رحلة بلا سائق... «أوبر» ستُطلق سيارات الأجرة الروبوتية في بريطانيا عام 2027

بين الطموح التكنولوجي والتحديات القانونية والاجتماعية

سيارة أجرة روبوتية في معرض شنغهاي الدولي للسيارات عام 2025 (غيتي)
سيارة أجرة روبوتية في معرض شنغهاي الدولي للسيارات عام 2025 (غيتي)
TT

رحلة بلا سائق... «أوبر» ستُطلق سيارات الأجرة الروبوتية في بريطانيا عام 2027

سيارة أجرة روبوتية في معرض شنغهاي الدولي للسيارات عام 2025 (غيتي)
سيارة أجرة روبوتية في معرض شنغهاي الدولي للسيارات عام 2025 (غيتي)

أعلنت شركة «أوبر» أنها «مستعدّة» لتشغيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة داخل المملكة المتحدة، غير أن الحكومة أجّلت الموعد المتوقع للموافقة على انطلاق المركبات الذاتية القيادة بالكامل.

وكانت الحكومة السابقة، وفق موقع صحيفة «بي بي سي» البريطانية، قد أعلنت أن السيارات ذاتية القيادة بالكامل «من المقرر أن تكون على الطرق بحلول عام 2026»، لكن الحكومة الحالية أشارت إلى أن ذلك من المرجح أن يحدث في النصف الثاني من عام 2027.

ورغم السماح ببعض تقنيات القيادة الذاتية المحدودة على الطرق البريطانية، فإن وجود سائق بشري خلف عجلة القيادة لا يزال ضرورياً لتحمُّل مسؤولية المركبة، حتى عند استخدام التقنية المؤتمتة.

ومع شروع بعض الشركات في اختبار تقنيات أكثر تقدماً في شوارع بريطانيا، تم خوض تجربة ركوب سيارة ذاتية القيادة عبر وسط لندن، وذلك باستخدام نظام طورته شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية «وايف».

في هذا السياق، قال أندرو ماكدونالد، نائب رئيس قسم التنقل في «أوبر»: «نحن مستعدون لإطلاق سيارات الأجرة الروبوتية في المملكة المتحدة، بمجرد أن يكون الإطار التنظيمي جاهزاً لذلك».

تجدر الإشارة إلى أن «أوبر» تتعاون مع 18 شركة متخصصة في تكنولوجيا القيادة الذاتية، من بينها «وايف»، التي تُعد واحدة من شركات عدّة تُقدِّم بالفعل خدمات سيارات الأجرة ذاتية القيادة في الولايات المتحدة. كما تجوب هذه السيارات الطرقات في الصين، والإمارات، وسنغافورة.

ومع ذلك، رفض ماكدونالد الرأي القائل إن المملكة المتحدة متأخرة في هذا المجال، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة والصين تتقدمان لأن الغالبية العظمى من التكنولوجيا طُوِّت هناك.

من جهتها، أعلنت وزارة النقل البريطانية في بيان: «نعمل بسرعة وسنُقِرّ تشريعاً خاصاً بالمركبات ذاتية القيادة في النصف الثاني من عام 2027»، مضيفة: «ندرس كذلك خيارات لتجارب قصيرة الأمد ومشروعات تجريبية، لتهيئة الظروف اللازمة لقطاع مزدهر في مجال القيادة الذاتية».

تجربة «دون تدخل بشري»

في الولايات المتحدة، قال ماكدونالد إن سيارات الأجرة الروبوتية تعمل عادة 20 ساعة يومياً، 7 أيام في الأسبوع. ورغم غياب سائق يتطلب أجراً، ذكرت «أوبر» أن الأجرة حالياً تُعادل تلك الخاصة بالسيارات التي يقودها البشر.

تظهر إمكانية ركوب سيارة ذاتية القيادة على تطبيق «أوبر» إذا كانت مُتاحة، ويمكن للعميل اختيار تفعيلها أو لا.

ويرتبط ذلك جزئياً بعقبة محتملة أمام انتشار هذه المركبات، تتمثل في تردد الجمهور إزاء فكرة الركوب في سيارة دون سائق. فقد كشف استطلاع أجرته مؤسسة «يوغوف» عام 2024 أن 37 في المائة من البريطانيين يشعرون بعدم الأمان الشديد عند التفكير في ركوب سيارة من دون سائق.

مع ذلك، أصر ماكدونالد على أن تردد العملاء غالباً ما يتلاشى، وسرعان ما «تصبح التجربة أمراً اعتيادياً».

أسئلة حول المسؤولية القانونية ومستقبل القيادة

في المملكة المتحدة، تُطرح أسئلة عملية بشأن التأمين، والملكية، والمسؤولية القانونية عند وقوع حادث لمركبة ذاتية القيادة. وأكد ماكدونالد أن جميع هذه القضايا لا تزال قيد البحث.

أما توم ليغيت، مدير تكنولوجيا المركبات في مركز «ثاتشام للأبحاث»، وهو مركز مستقل معني بأمان السيارات، فقال إن سيارات الأجرة الروبوتية في المملكة المتحدة يجب أن تُبنى على أساس «السلامة أولاً». وأضاف: «يجب أيضاً التأكد من أن البيانات ستكون متاحة للجهات المعنية، مثل شركات التأمين والسلطات التي تحقق في الحوادث».

وقد أعلنت الحكومة أن المركبات ذاتية القيادة تمتلك القدرة على بناء صناعة بقيمة 42 مليار جنيه إسترليني، وتوفير 38 ألف وظيفة بحلول عام 2035، لكنها تُثير في الوقت نفسه قلقاً لدى من يعتمدون على القيادة بوصفها مصدر رزق.

وقال آندي بريندرغاست، السكرتير الوطني لنقابة «الاتحاد العام للسيارات» (GMB)، إن «الآثار الاجتماعية الكبيرة» المحتملة، مثل نقص فرص العمل أو البطالة، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لصالح العمال والمجتمع.

في المقابل، يرى ماكدونالد أن السيارات المؤتمتة ستُغيِّر بشكل جذري طريقة تنقُّل الناس في المستقبل القريب. وأضاف: «لدي أطفال صغار... هل أعتقد أن بناتي سيحصلن بالضرورة على رخصة قيادة عندما يبلغن 16 عاماً (وهو السن القانونية في كندا، بلدي الأم)؟ لا. أعتقد أن العالم يتغير كثيراً».


مقالات ذات صلة

هبة حيدري لـ«الشرق الأوسط»: المذيعة تحتاج إلى الكاريزما والمعرفة والقدرة على التواصل

يوميات الشرق تُلامسها الحوارات التي يتقاطع فيها الشخصي مع العام (إنستغرام)

هبة حيدري لـ«الشرق الأوسط»: المذيعة تحتاج إلى الكاريزما والمعرفة والقدرة على التواصل

كسرت هبة حيدري مقولة «كوني جميلة واصمتي» حتى ألغتها من قاموس الإعلام، واستبدلت بها عبارة «كوني ذكية ليبرز جمالك».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق راحة أم خطر على الحياة؟ (غيتي)

«قيلولة قاتلة؟»... دراسة تُحذّر من النوم قبل الغروب

توصَّل فريق من الباحثين إلى أنّ الحصول على قسط من النوم قبل غروب الشمس ربما يرتبط بزيادة احتمالات الوفاة للأشخاص في منتصف العمر وكبار السنّ.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
يوميات الشرق هناك انخفاض «غير مسبوق» بمعدلات الخصوبة والإنجاب في العالم (رويترز)

انخفاض غير مسبوق في معدلات الخصوبة والإنجاب عالمياً

كشف تقرير جديد صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، عن انخفاض «غير مسبوق» لمعدلات الخصوبة والإنجاب في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سد البوابة الحديدية في هورنبروك بكاليفورنيا (غيتي)

نهر «كلاماث» في أميركا يعود إلى الحياة من جديد

أًزيل آخر سد من بين 4 سدود كهرومائية على نهر «كلاماث» العام الماضي، في أكبر مشروع من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق هل تسمح لروبوت بغسل ملابسك؟ (صورة: غيتي)

الأثرياء «سيملكون خدماً من الروبوتات بحلول عام 2030»

تنبأ أحد الخبراء بأن روبوتات الخدمة المنزلية ستصبح لعبة شائعة بين فاحشي الثراء بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تستحضر فنون الربابة والسيرة الهلالية في محطات المترو

متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
TT

مصر تستحضر فنون الربابة والسيرة الهلالية في محطات المترو

متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

استحضرت مصر فنون الربابة والحكي ورواة السيرة الهلالية خلال عيد الأضحى، عبر بروتوكول تعاون بين وزارتي الثقافة والنقل، ليتم إذاعة أجزاء من السيرة الهلالية بأصوات رواتها القدامى وفنون الحكي بالربابة، ومقاطع من السيرة بصوت الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، بمترو الأنفاق والقطار السريع.

تأتي هذه المبادرة في إطار دمج الثقافة في الفضاءات العامة وتعريف الأجيال الجديدة برموز الإبداع، وفي مقدمتهم «الخال» عبد الرحمن الأبنودي، حرصاً من وزارة الثقافة على صون التراث المصري وتكريم رموز الثقافة الوطنية، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

تتضمن المبادرة عرض مجموعة من التسجيلات النادرة للشاعر عبد الرحمن الأبنودي حول السيرة الهلالية، بالإضافة إلى عرض لقطات مصوَّرة من متحفه بقرية أبنود بمحافظة قنا، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، وذلك عبر شاشات العرض في قطارات مترو الأنفاق والقطار الكهربائي السريع، وتشمل المبادرة بثّ مختارات من السيرة الهلالية بصوت الأبنودي عبر المحطة الإذاعية الداخلية بمترو الأنفاق.

إذاعة السيرة الهلالية في وسائل للنقل الحديث بمصر (وزارة الثقافة)

وتستهدف المبادرة تعزيز الوعي بالتراث الثقافي المصري، وتقديم محتوى راقٍ للمواطنين خلال تنقلاتهم في العيد، إلى جانب إحياء تقاليد أصيلة من صعيد مصر، حيث اعتادت الأسر على التجمع في المناسبات والأعياد للاستماع إلى شعراء الربابة ورواة السيرة الهلالية، بحسب بيان الوزارة، مثمنة التعاون بين وزارتي الثقافة والنقل لإتاحة التراث الثقافي عبر المجال العام من خلال المترو والقطار السريع.

وتُعدّ السيرة الهلالية واحدة من أشهر السير الشعبية في الثقافة المصرية، وانتشرت روايتها الشفاهية عبر الحكّائين الشعبيين في المقاهي والمناسبات الاجتماعية، وصارت جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية للمصريين، واشتهرت بمرافقة رواتها للربابة.

ويرى الدكتور مصطفى جاد، عميد المعهد العالي للفنون الشعبية الأسبق، والخبير بمنظمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي، أن السير الشعبية العربية مثل عنتر بن شداد وسيف بن ذي يزن وحمزة البهلوان والأميرة ذات الهمة جزءاً مهماً من تراثنا الذي كان يروى في المقاهي، ولكنها توقفت جميعاً وأصبحت تسكن الكتب، ما عدا السيرة الهلالية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما زالت السيرة الهلالية تروى حتى الآن بفضل مدرستين؛ أولاهما مدرسة الربابة في الصعيد، ومدرسة الدلتا»، وتابع: «أما عن نشر السيرة وطرحها في المترو فهذا أمر رائع طالبنا به كثيراً، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه السيرة قد تصل إلى مليونين أو 3 ملايين بيت شعر».

وأدرجت منظمة اليونيسكو السيرة الهلالية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2008، عقب ملف تقدمت به مصر في هذا الصدد، وترصد السيرة رحلة بني هلال من أرض نجد بالحجاز إلى تونس بشمال أفريقيا مروراً بمصر، وما شهدته الرحلة من مغامرات ومعارك وقصص فرعية تجمع بين الحكمة وبين فنون الحكي والغناء.

ومن أشهر رواة السيرة الهلالية جابر أبو حسين، الذي رافق الأبنودي في روايتها ضمن برنامج إذاعي شهير، وكذلك سيد الضوي الذي رافق الأبنودي في إلقاء السيرة بالليالي الرمضانية في القاهرة. ومن أشهر رواة السيرة أيضاً عزّ الدين نصر الدين وعبد الباسط أبو نوح وشوقي القناوي.

وأوضح جاد «أنهم حين اتجهوا لوضع السيرة على قائمة اليونسكو، قرّروا إعادتها إلى بيئتها الطبيعية في المقاهي، مثلما كان يحدث في الثلاثينات والأربعينات، فكان الراوي يجلس ليرويها لمدة 3 أو 4 أشهر، والناس تنتظره كأنها مسلسل». وأكّد «أن أول عنصر يوضع في التراث اللامادي كان السيرة الهلالية، واتفقنا مع مقهى في باب اللوق (وسط القاهرة) أن يتركنا نحكي السيرة الهلالية في المقهى، وبالفعل وجدت قبولاً كبيراً، وممن قام بهذه التجربة مكتبة الإسكندرية، وكانت ضمن روائع التراث العالمي في اليونسكو، ثم قائمة التراث الإنساني».

السيرة الهلالية تم إدراجها بقائمة اليونسكو عام 2008 (وزارة الثقافة المصرية)

وأشار جاد إلى أن تجربة رواية السيرة الهلالية للناس مهمة جدّاً، خصوصاً لما يوجد بها من حكم كثيرة، فضلاً عن الحكايات المسلية والمآثر الكثيرة التي تضمّها.

ويعدّ عبد الرحمن الأبنودي من أبرز شعراء العامية المصرية، وهو مواليد قنا (جنوب مصر) عام 1938، وقدّم دواوين، من بينها «الأرض والعيال » و«جوابات حراجي القط» و«صمت الجرس» و«الموت على الأسفلت»، كما غنّى له كبار المطربين، مثل عبد الحليم حافظ وفايزة أحمد ونجاة وشادية ومحمد رشدي ومحمد منير.

وكرّس 30 عاماً من حياته لجمع السيرة الهلالية من رواتها الأصليين، وخصّص متحفاً يضم ما جمعه من السيرة، بالإضافة إلى مقتنياته خلال رحلة جمع السيرة، التي تربو على المليون بيت من الشعر، وافتتح متحفه الخاص بالسيرة الهلالية وأعماله الشعرية في عام رحيله 2015.

OSZAR »