تشير تقديرات إسرائيلية من خارج نطاق داعمي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأخرى من حركة «حماس»، إلى أن الإدارة الأميركية باتت تدفع باتجاه الضغط على تل أبيب للمضي نحو صفقة لإنهاء الحرب في غزة.
وفي مقابل تأكيد مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف على «الحل الدبلوماسي» لعودة الأسرى، جدد نتنياهو حديثه عن استمرار الحرب.
ومن شأن ما يتسرب عن التقديرات للموقف الأميركي الجديد أن تمثل تحولاً لإدارة الرئيس دونالد ترمب التي كثيراً ما قدمت عبر مبعوثها صفقات لتحرير الأسرى، ولكن من دون الإشارة إلى وقف الحرب بشكل نهائي.
لكن «حماس» نفذت ما قالت إنه «بادرة حسن نية» تجاه ترمب، وأفرجت، يوم الاثنين، عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضاً، عيدان ألكسندر، وكان آخر محتجز أميركي حي لديها.
«الحلول الدائمة»
ونقلت عائلات الأسرى الإسرائيليين عن ويتكوف في أثناء لقائه معهم في تل أبيب، الثلاثاء قوله: «نحن ملتزمون بعودة جميع الأسرى. الأحياء والأموات، ولن نقبل بأقل من عودة الجميع. هذه مهمة الرئيس (ترمب)».
وأكد ويتكوف قبل أن يغادر إلى الدوحة مع مسؤول ملف الرهائن في الإدارة الأميركية آدم بوهلر الذي حضر أيضاً اللقاء: «نود جميعاً أن نرى حلاً دبلوماسياً. والحقيقة أن معظم الناجين غادروا من خلال حل دبلوماسي».
واستكمل: «لو لم نكن أنا وآدم (بوهلر) نعتقد بوجود فرصة للتقدم في المفاوضات، لما ذهبنا إلى الدوحة».
Steve Witkoff and Adam Boehler recently concluded a meeting with the Hostages Families Forum.During the nearly two-hour meeting, both officials emphasized their personal commitment to bringing back all 58 remaining hostages - both the living and the deceased. Mr. Witkoff... pic.twitter.com/TnFY0idmD2
— Bring Them Home Now (@bringhomenow) May 13, 2025
وسعت الحكومة الإسرائيلية خلال الأيام القليلة التأكيد على تمسكها بما سمته «مقترح ويتكوف» للتسوية، والذي كان مطروحاً قبل صفقة الإفراج عن عيدان ألكسندر، ولا ينص على وقف الحرب، ورفضته «حماس»
لكن المسعى الإسرائيلي لمحاولة التشبث بالصيغة السابقة والإيحاء باستمرارها، لا يبدو صالحاً بعد، أو هكذا على الأقل، قال مصدران كبيران، لصحيفة «معاريف» إن «الأميركيين لم يعودوا يرون في المخطط الأصلي (مخطط ويتكوف) مفتاحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ويتحركون نحو الحلول الدائمة».
مفاوضات في الدوحة
بدأ ويتكوف في الدوحة، الثلاثاء، جولة مفاوضات جديدة بشأن الأسرى في غزة، وذلك بعد زيارة استمرت يومين في إسرائيل، ونجحت في إجبار نتنياهو على إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة كذلك.
وإضافة إلى ويتكوف وبوهلر ووفد التفاوض الإسرائيلي، يُفترض أن يصل أيضاً وفد صغير من أهالي الأسرى إلى الدوحة بهدف اللقاء بالرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني في وقت لاحق.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الرئيس ترمب وإدارته قرروا استغلال الزخم الحالي من أجل الدفع نحو إنهاء الحرب.
وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن وصول ويتكوف وبوهلر ووفد إسرائيلي إلى الدوحة جاء في إطار محاولات استغلال زخم إطلاق ألكسندر «للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، ويطلق سراح جميع الرهائن».
استغلال الفرصة
ووفق صحيفة «معاريف» فإن إدارة ترمب غيرت الخطة، (خطة ويتكوف السابقة)، وتتطلع الآن إلى الأمام.
وقالت الصحيفة إن ويتكوف عندما التقى نتنياهو، الاثنين، لأكثر من ساعتين، ركز على الرغبة الأميركية في استغلال الفرصة ما دام الرئيس ترمب في المنطقة، والتوصل إلى اتفاق.
وبعد المحادثة المطولة مع ويتكوف، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه أمر بإرسال فريق التفاوض الإسرائيلي إلى قطر. ويضم الفريق منسق شؤون أسرى الحرب والمفقودين جال هيرش، ونائب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، ومستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية أوفير فالك.
وبحسب المصدرين الكبيرين اللذين تحدثا إلى «معاريف» فقد «طرح ويتكوف على نتنياهو مقترحاً جديداً على الطاولة في محاولة للمضي قدماً في طريق يوفر أفقاً لإنهاء الحرب. وأضافت «معاريف»: «المقترح يقوم على توفير منظور لاتفاق شامل من شأنه أن يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم وطويل الأمد.
ويحاول ويتكوف سد الفجوات بين إسرائيل و«حماس» بما في ذلك التوصل إلى اتفاق حول حكم غزة، و«نزع سلاح (حماس)»، ووقف الحرب.
وفيما يبدو الاتفاق على حكم غزة ممكناً، يدرس ويتكوف إمكانية نزع سلاح «حماس» على مراحل، ووقف إطلاق نار طويل تجري خلاله مفاوضات حول التسوية النهائية.
نتنياهو يشوش
وفيما بدا رداً على الضغوط الأميركية، سعى نتنياهو إلى التشويش على مسعى إنهاء الحرب، وقال، يوم الثلاثاء، إنه «رد على الضغوط والخطط الأميركية، إنه سيتابع المهمة في غزة».
وأضاف في أثناء لقائه مجموعة من جنود الاحتياط المصابين في حرب غزة أن «تحرير جميع الأسرى، والقضاء على (حماس) هما هدفان يسيران جنباً إلى جنب».
واستطرد نتنياهو: «نحن (أي الجيش الإسرائيلي) على وشك الدخول بكل قوة، خلال الأيام القريبة، لاستكمال المهمة وهزيمة (حماس)»، وتابع: «قد تقول (حماس): توقفوا، نريد إطلاق سراح 10 أسرى آخرين، حسناً فليكن، سنأخذهم، ثم نتابع المهمة، لكن لن يكون هناك وضع نوقف فيه الحرب، يمكن أن تكون هناك هدنة مؤقتة ومحددة المدة، لكننا ماضون حتى النهاية».
وأردف: «سنذهب باتجاه تحقيق النصر المطلق في قطاع غزة».
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد محادثة هاتفية أجراها مع ويتكوف الذي كان يزور ألكسندر في المستشفى.
وتحدث نتنياهو مع ألكسندر وويتكوف من الهاتف نفسه، وقال لويتكوف بعد أن اطمأن على ألكسندر، وحثه على التعافي، إنه يقدر المساعدة الأميركية، ورد ويتكوف بأنه يقدر له أنه سمح بإتاحة الأمر.
استثمار خطوة عيدان
ووصل ويتكوف للقاء عائلات الرهائن، وقال لهم إن نتنياهو يجب أن يكون مسروراً بإطلاق ألكسندر، وعليه أن يستثمره.
وقالت «القناة الـ13» الإسرائيلية إن ويتكوف حث نتنياهو في أثناء محادثاتهما على استغلال «نافذة الفرص» في الأيام المقبلة للتوصل إلى صفقة.
وقالت «حماس» في بيان، الثلاثاء، إن عودة ألكسندر ثمرة الاتصالات الجادة مع الإدارة الأميركية وجهود الوسطاء، وليست نتيجة العدوان الإسرائيلي.
وأضافت: «نتنياهو يضلل شعبه، وفشل في استعادة أسراه بالعدوان». وتابعت الحركة: «عودة عيدان ألكسندر تؤكد أن المفاوضات الجادة، وصفقة التبادل هي السبيل لإعادة الأسرى، ووقف الحرب».
وكانت «حماس» ترد على تصريحات سابقة لنتنياهو قال فيها إن إطلاق ألكسندر تحقق بفضل الضغط العسكري.