائم الرقمية. وقال: «إذا استخدمت البيانات الاصطناعية بطريقة خاطئة، يمكن أن تضخم التحيزات القائمة. لكن إذا استُخدمت بحكمة، يمكن أن تساعدنا في اكتشاف هذه التحيزات ومعالجتها».

وأقرّ تاونسند، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) يمثل تحدياً جديداً بالكامل. وشرح أنه داخل «ساس» يتم تضمينه في منتجات مثل «كوبايلوت» (Copilot)، لكن ضمن ضوابط واضحة مثل تقنيات «RAG» للحدّ من الانحرافات. وأشار إلى أن الشركة تطور حالياً أدوات جديدة لحوكمة «GenAI»، تتضمن «Model Manager» وبطاقات النماذج، إلى جانب منتج شامل للحوكمة سيُعلن عنه قريباً.

يرى خبراء أن البيانات الاصطناعية والتوائم الرقمية قد تعزز التحيز إذا أُسيء استخدامها (غيتي)

الحوسبة الكمية... كن مستعداً جيداً

وحول مستقبل الحوسبة الكمية، دعا تاونسند إلى التريث، قائلاً: «الحوسبة الكمية تعني السرعة، لكننا لسنا مستعدين بعد لنشر الضرر بسرعة».

تنصح «ساس» باستخدام إطار حوكمة يسمى طبقة التفعيل (Activation Layer)، يتضمن الرقابة والعمليات والضوابط والثقافة. وأوضح أن قلة من المؤسسات اليوم جاهزة فعلياً لاستخدام القدرات الكمية. ونقل أن «معظم المؤسسات لا تزال تكافح مع أساسيات الذكاء الاصطناعي. فلنبدأ أولاً بتنظيف بياناتنا».

توحيد قوانين الذكاء الاصطناعي عالمياً

رغم التفاؤل بشأن التعاون الدولي، يشكك تاونسند في إمكانية توحيد القوانين عالمياً. وقال إنه «لن نحصل على لغة موحدة، لكن يمكننا بناء مستوى من الاتساق يسمح بالتعاون الدولي. ويبين جهود منظمات مثل (OECD) والمنتدى الاقتصادي العالمي، بالإضافة إلى مبادرات في الاتحاد الأوروبي وكوريا واليابان». ويفصّل أن المستقبل يكمن في التوافق التقني، مثل بروتوكولات «عميل لعميل» (Agent-to-Agent) التي تعمل عليها شركات كبرى، مثل «غوغل» و«أنثروبيك». واستشهد تاونسند بمثال واضح قائلاً: «كما أن الكهرباء تعمل رغم اختلاف المقابس، والإنترنت يعمل رغم اختلاف الحدود، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل ضمن تناغم وظيفي عالمي».

فجوة المعرفة... ومعركة الثقة

في نهاية المطاف، يرى تاونسند أن «أمية الذكاء الاصطناعي» هي التحدي الأكبر قائلاً إن «معظم الناس يخافون من الذكاء الاصطناعي لأنهم لا يفهمونه. لا يمكنك تنظيم ما لا تفهمه». ونوّه إلى الحاجة «إلى مجتمع يعرف ما يطلبه من الشركات. من دون ذلك، ستبقى الثقة هشّة».

وفي نهاية حديثه، يجزم تاونسند أن «الحوكمة ليست قضية تقنية، بل قضية قيادة». ويقول إن «ساس» تسعى من خلال وحدة أخلاقيات البيانات إلى ترسيخ ثقافة مساءلة تحفّز العملاء والمؤسسات على التفكير بعمق، والعمل بحذر، ونشر الذكاء الاصطناعي بحكمة. ويختتم قائلاً: «نحن لسنا هنا لبيع برامج فقط... بل لنطرح سؤالاً؛ هل الذكاء الاصطناعي الذي نبنيه يعكس أفضل ما فينا؟».

OSZAR »