وجهت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ضربة جديدة للعلاقات مع السلطة الفلسطينية ومطالب إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية؛ إذ دمجت مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس مع السفارة الأميركية لدى إسرائيل بالقدس.
ورغم أن ناطقة باسم «الخارجية» الأميركية قالت، الثلاثاء، إن الخطوة لا تعكس أي تغيير في «التزام الولايات المتحدة بالتواصل» مع الفلسطينيين، فإن مصدراً في السلطة الفلسطينية قال لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار «يُعبر عن إصرار ترمب على تكريس الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونفي أي حق فلسطيني في المدينة».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، إن إدارة ترمب قررت دمج مكتب الشؤون الفلسطينية بالسفارة الأميركية، وجعله خاضعاً لسلطة السفير الأميركي لدى إسرائيل، ماياك هاكابي، المعروف بموقفه الداعم لتل أبيب والمعادي للفلسطينيين.
وذكرت بروس في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أنه بناء على أوامر وزير الخارجية، ماركو روبيو، سيقوم هاكابي «بدمج» مسؤوليات المكتب في أقسام أخرى بالسفارة خلال الأسابيع المقبلة.
ماذا يعني القرار؟
ويعني القرار فعلياً بالنسبة لواشنطن إنهاء الاتصال المباشر بين المكتب الذي كان مخصصاً للفلسطينيين، ومقر الخارجية الأميركية، وإخضاعه لسلطة السفير الأميركي، أو كما قالت بروس «إعادة العمل بالإطار الذي كان قائماً في فترة ترمب الأولى، وهو وجود بعثة دبلوماسية أميركية موحدة في عاصمة إسرائيل، تتبع السفير الأميركي لدى إسرائيل».
وأشار المصدر إلى دمج مكتب شؤون الفلسطينيين مع السفارة الأميركية «يُنهي الأمل بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس التي كانت بمثابة سفارة لدى الفلسطينيين».
وتابع: «هذا يعني عملياً إنهاء التمثيل الأميركي لدى السلطة، ويشير إلى إصرار ترمب على دعم إسرائيل، بكل الطرق، وعدم اعترافه بالدولة الفلسطينية، أو حق الفلسطينيين بالاستقلال والسيادة، ولا حتى بالكيانية الفلسطينية».
وكان ترمب قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في العام التالي، ثم أغلق القنصلية العامة الأميركية التي كانت تخدم الفلسطينيين، في خطوات أدت في نهاية الأمر إلى قطيعة كاملة مع السلطة.
لكن الرئيس التالي جو بايدن، أعاد افتتاح مكتب الشؤون الفلسطينية، بوصفه نواة لإعادة افتتاح القنصلية وهي خطوة رحّبت بها السلطة كثيراً، واعتبرتها نصراً معنوياً آنذاك، واعترافاً بالقدس الشرقية عاصمة للدولة المرجوة.
وأخبرت إدارة بايدن إسرائيل منتصف عام 2021 أنها بصدد إعادة فتح القنصلية الأميركية، رسمياً، لكن الخطوة لم تتم بسبب خلافات حادة بين واشنطن وتل أبيب، وظل مكتب الشؤون الفلسطينية قائماً.
صراع سياسي وسيادي
والقنصلية الأميركية في القدس محل صراع «سياسي» و«سيادي» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت على مدار أكثر من عشرين عاماً، هي الممثلية الدبلوماسية الأميركية لدى السلطة الفلسطينية، وكانت حلقة الوصل الأقرب مع الفلسطينيين، وتُعنى بإصدار التأشيرات لهم، وتشرف كذلك على مشاريع واسعة في مختلف المجالات بما في ذلك تقديم المساعدات.
وكان المكتب في القدس الذي افتتحه بايدن وأغلقه ترمب، نقطة اتصال واشنطن مع السلطة الفلسطينية والفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وغزة كذلك، ويكتسب أهميته لرام الله إشارة إلى اهتمام واشنطن بالقضايا الفلسطينية، والنظر للضفة الغربية وقطاع غزة بصفتها مواقع فلسطينية منفصلة عن إسرائيل.
ولم تعلق السلطة الفلسطينية فوراً على إعلان إدارة ترمب حول دمج مكتب التمثيل الفلسطيني بالسفارة.
ويتجنب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مواجهة مع إدارة ترمب الحالية، بخلاف المواجهة التي حدثت أثناء إدارته الأولى، ويأمل في أن يتبنى ترمب أخيراً إطلاق مسار سياسي جديد.
وتوجد قنصليات لعدد من الدول في القدس لإقامة علاقات مع الفلسطينيين، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والسويد وإيطاليا والفاتيكان.