الجزائر تسرِّع وتيرة ترحيل المهاجرين وسط أزمة سياسية مع النيجر

في ظل احتجاجات حقوقية بسبب الظروف القاسية التي يواجهها المبعَدون

صورة لمهاجرين من جنوب الصحراء أوقفهم الجيش الجزائري (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)
صورة لمهاجرين من جنوب الصحراء أوقفهم الجيش الجزائري (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

الجزائر تسرِّع وتيرة ترحيل المهاجرين وسط أزمة سياسية مع النيجر

صورة لمهاجرين من جنوب الصحراء أوقفهم الجيش الجزائري (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)
صورة لمهاجرين من جنوب الصحراء أوقفهم الجيش الجزائري (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)

في ظل استمرار فتور العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية دولة النيجر، منذ الانقلاب على الرئيس محمد بازوم في 26 يوليو (تموز) 2023، رحَّلت السلطات الجزائرية أكثر من 16 ألف مهاجر غير نظامي إلى حدود النيجر منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي. وقد نُفذت هذه العمليات وسط احتجاجات من منظمات حقوقية، بسبب الظروف القاسية التي يواجهها المرحَّلون قبل وصولهم إلى نقطة يتم فيها تجميعهم.

مهاجرون مرحَّلون من الجزائر في قرية حدودية بالنيجر (موقع مهاجرون)

وأكدت منظمة «ألارم فون صحراء» الحقوقية الإنسانية التي تعمل في النيجر، في تقرير حديث، أن 16 ألف مهاجر -الذين تم طردهم- يمثلون أكثر من نصف إجمالي عدد المهاجرين المبعدين من الجزائر خلال عام 2024، والذي بلغ 31 ألفاً: «وغالباً ما تتم هذه العمليات في ظروف قاسية»، حسب المنظمة التي تشتغل على أوضاع المهاجرين في طرق العبور الصحراوية.

ووصل يومي الأحد والاثنين الماضيين 1466 مهاجراً إلى بلدة أساماكا الحدودية مع الجزائر، حسبما أعلنت سلطات منطقة أرليت، الواقعة شمال النيجر. وأوضحت السلطات نفسها أن المجموعة الأولى التي وصلت الأحد ضمَّت 688 شخصاً من نحو 10 بلدان في غرب أفريقيا، من بينهم 239 نيجرياً. أما المجموعة الثانية التي وصلت يوم الاثنين فتكوَّنت من 778 نيجرياً، بينهم 222 قاصراً، وقد تم نقلهم في 14 شاحنة، حسب السلطات ذاتها.

أساماكا نقطة وصول النيجريين المرحلين من الجزائر (موقع مهاجرون)

وأكد تقرير «ألارم فون صحراء» أن الفترة ما بين 1 و30 مايو (أيار) الماضي شهدت وحدها طرد 8086 مهاجراً (5287 نيجرياً، و2799 من جنسيات أفريقية أخرى)، من الجزائر، مستندة إلى «إحصاء السلطات النيجرية». كما تم طرد 6737 مهاجراً آخر في أبريل الماضي؛ مشيراً إلى أن حملات الإبعاد «غالباً ما تجري في ظروف صعبة»، وطالب بـ«وقف فوري لحملات الاعتقال والطرد الجماعي» التي تنفذها الجزائر.

وأبدت الجزائر في 2023 انزعاجاً من إلغاء سلطات النيجر الجديدة التي جاءت عن طريق الانقلاب، قانونا يجرِّم نشاط شبكات إيفاد المهاجرين عبر طريقين صحراوين رئيسيين، أحدهما يؤدي إلى الجزائر والثاني إلى ليبيا. كما عبَّرت المنظمة الدولية للهجرة عن قلقها من إنهاء العمل بالقانون، مؤكدة أن ذلك سيفتح الباب لموجات هجرة يصعب التحكم فيها.

وتدهورت العلاقات بين البلدين الجارين منذ إعلان الجزائر عدم اعترافها بالسلطة العسكرية المنبثقة عن الانقلاب على الرئيس بازوم الذي كان حليف الجزائر، مؤكدة أن الاتحاد الأفريقي يرفض في لوائحه التغيير في أي بلد في القارة خارج الإطار الدستوري. ورفضت السلطة العسكرية عرضاً جزائرياً بالوساطة بينها وبين الرئيس المخلوع، بعد أن كانت قد وافقت عليه، حسب الجزائر. وتوترت العلاقة بين الطرفين بعد أن أعلنت نيامي تضامنها مع مالي في حادثة إسقاط سلاح الجو الجزائري طائرة مُسيَّرة مالية في فاتح أبريل الماضي. كما نددت به بوركينافاسو.

مهاجرون غير نظاميين من النيجر على حدود الجزائر (حسابات ناشطين في غوث المفقودين)

ووفق تقارير حقوقية، يواجه المهاجرون المرحَّلون من الجزائر بيئة صحراوية قاسية تتسم بدرجات حرارة مرتفعة (تصل أحياناً إلى 48 درجة مئوية)، وانعدام المأوى، وندرة المياه والغذاء والرعاية الصحية. وجاء فيها أيضاً أنهم «يتركون من طرف السلطات الجزائرية في منطقة تُعرف بنقطة الصفر، وهي مكان صحراوي يقع على بعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود مع النيجر، ليضطروا بعدها إلى السير ساعات طويلة على الأقدام للوصول إلى أساماكا»، وهي مدينة حدودية يوجد بها مركز عبور تابع للمنظمة الدولية للهجرة.

وأوضحت التقارير نفسها أن ليبيا «تتبع الممارسات نفسها»، مبرزة أنه في الفترة ما بين 28 مارس و25 أبريل 2025، وصل 792 مهاجراً -غالبيتهم نيجريون- إلى مناطق صحراوية في منطقة سييدين (وسط شرق النيجر) «بعد أن تم طردهم من ليبيا، وكان من بينهم نساء وقُصَّر»، مشيرة إلى أن المهاجرين «يمكن أن يتم اعتقالهم في شوارع ليبيا أو في أماكن عملهم، أو حتى في منازلهم، ثم يُنقلون في شاحنات بضائع نحو الجنوب، قرب الحدود النيجرية». كما يتم طرد البعض مباشرة من مراكز الاحتجاز، حسب «ألارم فون صحراء».

مهاجران سرِّيان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض البحر المتوسط (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)

والعام الماضي، قالت وزارة الخارجية الجزائرية في ردها على انتقادات حقوقيين بشأن معاملة مهاجرين من منطقة جنوب الصحراء، إنها «تتعرض لاتهامات باطلة تهدف إلى المساس بصورة الجزائر، وعلاقاتها مع جيرانها في الجنوب». وهاجمت منظمات غير حكومية «تشن حملة مغرضة على الجزائر، استناداً إلى ادعاءات جزئية وغير دقيقة ولا تعكس الواقع».


مقالات ذات صلة

هل دفعت الجزائر مجموعات «فاغنر» الروسية إلى مغادرة مالي؟

تحليل إخباري عناصر من «فاغنر» في بلدة بشمال مالي يسكنها طوارق (متداولة)

هل دفعت الجزائر مجموعات «فاغنر» الروسية إلى مغادرة مالي؟

أكد خبير جزائري في الشؤون الأمنية أن اتفاقا عسكريا عقدته الجزائر مع القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا كان حاسما في إنهاء وجود مجموعات «فاغنر» الروسية في مالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

الجزائر: ناشط سياسي وصحافي يستنكران «اضطهاداً قضائياً»

استنكر صحافي ودفاع ناشط سياسي معارض في الجزائر تعرضهما لملاحقات أمنية و«اضطهاد قضائي» منذ سنوات طويلة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري يستقبل رجل الأعمال الفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

العلاقات الجزائرية - الفرنسية تتأرجح بين الانفراج والتصعيد السياسي

يعدّ رودولف سعادة من المقربين لدى الرئاسة الفرنسية، وقد رافق الرئيس إيمانويل ماكرون في الزيارة التي قادته إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء لامي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة (وكالة الأنباء المغربية)

مساندة حزبية لتنديد الجزائر بدعم بريطانيا مقترح الحكم الذاتي للصحراء

لقي النقد الجزائري الرسمي لإعلان بريطانيا مساندتها المغرب في قضية الصحراء، صداه حزبياً من خلال مواقف منددة أيضاً بالتغيير في موقف لندن من هذا النزاع.

«الشرق الأوسط» (الجزائر - الرباط)
شمال افريقيا أمين عام جبهة التحرير الوطني (يسار) يواجه معارضة داخل الحزب (إعلام حزبي)

تغيير قيادات أحزاب وصعود نبرة المعارضة يستبقان الانتخابات الجزائرية

يشهد المشهد السياسي في الجزائر حراكاً غير مألوف، مردّه بدء التحضيرات لانتخابات البرلمان والبلديات المقرّرة، العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

رئيس وزراء السودان: الحرب في نهاياتها

إدريس لدى زيارته مقر قيادة المنطقة العسكرية بالبحر الأحمر (سونا)
إدريس لدى زيارته مقر قيادة المنطقة العسكرية بالبحر الأحمر (سونا)
TT

رئيس وزراء السودان: الحرب في نهاياتها

إدريس لدى زيارته مقر قيادة المنطقة العسكرية بالبحر الأحمر (سونا)
إدريس لدى زيارته مقر قيادة المنطقة العسكرية بالبحر الأحمر (سونا)

دعا رئيس الوزراء الانتقالي في السودان، كامل إدريس، أجهزة الدولة في مختلف المستويات، للعمل على دحر «ميليشيا الدعم السريع المتمردة» في كل شبر من أرض الوطن، وقال إن «الحرب الآن في نهاياتها».

وأجرى إدريس السبت «جولة تفقدية» لعدد من المناطق العسكرية والأمنية بالعاصمة الإدارية المؤقتة، بورتسودان، شرق البلاد، شملت قيادة منطقة البحر الأحمر العسكرية التابعة للجيش، ومقر قوات الشرطة بالولاية، بالإضافة إلى قيادة جهاز الأمن والمخابرات العامة. ورافقه حاكم الولاية، الفريق مصطفى محمد نور، وعدد من القيادات العليا في الجيش والشرطة وجهاز المخابرات.

وقالت وكالة أنباء السودان (سونا) إن رئيس الوزراء تلقى من القادة العسكريين والأمنيين، إيجازات عن الأوضاع الأمنية في المنطقة. وأكد إدريس في زيارته إلى المنطقة العسكرية، أن «القوات المسلحة السودانية قوية وقادرة على دحر التمرد، وتحقيق الاستقرار في كل ربوع البلاد»، داعياً إلى حشد الجهود والطاقات الوطنية الرسمية والشعبية لدعم القوات المسلحة في حرب «الكرامة».

إدريس يزور مقر جهاز المخابرات العامة بمدينة بورتسودان (سونا)

وعبَّر رئيس الوزراء عن ثقته في أن القوات المسلحة تمضي بثبات لتحقيق النصر، وحسم الأمر مع «ميليشيا الدعم السريع المتمردة»، مؤكداً أن «الحرب الآن في نهاياتها». وأطلع قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية، محجوب بشرى، رئيس الوزراء، على التطورات الأخيرة للموقف الأمني بالولاية. وقال بشرى إن «القوات المسلحة الآن في أفضل حالاتها، ومعنوياتها مرتفعة».

وخلال زيارته إلى مقر جهاز المخابرات العامة، أشاد رئيس الوزراء، بمساهمة الجهاز في الحرب، وفي الدفاع عن سيادة البلاد ضد المهددات الأمنية على جميع المستويات.

وفي سياق آخر، أكد رئيس الوزراء الانتقالي، كامل إدريس، أهمية دور قوات الشرطة في المرحلة المقبلة، خلال زيارة مقرها الرئيسي بالمدينة. وأشار إلى أن «عمليات التأمين الداخلي في المناطق التي تم تحريرها من التمرد تقع على عاتق الشرطة».

بدوره، أشار مدير شرطة ولاية البحر الأحمر، دفع الله طه أحمد، إلى مشاركة قوات الشرطة في حرب «الكرامة»، مؤكداً انخراط وحدات الشرطة في خندق واحد مع القوات المسلحة حتى دحر العدوان، وحسم أمر الميليشيا.

وقال طه إن رئيس الوزراء تنتظره مهام كبيرة، على رأسها تشكيل الحكومة لإدارة الجهاز التنفيذي، من أجل تحقيق تطلعات الشعب السوداني.

وتُعد تلك الجولة التفقدية هي الرسمية الأولى لرئيس الوزراء، بعد أدائه اليمين الدستورية، السبت الماضي.

وتعهد إدريس في أول خطاب له بأن أولوياته تبدأ بالأمن القومي، و«حفظ هيبة الدولة، بجانب توفير كامل الدعم للقوات المسلحة، في القضاء التام على التمرد وكل أشكال الميليشيات المتمردة، وحفظ الأمن القومي السوداني».

وفور تنصيبه، أعلن رئيس الوزراء الجديد حل الحكومة، وتكليف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير المهام إلى حين تشكيل حكومة جديدة. ومن المتوقَّع أن يشرع كامل في تشكيل وزاري جديد في غضون الأيام المقبلة، وفق الصلاحيات الكاملة لمنصبه.

مُسيَّرات «الدعم» تهاجم بورتسودان

من جانبها، كثفت «قوات الدعم السريع» في الآونة الأخيرة هجماتها بالمُسيَّرات على مدينة بورتسودان؛ حيث استهدفت قاعدة «عثمان دقنة» الجوية، والمطار، والميناء، وطالت الهجمات قاعدة «فلامينغو» البحرية في شمال بورتسودان، ومقر الكلية الجوية للتدريب، ومستودعات الوقود والغاز الاستراتيجية التي تغذي المدينة وولايات أخرى في البلاد.

OSZAR »