«جي بي تي» يصمم مواقع ويب جذابة... وخادعة

دراسة ألمانية - بريطانية تشير إلى تلاعبه بأنماط التصميم

«جي بي تي» يصمم مواقع ويب جذابة... وخادعة
TT

«جي بي تي» يصمم مواقع ويب جذابة... وخادعة

«جي بي تي» يصمم مواقع ويب جذابة... وخادعة

في دراسة جديدة، وجد الباحثون أن «تشات جي بي تي» ينشئ مواقع ويب مليئة بالأنماط الخادعة.

توظيف واسع للذكاء الاصطناعي

يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل متزايد في جميع جوانب التصميم، من التصميم الغرافيكي إلى تصميم الويب. وتشير الأبحاث الخاصة بشركة «أوبن إيه آي» التي طورته، إلى أن البشر يعتقدون أن مصممي الويب والواجهات الرقمية «سيتمكنون من أتمتة وظائفهم بواسطة (تشات جي بي تي) بنسبة 100 في المائة»، فيما يشير أحد تحليلات الصناعة إلى أن 83 في المائة من المبدعين والمصممين قد دمجوا الذكاء الاصطناعي بالفعل في ممارساتهم العملية.

دراسة جديدة تؤكد أهمية الإبداع البشري

ومع ذلك، تشير دراسة جديدة أجراها أكاديميون في ألمانيا والمملكة المتحدة إلى أن البشر قد لا يزالون يلعبون دوراً في تصميم الويب -على الأقل إذا كنت تريد موقع ويب لا يخدع مستخدميك.

وقد حللت فيرونيكا كراوس، من الجامعة التقنية في دارمشتات بألمانيا، وزملاؤها في برلين بألمانيا، وغلاسكو بأسكوتلندا، كيفية دمج نماذج اللغة الكبيرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» لأنماط التصميم الخادعة -التي تسمى أحياناً الأنماط المظلمة- في صفحات الويب التي جرى إنشاؤها عند مطالبته بتنفيذها.

يمكن أن تشمل هذه الأنماط المظلمة جعل لون الأزرار، للاحتفاظ بالاشتراك، ساطعاً، مع تعتيم الزر لإنهاء الاشتراك في صفحة ويب يزورها المستخدمون لإلغاء خدمة، أو لإخفاء التفاصيل التي يمكن أن تساعد على إعلام قرارات المستخدم بشأن المنتجات.

محاكاة تصميم موقع ويب

طلب الباحثون من المشاركين في الدراسة محاكاة سيناريو خيالي للتجارة الإلكترونية حيث عملوا كمصممي ويب، باستخدام «تشات جي بي تي» لإنشاء صفحات لمتجر أحذية.

تضمنت المهام إنشاء نظرة عامة على المنتجات وصفحات الخروج في أثناء استخدام مطالبات محايدة مثل «زيادة احتمالية اشتراك العملاء في النشرة الإخبارية الخاصة بنا». وعلى الرغم من استخدام لغة محايدة لم تذكر على وجه التحديد دمج أنماط التصميم الخادعة، فإن كل صفحة ويب جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تحتوي على نمط خادع واحد على الأقل.

أنماط خادعة لزيادة المبيعات

وتعتمد هذه الأنماط المظلمة على استراتيجيات نفسية للتلاعب بسلوك المستخدم بهدف زيادة المبيعات. ومن الأمثلة التي أبرزها الباحثون، الذين رفضوا طلب إجراء مقابلة، مستشهدين بسياسة النشر الأكاديمي الذي قدموا إليه الورقة البحثية، جانب الخصومات المزيفة، ومؤشرات الإلحاح (مثل «بقي القليل فقط!»)، والعناصر المرئية التلاعبية -مثل تسليط الضوء على منتج معين لتوجيه المستخدم نحو اختيارات معينة.

توليد مراجعات وشهادات مزيفة

كان من بين الأمور المثيرة للقلق بشكل خاص لفريق البحث قدرة «تشات جي بي تي» على توليد مراجعات وشهادات مزيفة (عن المنتجات والخدمات)، التي أوصى بها الذكاء الاصطناعي بوصفها وسيلة لتعزيز ثقة العملاء ومعدلات الشراء.

ولم يصدر عن «تشات جي بي تي» سوى رد واحد طوال فترة الدراسة بأكملها بدا كأنه تحذير، حيث أخبر المستخدم أن مربع الاشتراك في النشرة الإخبارية الذي تم فحصه مسبقاً «يجب التعامل معه بعناية لتجنب ردود الفعل السلبية».

تصميمات تلاعبية

خلال الدراسة، بدا «تشات جي بي تي» سعيداً بإنتاج ما عدَّه الباحثون تصميمات تلاعبية دون الإشارة إلى العواقب المحتملة.

ولم تقتصر الدراسة على «تشات جي بي تي» فقط؛ فقد أظهرت تجربة متابعة مع نظم الذكاء الاصطناعي «كلود 3.5 (Claude 3.5)» من «أنثروبيك»، وGemini «جيمناي فلاش 1.5» من «غوغل» نتائج مماثلة على نطاق واسع، حيث أبدى طلاب الماجستير في القانون استعدادهم لدمج ممارسات التصميم التي قد ينظر إليها الكثيرون باستياء.

قلق أكاديمي من الأنماط المظلمة

وهذا يُقلق أولئك الذين قضوا حياتهم في التحذير من وجود أنماط التصميم الخادعة وإدامتها عبر الإنترنت. يقول كولين غراي، الأستاذ المشارك في التصميم بجامعة إنديانا بلومنغتون، والمتخصص في الانتشار الخبيث للأنماط المظلمة في تصميم الويب والتطبيقات: «هذه الدراسة هي واحدة من أولى الدراسات التي تقدم دليلاً على أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل «تشات جي بي تي»، يمكن أن تقدم أنماط تصميم خادعة أو تلاعبية في تصميم القطع الأثرية».

ويشعر غراي بالقلق بشأن ما يحدث عندما تلجأ تقنية منتشرة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى إدخال أنماط تلاعبية في ناتجها عندما يُطلب منها تصميم شيء ما -خصوصاً كيف يمكنها تطبيع شيء قضى الباحثون والمصممون الممارسون سنوات في محاولة إخماده وإخماده.

«إن إدراج ممارسات التصميم الإشكالية في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي يثير أسئلة أخلاقية وقانونية ملحَّة، خصوصاً حول مسؤولية كل من المطورين والمستخدمين الذين قد ينشرون هذه التصاميم دون علمهم»، كما يقول غراي. «فمن دون تدخل متعمَّد ودقيق، قد تستمر هذه الأنظمة في نشر ميزات التصميم التلاعبية، مما يؤثر في استقلالية المستخدم واتخاذ القرار على نطاق واسع».

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

إنه قلق يُزعج كاريسا فيليز، الأستاذة المساعدة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة أكسفورد أيضاً. تقول: «من ناحية، إنه أمر صادم، ولكن حقاً لا ينبغي أن يكون كذلك... كلنا لدينا هذه التجربة التي مفادها أن غالبية المواقع التي نزورها بها أنماط مظلمة، أليس كذلك؟»، ولأن أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي نستخدمها، بما في ذلك «تشات جي بي تي»، يتم تدريبها على عمليات زحف ضخمة للويب تتضمن تلك الأنماط التلاعبية، فليس من المستغرب أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يتم تدريبها عليها تكرر أيضاً هذه المشكلات.

وهذا دليل آخر على أننا نصمم التكنولوجيا بطريقة غير أخلاقية للغاية، كما تقول فيليز. «من الواضح أن (تشات جي بي تي) يبني مواقع ويب غير أخلاقية لأنه تم تدريبه على بيانات مواقع ويب غير أخلاقية».

تخشى فيليز أن تسلط النتائج الضوء على قضية أوسع نطاقاً حول كيفية تكرار الذكاء الاصطناعي التوليدي لأسوأ قضايا مجتمعنا. وتشير إلى أن كثيراً من المشاركين في الدراسة كانوا في حيرة بشأن أنماط التصميم الخادعة التي ظهرت على صفحات الويب التي جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

فترة «الغرب المتوحش» للذكاء الاصطناعي

ومن بين المشاركين العشرين في الدراسة، قال 16 إنهم راضون عن التصميمات التي أنتجها الذكاء الاصطناعي ولم يروا مشكلة في ناتجهم.

إلا أن فيليز تقول: «ليس الأمر أننا نفعل أشياء غير أخلاقية فحسب، بل إننا لا نحدد حتى المعضلات الأخلاقية والمشكلات الأخلاقية. إنه يعزز الشعور بأننا نعيش في فترة الغرب المتوحش، وأننا بحاجة إلى كثير من العمل لجعلها قابلة للعيش».

إن التعامل مع العمل المطلوب أصعب من التعامل مع حقيقة أن هناك حاجة إلى فعل شيء ما. إن التنظيم موجود بالفعل ضد الأنماط المظلمة في الولايات القضائية الأوروبية، ويمكن تمديده هنا لمنع تبني التصميم الناتج عن الذكاء الاصطناعي. إن الحواجز الواقية لأنظمة الذكاء الاصطناعي هي دائماً حلول غير كاملة أيضاً، ولكنها قد تساعد على منع الذكاء الاصطناعي من اكتساب عادات سيئة يواجهها في بيانات التدريب الخاصة به.

لم تستجب شركة «أوبن إيه آي»، صانعة «تشات جي بي تي»، على الفور لطلب التعليق على نتائج البحث. لكنَّ غراي لديه بعض الأفكار حول كيفية محاولة القضاء على المشكلة في مهدها قبل أن تستمر. ويقول: «تؤكد هذه النتائج الحاجة إلى لوائح وضمانات واضحة، مع ازدياد دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في تصميم المنتجات الرقمية».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

العلماء يوظفون الذكاء الاصطناعي لمحاكاة العقل البشري

علوم العلماء يوظفون الذكاء الاصطناعي لمحاكاة العقل البشري

العلماء يوظفون الذكاء الاصطناعي لمحاكاة العقل البشري

لتطوير نموذج شامل لعقل الإنسان بدلاً من النظريات الحالية حول نماذجه المتنوعة

كارل زيمر (نيويورك)
خاص صعود «وكلاء الذكاء الاصطناعي» يتطلب بنية تحتية أكثر ترابطاً تشمل الحوسبة والتخزين والشبكات كمنظومة موحدة (أدوبي)

خاص مع صعود «وكلاء الذكاء الاصطناعي»... هل البنية التحتية للمؤسسات مستعدة؟

صعود «وكلاء الذكاء الاصطناعي» يفرض تحولاً جذرياً في بنية الشبكات مع الحاجة إلى أتمتة وأمان مدمج ومحولات ذكية لمواكبة التعقيد المتزايد.

نسيم رمضان (سان دييغو - الولايات المتحدة)
الاقتصاد شعار شركة «مايكروسوفت» على واجهة مبنى للشركة في ميونيخ بألمانيا (د.ب.أ)

«مايكروسوفت» تعتزم تسريح آلاف الموظفين

ستعمد شركة «مايكروسوفت» إلى تسريح آلاف الموظفين الإضافيين بعد دفعة أولى في مايو (أيار)، عن طريق خفض مستويات هرمية معينة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا طالب يطلب المساعدة من «ChatGPT» خلال فصل دراسي صيفي في مدرسة روزفلت

انخفاض مهارات التحليل النقدي لدى الطلاب مستخدمي «تشات جي بي تي»

أظهرت دراسة حديثة أنّ الطلاب الذين يستخدمون «ChatGPT» لكتابة النصوص يتمتعون بقدر أقل من التفكير النقدي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إنفيديا» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«إنفيديا» تستعيد صدارة الشركات الأعلى قيمة سوقية عالمياً

استعادت شركة «إنفيديا» صدارة قائمة الشركات الأعلى قيمة سوقية في العالم خلال شهر يونيو (حزيران)، مدعومة بتجدد التفاؤل بشأن ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كيف ستُدرّس علوم الكمبيوتر في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

كيف ستُدرّس علوم الكمبيوتر في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
TT

كيف ستُدرّس علوم الكمبيوتر في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

كيف ستُدرّس علوم الكمبيوتر في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

تتمتع جامعة «كارنيغي ميلون» بسمعة طيبة بوصفها واحدة من أفضل الجامعات في علوم الكمبيوتر في البلاد، إذ يواصل خريجوها العمل في شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة ومختبرات الأبحاث حول العالم.

نقاشات جامعية صيفية

ومع ذلك، وعلى الرغم من كل نجاحاتها السابقة، تُخطط هيئة التدريس في القسم لعقد جلسة نقاش هذا الصيف لإعادة النظر فيما ينبغي أن تُدرّسه الجامعة للتكيف مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقال توماس كورتينا، الأستاذ والعميد المشارك لبرامج البكالوريوس في الجامعة، إن هذه التكنولوجيا «أحدثت تغييراً جذرياً في تعليم علوم الكمبيوتر».

تحديات الذكاء الاصطناعي التوليدي

تواجه علوم الكمبيوتر، أكثر من أي مجال دراسي آخر، تحدياً من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وتشهد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي تدعم روبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي ChatGPT»، التي يمكنها كتابة المقالات والإجابة عن الأسئلة بطلاقة شبيهة بطلاقة الإنسان، انتشاراً واسعاً في الأوساط الأكاديمية. لكن الذكاء الاصطناعي يتقدم بوتيرة أسرع وأكثر قوة في مجال علوم الكمبيوتر، التي تُركز على كتابة الرموز البرمجية، أي لغة الكمبيوتر.

توليد الرموز الكمبيوترية

قدمت شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة أدوات مساعدة بذكاء اصطناعي قادرة على توليد الرموز البرمجية، وتزداد كفاءةً بسرعة. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، توقع مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، أن تُضاهي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أداء مهندس برمجيات متوسط ​​المستوى في وقت ما من هذا العام.

برامج علوم الكمبيوتر

تسعى برامج علوم الكمبيوتر في الجامعات في جميع أنحاء البلاد جاهدةً الآن لفهم آثار التحول التكنولوجي، وتكافح لتحديد ما يجب الاستمرار في تدريسه في عصر الذكاء الاصطناعي. وتتراوح الأفكار بين تقليل التركيز على إتقان لغات البرمجة، والتركيز على دورات هجينة مصمَّمة لدمج الحوسبة في كل مهنة، حيث يتأمل المدرسون في شكل وظائف التكنولوجيا في المستقبل في اقتصاد الذكاء الاصطناعي.

قالت جانيت وينغ، أستاذة علوم الكمبيوتر ونائبة الرئيس التنفيذي للأبحاث في جامعة كولومبيا: «نشهد الآن ذروة موجة الذكاء الاصطناعي».

عروض نادرة لوظائف خريجي علوم الكمبيوتر

وما يزيد من الشعور بالإلحاح سوق العمل في مجال التكنولوجيا التي ازدادت تشدداً في السنوات الأخيرة. يجد خريجو علوم الكمبيوتر أن عروض العمل، التي كانت وفيرة في السابق، غالباً ما تكون نادرة. تعتمد شركات التكنولوجيا بالفعل بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي في بعض جوانب البرمجة، مما يلغي بعض الوظائف على مستوى المبتدئين.

ويعتقد بعض المدرسين الآن أن هذا التخصص يمكن أن يتوسع ليصبح أشبه بشهادة في الآداب الحرة، مع تركيز أكبر على التفكير النقدي ومهارات التواصل.

برنامج رؤية مشتركة لأساسيات تعليم الذكاء الاصطناعي

تمول المؤسسة الوطنية للعلوم برنامجاً، Level Up AI، لجمع الدارسين والباحثين في الجامعات والكليات للتحرك نحو رؤية مشتركة لأساسيات تعليم الذكاء الاصطناعي. ويُنظّم المشروع، الذي يمتدّ لـ18 شهراً، والذي تُديره جمعية أبحاث الحوسبة، وهي منظمة بحثية وتعليمية غير ربحية، بالشراكة مع جامعة ولاية نيو مكسيكو، مؤتمراتٍ وجلسات نقاشٍ مستديرة، ويُنتج «أوراقاً بيضاء» (خطط) لمشاركة الموارد وأفضل الممارسات.

وصرحت ماري لو ماهر، عالمة حاسوب ومديرة جمعية أبحاث الحوسبة، قائلةً: «لقد أُنشئت هذه المبادرة المدعومة من مؤسسة العلوم الوطنية بسبب شعورنا بالإلحاح لحاجتنا إلى المزيد من طلاب علوم الكمبيوتر -والمزيد من الأشخاص- الذين يعرفون عن الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة».

وأضافت د.ماري أن مستقبل تعليم علوم الكمبيوتر من المرجح أن يُركّز بشكل أقل على البرمجة وأكثر على التفكير الكمبيوتري ومحو أمية الذكاء الاصطناعي.

* التفكير الكمبيوتري يتضمن تقسيم المشكلات إلى مهام أصغر، وتطوير حلول، خطوةً بخطوة، واستخدام البيانات للوصول إلى استنتاجات قائمة على الأدلة.

* أما محو أمية الذكاء الاصطناعي، فهو فهم -بمستوياتٍ متفاوتة من الفهم للطلاب في مختلف المستويات- لكيفية عمل الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدامه بمسؤولية، وكيف يؤثر على المجتمع.

التدريب على تصميم البرمجيات باستخدام الأدوات الذكية

وبينما يستعد أعضاء هيئة التدريس لاجتماعهم، قال الدكتور كورتينا من جهته، إن وجهة نظره هي أن المقررات الدراسية يجب أن تتضمن تعليماً في أساسيات الحوسبة التقليدية ومبادئ الذكاء الاصطناعي، متبوعة بخبرة عملية واسعة في تصميم البرمجيات باستخدام الأدوات الجديدة.

وقال: «نعتقد أن هذا هو المقصد. لكن هل نحتاج إلى تغيير أعمق في المنهج الدراسي؟» حالياً، يختار أساتذة علوم الكمبيوتر بشكل فردي ما إذا كانوا سيسمحون للطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي. ففي العام الماضي، أيَّدت جامعة «كارنيغي ميلون» استخدام الذكاء الاصطناعي في المقررات التمهيدية.

في البداية، قال الدكتور كورتينا إن العديد من الطلاب عدُّوا الذكاء الاصطناعي «حلاً سحرياً» لإكمال واجباتهم المدرسية بسرعة، التي تتضمن كتابة البرامج. وأضاف: «لكنهم لم يفهموا نصف محتوى كتابة الرموز»، مما دفع الكثيرين إلى إدراك قيمة معرفة كيفية كتابة الرموز وتصحيح أخطاء الأدوات بأنفسهم... وهكذا «يعيد الطلاب ضبط أنفسهم».

موقف طلاب علوم الكمبيوتر

هذا صحيح بالنسبة للعديد من طلاب علوم الكمبيوتر الذين يتبنون أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة، مع بعض التحفظات. فهم يقولون إنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج أولية للبرامج، وللتحقق من الأخطاء في الرموز البرمجية، ومعلماً رقمياً للإجابة عن الأسئلة. لكنهم يترددون في الاعتماد عليه كثيراً، خوفاً من أن يُضعف مهاراتهم الكمبيوترية.

يقول كثير من الطلاب إنهم يرسلون ما بين 100 و200 طلب للتدريب الصيفي والوظائف الأولى.

واليكم مثال كونور دريك، الذي سيُصبح طالباً في السنة الأخيرة خريف العام المقبل في جامعة نورث كارولاينا في شارلوت، ويرى نفسه محظوظاً؛ إذ حصل على مقابلة بعد تقديمه 30 طلباً فقط. عُرضت عليه وظيفة متدرب في الأمن السيبراني هذا الصيف في شركة «ديوك إنرجي»، وهي شركة مرافق كبيرة، في شارلوت.

وقال دريك، البالغ من العمر 22 عاماً: «كانت شهادة علوم الكمبيوتر بمثابة تذكرة ذهبية لأرض الوظائف الموعودة». لم يعد الأمر كذلك.

تتمثل استراتيجية دريك الشخصية للدفاع عن الذكاء الاصطناعي في توسيع نطاق مهاراته. فبالإضافة إلى تخصصه في علوم الكمبيوتر، درس العلوم السياسية تخصصاً فرعياً في دراسات الأمن والاستخبارات، وهو مجال يُمكن تطبيق خبرته فيه في مجال الأمن السيبراني.

تراجُع التوظيف

اضطر دريك، كغيره من طلاب علوم الكمبيوتر، إلى التكيف مع سوق عمل تكنولوجية متزايدة الصعوبة. ويشير خبراء العمل إلى وجود عدة عوامل مؤثرة. فقد قلصت شركات التكنولوجيا الكبرى، على وجه الخصوص، توظيفها خلال السنوات القليلة الماضية، وهو تراجع حاد عن سنوات الطفرة التي شهدتها فترة الجائحة. والاستثناء الوحيد هو التوظيف المكثف لعدد صغير نسبياً من أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي، والذين تُعرض عليهم رواتب مجزية.

وقد ظلّ التوظيف الإجمالي للعاملين في المهن التكنولوجية مستقراً حتى وقت قريب، حيث انخفض بنسبة 6 في المائة منذ فبراير (شباط)، وفقاً لإحصاءات حكومية. أرسل أصحاب العمل إشارةً أكثر وضوحاً بتراجع ملحوظ في قوائم الوظائف التقنية. ففي السنوات الثلاث الماضية، انخفض عدد الشركات التي تبحث عن موظفين بخبرة سنتين أو أقل بنسبة 65 في المائة، وفقاً لتحليل أجرته شركة «CompTIA»، وهي منظمة أبحاث وتعليم تكنولوجية. وانخفض عدد الوظائف المتاحة للعاملين في مجال التكنولوجيا من جميع مستويات الخبرة بنسبة 58 في المائة.

سوق البرمجيات بالذكاء الاصطناعي ستزدهر

في حين أن مستقبل تعليم علوم الكمبيوتر قد يكون غامضاً، فإن سوق البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مهيأة للنمو، كما يقول الخبراء. فالذكاء الاصطناعي أداة إنتاجية، وكل موجة جديدة من الحوسبة -الكمبيوتر الشخصي، والإنترنت، والهواتف الذكية- تزيد الطلب على البرمجيات والمبرمجين. يقولون إن النتيجة هذه المرة قد تكون طفرة في ديمقراطية التكنولوجيا، حيث يستخدم العاملون في مجالات متنوعة، من الطب إلى التسويق، أدوات شبيهة ببرامج الدردشة الآلية لإنشاء برامجهم الخاصة، المصمَّمة خصيصاً لقطاعاتهم، والمدعومة بمجموعات بيانات خاصة بكل قطاع.

يقول أليكس آيكن، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ستانفورد: «قد يتراجع نمو وظائف هندسة البرمجيات، لكن العدد الإجمالي للعاملين في مجال البرمجة سيزداد».

* خدمة «نيويورك تايمز».

OSZAR »