ترددت أصداء الإعلان التاريخي لحزب «العمال» الكردستاني التركي (pkk) حل نفسه، وإيقاف أعماله المسلحة، ما سينهي عملياً حرب 4 عقود مع أنقرة، بقوة في كردستان العراق، التي هي «كردستان الجنوبية» بالنسبة للقومية الكردية التي تتوزع على أربع دول (تركيا، والعراق، وإيران، وسوريا). وستسمع تلك الأصداء الإيجابية في عموم العراق، ذلك أن حرب الأربعة عقود بين الجيش التركي وعناصر «العمال» دارت رحى كثير منها عبر الحدود الشمالية للعراق، وما يمثله ذلك من خسائر مادية، وبشرية، وانتهاك للسيادة الوطنية.
ومنذ عقود تبرم الحكومة العراقية المتعاقبة اتفاقات أمنية مع تركيا، تسمح في جزء منها بتوغل القوات التركية داخل أراضيها، لملاحقة عناصر حزب «العمال» الذين يتخذون من المناطق الوعرة في إقليم كردستان منطلقاً لعملياتهم العسكرية ضد الجيش التركي.
وقرر حزب «العمال» الكردستاني التركي، الاثنين، حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح، تلبية لدعوى وجهها زعيمه عبد الله أوجلان، نهاية فبراير (شباط) الماضي، بعد حرب امتدت لأربعة عقود مع أنقرة.
أربيل أول المرحبين
أعلن زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، الاثنين، دعمه الكامل لنجاح عملية السلام في تركيا.
وقال بارزاني، في بيان، إن «من دواعي السرور، قيام الأطراف المعنية فيما يخص عملية السلام في تركيا، بإبداء مواقف جيدة، واتخاذها خطوات إيجابية نحو الحل السلمي، بعدما عقد حزب (العمال) الكردستاني مؤتمره، وأصدر جملة من القرارات... نحن نأمل بأن تفضي هذه العملية إلى نتائج جيدة تصب في مصلحة وخير المنطقة، والجميع».
ورحب كذلك، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني بقرار حزب «العمال»، وقال في بيان وزعه مكتب الرئاسة: «نرحب بقرار حزب (العمال) الكردستاني بحل نفسه، وإلقاء السلاح، والاستجابة لدعوة السيد أوجلان، ونراه خطوة مصيرية تفتح صفحة جديدة في المنطقة». أضاف: «هذه الخطوة تدل على النضج السياسي، وتمهد الطريق لحوار حقيقي يعزز التعايش والاستقرار في تركيا، وجميع أنحاء المنطقة... لقد آن الأوان، والجميع ينتظر أن تُقابل هذه الخطوة المهمة بخطوات إيجابية وضرورية أخرى من قبل جميع الأطراف المعنية. فهذا يخلق أرضية مناسبة وملائمة وأساساً لسلام دائم وشامل، ينهي عقوداً من العنف والآلام والمعاناة، ويمضي بالمنطقة نحو آفاق جديدة من التقدم».
وأكد بارزاني أن «إقليم كردستان، كما هو الحال دائماً، يساند جميع الجهود لحل النزاعات بالطرق السلمية، ونأمل أن تصبح هذه المبادرة نقطة تحول حاسمة». وأكد كذلك «استعداد الإقليم الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون، لإنجاح هذه الفرصة التاريخية».
تهجير 700 قرية كردية
وأكد القيادي في حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، غياث السورجي، ترحيب جميع الأحزاب الكردية، سواء المشاركة في حكومة الإقليم أو المعارضة لها، ذلك أن «الاتفاق التاريخي بين تركيا وحزب (العمال) الكردستاني سوف ينعكس إيجابياً على إقليم كردستان، وحكومته، ومواطنيه، وعلى العراق بشكل عام».
وقال السورجي لـ«الشرق الأوسط» إن «الصرع بين الجانبين أدى إلى تهجير ونزوح سكان 700 قرية في كردستان خلال العقود الأربعة الأخيرة، وهذه العمليات تسببت في أزمات كثيرة، كالسكن، والعمل، وما إلى ذلك، ولو بقي المواطنون في قراهم لساهموا في ازدهار اقتصاد كردستان، خاصة وهم يعملون في الزراعة، وتربية المواشي، والحيوانات».
وإلى جانب الخسائر الاقتصادية، تسبب النزاع بين أنقرة وحزب «العمال» الكردستاني في «سقوط آلاف الضحايا من المواطنين الأبرياء في كردستان، فضلاً عن تواصل عمليات القصف التركي على محافظات إقليم كردستان، وخاصة السليمانية، بذريعة وجود عناصر من حزب (العمال)».
وفضلاً عن عمليات القصف، والكلام لسورجي «قامت تركيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بفرض حصار جوي على مطار السليمانية، بذريعة عناصر حزب (العمال)، وهذا الإجراء ألحق خسائر مالية كبيرة بمواطني السليمانية، وبالحكومة الاتحادية باعتبار أن المطارات تابعة لها، ولدينا اليوم رحلات بين بغداد والسليمانية فقط بسبب الحظر التركي».
مكاسب لحكومة بغداد
ويعتقد السورجي أن «أي اتفاق سلام بين أنقرة وحزب (العمال) سيخدم أيضاً الحكومة الاتحادية في بغداد، لأن عناصر الحزب سينسحبون من العراق، ولن تبقى ذريعة لأنقرة في البقاء داخل الأراضي العراقية، وخاصة معسكر زليكان في ناحية بعشية بمحافظة نينوى». ويضيف: «إقليم كردستان جزء من العراق، وازدهاره ينعكس على العراق أيضاً، وذلك سيتحقق من خلال استتباب الأمن في الإقليم بعد انسحاب القوى المتصارعة على أراضيه، كما أنه سيساهم في استعادة السيادة العراقية بشكل عام، لأن حماية حدود البلاد من مهام الحكومة الاتحادية».