في فندق بيروتي، اجتمع صُنّاع مسلسل «خطيئة أخيرة» للاحتفاء بإطلاق عمل درامي بوليسي رومانسي، يُعرَض على منصة «يانغو بلاي» وقناة «إم تي في» اللبنانية؛ من كتابة نور شيشكلي وإخراج طارق رزق، وإنتاج شركة «إيغل فيلمز». حضر أبطاله وتوزّعوا في الأرجاء؛ بعضهم اختار الزوايا الهادئة لإجراء مقابلات صحافية، وبعضهم اكتفى بالاستراحة، كأنهم يعيشون لحظة فاصلة بين نهاية التصوير وبداية الحكاية مع الجمهور.
العمل الذي يمتدّ على 45 حلقة، يضمّ مجموعة من الأسماء البارزة: عمار شلق، وسامر إسماعيل، وكارول عبود، وكارلوس عازار، ورلى بقسماتي، ورشا بلال، وإيلي متري وآخرون. قصة تُحاكي صراع النفوذ داخل عالم تجارة المخدرات، تتخلّلها علاقة حبّ تنمو مثل زهرة في تربة سوداء. حبٌ لا يخلو من المفاجآت والانهيارات، ووفق البيان الصحافي، يأخذ البطل إلى بئر من الأسرار العائلية ويضعه وجهاً لوجه مع شهوة الانتقام.
عمار شلق: متعة الدور تغلُب المال
في «خطيئة أخيرة»، يقدّم الممثل اللبناني عمار شلق شخصية «صافي رزق». رجل يجمع بين قسوة العقل المُدبّر وجرح الضحية الخفيّة. أنيقٌ، منضبط، يحرص على صحّته، ويخفي تحت مظهره الجاذب عقلاً تحكمياً صارماً. في حديثه مع «الشرق الأوسط» نبرةُ مصارحة: «صُوِّر المسلسل قبل اندلاع حرب غزة، وخلال استكمال التصوير اشتعلت حرب لبنان. فإنْ وُجدِت ثغرات، أعتقد أنّنا سنُعذَر، رغم أنني أشكُّ بوجودها. الاحتمال ضئيل، وإنْ حصل، فالأسباب خارجة عن الإرادة». يضيف بواقعية: «في الدراما عموماً، قد يُحيد الكاتب أحياناً عن رؤيته أو يضطرّ للاستعجال تحت ضغط الوقت. ذلك يُنتج انحرافاً عن المسار، لكنها ليست القاعدة».
وعن اختياراته المهنية، يوضح: «أعملُ في التمثيل بكونه مهنة أعيش منها. أُشبِّه نفسي بنجّار يصنع غرفَ نوم لكنه لا يرفض صُنع كراسٍ للحديقة إن أُتيحت له الفرصة وسمح الوقت. ما يهمّني هو البحث عن متعة الدور، حتى لو لم يكن طويلاً. المتعة لا تقلّ أهمية عن كسب لقمة العيش».
نسأله عن شخصية «صافي»، وهل وجد فيها جديداً؟ يردّ وقد ارتسمت على ملامحه ابتسامة: «كل دورٍ قد يُذكّرني بآخر سبق أن أدّيته، يمنحني فرصة لتحدّي نفسي. حين أُعيد تأدية نمط لعبته منذ 15 عاماً مثلاً، أضع نفسي أمام امتحان: هل سأكرّر ذاتي أم أكتشف جديداً؟ أنظرُ إليَّ وأقول: (هنا شطارتُك! قدِّم إضافة وقيمة). متعة الشخصية تكمن في تحريرها من التكرار».
سامر إسماعيل: كلُّ عمل هو فرصة لولادة جديدة
يُجسِّد الممثل السوري سامر إسماعيل شخصية «هشام مختار»؛ ثلاثينيّ مفتول العضلات، نظراته غامضة تفيض بحكايات قديمة. قليل الكلام، عميق الإحساس، شجاع ورومانسي، لكنه، وفق البيان الصحافي، لا يُشبه أبطال القصص التقليدية.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك في أعمال أحبُّ مشاهدتها بنفسي، وأتعامل مع كلّ مسلسل كأنني أقدّم نفسي للجمهور للمرّة الأولى». وحين نسأله: عمَّ تبحث في الشخصية؟ يجيب بلا تردّد: «الاختلاف والتحدّي. أحبّ الأدوار التي تتطلّب جهداً لأصل إلى شيء مختلف عن شكلي وشخصيتي».
نتطرّق إلى فكرة البطولة ضمن مجموعة، فيغرُف من تجربته: «اللعب وسط مجموعة قوية يُثري التجربة. يُشبه مباراة بينغ بونغ. فعندما يرتفع أداء الشركاء، يُستَفزّ أفضل ما فينا. هنا تتجلّى اللحظة الإبداعية».
كارول عبود: مرور «فتون» ينثر البهجة
تطلُّ الممثلة اللبنانية كارول عبود في المسلسل بدور «فتون»؛ امرأة في منتصف الخمسينات، بشعرٍ فضيّ ترفض صبغه، ووجه يحتفي بمرور السنوات. روح حرّة، عفوية، تؤمن بأنّ الحياة تبدأ من جديد حين نبلغ النضج.
تُشارك «الشرق الأوسط» انطباعها عن الشخصية: «تفيض بالتنوّع، وهذا المعيار هو الأهم بالنسبة إليّ. (فتون) ضوءٌ يمرّ في العمل كما الضوء في ساحة ألعاب الأطفال حيث الألوان آسرة. لم أقدّم حضوراً يُشبهها من قبل. هي مثل قوس قزح... مرورها يحمل أثراً يبقى».
تردُّ على سؤال عن مساحة الأدوار، والنصّ الذي يخون أو يُنصِف: «الكاتب يُنصف الممثل قدر الإمكان. لكنّنا نحن مَن نصنع الحياة من الورق. حين أقدّم الشخصية، أحبّها وأدافع عنها. ثم أودّعها وأُفرِغ نفسي لبداية جديدة».
جمال سنان يعترف: النصوص تُعاني
يتحدَّث المنتج جمال سنان، صاحب شركة «إيغل فيلمز»، بصراحة عن أزمة النصوص في الدراما العربية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نُعاني فعلاً. أفكار الكتّاب تتشتّت وسط زحمة المنصات والقنوات. نحاول عبر ورشات عمل أن نصل إلى محتوى متماسك. أحياناً ننجح بنسبة كبيرة وأحياناً بنسبة أقل. لكننا نواصل المحاولة».
يذهب أبعد في اعترافه: «لستُ راضياً تماماً عن النصوص. تُعمِّق المشكلةَ كثافةُ اللجوء إلى تعريب المسلسلات التركية». ويشير إلى اختلاف ذائقة الجمهور من بلد إلى آخر: «في لبنان مثلاً، الرعب لا ينجح، بينما يلقى رواجاً في مصر. أميلُ شخصياً إلى الكوميديا الرومانسية، وقد قدّمنا منها أعمالًا ناجحة».
يُراهن على «خطيئة أخيرة»: «أتمنّى أن يُشاهَد. إنه محتوى عربي يعكس بيئتنا ويُنافِس بما نملك من أدوات».