حقائق عن جهازك التنفسي تحتاج إلى معرفتها

انتفاخ البطن وارتفاع ضغط الدم والخفقان... بعض الآثار السلبية للتنفس السيئ

حقائق عن جهازك التنفسي تحتاج إلى معرفتها
TT

حقائق عن جهازك التنفسي تحتاج إلى معرفتها

حقائق عن جهازك التنفسي تحتاج إلى معرفتها

يعمل جهازك التنفسي على مدار الساعة لضمان حصول جسمك على الأكسجين الذي يحتاجه لأداء وظائفه. ويلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على صحتك وحيويتك وراحتك البدنية والنفسية.

ومع ذلك، تذكر المصادر الطبية ضرورة أن نعرف كيف نتنفس بطريقة صحية صحيحة. والسبب أن بعضنا -نتيجة لظروف صحية أو سلوكيات يومية غير صحية- قد لا يتنفس بتلك الطريقة التي يحتاجها جسمه.

حقائق عن عملية التنفس

وإليك الحقائق التالية عن عملية التنفس، وكيفية ممارستها بطريقة صحية، وتأثيرات ذلك على الجسم:

1. رئتاك مختلفتان في الحجم، فرئتك اليمنى أكبر من رئتك اليسرى. وهذا التفاوت ناتج عن اشتراك رئتك اليسرى في المساحة مع قلبك. وتحتوي الرئة اليمنى على 3 فصوص، بينما تحتوي اليسرى على فصَّين فقط.

وعندما يكون الشخص البالغ في حالة راحة، فإنه يتنفس نحو 12 إلى 20 مرة في الدقيقة. وتحتوي الرئتان على ما بين 300 و500 مليون كيس هوائي (الحويصلات الهوائية). ووفق ما تشير إليه مصادر علم التشريح، فإن هذه الأكياس كثيرة لدرجة أنها لو مُدَّت لكانت قادرة على تغطية ملعب كامل لكرة التنس.

والممرات الهوائية هي الأنابيب التي يتدفق منها الهواء للوصول إلى الرئتين، وقد تمتد لنحو 2.5 كيلومتر. وتوجد جزيئات ماء غير مرئية داخل هواء الزفير. وعند زفير الهواء من الصدر، يُخرج المرء هواءً وقليلاً من الماء إلى خارج الرئتين. وتحديداً نحو 17.5 ملِّيلتر من الماء في الساعة، ليصل إجمالي هذا الماء إلى نحو كوب واحد في نهاية اليوم.

2. تتنفس بالعادة نحو 22 ألف نفس يومياً، دون أن تُفكر في ذلك. وتستنشق نحو 11 ألف لتر من الهواء يومياً. وفي الحويصلات الهوائية يحدث تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون فيما بين الدم وهواء الشهيق. ورئتاك تنظفان نفسيهما؛ حيث إن للجهاز التنفسي آلية تنظيف خاصة به. وللتوضيح، تبطن مجاري الهواء أهدابٌ دقيقة تشبه الشعيرات، وتعمل على طرد الغبار والمخاط والشوائب. وتساعد هذه العملية على الحفاظ على رئتيك نظيفتين، وهو أمر بالغ الأهمية لصحة تنفسية مثالية.

ومع التقدم في السن، تنخفض سعة رئتيك بشكل طبيعي. لذلك، من المهم جداً اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على صحة جهازك التنفسي، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، والامتناع عن التدخين، وممارسة تمارين التنفس. وتقول الجمعية الكندية للرئة: «هل تعلم أنه يمكنك العيش برئة واحدة فقط؟ امتلاك رئة واحدة يحدّ من قدرتك البدنية، ولكنه لا يمنعك من عيش حياة طبيعية نسبياً».

3. الهدف من عملية التنفس يشمل:

- تزويد الجسم بالكمية الكافية من الأوكسجين.

- تخليص الجسم من تراكم ثاني أكسيد الكربون.

- التنفس باستخدام وسائل الجسم الطبيعية للقيام بهذه العملية.

- تحريك العضلات المشاركة في إتمام عملية التنفس بطريقة متناسقة.

- استخدام مجاري التنفس بطريقة تضمن كفاءة وسلامة عملها.

وتقول الجمعية الكندية للرئة (CLA): «يمكنك زيادة سعة رئتيك من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام».

طريقة طبيعية للتنفس

4. الطريقة الطبيعية والأفضل للتنفس، تحصل عبر استخدام عضلة الحجاب الحاجز (Diaphragm)، وهذه الطريقة تُسمى «التنفس البطني» (Abdominal Breathing)، وتحصل من خلال تتابع الخطوات التالية:

- انقباض الحجاب الحاجز؛ ومن هنا تبدأ عملية التنفس الصحيحة. والحجاب الحاجز هو عضلة تفصل تجويف الصدر عن تجويف البطن. ويتخذ شكل القبة حال ارتخائه (رأس القبة إلى الأعلى داخل تجويف الصدر). وعند انقباضه ينزل الحجاب الحاجز في داخل البطن.

- نتيجة لهذا يتوسع حجم تجويف الصدر الذي توجد الرئتان فيه. وبالتالي ينخفض ضغط الهواء داخل تجويف الصدر والرئتين.

- حينئذ، يدخل الهواء الخارجي بسهولة إلى الرئتين عبر مجاري التنفس (الأنف، والحلق، والقصبة الهوائية، والشعب الهوائية).

- ثم ينبسط الحجاب الحاجز (بعد انقباضه سابقاً)، وبالتالي يرتفع إلى الأعلى داخل القفص الصدري، ليدفع الهواء الذي بداخل الرئتين إلى الخارج عبر مجاري التنفس (الأنف، والحلق، والقصبة الهوائية، والشعب الهوائية).

5. يقول أطباء كلية الطب بجامعة هارفارد: «إعادة تعلم كيفية التنفس من الحجاب الحاجز، وممارسة ذلك، مفيدٌ للجميع؛ لأنه يشجع على أخذ الأكسجين وإخراج ثاني أكسيد الكربون، وإبطاء ضربات القلب، وخفض ضغط الدم». ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، فإن التنفس باستخدام الحجاب الحاجز يفيد الجسم من الجوانب التالية:

- إدخال مزيد من الهواء إلى الرئتين، كي تتم عملية تبادل الغازات بنتائج أفضل.

- قيام الحجاب الحاجز «بتدليك» الكبد والمعدة والأمعاء، ما يمنح هذه الأعضاء توازناً منتظماً في تموضعها، ويُنشط الجهاز اللمفاوي (جزء مهم من جهاز المناعة) للتخلص من الفضلات من الأمعاء.

- خفض مقدار الضغط داخل تجويف الصدر، وبالتالي إعطاء القلب والأوعية الدموية الكبيرة في الصدر والبطن مزيداً من الراحة خلال عملها. ما يعني خفض عدد نبضات القلب وخفض مقدار ضغط الدم، ودفع مزيد من الدم إلى أعضاء الجسم لتغذيتها وتزويدها بالأوكسجين، واستقبال القلب مزيداً من الدم العائد إليه من الجسم.

- إعطاء عضلات ومفاصل الصدر راحة واسترخاء أكبر، وكذلك عضلات العنق والكتفين والظهر، وبالتالي تقليل احتمالات الألم في هذه العضلات والمفاصل.

6. وفق مراجعة كثير من المصادر الطبية، فإن الآثار الضارة لعدم التنفس بطريقة صحيحة تشمل:

- عدم التنفس جيداً في أثناء النوم، أو حصول إعاقة لعملية التنفس في أثناء النوم، يتسبب في عدم تزويد الدماغ بالأكسجين الكافي. ومن ثم لن ننال النوم العميق، وسنستيقظ شاعرين بالنعاس والصداع، إضافة إلى ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع ضغط الدم الرئوي، واضطرابات إيقاع نبض القلب.

-طريقة التنفس السيئة في أثناء النهار تحرم الخلايا من الأكسجين الكافي لإنتاج الطاقة. وبالتالي تتوتر الخلايا وتتوتر العضلات، ويعتريها الإرهاق السريع، مما يُضعف الأداء البدني.

- تنفس الطفل عبر الفم (نتيجة تضخم اللوزتين أو الزائدة الأنفية «Adenoid» في سقف البلعوم) يؤدي إلى تغير ملامح شكل الوجه من جوانب شتى، مثل الاستطالة، وبروز قواطع الأسنان، وتقوس وقصر الشفة العلوية، وارتفاع فتحات الأنف، وتقوس الحنك بشكل عالٍ.

- طريقة التنفس تؤثر على عملية الهضم؛ لأن حركة الحجاب الحاجز غير الصحيحة، ترتبط بتسريب أحماض المعدة للمريء وتسببها في آلام الصدر. كما أن ضعف حركة الحجاب الحاجز يتسبب في الإمساك وصعوبة الإخراج.

- طريقة التنفس غير السليمة تتسبب في خمول عضلات الجدار الأمامي للبطن التي بالأساس تعمل على استقرار أسفل الظهر، ودعم حركات الجزء العلوي من الجسم، وتقليل احتمالات انتفاخ البطن. وبالتالي من السهل ظهور انتفاخ البطن.

أنماط وتمارين التنفس

7. صحيح أن التنفس يُمكن أن يُؤثِّر على عواطفك، ولكن العكس صحيح أيضاً: عواطفك تُؤثِّر على نمط تنفسك. ووجد علماء النفس أن تمارين التنفس تُحسِّن مستويات التوتر والقلق والاكتئاب. ولذا يُمكن أن يُؤثِّر الوعي بكيفية تنفسك على مزاجك. وحتى ممارسة تمارين التنفس، ولو مرة واحدة في اليوم، يُمكن أن تُحسِّن مستويات المزاج النفسي.

إن الدماغ وحده يستخدم 20 في المائة من الأكسجين الذي يستهلكه كامل الجسم. وعند نقص الأكسجين سيعمل الدماغ بشكل أبطأ، ويحصل عدم توازن عمل المراكز العصبية في الدماغ، ومشكلات في التركيز، واكتئاب المزاج، والإرهاق المستمر، وارتفاع مستوى التوتر. ويقول المتخصصون في كلية طب «جونز هوبكنز»: «التنفس العميق يُقلل من الشعور بالقلق والتوتر، وبه تتحسن جودة النوم أيضاً. الهدف هو بناء القدرة على التنفس بعمق في أثناء أي نشاط، وليس فقط في أثناء الراحة».

ويقول أطباء كلية الطب بجامعة هارفارد: «لقد ولدنا جميعاً بمعرفة كيفية إشراك الحجاب الحاجز بشكل كامل لأخذ أنفاس عميقة ومنعشة. ولكن مع تقدمنا في السن نتخلص من هذه العادة. كل شيء من ضغوط الحياة اليومية إلى ممارسة سحب البطن (للحصول على محيط أصغر للخصر) يشجعنا على التحول تدريجياً إلى التنفس الصدري (كما سيأتي توضيحه) الضحل والأقل إرضاءً لاحتياجات الجسم». والحقيقة أبعد من ذلك، إذْ تفيد المصادر الطبية بأن طريقة تنفس المرء السليمة هي بالفعل ذات علاقة براحة نومه، وهدوء مزاجه، وكفاءة عمل جهازه العصبي.

«التنفس البطني» الطريقة الطبيعية والأفضل باستخدام عضلة الحجاب الحاجز

8. التنفس المنتظم (Paced Breathing) هو تقنية تُركز فيها على عدد مرات وسرعة تنفسك. وقد تُسبب حالات مثل القلق والتوتر تنفساً أسرع، وهو ما يُعرف بفرط التنفس (Hyperventilation) ومن خلال التحكم في سرعة تنفسك، وتنفسك الهادف، أي أن تتحكم في مدة الشهيق والزفير لضمان أن يكون الزفير مساوياً للشهيق أو أطول منه، يُمكنك تقليل بعض الأعراض الجسدية للتوتر والقلق. وإليك خطوات كيفية التنفس المنتظم بعدَّتين منفصلتين:

- الخطوة الأولى: ازفر حتى تشعر بفراغ رئتيك، ولكن ليس بانزعاج.

- الخطوة الثانية: استنشق لمدة 4 عدات (من 1 إلى 4). يمكنك العد بسرعة أو ببطء حسب رغبتك، ولكن حاول ملء رئتيك بالكامل وبشكل مريح.

- الخطوة الثالثة: احبس أنفاسك لأربع عدات. حافظ على سرعة عدِّك متسقة.

- الخطوة الرابعة: ازفر لأربع عدات. افرغ رئتيك تماماً بعد هذه العدة.

- الخطوة الخامسة: اترك رئتيك فارغتين لأربع عدات.

- كرر هذه العملية مرات عدة حسب رغبتك، أو حتى تشعر بالهدوء. قد يستغرق الأمر بعض الوقت للعثور على سرعة العد التي تجعلك مرتاحاً، وهذا أمر طبيعي. مع مرور الوقت، يمكنك البدء في العد ببطء أكبر لتهدئة نفسك أكثر.


مقالات ذات صلة

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

صحتك «إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

وجدت دراسة حديثة ، أن المراهقين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة وألعاب الفيديو بشكل أقرب للإدمان أكثر عرضة لخطر الأفكار الانتحارية

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك سرطان الغدّة الدرقية... مراجعة علمية للأدلة والعلاجات

سرطان الغدّة الدرقية... مراجعة علمية للأدلة والعلاجات

الغدة الدرقية هي غدة صغيرة تقع في مقدمة العنق، وتلعب دوراً في تنظيم عملية الأيض بالجسم.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك أمراض القلب تهدد المصابات بالمناعة الذاتية

أمراض القلب تهدد المصابات بالمناعة الذاتية

توصل تحليل جديد إلى أن النساء المصابات بأيٍّ من الأنواع الثلاثة الشائعة من أمراض المناعة الذاتية، قد يواجهن معدل وفيات أعلى مرتبط بأمراض القلب والسكتة الدماغية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الباحثون رصدوا التأثيرات الفسيولوجية للانغماس في الماء الساخن مع الجلوس في الساونا (جامعة أوريغون)

أيهما أفضل... الساونا أم الماء الساخن لتحسين ضغط الدم والمناعة؟

كشفت دراسة أميركية عن أن الانغماس في حوض ماء ساخن قد يوفر فوائد صحية تفوق تلك التي تقدمها الساونا التقليدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك إنقاص الوزن يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً في تحسين المؤشرات الصحية العامة (جامعة بروك)

دواء جديد لعلاج السمنة بحقنة شهرية يحقق نتائج مذهلة

كشفت دراسة سريرية أميركية عن فاعلية دواء تجريبي جديد يُسمى «ماريتايد» (MariTide)، يُعطى على شكل حقنة شهرية، وحقق نتائج مذهلة في إنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب
TT

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

«إدمان الشاشات» يرتبط بخطر الانتحار بين الشباب

وجدت دراسة حديثة لباحثين من كلية وايل كورنيل للطب Weill Cornell Medicine وجامعة كولومبيا Columbia University بالولايات المتحدة، ونُشرت في النصف الثاني من شهر يونيو (حزيران) الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية (JAMA)، أن المراهقين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة وألعاب الفيديو بشكل أقرب للإدمان أكثر عرضة لخطر الأفكار الانتحارية والإقدام على محاولات تنفيذه فعلياً، كما كانوا أكثر عرضة للمشكلات العاطفية والسلوكية.

استخدام «قهري» للشاشات

خلافاً لمعظم الدراسات السابقة التي ركزت على إجمالي الوقت الذي يقضيه المراهق أمام الشاشة بحثت الدراسة الحالية في كيفية تغير نمط استخدام وقت الشاشة وتحوله من المتعة إلى الاستخدام القهري compulsive أو ما يشبه السلوك الإدماني مع الوقت عند قطاع كبير من المراهقين، وهو الأمر الذي يهدد الصحة النفسية لهم على المدى الطويل.

حللت الدراسة بيانات ما يزيد على أربعة آلاف طفل متعددي الأعراق من الجنسين كانت أعمارهم تتراوح بين التاسعة والعاشرة عند بدء الدراسة. ووجدت أنه بحلول عمر 14 عاماً أصبح نحو ثلث الأطفال مدمنين بشكل متزايد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونحو الربع مدمنين بشكل متزايد لاستخدام هواتفهم المحمولة، وأكثر من 40 في المائة منهم مدمنين لألعاب الفيديو.

كان المراهقون أصحاب السلوك الإدماني هم الأكثر عرضة بشكل ملحوظ للإبلاغ عن سلوكيات وأفكار انتحارية، بالإضافة إلى بعض الأعراض النفسية الأخرى مثل القلق المرضي والاكتئاب والسلوك العدواني والتخريبي.

قام الباحثون بتقييم السلوك على أنه سلوك إدماني عن طريق تحليل إجابات المراهقين على استبيان موحد يتعلق باستخدام وسائل التواصل وألعاب الفيديو من خلال عبارات مثل: «أقضي وقتاً طويلاً في التفكير في تطبيقات التواصل الاجتماعي أو التخطيط لاستخدامها»، أو: «أحاول تقليل استخدام هذه التطبيقات ولكنني لا أستطيع»، وأيضاً: «أشعر بالتوتر أو الانزعاج إذا لم يُسمح لي باستخدام هذه التطبيقات»، أو: «أستخدمها بكثرة بالفعل ما يؤثر سلباً على دراستي».

وتمكن الباحثون من تصنيف المراهقين بناءً على كيفية تغير هذه الإجابات مع مرور الوقت مثل عبارة: «لا أستطيع التوقف عن ممارسة الألعاب أو البعد عن الشاشات حتى عندما أحاول ذلك».

سلوكيات انتحارية

في السنة الرابعة من الدراسة قام الباحثون بعمل استبيان لتقييم الأفكار والسلوكيات الانتحارية والسؤال عن أي محاولة للإقدام الفعلي على الانتحار، وكانت النتيجة وجود نسبة من المشاركين بلغت 18 في المائة لديهم أفكار انتحارية، بالإضافة إلى وجود نسبة بلغت 5 في المائة أقدموا بالفعل على ممارسة سلوكيات انتحارية شملت وضع خطط ومحاولات للتنفيذ.

أكد العلماء أن أنماط السلوك الإدماني شملت الشعور بعدم القدرة على التوقف عن النظر إلى الشاشات بغضّ النظر عن المحتوى، وهو نفس الشعور الذي يشعر به مدمن أي مادة كيميائية. وأيضاً الشعور بالضيق عند عدم استخدام أي شاشة أو استخدام الشاشات للهروب من المشكلات. وفي المقابل لم يرتبط مجرد قضاء مزيد من الوقت على الشاشات في سن العاشرة بنتائج سلبية على الصحة النفسية للأطفال.

أوضح الباحثون أن الأمر أكثر تعقيداً من مجرد الحد من وقت الهواتف الذكية أو الشاشات، حيث أثبتت التجارب السريرية أن الحد من استخدام الهاتف المحمول خلال ساعات الدراسة لم يكن فعالاً في الحماية من خطر الأفكار الانتحارية أو تحسن الصحة النفسية. ونصحت الآباء والأطباء بمراقبة الكيفية التي يتعامل بها المراهقون مع الشاشات وليس مقدار المدة، بمعنى معرفة قدرة المراهق على الاستمتاع بالوقت بعيداً عن الشاشات.

وجدت الدراسة أن كل نوع من أنواع الأنشطة الرقمية أظهر أنماطاً من الارتباط بالسلوكيات الانتحارية. وكلما زاد استخدام الشاشات بشكل إدماني مرتفع زاد خطر الأفكار الانتحارية بنسبة تتراوح من مرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بالشكل الإدماني المنخفض، كما ارتبط الاستخدام العالي إما بأعراض داخلية كالقلق والاكتئاب وإما بأعراض خارجية كالعدوانية وعدم الانتباه.

ونصحت الدراسة الآباء بملاحظة شعور الطفل والمراهق في أثناء قضاء الوقت أمام الشاشات، وعلى سبيل المثال فإنه من المنطقي والطبيعي أن يشعر الطفل بالبهجة في أثناء مشاهدته فيديو معيناً يحبه أو لعبة يمارسها، ولكن الاستمرار في مشاهدة الشاشات على الرغم من إظهار الطفل الملل أو الضيق يُنذر بعدم القدرة عن الاستغناء عن هذه الشاشات بشكل يشبه الإدمان.

وقال الباحثون إن الوقت المنقضي أمام الشاشة ليس جيداً أو سيئاً في حد ذاته، فقد يقضي بعض الأطفال وقتهم أمام الشاشات في قراءة الأخبار أو التعلم أو مشاهدة فيلم ترفيهي، ويمكن أن يقوم البعض الآخر بتصفح محتويات سيئة للغاية؛ لذلك يجب أن يكون مقياس الخطورة على المراهقين هو الكيفية التي يتم بها قضاء الوقت وليست مدته.

وحذرت الدراسة من إقبال المراهقين على الحياة الافتراضية وتجنب الحياة الواقعية، لأن إحدى العبارات في الاستبيان الدالة على الاستخدام الإدماني كانت: «أمارس ألعاب الفيديو حتى أستطيع نسيان مشكلاتي». وأكدوا أن التجنب هو أحد الأعراض الرئيسية للقلق والاكتئاب ويُعد علامة كاشفةً على الصحة النفسية للمراهق، وانعكاس تلك الحالة على ممارسة ألعاب الفيديو أو استخدام الشاشات بشكل عام.

في النهاية أكدت الدراسة أن إدمان الشاشات شائع جداً بين الأطفال والمراهقين ويمكن أن يؤثر بالسلب على صحتهم النفسية ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، ومع الوقت يتطور الأمر إلى التفكير في الانتحار والإقدام على التنفيذ الفعلي.

* استشاري طب الأطفال

OSZAR »