خطة إسرائيلية لإعادة احتلال «قبر يوسف» في نابلس... فماذا نعرف عنه؟

بعد 25 عاماً من تسليمه للسلطة الكنيست يناقش استيطانه مجدداً

TT

خطة إسرائيلية لإعادة احتلال «قبر يوسف» في نابلس... فماذا نعرف عنه؟

مستوطنون وعسكريون إسرائيليون داخل «قبر يوسف» في نابلس عام 2022 (إكس)
مستوطنون وعسكريون إسرائيليون داخل «قبر يوسف» في نابلس عام 2022 (إكس)

يُخطط قادة الاستيطان اليهودي لاستغلال العملية الإسرائيلية الجارية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لاستعادة السيطرة الدائمة على منطقة «قبر يوسف» التي تُعد محل خلاف كبير، ونقطة توتر دائمة شهدت كثيراً من الاشتباكات والمواجهات ومقتل فلسطينيين وجنود إسرائيليين.

وبعد سنوات من مطالبة اليمين الإسرائيلي بإعادة احتلال «قبر يوسف»، تناقش لجنة الخارجية الأمن في الكنيست الإسرائيلي الخميس، المسألة، تحت غطاء العملية العسكرية الجارية في المدينة.

جندي إسرائيلي خلال الهجوم على نابلس الثلاثاء (أ.ب)

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه من المتوقع أن تناقش لجنة فرعية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، في جلسة طارئة الخميس، بقيادة النائب تسفي سوكوت (الصهيونية الدينية)، مصير «قبر يوسف» ووضعه في اتفاقيات «أوسلو» للسلام، والهدف «تطبيق الاتفاقيات»، وإبقاء دائم للجنود الإسرائيليين هناك.

وجود دائم

وفي الجلسة التي ستُعقد بمشاركة ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، وأجهزة أمنية، ورئيس «مجلس شومرون الاستيطاني» يوسي داغان، وهو مسؤول كبير في حزب «الليكود» الحاكم، ستُعرض مواقف الجهات الأمنية بشأن الوجود الدائم للجنود في «قبر يوسف» والتبعات الأمنية المحتملة لهذه الخطوة، إضافة إلى ردود فعل دولية محتملة!

وحتى انعقاد الجلسة، يعمل قادة المستوطنين على صياغة رأي قانوني، مفاده أن الأمر يُعد مصلحة أمنية إسرائيلية.

جنود إسرائيليون في نابلس بالضفة الغربية الثلاثاء (أ.ب)

وستُعقد المناقشة على خلفية العملية العسكرية في نابلس.

وكانت إسرائيل قد أطلقت، الثلاثاء، في نابلس عملية عسكرية في حي القصبة (البلدة القديمة) قالت إنها تجري بمشاركة كتيبتي احتياط، ووحدة «دوفدوفان» وتستهدف بنى تحتية في المدينة.

وقتلت إسرائيل شقيقين يوم الثلاثاء، وأصيب جنود في العملية التي تعد جزءاً من عملية «الجدار الحديدي» التي بدأت 21 يناير (كانون الثاني) في شمال الضفة الغربية، واستهدفت مخيمات جنين وطولكرم، وما زالت مستمرة.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إنه في إطار هذه العملية، تمركزت قوات الجيش بشكل دائم في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، ويأمل المستوطنون أن ينطبق الأمر نفسه على «قبر يوسف» في نابلس.

ما هو «قبر يوسف»؟

و«قبر يوسف» يقع شرق مدينة نابلس، ويزوره المستوطنون، بعد تنسيق يجريه الجيش الإسرائيلي مع السلطة.

ويزعم مستوطنون يهود أن هذا القبر يضم بعضاً من رفات النبي يوسف، عليه السلام، لكن أهل نابلس يقولون إن القبر «حديث نسبياً، ودفن فيه رفات يوسف دويكات، وهو رجل من صالحي المسلمين».

ويرى الفلسطينيون أن إسرائيل تزعم أنه قبر النبي يوسف؛ لأنها أرادت الاحتفاظ به ضمن أي تسوية، واتخاذه موقعاً استراتيجياً على مشارف نابلس، رغم كونه إرثاً إسلامياً مسجلاً لدى «دائرة الأوقاف الإسلامية».

عمليات ترميم يجريها مستوطنون وعسكريون إسرائيليون داخل «قبر يوسف» في نابلس عام 2022 (إكس)

وخلال المفاوضات حول اتفاقيات «أوسلو»، في سنة 1993، تحوّل هذا القبر إلى موضوع خلاف؛ حيث أصرت إسرائيل على إبقائه ضمن المناطق المحتلة، وفعلاً أصبح بمثابة جيب إسرائيلي داخل مدينة نابلس.

وشهدت المنطقة مواجهات دامية أدّت إلى إحراق جنود إسرائيليين داخله مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، وقتل جندي إسرائيلي في المكان لاحقاً برصاص قناص، ما أدّى إلى الانسحاب من هذا القبر، على أن يُحافظ الفلسطينيون عليه، ويسمحوا لمجموعات يهودية بزيارة الضريح، وأداء الصلاة فيه.

المتطرفون اليهود يريدون السيطرة

ومنذ ذلك الحين، يرفض معظم المتطرفين اليهود الاعتراف بواقع إشراف السلطة الفلسطينية على القبر، وقد نظموا عدة اقتحامات متكررة دون أي تنسيق مع السلطة، ما أدّى في بعض الحالات إلى مقتل مستوطنين في الموقع.

ويطالب غلاة اليهود المتطرفون منذ ترك القبر باستعادته من السلطة بالقوة وإخضاعه بالكامل للجيش الإسرائيلي.

وفي فبراير (شباط) الماضي، كشفت «يديعوت» أن قادة الاستيطان اليهودي يعملون على الدفع باتجاه وجود استيطاني دائم في «قبر يوسف»، باعتبار الفرصة سانحة للاستيلاء على المكان بعد مرور 25 عاماً على انسحاب الجيش الإسرائيلي منه عام 2000، ويرون أن العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة في جنين وطولكرم تفتح باباً أمام تنفيذ هجوم شبيه على نابلس، وهو ما تم اليوم فعلاً.

ويقود هذه المساعي التي ترجمت باتصالات مع السياسيين ومظاهرات أسبوعية عند مداخل مدينة نابلس، شخصيات بارزة في الحركة الاستيطانية، من بينها الحاخام دودو بن نتان، رئيس أحد المعاهد التوراتية في مستوطنة رحاليم، إلى جانب داغان، وسوكوت.

وقال عضو الكنيست سوكوت، حسب «يديعوت» «إن إعادة الوجود اليهودي في (قبر يوسف) ضرورية من منظور أمني وسياسي وتاريخي. وسنعمل بكل الطرق لتحقيق هذا الهدف».

وإضافة إلى السيطرة على القبر، يريد القائمون على الخطة، إعادة بناء مدرسة دينية في المكان كانت قد أنشئت عام 1986.

«الحريديم» خلال مظاهرة في القدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

وقالت «يديعوت أحرونوت» إنه إذا مضت هذه الخطوة الدراماتيكية قدماً، فقد تُحدث فوضى حقيقية، لأنه من الصعب معرفة رد فعل الجهات الدولية على هذه الخطوة، التي قد تُعدّ انتهاكاً للاتفاقيات مع السلطة، وتقويضاً مباشراً لحكم السلطة الفلسطينية الذي تحاول إعادة بنائه في نابلس.

لكن كلاً من وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير المالية ووزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، لا يُلقيان بالاً للانتقادات الدولية؛ حيث قادا سلسلة من التحركات الجذرية في الضفة الغربية بالتنسيق مع قادة المستوطنين، بهدف تعزيز الاستيطان، وكان آخرها الاعتراف بالمستوطنات التي تم إخلاؤها ضمن خطة فك الارتباط في شمال الضفة والعودة إليها.

واعترف سموتريتش بأنه يقود ثورة في الضفة من شأنها تغير «دي إن إيه» المنطقة، نحو سيطرة إسرائيلية مطلقة، ودفع مئات آلاف المستوطنين للاستيطان في المنطقة بوصفهم «درع إسرائيل».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تفرض إغلاقاً على المدن الفلسطينية بالضفة الغربية

المشرق العربي جنود إسرائيليون أثناء مداهمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية... 10 يونيو 2025 (أ.ب)

إسرائيل تفرض إغلاقاً على المدن الفلسطينية بالضفة الغربية

فرضت القوات الإسرائيلية إغلاقا على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران، بحسب تقارير إعلامية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ب)

أميركا تنتقد فرض 5 دول عقوبات على وزيرين إسرائيليين

انتقدت واشنطن، الثلاثاء، عقوبات فرضتها المملكة المتحدة (بريطانيا) و4 دول حليفة لها على وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي خلال زيارة للحائط الغربي في البلدة القديمة بالقدس، 18 أبريل 2025 (رويترز)

السفير الأميركي لدى إسرائيل: واشنطن لم تعد تؤيد بشكل كامل قيام دولة فلسطينية مستقلة

قال السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لم تعد تؤيد بشكل كامل قيام دولة فلسطينية مستقلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون في نابلس بالضفة الغربية (أ. ب) play-circle 00:37

الجيش الإسرائيلي يقتحم نابلس شمال الضفة وينفذ عملية واسعة النطاق فيها

بدأت صباح الثلاثاء عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق حول البلدة القديمة في نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (نابلس (الأراضي الفلسطينية))
شؤون إقليمية عضوا الكنيست الإسرائيلي إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش خلال جلسة للبرلمان في القدس (رويترز - أرشيفية) play-circle 00:18

بن غفير: سنهزم العقوبات البريطانية كما هزمنا فرعون

رداً على القرار البريطاني فرض عقوبات عليه وعلى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أعرب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، عن «ازدرائه للكتاب الأبيض».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

5 جرحى وانفجارات ضخمة بعد إطلاق إيران 20 صاروخاً على إسرائيل

آثار صواريخ في سماء مدينة نتانيا الساحلية الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
آثار صواريخ في سماء مدينة نتانيا الساحلية الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
TT

5 جرحى وانفجارات ضخمة بعد إطلاق إيران 20 صاروخاً على إسرائيل

آثار صواريخ في سماء مدينة نتانيا الساحلية الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
آثار صواريخ في سماء مدينة نتانيا الساحلية الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

انطلقت صفارات الإنذار، اليوم (الثلاثاء)، في إسرائيل بعد إعلان الجيش رصد صواريخ أُطلقت من إيران، بينما سُمعت أصوات انفجارات قوية في كل من القدس وتل أبيب، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: «دوت صفارات الإنذار في مناطق عدة بإسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران... يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بالعمل على اعتراض وتدمير الصواريخ ما دام ذلك ضرورياً لإزالة التهديد».

إلى ذلك، قالت الشرطة الإسرائيلية إن صواريخ وشظايا سقطت في منطقة تل أبيب، وتسببت بأضرار مادية دون إصابات.

وقالت الشرطة إن قواتها «وخبراء المتفجرات يعملون في المكان؛ لتأمين المنطقة، وتحييد كل خطر».

أما أجهزة الإطفاء والإنقاذ فقالت، في بيان، إنها تلقت بلاغاً أولياً عن «سقوط صاروخ، واندلاع حرائق» في مدينة في منطقة دان في وسط البلاد قرب تل أبيب. وأضافت: «قرابة الساعة 08:45 صباحاً (05:45 ت.غ)، تلقى (مركز الطوارئ 102) كثيراً من الاتصالات بشأن سقوط صاروخ واندلاع حريق في منطقة غوش دان، وكانت قوات الإطفاء في طريقها إلى الموقع».

من جانبه، أكد «جهاز إسعاف نجمة داود الحمراء» أنه «لم يتم العثور على إصابات، باستثناء 10 أشخاص أُصيبوا في أثناء توجههم إلى الملجأ».

وكان الجيش الإسرائيلي قال في بيان: «دوت صفارات الإنذار في مناطق عدة في إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران... يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بالعمل على اعتراض وتدمير الصواريخ ما دام ذلك ضرورياً لإزالة التهديد».

وبعد نحو 20 دقيقة من طلبها من السكان لزوم الملاجئ، أصدرت قيادة الجبهة الداخلية تعليمات جديدة بإمكان الخروج من المناطق المحمية في عدد من المناطق من دون تحديدها، وفق ما قال الجيش الإسرائيلي في بيان. وجاء في البيان أن «فرق الإنقاذ والإغاثة تعمل في مواقع عدة في أنحاء البلاد تم فيها تلقي بلاغات عن سقوط صواريخ».

اعترضت القبة الحديدية (منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية) صواريخ أُطلقت من إيران فوق تل أبيب اليوم (إ.ب.أ)

وأفاد شهود عيان وكالة «رويترز» للأنباء، بوقوع انفجارات ضخمة في هرتسليا شمال تل أبيب، بينما أعلن إعلام إسرائيلي وقوع 5 إصابات في موقعين للقصف الإيراني بوسط إسرائيل، وأن إيران أطلقت نحو 20 صاروخاً في آخر رشقة، وتم اعتراض معظمها.

ولليوم الخامس، واصلت إسرائيل وإيران، الثلاثاء، تبادل الضربات الجوية والصاروخية، إذ تشن تل أبيب هجمات على أهداف عسكرية وحيوية إيرانية مختلفة، في حين تواصل إيران إطلاق الصواريخ الباليستية على مدن إسرائيلية عدة.

OSZAR »