إيران تتحدى قرار «الوكالة الذرية»: منشأة ثالثة للتخصيب جاهزة للتشغيل

طهران: مراجعة التعاون مع الهيئة الأممية باتت أمراً حتمياً

صورة وزَّعتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» تظهر منشأة تخصيب اليورانيوم في «نطنز» وسط إيران 4 نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
صورة وزَّعتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» تظهر منشأة تخصيب اليورانيوم في «نطنز» وسط إيران 4 نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

إيران تتحدى قرار «الوكالة الذرية»: منشأة ثالثة للتخصيب جاهزة للتشغيل

صورة وزَّعتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» تظهر منشأة تخصيب اليورانيوم في «نطنز» وسط إيران 4 نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
صورة وزَّعتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» تظهر منشأة تخصيب اليورانيوم في «نطنز» وسط إيران 4 نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)

كشفت طهران، الخميس، عن استعدادات جارية لتشغيل منشأة ثالثة لتخصيب اليورانيوم. في تحدٍّ لقرار «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» الذي يدين إيران بـ«عدم الامتثال» لالتزاماتها. يأتي القرار أيضاً في وقت يشهد توتراً متزايداً، مع سحب الولايات المتحدة موظفيها من الشرق الأوسط، وتحذير ترمب من وضع خطير محتمل في المنطقة، مع تأكيده عدم سماح واشنطن لإيران بامتلاك أسلحة نووية.

وأصدرت وزارة الخارجية الإيرانية والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بياناً مشتركاً رداً على قرار «الوكالة الذرية»، أعلنتا فيه أن طهران ستقوم بـ«إطلاق مركز تخصيب جديد في موقع آمن».

لكن رئيس «الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، قال، في وقت لاحق، إن الموقع الثالث لتخصيب اليورانيوم الذي أعلنت عنه إيران كإجراء مضاد لقرار «الوكالة الذرية» بُني بالفعل، وهو جاهز للتشغيل بمجرد تزويده بالمعدات، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

ووصف البيان قرار «الوكالة» بأنه «سياسي»، مؤكداً أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تملك خياراً سوى الرد». وأضاف: «في هذا الصدد، صدرت تعليمات من رئيس المنظمة لتشغيل مركز تخصيب جديد في موقع آمن، واستبدال أجهزة متطورة من الجيل السادس بأجهزة التخصيب من الجيل الأول»، في منشأة فوردو.

كما أشار البيان إلى «وجود إجراءات أخرى قيد التخطيط سيتم الإعلان عنها لاحقاً»، معتبراً أن القرار يمثل «استخداماً سياسياً متكرراً لهذه الهيئة، يستند إلى نيات سياسية، ولا يستند إلى أسس فنية أو قانونية».

وأعلن المتحدث باسم «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» عن «زيادة كبيرة» في عمليات التخصيب، رداً على قرار مجلس محافظي «الوكالة».

وأشار كمالوندي إلى أن «التخطيط جارٍ لإجراءات أخرى، وسوف يعلَن عنها تباعاً».

وقال للتلفزيون الرسمي إن «من بين هذه الإجراءات إطلاق موقع تخصيب ثالث وآمن جداً»، مضيفاً أن «إيران حالياً تملك مجمعَي تخصيب» في إشارة إلى منشأتَي فوردو ونطنز.

المتحدث باسم «الذرية» الإيرانية بهروز كمالوندي يتحدث للتلفزيون الرسمي

لكنه أوضح أن الموقع الثالث «سيتمتع بدرجة أمان عالية ويكتسب أهمية كبيرة». كما أشار إلى أنه «سيتم استبدال جميع أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول في موقع فوردو من الجيل السادس المتقدم، مما يعني زيادة كبيرة في إنتاج المواد المخصبة».

وأضاف أن «الموقع الجديد، مثل موقع فوردو، يتمتع بدرجة عالية من الأمان، ورسالة إيران في هذا السياق واضحة: كلما زاد الضغط، لن تكون له نتيجة، وإيران تجهز نفسها أكثر»، داعياً الدول الغربية إلى «مراجعة حساباتها، لأن إيران لا تزال تسعى للتعاون».

كما أضاف أن «تعاوننا مع (الوكالة الدولية) غير مسبوق»، مشيراً إلى أن إيران «بذلت كل الجهود لتهيئة أجواء التعاون مع (الوكالة)»، مشيراً إلى أن «مراجعة هذا التعاون باتت أمراً حتمياً».

وبشأن احتمالية إحالة القرار إلى مجلس الأمن، قال كمالوندي إنه «رغم الإشارة في القرار إلى أن القضايا المطروحة قابلة للإحالة إلى مجلس الأمن، لم يتم تقديم طلب رسمي بذلك. وحتى لو قُدم، فإن فرص نجاحه ضئيلة، في ظل التركيبة الحالية للمجلس».

وأضاف أن «الهدف الأساسي من هذه التحركات التمهيد للضغط باستخدام آلية (سناب باك)، إلا أنه لا مبرر قانونياً لاتهام إيران بخرق التزاماتها».

وتابع كمالوندي: «مستعدون لكل السيناريوهات، ونعلم أن الدفاع عن حقوقنا يتطلب الثبات، والتخطيط، وعدم منح الطرف الآخر أي أمل في تراجعنا».

وأدان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في أول رد فعل له على قرار مجلس محافظي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) ضد إيران. وحمَّل الدول الغربية الأربع (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والولايات المتحدة) مسؤولية العواقب الناتجة عن القرار الأخير.

ووصف بقائي إصدار القرار بأنه «استخدام سياسي لأدوات مجلس المحافظين»، مضيفاً أن الهدف منه «إثارة الشكوك حول الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني».

واتهم بقائي مدير «الوكالة الذرية»، رافائيل غروسي، بـ«الأداء المنحاز» وإعداد تقرير «مضلل»، والإدلاء بتصريحات «تحريضية» بشأن البرنامج النووي الإيراني، محملاً إياه مسؤولية «تدهور مصداقية» الوكالة، وداعياً إياه إلى «الالتزام بمهامه وفقاً لنظام (الوكالة) وتجنب التسييس».

وفي السياق نفسه، قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إن «التعاون مع (الوكالة) أدى إلى نتائج عكسية».

وكتب قاليباف على منصة «إكس» («تويتر» سابقاً) أن القرار الصادر «منحاز»، مضيفاً أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتخذ إجراءات مقابلة حازمة ضد هذا التعدي». وأضاف أن «التخصيب بأجهزة متطورة، وتشغيل مركز جديد، وتقليص الرقابة هي ردود مشروعة على انتهاك مسار التعاون».

ضربة إسرائيلية محتملة

جاءت هذه التطورات بينما تستعد طهران وواشنطن لعقد جولة جديدة من المحادثات بوساطة مسؤولين عُمانيين في مسقط، يوم الأحد، بهدف التوصل لحل للأزمة المستمرة منذ عقود بشأن طموحات إيران النووية.

وهدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مراراً بضرب إيران إذا لم يحدث تقدم في المحادثات بشأن الملف النووي. وفي مقابلة نُشرت، أمس (الأربعاء)، قال إن ثقته تقل أكثر فأكثر في موافقة طهران على وقف تخصيب اليورانيوم.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين أن إسرائيل تستعد لشن هجوم قريباً على إيران، وهي خطوة قد تؤدي إلى تصعيد إضافي في الشرق الأوسط، وتعرقل أو تؤجل جهود إدارة ترمب لعقد اتفاق يهدف إلى قطع الطريق على إيران نحو تصنيع قنبلة نووية.

في المقابل، ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن القوات المسلحة بدأت تدريبات عسكرية سنوية قبل موعدها المقرر للتركيز على «تحركات العدو».

وأصدر رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، محمد باقري، أمراً ببدء سلسلة مناورات في أنحاء البلاد، مشيراً إلى أن الهدف من هذه المناورات هو رفع مستوى القدرات الدفاعية والردعية للقوات المسلحة وتقييم جاهزيتها القتالية.

وأوضح أن «هذه المناورات تم التخطيط لها وتنفيذها بعد تعديل جدول المناورات السنوي للقوات المسلحة، وبما يتماشى مع رصد تحركات العدو وتركيز الاستعدادات بناءً عليها».

قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي لوسائل الإعلام الرسمية الخميس إن رد إيران على أي عدوان إسرائيلي سيكون «أقوى وأكثر تدميراً» من الهجمات السابقة، وذلك بعد أن أعلنت طهران أنها تلقت تحذيراً من هجوم محتمل.

وصرح: «لقد قلنا دائماً، ونقول اليوم أيضاً إننا مستعدون تماماً لأي سيناريو، وأي وضع، وأي حالة. نحن مجرّبون في الحرب ومتمرسون».

وخاطب إسرائيل قائلاً: «نحذرهم من ارتكاب أي خطأ، وعليهم التفكير بدقة وعقلانية في عواقب أفعالهم. نحن مستعدون».

وأضاف خلال اجتماع مع قادة «الباسيج»: «هذه حقيقة نعيش معها منذ سنوات، لأن الاستعداد للحرب بأي مقياس هو عملنا وواجبنا».

وحذر وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، واشنطن، أمس (الأربعاء)، من أن طهران ستقصف قواعد أميركية في المنطقة إذا جرتها إلى الحرب بسبب فشل المحادثات النووية.

أساس المحادثات

ولا تزال هناك عقبات عدة بعد عقد 5 جولات من المناقشات بين وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ومبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. ومن بين تلك العقبات رفض إيران مطلباً أميركياً بالالتزام بوقف تخصيب اليورانيوم. تريد طهران رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ عام 2018 بعد انسحاب ترمب خلال ولايته الأولى من الاتفاق النووي المبرم بين طهران و6 قوى عالمية في 2015.

والأربعاء، قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن أساس المحادثات مع أميركا هو توجيهات المرشد الإيراني علي خامنئي، مشدداً على أن طهران لن تخضع للقوة.

وقال بزشكيان: «لن نقبل أبداً بأن نخفِّض أبحاثنا إلى الصفر، ثم ننتظر موافقتهم للحصول على المواد النووية اللازمة للصناعة والطب والزراعة وغيرها من العلوم».

وقال مسؤول إيراني كبير لـ«رويترز»، اليوم، إن بلاده لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم، بسبب تصاعد التوتر في المنطقة.

وأضاف أن دولة «صديقة» في المنطقة حذَّرت طهران من ضربة عسكرية محتملة.

وقال المسؤول إن التوتر المتصاعد يهدف إلى «التأثير على طهران لتغيير موقفها بشأن حقوقها النووية»، خلال المفاوضات المقررة مع الولايات المتحدة، يوم الأحد، في سلطنة عُمان.

قال مسؤول إيراني كبير لـ«رويترز» إن التوتر المتزايد في المنطقة يهدف إلى «التأثير على طهران لتغيير موقفها إزاء حقوقها النووية».


مقالات ذات صلة

قلق أممي بعد الضربات الأميركية ضد إيران... والحوثيون يتوعّدون

العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

قلق أممي بعد الضربات الأميركية ضد إيران... والحوثيون يتوعّدون

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت: «أنا قلق للغاية إزاء استخدام الولايات المتحدة القوة ضد إيران اليوم. هذا تصعيد خطير.

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حلال حضوره مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول (أ.ب)

عراقجي يحذر من «تداعيات دائمة» للهجمات الأميركية على إيران

 حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الأحد)، من أن الهجمات الأميركية على المنشآت النووية «ستكون لها تداعيات دائمة.

«الشرق الأوسط» (طهران)
الخليج شبكة الرصد الإشعاعي تغطي 400 موقع في السعودية (هيئة الرقابة النووية)

السعودية: لا آثار إشعاعية على بيئة دول الخليج بعد الضربات الأميركية على إيران

أعلنت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في السعودية، عدم رصد أي آثار إشعاعية على بيئة المملكة ودول الخليج نتيجة الاستهدافات الأميركية لمرافق إيران النووية.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً بعد الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية (ا.ب)

ترمب: دمرنا المنشآت النووية الايرانية «بشكل تام وكامل»

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن الضربات الجوية الأميركية «دمرت بشكل تام وكامل» المنشآت النووية الإيرانية المستهدفة، وهدد بشن المزيد من الهجمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوح بقبضته أثناء صعوده إلى الطائرة الرئاسية (اف.ب)

ترمب يحض إيران على «إنهاء الحرب» بعد قصف منشآتها النووية

حض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم، إيران على «الموافقة الآن على إنهاء» الحرب مع إسرائيل، وذلك عقب القصف الأميركي لمنشآتها النووية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد الضربة الأميركية... إيران تمطر إسرائيل بعشرات الصواريخ الباليستية

رجال الإطفاء يفحصون الموقع الذي سقط فيه صاروخ أُطلق من إيران في حيفا (أ.ب)
رجال الإطفاء يفحصون الموقع الذي سقط فيه صاروخ أُطلق من إيران في حيفا (أ.ب)
TT

بعد الضربة الأميركية... إيران تمطر إسرائيل بعشرات الصواريخ الباليستية

رجال الإطفاء يفحصون الموقع الذي سقط فيه صاروخ أُطلق من إيران في حيفا (أ.ب)
رجال الإطفاء يفحصون الموقع الذي سقط فيه صاروخ أُطلق من إيران في حيفا (أ.ب)

أطلقت إيران دفعة جديدة من الصواريخ نحو إسرائيل، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي نحو الساعة 8:15 صباحاً (04:45 بتوقيت غرينتش)، بعد ساعات من قصف الولايات المتحدة 3 منشآت نووية رئيسية في إيران.

وأفاد التلفزيون، في وقت لاحق، بأن الدفعة تضمَّنت 30 صاروخاً، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ونشر التلفزيون صوراً قال مراسله إنها من إسرائيل «مباشرة على الهواء... ولدفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية التي أُطلقت نحو الأراضي المحتلة».

وأعلن مرفق الإسعاف الإسرائيلي إصابة 11 شخصاً بجروح بعد إطلاق إيران صواريخ.

رجال الإطفاء يفحصون الموقع الذي سقط فيه صاروخ أُطلق من إيران في حيفا (أ.ب)

وضرب صاروخ باليستي تم إطلاقه من إيران مدينة حيفا، على الرغم من عدم إطلاق صفارات الإنذار في المدينة الواقعة بشمال إسرائيل، حسبما قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وذكرت الصحيفة أن قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية تُحقِّق في الواقعة. وقدر الجيش الإسرائيلي أنه تم إطلاق نحو 20 إلى 30 صاروخاً باليستياً من إيران في أحدث هجوم على إسرائيل.

صواريخ أُطلقت من إيران نحو إسرائيل كما شوهدت من الضفة الغربية (رويترز)

ونقلت وكالة «رويترز،» نقلاً عن أحد الشهود، سماع دوي انفجارات عدة في وسط إسرائيل.

وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية وقوع أضرار في أنحاء متفرقة من إسرائيل بعد أحدث هجوم صاروخي إيراني.

وأظهر مقطع فيديو وقوع انفجار ضخم في حيفا جراء سقوط صاروخ.

وأظهرت مقاطع أخرى للدمار في تل أبيب.

كما أعلنت هيئة المطارات الإسرائيلية أن المجال الجوي الإسرائيلي مغلق أمام الرحلات كافة، والمعابر الحدودية البرية مع مصر والأردن تظل مفتوحة.

ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء أن الجيش الإسرائيلي يأمر المواطنين بمغادرة المناطق المحمية، في إشارة إلى انتهاء التهديد من الهجوم الإيراني الأخير.

OSZAR »