ضد شعرية «الكليشة»

«نصوص الحائر» لنعمة عبد الرزاق مثالاً

ضد شعرية «الكليشة»
TT

ضد شعرية «الكليشة»

ضد شعرية «الكليشة»

ثمة مجموعات شعرية تستدعي عند قراءتها رجوع القارئ (باحثاً كان أو قارئاً) إلى نوع من المراجعة لمفهوم وشكل قصيدة النثر العراقية والعربية. وسينتج عن هذه المراجعة اكتشاف أمراضها وعللها، مثلما سينتج عنها اكتشاف مواطن السطوع والتوهج، وهما يرافقان نماذجها المشرقة والراسخة. وبموازاة ذلك، سنتعرّف على شعرٍ يكتبه عددٌ آخر من كتّابها يوازي في أهميته ما ترسّخ في أذهاننا عن التجارب الكبيرة التي توّجها النقد وجعلها في مصاف النماذج المتقدمة فيها. لا أتحدث عن نوع من المغمور وإن لامس هذه الفكرة في قصيدة النثر، أتحدث عن دور النقد في تسليط الضوء على تجارب شعرية لافتة ومهمة لا تقف عند عتبة هذا النمط أو ذاك من الكتابة النقدية، بل تتعداه إلى النسيان أحياناً.

أسوق هذه المقدمة لقراءة مجموعة الشاعر العراقي نعمة عبد الرزاق «نصوص الحائر... محاولة في تهجِّي الخسارة» (دار جيم/ بغداد 2024)، وهي مجموعة قصائد نثر تأتي في سياق واحدة من أهم تقاناتها، وهي استثمار السرد إلى أقصى مدياته. إضافة إلى خصيصة مهمة، وهي الجملة الرئيسة لهذا المقال، ومفادها: تمرّد هذه المجموعة على «الكليشة الشعرية» (poetic cliche)، مستهلات النصوص وعنواناتها وتركيب الجملة الشعرية فيها على وفق ما درجت عليه معظم النصوص في الشعرية العراقية، وهو تقليد يبدأ ولا ينتهي، وكأنه يستنسخ ما يطرح من صيغٍ في الشعرية السائدة.

إنّ أهم ما تتوفر عليه قصيدة النثر اليوم - وهي تقاوم بضراوةٍ التقليد الفج لما تراكم منها طيلة عقود - مقاومة النموذج الباهت والمنطفئ والمترهّل الذي أسهم بتخريب سمعتها كنموذجٍ حيّ وفاعل لطروحات ما بعد الحداثة الشعرية. «نصوص الحائر» تصلح لهذا المثال بسبب مغايرتها للسائد بحفريات لغةٍ جديدة تُسهم في خلق مسافات شاسعة للتأويل في النص. وهي تشتغل على المعنى العميق الذي يستثمر المعرفة والرمزيات والإحالات...

في نص عبد الرزاق «ممحاة» نقرأ أحد براهين العمل ضد «الكليشة الشعرية»:

بَدَا الأَمرُ كمَا لَوْ أَنَّ أَحَداً مَا

مَرَّرَ الممْحَاةَ عَلَى سبُّورَةٍ مُعَلَّقَةٍ عَلى جدرَانِ المنزِلِ

فَاخْتفَى الجمِيعُ:

الزَّوجَةُ وَالْأَطْفَالُ وَسَجَّادَةُ الصَّلَاةِ (ص33).

قصيدة النثر مغامِرة بطبيعتها، متحدية وناقمة على كل ما هو أفقي لصالح التراكم المعرفي بحسب تقسيمات باشلار للإبداع والمعرفة. وهذه المغامرة تفصح عن مكنونات ما يهم القارئ في يومياته وفي عطالته ودهشته إزاء عالمٍ متغيّر وقبيح في معظم الأحيان. هذه ليست سوداوية يذهب معظمُ الشعر إليها حتف أنفه. إنها واحدة من حقائق الحياة التي ندير ظهورنا لتجلياتها المؤلمة والمرعبة. نصوص نعمة عبد الرزاق تذهب إلى مثل هذه المغامرة، ومثل هذا التمرّد القاسي... إذ لا تتوفر هذه المجموعة على عبارة رومانسية واحدة، ولا وجود لعبارات منمّقة ومهذبة. كل شيء يجري بعفوية البوح وبوعي الشعر الذي تتطلّبه مرحلة ما بعد الحداثة، حيث اليومي والهامشي والمهمل بأعلى مراحله وبأظهر تجلياته:

«لن أطلي شعري بصبغة ثمينة/ لن أموت في حربٍ أخرى/ سأتدبر أجرة مركبة الريم لتنقلني إلى الجبهة/ لن أنام ببسطالي المهترئ على مصطبة في كراج العلاوي...» (ص4).

لا يتوخى نعمة عبد الرزاق المفارقة ولا التضاد اللغوي في بناء شعريته، إنما يذهب باتجاه شعرية المشهد. الشعرية ستكون نتيجة لمشهد يفضي إلى الانزياح ويفصح عن الشعرية. الشعرية هنا نتيجة ونهايات وخلاصات تتسع وتمنحنا فرصة التأويل... وما تقدَّم يشير إلى حالتين من البناء يعمد إليهما شاعر قصيدة النثر؛ ففي حالة التضاد والمفارقة يتوخى الجملة الشعرية الواحدة التي تصنع انزياحها بمفردها دون الحاجة إلى جملة تالية تعقب الأولى وتعزز شعريتها. في حين تذهب شعرية المشهد إلى تكوين هائل في اللغة تنتج عنه الشعرية. وهي بهذا تصنع شعريتها المختلفة التي تستفيد من التقانات الأخرى، ويقف السرد في مقدمتها...

وفي ضوء ذلك لن ينتظر قارئ قصيدة النثر معنًى قارّاً وراسخاً ومكرراً بطبيعة الحال، إنه على وجه الدقة سينتظر ما يكسر أفق توقعه في نتائج النص وخلاصاته، ما يمكّننا أن نطلق على «نصوص الحائر»: نصوص كتلة متكاملة، لا يبرر غياب نقصانها سوى أنها تحرث في أرضٍ بكر لم تطأها حفريات السابقين على كتابة نمطها المميز واللافت. هذه نصوص لا تنتظم في نسق من الدلالات والإحالات، إنما تتمرد كيفما أرادت على ما هو شائع ويدخل ضمن مفهوم «الكليشة الشعرية».

لا يتوانى الشاعر في «نصوص الحائر» عن استخدام مفردات خادشة للحياء أو فاحشة، قد تأتي في سياق الجملة غير المصطنعة، إلّا أنها تلفت انتباه القارئ بسبب إمكانية استبدالها من دون أن تجرح نسق القصيدة أو تقمعها، لكنها تحتار في استبدال مفردة بأخرى تناغماً مع عنوان المجموعة نفسها «نصوص الحائر»، حيرة تستقر أخيراً على سمو الخطاب بانحطاط الفكرة/ فكرة الفحش التي تجيء احتجاجاً على ما يجري من استلاب وتيه ونكوص حياتي وثقافي ترزح تحت وطأته شعوبٌ وأمم، ومنها العراق بطبيعة الحال؛ إذ ثمة الحائر في نصوصه وهو يرى انفعال الذات حيال العالم - عنوان المجموعة دال على ذلك - يسجل تاريخ حياة ضاجة بالألم وباللوعة والجراح الغائرة، ثم ما إن تنهي قراءة نص من نصوصه حتى تعيد فكرة إنتاج اليوميات بوصفها الأصلح لكتابة قصيدة النثر. لا رؤية استراتيجية في قصيدة النثر، الرؤية ابنة اللحظة، تطلع على حين غرّة فتباغتك لأنك جزء منها، ربما من أجل هذا يعيد القرّاء ترتيب أولوياتهم في قراءة الشعر الجديد والمعاصر على وفق ما يطرأ من تغيير على حياتهم ذاتها، وما يطرأ من تغيير في سحنة القصيدة ونتائجها المعرفية بعد الفراغ من القراءة. كل نصٍّ في قصيدة النثر لا يؤدي لنتائج معرفية بعد القراءة لا ينتمي لهذا النمط من الشعرية. إنه ببساطة شديدة نثر يجري كالخاطرة البسيطة، ولا ننتظر منه ما يغاير في ذائقتنا ومعرفتنا. الشعر الجيد بنصوصه القلقة التي تتزاحم دلالاتها وإحالاتها بمقدوره أن يفعل الأعاجيب في قراءتنا. وسأزعم أنّ «نصوص الحائر» عزّزت من إيماننا بوجود نصوص تعمد إلى تجديد خطاب قصيدة النثر بأدوات واستعمالات مختلفة ومتعددة، هي في جوهرها محاولة للدخول إلى منطقة تعمل بالضد مما نسمّيه «الكليشة الشعرية» سيئة الصيت.

* ناقد عراقي ورئيس تحرير «مجلة الأقلام»


مقالات ذات صلة

محمد الفولي يروي تجربته في النقل عن الإسبانية

ثقافة وفنون محمد الفولي

محمد الفولي يروي تجربته في النقل عن الإسبانية

يروي المترجم محمد الفولي في كتابه «النص الأصلي - عن الترجمة ومسارات الحياة» الصادر عن دار «الكرمة» بالقاهرة فصولاً من كواليس وخفايا الترجمة الأدبية

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون شعراء كركوك طوّروا تجربة حسين مردان في قصيدة النثر

شعراء كركوك طوّروا تجربة حسين مردان في قصيدة النثر

عن دار «النابغة» في القاهرة، صدر للدكتور رسول عدنان كتاب عن الشعراء العراقيين الذين اتفق على تسميتهم بـ«جماعة كركوك»

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب أغلفة بعض روايات فريدا ماكفادن

ما سر الإقبال على روايات الطبيبة المتخفية وراء اسم مستعار؟

هل يعني تصدر قوائم «البيست سيلر» بالضرورة أننا أمام عمل أدبي يزخر بالعمق الفني، والجمال اللغوي، والأصالة الفكرية؟

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «ليس عزاءً بل ضوءاً»... استعادة فلسفة سيمون فاي

«ليس عزاءً بل ضوءاً»... استعادة فلسفة سيمون فاي

يطرح الكاتب المصري مينا ناجي سؤالاً مركزياً هو: «كيف نحب في حياة صعبة كهذه؟»، ليتأمل في ظواهر الحب والروحانيات والتاريخ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
كتب رحلة البحث عن أمل ضائع

رحلة البحث عن أمل ضائع

في وقت مضى، ليس بعيداً، كتبتُ مقالة بعنوان «زمن الرواية الليبية» نشرت في موقع صحيفة «بوابة الوسط».

جمعة بوكليب

محمد الفولي يروي تجربته في النقل عن الإسبانية

محمد الفولي
محمد الفولي
TT

محمد الفولي يروي تجربته في النقل عن الإسبانية

محمد الفولي
محمد الفولي

يروي المترجم محمد الفولي في كتابه «النص الأصلي - عن الترجمة ومسارات الحياة» الصادر عن دار «الكرمة» بالقاهرة فصولاً من كواليس وخفايا الترجمة الأدبية بين اللذة والمعاناة، انطلاقاً من تجربته الشخصية كمترجم قدّم للمكتبة العربية 28 كتاباً عن الإسبانية، فضلاً عن 4 كتب قيد النشر.

ويضرب الفولي مثالاً شديد الدلالة بأزمة المترجم مع السياق العام، الذي قد يبدو غامضاً أحياناً، فيتسبب الأمر في مشكلات كارثية، مشيراً إلى أن «أفضل مثال مبدئي يمكنني طرحه لإيضاح قدرة السياق على تحديد المعنى المقصود في الترجمة هو

رواية (العصامي) للكاتب التشيلي إيرنان ربييرا ليتيلير، التي تدور أحداثها كأغلب رواياته في مستوطنات الملح الصخري في صحراء (أتاكاما) التشيلية».

ويضيف: «حين عرض الناشر على الفولي الاشتغال على الرواية، طلب كالعادة مهلة زمنية لقراءتها كي يحدد أولاً ما إذا كانت ستروقه أم لا، وثانياً لمعرفة ماهية الصعوبات التي قد تعرقله أثناء هذه المهمة، وبناء على هذا تحديد المهلة الزمنية المتوقعة لتسليم الترجمة».

النصّ وسياق الحياة

الغريب أنه حين بدأ الفولي القراءة شعر بعجز تام أمام النصّ حتى إنه لم يفهم نسبة تكاد تقارب الربع من مفرداته، التي لم تتوافق قط مع السياق الذي ظهرت فيه داخل الكتاب. وليس مرد الأمر تقعير لغوي مبالغ فيه استخدمه المؤلف التشيلي، ولا إلى وجود تركيبات طويلة من الفقرات الملأى بجمل اعتراضية، يصعب معها استشفاف المعاني.

بل ارتبطت المسألة برمتها، كما يوضح، بسياق الحياة الاجتماعي والتاريخي في هذه المستوطنات التي تبعثرت هنا وهناك، وسط صحراء «أتاكاما» الشاسعة، «وهذا لم يخلق لهجة أو لغة جديدة فحسب، بل سياقاً لغوياً اكتسبت فيه الكلمات معاني مختلفة عن معانيها الأصلية ومفردات جديدة تماماً. حدث كل هذا طبعاً على أرض الواقع، وتعمد ليتيلير أن ينقله كما هو إلى صفحات أغلب رواياته، التي تتناول الحياة في هذا العالم».

لم يستسلم الفولي لإحساسه بالعجز، بل بدأ العمل بهدوء بعد تلاشي آثار الصدمة، وتحديد دوائر البحث الأولية. وفي الوقت نفسه، بدأ عملية البحث في المصادر التاريخية التشيلية لمعرفة كيف ظهرت صناعة الملح الصخري؟ ولماذا استمرت هذه المدة؟ وكيف انتهت؟ ولماذا بُنيت هذه المستوطنات أصلاً في وسط الصحراء؟

بعد بحث مضنٍ وطويل، تضمن تجربة عدد لا بأس به من الكلمات المفتاحية المحتملة، انفتحت أبواب «الفردوس الإلكتروني» حين ظهر له رابط سحري قاده إلى تحميل نسخة ضوئية رقمية لقاموس صادر عن جامعة تشيلي عام 1934. وحين اطلع على الملف، تهللت أساريره، لأن عنوانه هو مفردات الملح الصخري. كان عجزه منطقياً، فقد خلق عالم مستوطنات الملح الصخري سياقه اللغوي الخاص، إلى درجة أن جامعة تشيلية كلّفت نفسها عناء إصدار قاموس يوضح معانيه.

هكذا تمكن محمد الفولي، عبر هذا القاموس السحري، من حلّ الأزمة، وتبين على سبيل المثال لا الحصر أن كلمة «buque» التي إن بحث المرء عنها في أي قاموس من الإسبانية إلى العربية، أو أي قاموس أحادي اللغة، بما فيها قاموس «الأكاديمية الملكية الإسبانية»، فسيجد أن معناها «سفينة» أو «باخرة» أو «مركب»، لكن هنا وتحديداً في السياق اللغوي لمستوطنات الملح الصخري يغدو معناها «سكن العُزاب». هكذا تمنطق كل ما بدا شاذاً، فمن المستحيل وفقاً للسياق أن يعيش بطل العمل ومن معه في سفينة أو باخرة وسط الصحراء، لكن أن يعيشوا في سكن للعزاب أمر يقبله العقل.

كذلك، عرف أيضاً أن كلمة «oficina » التي إن بحث عنها المرء في أي قاموس وفقاً لكل التصنيفات التي ذكرناها سلفاً، فسيجد أن معناها «مكتب»، لكن معنى هذه الكلمة داخل هذا السياق اللغوي مختلف، فالمقصود هنا «المستوطنات» التي عاش وعمل فيها هؤلاء القوم الذين جابهوا حرّ الصحراء وشمسها القاسية وزوابع رمالها نهاراً وبرودة خلائها ليلاً. تلك الأماكن التي أنشئت فيها مدارس ومقاصف ومطاعم وأماكن ترفيه بدائية، بما فيها السينما، وكانت تفكك مع انتهاء العمل في كل منجم يجاورها لتنقل العائلات التي سكّنتها إلى مكان آخر تماماً في وسط الصحراء قرب أي منجم جديد.

من المفترض بالنسبة للمحرر الأدبي الجيد ألا يتدخل في النص المترجم إلا إذا استدعت الحاجة

تدخل المحرر الأدبي

ويشير الفولي إلى نقطة أخرى، تتعلق بعمل المحرر الأدبي، وهو يعتقد أنه «من المفترض بالنسبة للمحرر الجيد، الذي يعمل لدى الناشر، ويشتغل على نسخة المترجم، ألا يتدخل في النص المترجم إلا إذا استدعت الحاجة، وألا يمارس (تغييرات صبيانية) من دون داعٍ، لكن ما يحدث على أرض الواقع يأتي أحياناً عكس ذلك». ويذكر أنه شاهد هراء كثيراً في «تحرير» بعض من ترجماته، ومنها أشياء كادت تصيبه بالجنون، وتعلقت بإدخال تغييرات من دون أي سبب أو منطق واضح، فهي تغييرات لمجرد التغيير!

على سبيل المثال، يغير محرر ما جملة «من جهة أخرى» إلى «من جانب آخر»، فيقول الفولي: «حسناً ربما هذه صيغته المفضلة. وذات مرة، استخدم المترجم عبارة «شُغل عيال» التي تنتمي إلى العامية المصرية، لكن يمكن قراءتها بالفصحى ومفهومة من المحيط إلى الخليج، لكن المحرر قام بتعديلها إلى «أفعال صبيانية»، مع أنها وردت في النص الأصلي بمصطلح دارج يوازي في طبقته اللغوية كلمتي «شغل عيال».

ويتوجه الفولي في نهاية الكتاب بعدة نصائح أو رسائل من واقع تجربته العملية إلى المترجمين الشبان، مؤكداً أن الفشل من ثوابت الحياة. ليس عثرة، إنه جزء من الطريق، بل الطريق الوحيد نحو النجاح.

ويضيف قائلاً: «قد تفشلون في فهم المعاني وفي تقديم أفكاركم وفي صياغة عروضكم أمام الناشرين، ومع كل مرة تلعنون فيها أنفسكم أو العالم ستضعون أياديكم على مكمن الخطأ، ستقبضون عليه بأصابعكم المرتعشة من فرط الندم أو الغضب. هكذا فحسب ستعرفونه وستعترفون به، وحينئذ لن تكرروه. لا أحد يفوز دائماً. الأفضل هو من يخسر وينهض ويقاوم، لأن من يستمر في المقاومة لا ينهزم أبداً».

OSZAR »