ميزان النجاح والفشل لأفلام النصف الأول من العام

جردة حساب هوليوودية كاشفة

«خاطئون»: نجاح مفاجئ (وورنر)
«خاطئون»: نجاح مفاجئ (وورنر)
TT

ميزان النجاح والفشل لأفلام النصف الأول من العام

«خاطئون»: نجاح مفاجئ (وورنر)
«خاطئون»: نجاح مفاجئ (وورنر)

في هوليوود، يوجد مصعد كهربائي خاص يبدو من الخارج كأي مصعد في أي مكان، لكنه في الواقع مختلف؛ إنه مصعد مخصّص للأفلام المُنتَجة، مؤلَّف من 10 أزرار.

عند دخول الفيلم إليه، يضغط صانعوه على الزر الأعلى الذي يحمل إلى جانبه عبارة «Top One».

لكن المصعد لا يلبّي هذا الطلب بالضرورة؛ فمن بين 50 طلباً، لا تصل إلى ذلك الطابق العلوي سوى حفنة قليلة.

ذلك لأن للمصعد حساباته الخاصة؛ فقد يتوقف عند زرّ في المنتصف، أو يعاكس الرغبة كليّاً فيهبط، أو قد لا يتحرّك من مكانه إطلاقاً.

«إليو»... صداقة فاشلة (ديزني)

أسئلة صعبة

من المثير دوماً معرفةُ لماذا ينجح فيلم تجاري ويفشل فيلم تجاري آخر؟ لماذا، على سبيل المثال، تبوّأ فيلم «ليلو وستيتش» (Lilo and Stitch) القمّة بين إيرادات الأفلام في نصف السنة الحالية؟ ولماذا فشل «إليو» (Elio) في الوصول إلى مرتبة متقدّمة؟

كلاهما من إنتاج «ديزني». كلاهما موجَّه إلى الجمهور نفسه. كلاهما مسلٍّ وخفيف.

لكن في حين أنجز الفيلم الأول، الذي تكلّف 100 مليون دولار، 912 مليون دولار حتى الآن، بلغ إيراد الفيلم الثاني «إليو» 21 مليون دولار، علماً بأن ميزانيّته بلغت 150 مليون دولار.

«ليلو وستيتش» هو فيلم يعتمد على تمثيل حيّ مدمَج بالرسوم والمؤثرات، و«إليو» فيلم أنيميشن، وكلاهما عن طفلين (صبي وفتاة) في معالجة فانتازية.

ما حدث أن «ديزني» أخطأت حساباتها عندما دفعت، خلال موسم الصيف الحالي، وفي غضون شهر واحد، بفيلمين متشابهين في التوجّه والتصنيف: طرحت «ليلو وستيتش» أولاً، ثم «إليو» ثانياً. ومن شاهد الأول، اكتفى به.

«إليو» ليس إنتاج «ديزني» الوحيد الذي سقط سقوطاً مدوّياً؛ فـ«ثندربولت»، الذي انطلق للعرض في كل مكان في مطلع شهر مايو (أيار)، سجّل 381 مليون دولار، وهو ضعف المبلغ الذي حققه «إليو»، لكنه لم يُنجز أرباحاً، لأنه كان بحاجة إلى أكثر من 580 مليون دولار لينجو بنفسه.

توم كروز في مهمّة مستحيلة وخاسرة (باراماونت)

مصير مستحيل

من الأسئلة المطروحة في هذا الإطار مصير فيلم «مهمّة: مستحيلة – الحساب الأخير» (Mission: Impossible – The Final Reckoning)، الذي ارتفعت تكلفته إلى 400 مليون دولار، وأنجز أقلّ ممّا طمح إليه، وهو 549 مليون دولار.

هذا إيراد أقلّ من أفلام السلسلة الأخيرة، التي تكلّفت أقلّ وأثمرت عن نجاح أكبر.

في هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى أن ميزانية هذا الفيلم كانت مثقلة بحسابات مُكلفة. إلى جانب تصوير شمل 12 موقعاً دوليّاً، شملت جنوب أفريقيا والنرويج وبريطانيا وإيطاليا وبلجيكا، قبض توم كروز أجراً بلغ 120 مليون دولار. وبإضافة حصة صالات السينما (التي تبدأ بـ40 في المائة في الأسابيع الثلاثة الأولى)، فإن الفيلم سقط تحت ثقل طموحاته، خصوصاً أن الجمهور كان قد شاهد ما فيه الكفاية من أفلام السلسلة.

وبذلك، حطّ الفيلم، الذي موّلته شركة «باراماونت»، في الخانة الحمراء، إذ إن ما كان يحتاجه لتحقيق أرباح لا يقل عن 900 مليون دولار.

ليس كلّ أفلام النصف الأول من العام قد هَوَت. إلى جانب «ليلو وستيتش»، حقق فيلم «خاطئون» (Sinners) إيرادات بلغت 364 مليون دولار في عروضه العالمية، مقابل ميزانية لم تتجاوز 90 مليون دولار.

هذا الهامش من الربح تحقّق لسببين: أولاً، لكون الفيلم جديداً في موضوعه (قصّة تشويقية تقع في بيئة أفرو-أميركية)، وثانياً، لحقيقة أن ميزانيته كانت محدودة، مما رفع احتمالات فوزه في سباق الأفلام.

في حين أنه لم يكن من المتوقَّع لفيلم «سينرز» أن يحقّق هذا النجاح، لم يكن متوقَّعاً أيضاً لفيلم مقتبس عن شخصيات وألعاب فيديو، بعنوان «Minecraft Movie»، أن يحصد 954 مليون دولار (مقابل تكلفة لم تزد على 150 مليون دولار).

لم يحاول الفيلم أن يكون أكثر من ترفيه عائلي (ولو أن 70 في المائة من المشاهدين كانوا دون الـ25 من العمر)، من دون رسائل خفية، وقدّر الجمهور ذلك.

تكاليف أخرى

لا تتضمّن ميزانية كل فيلم من هذه الأفلام المذكورة ميزانية الدعاية والترويج، التي تصل بسهولة إلى سقف المليون دولار. يُصرَف هذا المبلغ على دعوة الصحافيين للتصوير (أينما كان موقعه)، والترويج عبر الدعايات المباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي ومحطّات التلفزيون، أو على الطرق العامّة.

هذه التكلفة الإضافية تأتي من قسم آخر منفصل في كل شركة إنتاج، ولا تدخل في خانة الميزانيات الأساسية.

هذا النصف من السنة وضع شركة وورنر على القمّة عبر فيلمها «ماينكرافت موڤي». بعدها نجد ديزني بسبب «ليلو وستيتش». وهما شركتان متنافستان منذ سنوات غدّة على قيادة الإيرادات عبر أفلامهما.

أطلقت كل من هاتين الشركتين 7 أفلام، في حين عرضت «سوني» 14 فيلماً و«يونيڤرسال» 10 أفلام. لكن «يونيڤرسال» تكمن في المركز السابع تبعاً لضعف إيرادات ما حقّقته، علماً بأن فيلمها الحالي «كيف تدرّب تنينك» (How to Train Your Dragon)، الذي أُطلق قبل أسبوعين، يحقق نجاحاً لا بأس به (354 مليون دولار حتى الآن مقابل 150 مليون دولار كتكلفة). وهذا قد يساعدها مع نهاية السنة على التقدم قليلاً صوب رتبة أعلى.

لا وجود لشركات «سوني» و«مترو غولدوين ماير» أو «باراماونت» أو «فوكس» في قائمة الشركات التي أبلت بلاءً حسناً في هذا النصف الأول من العام.

كذلك، لا يوجد بين الأفلام العشرة ما يمكن اعتباره «فلتة فنية»؛ عمل يرتقي إلى مصاف مميّز بفنه وأسلوب عمله أو برسالته. الفيلم الوحيد الذي يقترب من هذا المستوى هو الفيلم الذي لم يكن متوقعاً له أن يكون ضمن العشرة الأنجح حتى الآن، وهو «سينرز» (توزيع وورنر).


مقالات ذات صلة

«فورمولا 1» يتصدر شباك التذاكر السعودي في ختام يونيو

يوميات الشرق فيلم براد بيت تصدر شباك التذاكر في أسبوعه الأول

«فورمولا 1» يتصدر شباك التذاكر السعودي في ختام يونيو

باكتساح هوليوودي اختتمت صالات السينما السعودية الأسبوع الأخير من شهر يونيو بتحقيقها إيرادات تجاوزت 23.9 مليون ريال، جراء بيع ما يزيد على 489 ألف تذكرة.

يوميات الشرق صورة مؤلمة للكرامة الإنسانية حين تُقضَم على مهل (Imdb)

تشارلي تشابلن أطلَّ على بيروت من ثلج ألاسكا

كان تشارلي تشابلن يعلم أنَّ الضحك والألم ليسا بعيدَيْن، وأنّ البسمة قد تكون الوجه الآخر للخذلان، وأنَّ الهشاشة ليست ضعفاً، وإنما سبيل إلى التماهي.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق النجم الأميركي براد بيت (إ.ب.أ)

تسلقوا السياج... تعرُّض منزل براد بيت في لوس أنجليس للسرقة

كشف تقرير حديث أن منزل النجم السينمائي براد بيت في لوس أنجليس بالولايات المتحدة تعرَّض للسرقة والنهب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سينما «العام الجديد الذي لم يأت» (كينو توبيا)

شاشة الناقد: فيلمان من مهرجانين

في 25 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1989، نُفِّذ حكم الإعدام في رئيس جمهورية رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو، وبذلك لم تنتهِ فترة حكمه فقط، بل انتهت أيضاً الحقبة الشيوعية

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق على قائمة دونالد ترمب السينمائية 6 أفلام تنتمي إلى خانة الكلاسيكيات (رويترز)

دونالد ترمب والسينما... أفلامه المفضّلة فيها الرومانسية والفنون القتالية والمافيا

تشبه الأحداث العالمية الحبكات السينمائية التي تتبدل بلمح البصر، وقد أثبتت التطورات الأخيرة أن دونالد ترمب يميل للنهايات السريعة والسعيدة. فما أفلامه المفضلة؟

كريستين حبيب (بيروت)

شاشة الناقد: فيلمان من مهرجانين

«العام الجديد الذي لم يأت» (كينو توبيا)
«العام الجديد الذي لم يأت» (كينو توبيا)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من مهرجانين

«العام الجديد الذي لم يأت» (كينو توبيا)
«العام الجديد الذي لم يأت» (كينو توبيا)

THE NEW YEAR THAT NEVER CAME

★★★

* إخراج: بوغدان موريسانو

*‫ رومانيا | دراما سياسية عن الحقبة الشيوعية

* عروض 2025: مهرجان «سياتل» (الولايات المتحدة)

في 25 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1989، نُفِّذ حكم الإعدام في رئيس جمهورية رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو، وبذلك لم تنتهِ فترة حكمه فقط، بل انتهت أيضاً الحقبة الشيوعية في البلاد.

«العام الجديد الذي لم يأتِ»، إبحار في الأيام القليلة التي سبقت نهاية تشاوشيسكو، تعكس وضع الثورة المضادة في فترة مشحونة، وسعي الاستخبارات العسكرية والأمنية لإحباطها.

بطلة الفيلم اسمها فلورينا (تؤدي دورها جيداً نيكوليتا هانسو)، وهي ممثلة مسرحية اضطرت إلى المشاركة في سهرة تلفزيونية صُوّرت بمناسبة العيد المقبل بسبب موقفها من النظام. قبل أيام قليلة من موعد البث، اكتشف منتجو البرنامج أن الممثلة غير مرغوب فيها لأسباب سياسية، مما استدعى البحث عن بديل سريع.

في الوقت نفسه، يُجري الأمن تحقيقاً في نشاط مجموعة من الطلاب قدّموا عرضاً مسرحياً ساخراً. ويهتمّ المحققون بمعرفة ما الذي يُحضّره هؤلاء الطلاب، فيزرعون جاسوساً بينهم.

ينتقل الفيلم بين هذه الشخصيات بسلاسة، لكن تأمين إيقاع جيّد ليس من نقاط قوة المخرج. ففي ساعتين و45 دقيقة من العرض، نجد مشاهد كان يمكن إيجازها، وأخرى يمكن حذفها من دون أن يُضعِف ذلك الفيلم، لا من حيث السياق ولا من حيث الرسالة.

يعتمد المخرج أسلوباً واقعياً في المعالجة، وفي الأداء التمثيلي، وفي التصوير الذي يُذكّر هذا الناقد بأسلوب الأفلام الرومانية والبولندية وغيرها من سينما شرق أوروبا، التي شاهدها قبل التغييرات السياسية الكبرى وبعدها، حيث تتشكّل المشاهد بأقل قدر ممكن من عناصر الترفيه أو البذخ.

DEATH DOES NOT EXIST

★★

* إخراج: فيليكس دوفور-لابريير

*‫ كندا/ فرنسا | رسوم تطمح لطرح سياسي.

* عروض 2025: مهرجان أنِسي (فرنسا).

العلاقة ضعيفة بين عنوان الفيلم، «لا وجود للموت»، وبين الحكاية التي يسردها. ربما لو عمدنا إلى مدّ خيط بين ما يحدث أمامنا وبين بعض الأبعاد المفترضة، نستطيع أن نستخلص أن المعنى وجداني، ولو أن الفيلم لا يتعاطى الأفكار ولا الوجدانيات، بل يسرد حكاية حول رغبة خلية إرهابية يسارية أجنبية في تغيير العالم للتخلص من اليمين والأثرياء، وتحقيق عدالة لا وجود لها (في الواقع) إلا في التمنيات.

«لا وجود للموت» (إمبوسكاد فيلمز)

لا يتعاطى الفيلم مع التمنيات. يُمهّد حكايته بمشهد هجوم تقوم به تلك العصبة من الشبّان والشابات على قصر تحميه عناصر أمنية خاصّة، وكيف تقرر امرأة في هذه المجموعة أن تترك العمل الإرهابي بسبب ضحاياه. من بدايته، يتحوّل الفيلم إلى منشور لموضوع ماثل في البال لم يُترجم صحيحاً على الورق أو على الشاشة.

رسوم هذا الفيلم تتحرك بلا سلاسة أو ليونة. الألوان باهتة هنا، ومفتقرة إلى التنوع هناك. استخدام «كلوز أبس» للوجوه لا جدوى منه في غالب الأحيان، إذ يبدو اعتراضاً على السياق ولا يستدعي تمييز المتحدّث.

أكثر من ذلك، لم أرَ داعياً لتلوين الوجوه بألوان الطبيعة (تصبح خضراء إذا ما كانت بالقرب من الشجر مثلاً).

يعاني الفيلم كذلك من إبهام في دوافعه. حتى لو اعتبرناه فيلماً ذا رسالة ثورية، فإنه يصعب التوقف عند رأي واضح في ذهن مخرجه أو رغبة محدّدة لديه، ما لم تُذكر دوافع معيّنة تُترجم فنياً. يحاول الفيلم استخدام الحوار كوسيلة مباشرة للتعريف. وكذلك، فإن من يُفترض أن يكونوا أعداء يظهرون بهذه الصفة فقط، من دون مبررات واضحة، سوى أنهم أثرياء.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز

OSZAR »