«الذرية الدولية» تدعو إيران إلى تعاون فوري لإثبات سلمية برنامجها النووي

غروسي: جمع طهران لوثائق خاصة بالمفتشين «خطوة سيئة»

صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطاب غروسي في بداية اجتماع مجلس المحافظين في فيينا اليوم
صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطاب غروسي في بداية اجتماع مجلس المحافظين في فيينا اليوم
TT

«الذرية الدولية» تدعو إيران إلى تعاون فوري لإثبات سلمية برنامجها النووي

صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطاب غروسي في بداية اجتماع مجلس المحافظين في فيينا اليوم
صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطاب غروسي في بداية اجتماع مجلس المحافظين في فيينا اليوم

حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية غروسي من أن غياب التعاون من جانب إيران يعوق قدرة الوكالة التابعة للأمم المتحدة على تأكيد سلمية برنامجها النووي، ودعا إلى تحرك عاجل من طهران لحل القضايا العالقة المتعلقة بإجراءات الضمانات، كما ندد بجمع إيران لوثائق خاصة بمهام المفتشين الدوليين.

ويعقد مجلس محافظي الوكالة، الذي يضم 35 دولة، اجتماعه الفصلي هذا الأسبوع. وتعتزم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا طرح مشروع قرار على المجلس لإعلانه أن إيران لم تمتثل لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، في إعلان نادر منذ 20 عاماً.

وشدد غروسي في مستهل الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين في «الوكالة الذرية» على أهمية دورها وحياديتها في معالجة المسألة الإيرانية «الصعبة والحساسة»، مشدداً على أن الوكالة «سيكون لها دور لا غنى عنه في التحقق من أي اتفاق جديد» ستفضي إليه المحادثات الجارية بين إيران والولايات المتحدة.

وقال غروسي: «أنا على قناعة بأن السبيل الوحيد للمضي قُدماً يمر عبر حل دبلوماسي، مدعوم بقوة بترتيبات ومراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وأضاف: «سأواصل دعم وتشجيع الولايات المتحدة وإيران على بذل أقصى الجهود، والتحلي بالحكمة والشجاعة السياسية من أجل الوصول إلى خاتمة ناجحة».

وأشار غروسي إلى المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في القاهرة، بوساطة من وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي.

وأكد غروسي أن «استقرار الوضع» في إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي «ستكون له آثار فورية، وسيدفع منطقة الشرق الأوسط خطوة كبيرة نحو السلام، والازدهار».

صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من انطلاق اجتماعها الفصلي في فيينا

وأفاد غروسي بأن تقريره الأخير بشأن مدى امتثال إيران لاتفاق الضمانات بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي يتضمن «تقييماً شاملاً ومحدَّثاً فيما يتعلق بالقضايا العالقة السابقة والحالية المتعلقة ببرنامج إيران النووي». ويأتي هذا التقييم بعد قرار دفعت به القوى الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) بدعم من الولايات المتحدة في اجتماع مجلس المحافظين التابع لـ«الذرية الدولية» في نوفمبر (تشرين الثاني).

وأشار غروسي إلى عثور الوكالة الذرية على جسيمات يورانيوم من صنع بشري في ثلاثة مواقع إيرانية سرية (في ورامين، ومريوان، وتورقوز آباد)، لافتاً إلى أنه تم أخذ عينات من المواقع الثلاثة بين عامي 2019 و2020.

وقال غروسي: «منذ ذلك الحين، ونحن نسعى للحصول على تفسيرات وتوضيحات من إيران بشأن وجود جسيمات اليورانيوم هذه، بما في ذلك من خلال عدد من الاجتماعات والمشاورات رفيعة المستوى التي شاركتُ فيها شخصياً».

وأعرب عن أسفه أن إيران لم تجب مراراً وتكراراً عن أسئلة الوكالة، أو لم تقدم إجابات ذات مصداقية من الناحية التقنية عن أسئلة الوكالة، مشيراً إلى مساعي طهران لتطهير تلك المواقع، «مما أعاق أنشطة التحقق» وفقاً لغروسي.

وقال غروسي إن التقييمات التقنية لجميع المعلومات تظهر أن المواقع الثلاثة وغيرها من المواقع المحتملة الأخرى ذات الصلة «كانت جزءاً من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلنة».

وخلص غروسي إلى أن إيران «لم تعلن عن المواد النووية والأنشطة ذات الصلة بالمجال النووي في هذه المواقع الثلاثة غير المعلنة في إيران. ونتيجة لذلك، ليست الوكالة في وضع يسمح لها بتحديد ما إذا كانت المواد النووية ذات الصلة لا تزال خارج نطاق الضمانات».

وأوضح غروسي أن قرار إيران الأحادي وقف تنفيذ التعديل على البند 3.1 أدى إلى تقليص كبير في قدرة الوكالة على التحقق مما إذا كان البرنامج النووي الإيراني سلمياً بالكامل، وهو ما يشكل أيضاً خرقاً لالتزاماتها القانونية بموجب المادة 39 من اتفاق الضمانات، وذلك في إشارة إلى وقف طهران البروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار.

ووافقت طهران على تنفيذ البروتوكول الإضافي طوعاً، ضمن قبولها قواعد الاتفاق النووي لعام 2015، لكنها أوقفت العمل به في فبراير (شباط) 2021، بعد أسابيع من تولي الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وذلك في سياق إجراءات غير مسبوقة اتخذتها رداً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.

كما أشار غروسي إلى التراكم السريع لليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة، مشدداً على أن ذلك «يمثل مصدر قلق بالغ، ويزيد من تعقيد القضايا التي وصفتها. ونظراً لتداعياته المحتملة على الانتشار النووي، لا يمكن للوكالة أن تتجاهل تخزين أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب».

صورة نشرها موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خطاب غروسي خلال مؤتمر صحافي في فيينا اليوم

وأجاب غروسي في مؤتمر صحافي عن تقارير تحدثت عن حصول إيران على وثائق سرية تابعة لوكالة الأمم المتحدة للطاقة الذرية، واصفاً ذلك بـ«خطوة سيئة» تتعارض مع روح التعاون التي يجب أن تكون سائدة بين الوكالة وطهران.

وذكرت الوكالة في تقرير سري أرسلته إلى الدول الأعضاء في 31 مايو (أيار) أنها لديها «أدلة قاطعة على أن إيران جمعت بنشاط وثائق سرية للغاية تخص الوكالة، وحللتها».

وقال التقرير إن هذا الأمر «يثير مخاوف جدية بشأن روح التعاون لدى إيران» ويمكن أن يقوض عمل المفتشين الدوليين داخل إيران، لكن طهران قالت في بيان للدول الأعضاء الأسبوع الماضي إن الاتهام الوارد في التقرير «محض افتراء»، وإنه جاء «دون تقديم أي دليل أو وثيقة إثبات»، حسب «رويترز».

وقال غروسي: «هنا، للأسف، وهذا يعود إلى بضع سنوات مضت... استطعنا أن نحدد بكل وضوح أن وثائق تخص الوكالة كانت في أيدي السلطات الإيرانية، وهو أمر سيئ». وأضاف: «نعتقد أن عملاً كهذا لا يتوافق مع روح التعاون». ورداً على سؤال حول طبيعة الوثائق، وما إذا كانت وثائق إيرانية في الأصل استولت عليها إسرائيل، وتم تسليمها للوكالة، قال غروسي «كلا، لقد تلقينا الوثائق من دول أعضاء، ولدينا أيضاً تقييماتنا الخاصة بشأن الوثائق، والمعدات، وما إلى ذلك».

وفي مايو 2022، اتهمت إسرائيل إيران بسرقة وثائق سرية للوكالة الذرية، واستخدامها من أجل إخفاء أدلة في إطار برنامجها النووي. وحينها قال رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، نفتالي بنيت أن إيران «سرقت وثائق سرية للوكالة الذرية، واستخدمت هذه المعلومات للإفلات بشكل منهجي من عمليات التفتيش» المتعلقة ببرنامجها النووي. وأرفق رسالته بروابط إلى وثائق عدة بالفارسية قدمت على أنها سرية ومترجمة إلى الإنجليزية، فضلاً عن صور تدعم أقواله.

وجاء ذلك بعد أيام من تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» قال إن إيران استولت على وثائق سرية من الوكالة الدولية، ساعدتها في بلورة خطط لـ«التهرب» من تحقيقات الوكالة بشأن أنشطتها السابقة.

وبحسب التقرير قامت أجهزة الاستخبارات الإيرانية في 19 مايو 2004 بتوزيع تقارير داخلية من الوكالة بين مسؤولين كبار، تضمنت صوراً بالأقمار الاصطناعية، وقائمة بـ 18 سؤالاً كان المفتشون يستعدون لطرحها حول منشأة ثقيلة الماء في أراك، قبل أيام من التفتيش الذي كان مقرراً في 22 مايو 2004. ولم يصدر تعليق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد نشر التقرير.


مقالات ذات صلة

المبارزة الإيرانية ــ الإسرائيلية تنتظر ترمب

شؤون إقليمية عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقف بينما يتصاعد دخان جراء غارات إيرانية على موقع في هرتسليا قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

المبارزة الإيرانية ــ الإسرائيلية تنتظر ترمب

باتت الأنظار كلها موجّهة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمعرفة موقفه من المبارزة الإيرانية – الإسرائيلية، التي دخلت أمس يومها الخامس.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية  أعمدة دخان تتصاعد من مصفاة نفط في أعقاب ضربة إسرائيلية على العاصمة الإيرانية طهران، 17 يونيو 2025 (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: إيران تستعد لضرب قواعد أميركية حال انضمام واشنطن للحرب

كشفت تقارير استخباراتية أميركية أن إيران أعدّت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى لشن هجمات محتملة على قواعد أميركية في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية شعار تطبيق «واتساب» (أ.ب)

إيران تطالب مواطنيها بحذف تطبيق «واتساب» من أجهزتهم

حث التلفزيون الحكومي الإيراني، الثلاثاء، المواطنين في البلاد على إزالة تطبيق «واتساب» من هواتفهم الذكية، مدعياً أن التطبيق يرسل بيانات المستخدمين إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان (وام)

الإمارات تحذّر من تداعيات المواجهة الإسرائيلية الإيرانية

قال الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، إن بلاده تواصل الاتصالات والمشاورات المكثفة؛ لتهدئة الأوضاع وخفض التصعيد في الأزمة الإيرانية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حدث في البيت الأبيض واشنطن 12 يونيو 2025 (أ.ب) play-circle

تقرير: إسرائيل ترجّح دخول ترمب الحرب ضد إيران في الأيام المقبلة

أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري الثلاثاء نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أميركيين بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفكر جدياً في شن ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المبارزة الإيرانية ــ الإسرائيلية تنتظر ترمب

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقف بينما يتصاعد دخان جراء غارات إيرانية على موقع في هرتسليا قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقف بينما يتصاعد دخان جراء غارات إيرانية على موقع في هرتسليا قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

المبارزة الإيرانية ــ الإسرائيلية تنتظر ترمب

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقف بينما يتصاعد دخان جراء غارات إيرانية على موقع في هرتسليا قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقف بينما يتصاعد دخان جراء غارات إيرانية على موقع في هرتسليا قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

باتت الأنظار كلها موجّهة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمعرفة موقفه من المبارزة الإيرانية – الإسرائيلية، التي دخلت أمس يومها الخامس.

وأثارت مغادرة ترمب المبكرة قمة «مجموعة السبع» في كندا، الليلة قبل الماضية، ودعوته لـ«إخلاء طهران فوراً» ثم توجّهه للاجتماع مع فريقه للأمن القومي، تساؤلات حول ما سيتخذه من قرارات تدفع إما لاتسّاع الحرب أو سلوك طريق التفاوض. وفيما ترددت معلومات في الإعلام الأميركي عن أنه يدرس الانخراط في الحرب وتوجيه ضربة إلى إيران، نقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين أميركيين إن الجيش الأميركي ينشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط ويوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى، مما يعزز القوات العسكرية الأميركية في المنطقة مع احتدام الحرب بين إسرائيل وإيران.

وبعد اجتماعه مع فريقه للأمن القومي أمس، أظهر ترمب مواقف تصعيدية حادّة ضد إيران، حيث قال: «أحكمنا الآن سيطرةً تامة على أجواء إيران. كانت لدى طهران منظومات رصد ودفاع جوي وفيرة، لكنها لا تضاهي التقنيات الأميركية المصمَّمة والمصنَّعة لدينا». وأضاف، عبر منصة «تروث سوشيال»: «نعرف بدقّة موقع المرشد علي خامنئي. هو هدف سهل، لكننا لن نستهدفه الآن، تفادياً لإصابة مدنيين أو جنود أميركيين... صبرنا ينفد». وختم بلهجة إنذار: «الاستسلام غير المشروط».

وفجر أمس، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي «هجمات واسعة» على قواعد لـ«الحرس الثوري» والجيش النظامي في إيران، مستهدفاً عشرات المخازن ومنشآت ومنصات إطلاق صواريخ أرض - أرض وطائرات مسيَّرة في أصفهان وتبريز ونطنز ونجف آباد وشيرا.

ووقعت أعنف الضربات مساءً على القاعدة الجوية القتالية الثامنة وسط أصفهان، وهي القاعدة الرئيسية لسلاح الجو الإيراني. ولم تمضِ ساعاتٌ حتى ردّ «الحرس الثوري» بإطلاق ما بين 5 إلى 8 صواريخ باليستية نحو تل أبيب وحيفا، واصفاً انخفاض الكثافة النيرانية بأنه «تغيير تكتيكي» يعتمد «دفعات صغيرة»، تربك القبة الحديدية. وقال إنه استهدف مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية ومركز عمليات لجهاز (الموساد) في ساعة مبكرة من صباح أمس.

وأطلقت إيران لاحقاً صواريخ نحو جنوب إسرائيل، ودوّت صافرات الإنذار في مدن عدة، بما في ذلك ديمونا، المدينة التي تضم منشأة نووية.

ولاحقاً، توعد رئيس الأركان الإيراني عبد الرحيم موسوي، عبر رسالة متلفزة، بردّ قوي، حيث قال إن «العمليات التي نفذت حتى الآن كانت بمثابة تحذير لأغراض الردع. أما العمليات التأديبية فسيتم تنفيذها قريباً». كما أكّد المتحدثُ باسم القضاء الإيراني، أصغر جهانغير، أن المرشد علي خامنئي «لم يعلن بعدُ حالة الحرب».

وفي إسرائيل، أظهر الجيش رفضاً لبدء أي مفاوضات لوقف الحرب مع إيران قبل تحقيق أهدافه، مؤكداً عزمه على توسيع العملية العسكرية عبر مهاجمة أهداف جديدة، قال إنها «سرية وغير مسبوقة»، وستُشكل «مفاجأة»، و«تضرّ بالإيرانيين». وعزا الجيش، في تصريحات أدلى بها مسؤول كبير في هيئة الأركان الإسرائيلية، للإعلام، أمس، رغبته في توسيع العمليات، لعدم «استنفاد الإنجازات»، المتركزة على ملاحقة قادة النظام الإيراني، وتدمير القدرات النووية، وترسانة الصواريخ والمسيّرات، ومنظومات الدفاع.

وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تحذيراً لخامنئي، مشيراً إلى أنه «قد يلقى نفس مصير الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إذا استمرت طهران في شنّ هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل».

OSZAR »