خامنئي يتوعد: على أميركا أن ترحل من المنطقة… وسترحل

وصف حديث ترمب عن السلام بـ«الكذب»

المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
TT

خامنئي يتوعد: على أميركا أن ترحل من المنطقة… وسترحل

المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)

هوَّن المرشد الإيراني علي خامنئي، السبت، من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المنطقة، متهماً إياه بـ«الكذب» بشأن سعيه لإحلال السلام في المنطقة، مضيفاً أنه على الولايات المتحدة «أن تغادر المنطقة، وستغادرها».

وذكر ترمب للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية بعد مغادرته الإمارات، أمس (الجمعة)، أن على إيران أن تتحرَّك سريعاً بشأن اقتراح أميركي لاتفاق نووي، وإلا «فسيحدث ما لا تُحمد عقباه».

ونقل موقع خامنئي الرسمي قوله، لمجموعة من أنصاره، إن تصريحات ترمب عن بلاده خلال زيارته لمنطقة الخليج «لا تستحق الرد عليها».

وأضاف خامنئي أن ترمب «كذب عندما قال إنه يريد السلام»، في إشارة إلى تصريحات ترمب بأن على إيران الإسراع في قبول مقترح أميركي متعلق ببرنامجها النووي، وإلا «فسيحدث ما لا تُحمد عقباه».

تأتي تصريحاته في الوقت الذي تجري فيه واشنطن وطهران مباحثات بوساطة عُمانية، منذ 12 أبريل (نيسان)؛ سعياً إلى اتفاق جديد بشأن برنامج طهران النووي، يحل بدلاً من اتفاق دولي أُبرم قبل عقد.

وهذه المباحثات هي الأعلى مستوى بين البلدين منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في 2018.

وكان ترمب انتقد أداء المسؤولين في إيران، ودورها الإقليمي، خلال زيارته إلى المنطقة. وقال في جولته الإقليمية: «إن قادة إيران ركزوا على سرقة ثروات شعبهم لتمويل الإرهاب وإراقة الدماء في الخارج».

وأكد ترمب أن واشنطن قدمت لإيران مقترحاً لاتفاق بين الطرفين، لافتاً إلى أن البلدين يقتربان من التوصُّل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ما من شأنه أن يجنّب عملاً عسكرياً سبق للرئيس الأميركي أن لمّح إليه في حال فشل التفاوض.

وحضَّ ترمب إيران على «التحرك» بشأن هذه القضية، «وإلا فسيحدث شيء سيئ». وأضاف: «لديهم مقترح، والأهم من ذلك أنهم يعلمون أن عليهم التحرك بسرعة، وإلا فسيحدث أمر سيئ».

وقال ترمب إنه قدم للقيادة الإيرانية «غصن زيتون»، مشيراً إلى أن هذا العرض لن يبقى قائماً إلى الأبد. وأكد ما يريده: «إنها جملة واحدة فقط. لا يمكنهم الحصول على سلاح نووي».

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو الخميس لقناة «فوكس نيوز»: «في نهاية المطاف، يعود القرار إلى شخص واحد، وهو المرشد في إيران، وآمل أن يختار طريق السلام والازدهار لا طريق الدمار، وسنرى كيف ستتطور الأمور».

«الرحيل وسترحل»

وفي أول تعليق له على العرض الأميركي، قال خامنئي، إن تصريحات ترمب «تعدُّ مصدر خزي لقائلها، ومصدر خزي للشعب الأميركي»، بحسب «إرنا».

ويعتقد خامنئي أنه «بعزم من دول المنطقة، ستُجبر الولايات المتحدة على الرحيل من هذه المنطقة، وسترحل حتماً»، متهماً الولايات المتحدة بالسعي وراء «فرض نموذج تابع على الدول يكرس التبعية الدائمة لها».

ورفض خامنئي تقديم تنازلات في المجالين العسكري والنووي، قائلاً إن بلاده «ستزداد قوة وستحقق تقدماً مضاعفاً ليصاب الأعداء بالعمى من حسرتهم».

وذكر موقع خامنئي أنه وصف جزءاً من تصريحات ترمب «التي ادعى فيها أنه يريد استخدام القوة لتحقيق السلام» بأنها «كذب مفضوح».

وأضاف: «لقد سخَر هو والمسؤولون الأميركيون والإدارات الأميركية المتعاقبة قوتهم لدعم المجازر في غزة، وإشعال فتيل الحرب أينما استطاعوا، ولتقديم الدعم لمرتزقتهم».

ووصف خامنئي إسرائيل بأنها «ورم سرطاني خطير ومميت في المنطقة»، ويجب استئصاله من جذوره.

«السلام والتهديد»

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قال، في وقت سابق اليوم، إن ترمب يتحدَّث عن السلام والتهديد في آن واحد. وتساءل في خطاب أمام القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني في طهران: «أيهما نصدق؟... مِن جهة، يتحدث عن السلام، ومن جهة أخرى، يهدِّد بأحدث وسائل القتل الجماعي»، حسب «رويترز».

أما الرئاسة الإيرانية، فقد نقلت عن بزشكيان قوله في هذا الصدد: «ما أسسه ترمب في المنطقة نشر التهديد، وعدم الاستقرار، والازدواجية؛ فهو يتحدَّث عن السلام من جهة، ويقدِّم من جهة أخرى أدوات يزعم أنها تمتلك قوة تدميرية مرعبة على مستوى العالم».

وتابع: «لقد نطق ترمب في المنطقة بكلام لا يستطيع أحدٌ تصديقه سواه! فأي كلام للرئيس الأميركي نصدقه؟ هل نصدق رسالته عن السلام، أم رسالته عن القتل وتدمير البشر؟!».

كما اتهم بزشكيان القوى الغربية بـ«التناقض»، قائلاً: «لا يمكنك أن تدعي السلام وتدافع في الوقت نفسه عن أدوات القتل. أن يعلن رئيسٌ أنه صنع سلاحاً لديه قدرة تدميرية، فهذا يتعارض مع رسالة السلام والأمن العالميين».

في الوقت نفسه، قال: «نحن عازمون على أن نرفع بلدنا إلى قمم لا يتخيلها الأعداء حتى في أحلامهم. هذه الإرادة تنبع من إيماننا بالشعب، وثقتنا بقدراتنا، واعتمادنا على التلاحم الوطني».

ومع ذلك، قال إن طهران ستواصل المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، لكنها لا تخشى التهديدات قائلاً: «نحن لا نسعى إلى الحرب».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في منشور على «إكس»، إن طهران لم تتلقَّ أي اقتراح من هذا القبيل. وأوضح: «لا يوجد سيناريو تتخلى فيه إيران عن حقها الذي اكتسبته بشق الأنفس في التخصيب (اليورانيوم) للأغراض السلمية».

وحذر عراقجي تحذيره، اليوم (السبت)، من أن تغيير واشنطن المستمر لموقفها يطيل أمد المحادثات النووية.

وذكر التلفزيون أن عراقجي قال: «من غير المقبول على الإطلاق أن تحدِّد أميركا مراراً إطاراً جديداً للمفاوضات، مما يطيل أمد العملية».

وقال بزشكيان إن إيران لن «تتراجع عن حقوقها المشروعة، ولن نقبل الخضوع للإذلال والقوة الغاشمة». وأضاف: «لأننا نرفض الرضوخ للترهيب، يقولون إننا مصدر عدم الاستقرار في المنطقة».

وصرح بزشكيان: «نؤمن بالمفاوضات وسنفاوض، لكننا لن نرتعب من التهديدات أبداً. أوهام الأعداء بأنهم يستطيعون بالضغط والترهيب حرمان الشعب الإيراني من حقوقه المشروعة والإنسانية ليست سوى سراب». وقال: «لن نضيع الانجازات العسكرية والنووية و... ببساطة».

وانتهت جولة رابعة من المحادثات الإيرانية - الأميركية في سلطنة عمان، الأسبوع الماضي، دون تحديد موعد جولة جديدة بعد.

وأشار بزشكيان إلى اغتيال علماء نوويين في إيران قبل سنوات، وعدَّ ذلك «دليلاً على زيف ادعاءات مَن يتشدقون بحقوق الإنسان»، وقال: «يغتالون علماءنا ومفكرينا، ثم يقلبون الحقائق ويتهمون إيران بزعزعة الأمن في المنطقة، بينما سبب غضبهم الحقيقي هو صمود الشعب الإيراني في وجه هيمنتهم».

وقال بزشكيان: «الأعداء يسعون إلى بث اليأس في المجتمع»، مضيفاً: «كل جهودهم تتركز على غرس فكرة العجز في أذهان الناس. ومن ناحية أخرى، يعملون على تدمير الوحدة الداخلية عبر إذكاء الخلافات والفوضى».

وشدَّد بزشكيان على ضرورة نبذ الخلافات، وتعزيز دور الوحدة الوطنية في تجاوز التحديات، قائلاً: «ما تَشكَّل اليوم في البلاد هو صورة غير مسبوقة من التماسك والتعاطف والتنسيق، الذي أثمر بفضل توجيهات المرشد، وهو يتعزَّز يوماً بعد يوم».

وقال بزشكيان: «في بلادنا، تتقوى الوحدة والتماسك يوماً بعد يوم. وفي تعاملنا مع جيراننا، نتبع بجدية طريق الأخوة والصداقة والمودة».

اجتماع مع الترويكا الأوروبية

واجتمع مسؤولون إيرانيون وممثلون من الترويكا الأوروبية في إسطنبول، الجمعة، ولا تشارك القوى الأوروبية في المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، التي انتهت الجولة الرابعة منها في سلطنة عمان، الأسبوع الماضي. ولم يتحدد بعد موعد لجولة جديدة.

وأتى لقاء إسطنبول بعد تحذير عراقجي من تبعات «لا رجعة فيها»، إذا تحركت القوى الأوروبية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، التي رفعت بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015. ومع ذلك، فقد أجروا محادثات متكررة مع الإيرانيين، كان آخرها في مارس (آذار)، عندما ناقشوا رؤيتهم لمعايير اتفاق يحل محل اتفاق عام 2015. وسعت القوى الثلاث إلى التنسيق مع واشنطن، لا سيما بشأن ما إذا كان ينبغي إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران المعروفة في الأوساط الدبلوماسية باسم «آلية إعادة فرض العقوبات». ولم يكن هذا التنسيق سهلاً؛ حيث عبَّر دبلوماسيون أوروبيون عن استيائهم من عدم وضوح سياسة الولايات المتحدة بشأن مفاوضاتها مع طهران.

وبحث روبيو الملف الإيراني في لقاء مع مستشارين في الشؤون الدبلوماسية والأمنية من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بحسب مسؤول أميركي. وأوضح عراقجي سابقاً أن المباحثات مع الأميركيين والأوروبيين تمضي في مسارين منفصلين.

وتدرس مجموعة الترويكا الأوروبية آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات بحلول أغسطس (آب)، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جوهري بحلول ذلك الوقت.

وتنتهي فرصة إعادة فرض العقوبات في 18 أكتوبر (تشرين الأول).

وأفاد كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، على منصة «إكس» إن إيران والأوروبيين اتفقوا على إجراء مزيد من المحادثات إذا لزم الأمر. وأضاف: «إيران والدول الأوروبية الثلاث عازمة على مواصلة الدبلوماسية والاستفادة منها على النحو الأمثل. سنلتقي مجدداً لمواصلة المناقشات إذا لزم الأمر».

وتدهورت العلاقات بين مجموعة الثلاث وإيران خلال العام الماضي على الرغم من الاجتماعات المتقطعة، وذلك نتيجة عقوبات جديدة فرضت على طهران بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية، واحتجازها مواطنين أجانب ودعمها لروسيا في حربها بأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

الجمهوريون يطالبون ترمب بـ«إزالة دائمة» لقدرة إيران على التخصيب

شؤون إقليمية ترمب يسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران (أ.ب)

الجمهوريون يطالبون ترمب بـ«إزالة دائمة» لقدرة إيران على التخصيب

يجد الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه أمام معارضة متصاعدة من داخل الحزب الجمهوري، في ظل تزايد المخاوف بين حلفائه من أن يؤدي تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الشرطة البريطانية تطوّق منزلاً خلال اعتقال رجل إيراني في بلدة روتشديل قرب مانشستر الأحد (غيتي)

بريطانيا تحاكم 3 إيرانيين بتهمة «التجسس» واستهداف صحافيين

أُحيل 3 إيرانيين إلى محكمة وستمنستر في لندن بتهم تتعلق بمساعدة الاستخبارات الإيرانية واستهداف صحافيين في بريطانيا، عقب تحقيق لمكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني الرئيسي على مسافة 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

إيران تجري محادثات «نووية» مع «الترويكا الأوروبية» في تركيا

تجري إيران محادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تركيا، الجمعة، غداة تلميح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قرب التوصُّل لاتفاق مع طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)
امرأة تمرّ أمام ملصقات لسيسيل كولر وجاك باري المحتجزَين بإيران... خلال وقفة دعم أمام «الجمعية الوطنية» في باريس يوم 7 مايو 2025 (رويترز)

باريس تتجه إلى «محكمة العدل» ضد إيران لاحتجازها فرنسيين

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس سترفع دعوى قضائية ضد إيران أمام «محكمة العدل الدولية» الجمعة، على خلفية احتجاز فرنسيين بتهم أمنية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
شؤون إقليمية ترمب يحضر مناقشة مائدة مستديرة مع رؤساء شركات أميركية في الدوحة (رويترز) play-circle

ترمب: اتفاق وشيك مع إيران قد يجنبنا الخيار العسكري

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الخميس)، أن الولايات المتحدة تقترب جداً من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران-الدوحة)

خامنئي يصعّد: أميركا سترحل من المنطقة

المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
TT

خامنئي يصعّد: أميركا سترحل من المنطقة

المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)

صعّد المرشد الإيراني، علي خامنئي، من مستوى انتقادات طهران لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال جولته لدول الخليج العربية، قائلاً إن على الولايات المتحدة «الرحيل من هذه المنطقة، وسترحل».

واتهم خامنئي ترمب بـ«الكذب» عندما قال إنه يريد السلام في المنطقة، قائلاً إن تصريحات ترمب «لا تستحق عناء الرد». وكان ترمب حض، الجمعة، إيران على التحرك سريعاً بشأن اقتراح أميركي للاتفاق النووي، وإلا «فسيحدث ما لا يُحمد عقباه».

كما هاجم خامنئي إسرائيل وعدّها «مصدر الفساد والفتنة والحروب في المنطقة»، واصفاً إياها بـ«ورم سرطاني خبيث وخطير (..) يجب أن يُستأصل وسيُستأصل».

بدوره، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: «نحن نؤمن بالمفاوضات وسنفاوض، لكن التهديدات لن ترعبنا أبداً». وأضاف أن ترمب «يتحدث عن السلام والتهديد في آن».

وأضاف أن إيران لن «تتراجع عن حقوقها المشروعة». وتابع: «لن نضيع الإنجازات العسكرية والنووية».

OSZAR »