خفّض بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيس بمقدار 0.25 نقطة مئوية إلى 4.25 في المائة اليوم (الخميس)، رغم الانقسام غير المتوقع بين صانعي السياسات، حيث تؤثر رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمركية على النمو الاقتصادي العالمي.
وصوّتت لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا بأغلبية 5 - 4 لصالح قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة. وصوّت عضوان (سواتي دينغرا، وآلان تايلور) لصالح خفض أكبر بمقدار نصف نقطة، بينما أراد كبير الاقتصاديين هيو بيل، والعضو الخارجي كاثرين مان، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
The Monetary Policy Committee voted by a majority of 5-4 to cut interest rates to 4.25%.Find out more in our #MonetaryPolicyReport https://t.co/F16kEWSzz5 pic.twitter.com/nI7rZqWTGT
— Bank of England (@bankofengland) May 8, 2025
يُعد قرار البنك المركزي البريطاني الأول منذ أن أعلن ترمب عن رسوم جمركية واسعة النطاق في الثاني من أبريل (نيسان)، مما أثار اضطرابات مؤقتة في السوق، ودفع صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته للنمو لمعظم الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك بريطانيا.
وقال بنك إنجلترا إنه يعتقد أن زيادة الرسوم الجمركية من الولايات المتحدة ودول أخرى ستؤثر إلى حد ما على النمو الاقتصادي البريطاني، وخفض التضخم في بريطانيا، لكنه أكد على مدى غموض التوقعات.
وقال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي: «أظهرت الأسابيع القليلة الماضية مدى تقلب الاقتصاد العالمي. ولذلك، يتعين علينا اتباع نهج تدريجي، وحذَّر من تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية».
وأضاف أن أسعار الفائدة «ليست أداة مستقلة بحد ذاتها»، مؤكداً أهمية استجابة البنك المركزي بعناية للمتغيرات الاقتصادية، وتوقعات التضخم.
كما أعرب بيلي عن ترحيبه بالأنباء التي تشير إلى اقتراب بريطانيا من التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، معتبراً أن ذلك سيساهم في الحد من حالة عدم اليقين الاقتصادي. وقال: «أرحب بذلك بشدة، وأعتقد أنه طُرح بصورة فعالة على الجهات المعنية»، موضحاً أنه لم يطلع بعد على تفاصيل الاتفاق، لكنه يرى فيه تطوراً إيجابياً يعزز الاستقرار.
وعن التجارة العالمية، قال بيلي: «نتوقع أن تُظهر أسعار التجارة العالمية ضعفاً ملموساً خلال الفترة المقبلة، لا سيما في الصين. فقد أطلقت الإدارة الأميركية سلسلة من التصريحات التي تتضمن تغييرات جوهرية في سياسات الرسوم الجمركية، وقد بادرت بعض الدول الشريكة بالرد عليها. وقد تسببت هذه التطورات في تقلبات ملحوظة داخل الأسواق المالية. ومن المرجح أن يؤدي تباطؤ النمو العالمي إلى تراجع الطلب على صادرات المملكة المتحدة، مما سينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي المحلي».
وأضاف: «سيساهم هذا التباطؤ في الطلب الخارجي كذلك في تخفيف الضغوط التضخمية. ومع أن ما شهدناه حتى الآن يشير إلى أن الأثر المباشر سيؤدي إلى تراجع محدود في التضخم، إلا أن حجم التأثير الكلي لا يزال غير محسوم. ومن المهم في هذا السياق ألا نركز فقط على الأثر التجاري المباشر، بل يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أيضاً كيفية تفاعل الأسواق المالية مع مستجدات السياسة التجارية، وانعكاسات ذلك على الاقتصاد الأوسع».
توقعات تراجع التضخم ونمو متقلب
ورغم قرار خفض الفائدة، أبقى بنك إنجلترا على لهجته الحذرة دون تغيير، مؤكداً أن مسار السياسة النقدية «ليس محدداً سلفاً»، ومشدداً على التزامه بالتحرك «تدريجياً، وبحذر». كما أشار محضر الاجتماع إلى أنه «لا ينبغي المبالغة في تقدير تأثير التوترات التجارية العالمية»، رغم أن بعض المستثمرين لا يزالون يتوقعون تسارع وتيرة خفض الفائدة لاحقاً خلال العام.
وكشف المحضر أن ثلاثة من صانعي السياسات الذين أيدوا خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية كانوا على استعداد لتبني موقف مختلف لولا دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، معتبرين أن القرار الحالي يحقق «توازناً دقيقاً».
وفي تقريره الفصلي الصادر الخميس، خفّض بنك إنجلترا توقعاته لمعدل التضخم لهذا العام، مرجحاً أن يبلغ ذروته عند نحو 3.5 في المائة، مقارنةً بتقديرات سابقة بلغت 3.75 في المائة. ورغم ذلك، لا تزال النسبة أعلى من آخر قراءة رسمية للتضخم، والتي بلغت 2.6 في المائة في مارس (آذار)، مع بدء تأثير زيادات أسعار الطاقة والمياه اعتباراً من أبريل.
وتوقع بنك إنجلترا أن يعود التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة بحلول الربع الأول من 2027، مع تراجع التوقعات للتضخم إلى 1.9 في المائة خلال العامين المقبلين. كما توقع نمو الاقتصاد بنسبة 1 في المائة هذا العام، مع خفض توقعات النمو لعام 2026 إلى 1.25 في المائة. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الأجور إلى 3.75 في المائة بنهاية العام، مع زيادة البطالة إلى 5 في المائة.