كشفت مصادر سياسية، الاثنين، عن قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية الذي يلغي القيود المفروضة على امتلاك المستوطنين الإسرائيليين لأراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، ويتيح امتلاك هذه الأراضي بحرية.
وقالت المصادر إن القرار بعنوان: «تسجيل حقوق ملكية أراضٍ في (المنطقة ج) بالضفة الغربية». وبموجبه، يتاح لأول مرة منذ احتلال عام 1967، امتلاك المستوطنين الأرض، بشكل مناقض للقوانين الدولية المتعلقة بالاحتلال.
وسيؤدي القرار إلى نهب أراضي فلسطينيين يواجهون صعوبة في إثبات ملكيتهم لأراضيهم، ويفتح الباب أمام تزييف ملكية الأرض، خصوصاً عندما يكون أصحابها قليلي الحيلة من الذين يعيشون في الريف أو في الخارج، وهو يعني أن يتاح أيضاً تحويل هذه الأراضي إلى بؤر استيطانية جديدة.
وبموجب قرار «الكابينيت»، يتعين على سلطة تسجيل وتسوية الحقوق العقارية في وزارة القضاء، والمستشار القضائي لجهاز الأمن و«مديرية الاستيطان»، إنهاء العمل على ذلك خلال 60 يوم عمل من أجل تنفيذ تسوية الأراضي.
المتطرفون يرحبون
وقوبل القرار بترحيب الوزراء المتطرفين؛ فوصفه وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بأنه «ثوري»، و«ينفذ العدل مع الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة، وسيؤدي إلى تعزيزه وترسيخه وتوسيعه».
وقال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إن «تسوية الأراضي تنضم إلى إجراءات تسوية الاستيطان الشبابي (أي البؤر الاستيطانية العشوائية) والتخطيط والبناء وتطوير الشوارع والبنية التحتية التي نقودها من أجل إحضار مليون مستوطن آخر، لتعزيز الحزام الأمني لدولة إسرائيل، والقضاء على خطر الدولة الإرهابية الفلسطينية».
كذلك أوعز «الكابينيت» لجهاز الأمن الإسرائيلي بأن يلجم «بأي وسيلة» إجراءات موازية بدأت السلطة الفلسطينية بتنفيذها.
ونقلت صحيفة «هآرتس»، الاثنين، عن كاتس، قوله إن هذا القرار «سيعزز المستوطنات».
كيف سيتم النهب؟
ويقضي القرار بتسجيل حقوق ملكية على أراضٍ في الطابو (جهة تسجيل ملكية الأراضي)، في نهاية إجراءات ترسيم خرائط ونظر سلطات الاحتلال في مطالب حول الملكية.
وتسجيل الملكية في الطابو هو إجراء نهائي ومن الصعب الاستئناف عليه. وفي إطار هذه الإجراءات، فإن أي أرض ليست مسجلة عليها حقوق ملكية، تنتقل إلى سلطات الاحتلال.
ويُذكر أنه إبان الانتداب البريطاني والحكم الأردني في الضفة الغربية، تم البدء في إجراءات تسجيل الأراضي، لكن إسرائيل جمّدت هذه الإجراءات بعد احتلال الضفة في عام 1967.
وقال الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي وقوانين الحرب، المحامي الحقوقي ميخائيل سفاراد، إن قرار «الكابينيت» يتناقض مع القانون الذي يحظر إجراء تغييرات ذات تأثيرات بعيدة المدى في منطقة محتلة.
وأضاف سفاراد في تصريحات لصحيفة «هآرتس»، أنه «لا يوجد أي احتمال أن يحصل أي فلسطيني على اعتراف بحقوق ملكيته. وقرار تسوية الأراضي سينفذ في ظروف تحوله إلى نهب هائل لجميع الأراضي في المنطقة (ج) من جانب دولة إسرائيل».
وشدد على أنه «ليس صدفة أنه تم فرض حظر على المحتل بعد تسوية وضع أراضٍ. وهذا الحظر نابع من حقيقة أنه في ظروف الاحتلال ليس بالإمكان تنفيذ تسوية بشكل حرّ. ولا توجد إمكانية للفلسطينيين للوصول إلى معلومات ووثائق بإمكانها إثبات حقوقهم».
وشرح أن «الغائبين (أي الفلسطينيين الذين لا يسكنون في إسرائيل أو الضفة) لا يمكنهم المشاركة في هذه الإجراءات بالرغم من كونهم أصحاب الأراضي، والمحتل ليس جهة حيادية تحسم في دعاوى، ويوجد عدم ثقة مطلق وتخوف من جعل فلسطينيين كثيرين يمتنعون عن المشاركة في هذا الإجراء».
وبدأت السلطة الفلسطينية، في السنوات الأخيرة، بإجراءات تسجيل الأراضي، لكن إسرائيل لا تعترف بذلك.
وقرار «الكابينيت» يقضي بأنه لن يتم منح أي صلاحية للإجراء الفلسطيني، ويوعز لجهاز الأمن الإسرائيلي بمنع استكماله «بكافة الوسائل التي بحوزته».
وبين الوسائل التي يذكرها قرار «الكابينيت»، منع دخول موظفين أو مهندسين مسّاحين فلسطينيين إلى المناطق التي تسري تسوية الاحتلال للأراضي فيها، ومنع تحويل مساعدات اقتصادية من دول أجنبية من أجل تنفيذ إجراءات فلسطينية لتسجيل الأراضي.
وأوعز «الكابينيت» في قراره لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ولرئيسَي «الشاباك» و«الموساد»، بتحويل معلومات إلى وزارة المالية حول استثمارات السلطة الفلسطينية من أجل تنفيذ إجراءات تسجيل الأراضي، ومن ضمنها أموال جُمعت كتبرعات من دول أجنبية، من أجل البحث في سبل خصمها من مستحقات المقاصة للسلطة الفلسطينية.