قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

تطالب بأن يدفع أصحاب الثروات «ضرائب كما ينبغي» و«كوب 29» يرحب وبايدن يعلن عن مساهمة «تاريخية»

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

في اليوم الثاني الأخير أعطت قمة مجموعة العشرين زخماً محدوداً لمفاوضات مناخية متعثّرة في باكو وسادها انقسام في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخيّم عليها طيف ترمب العائد إلى البيت الأبيض. وتضمّن البيان تعهّداً «بالحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية في صلب نهجه اليساري ونجح في حشد دعم القادة لمقترح يقضي بفرض مزيد من الضرائب على أكبر الأثرياء.

غير أن هذه المسألة لقيت تحفّظات من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي المعجب بنهج ترمب. ولم يعرقل ميلي صدور البيان، لكنه أعرب علناً عن معارضته تلك البنود وغيرها، مثل زيادة تدخّل الدولة لمكافحة الجوع.

إلا أن البرازيل نجحت بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول أعمال القمة، وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.

إذ أعلن الرئيس البرازيلي عن إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر» في بداية القمة. وقال لولا: «الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية»، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية. وتعد هذه المبادرة من الموضوعات الرئيسية للمجموعة، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعماً علنياً من 81 دولة. وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: «سيكون هذا أعظم إرث لنا». وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.

تمكنت مجموعة العشرين، التي انطلقت قمتها في ريو دي جانيرو، الاثنين، من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة. وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفاعلية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة».

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية (أ.ب)

ودعا لولا أيضاً إلى تعزيز التعددية، مؤكداً الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام. وقال لولا: «استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلاً»، مشيراً إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار. ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.

4 مليارات دولار من بايدن و25 من بنك التنمية الأمريكي

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الولايات المتّحدة ستقدّم مساهمة «تاريخية» بأربعة مليارات دولار لصندوق تابع للبنك الدولي يدعم البلدان الأكثر فقراً، في خطوة تسبق تسليمه السلطة إلى دونالد ترمب العازم على خفض الإنفاق العام. وتعهد بايدن بتقديم هذا المبلغ لـ«المؤسسة الدولية للتنمية». وهذا آخر اجتماع لبايدن مع كبار زعماء العالم قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وقال مسؤول أميركي كبير إنّ هذه مساهمة بـ«أربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات»، ما يعني أنّها غير ملزمة للإدارة الجمهورية المقبلة برئاسة دونالد ترمب.

لكنّ المسؤول عينه أشار إلى أنّ الجمهوريين، عندما كانوا في السلطة، أيّدوا ضخّ أموال في هذا الصندوق. والمؤسسة الدولية للتنمية هي ذراع للبنك الدولي تساعد أفقر بلدان الكوكب. وتمنح المؤسسة قروضاً وهبات مخصّصة لبرامج مثل مكافحة عدم المساواة ومكافحة الاحتباس الحراري.

وتعهد بنك التنمية الأميركي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة. من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضاً في هذه المبادرة.

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

«كوب 29» يرحب بالمؤشّرات الإيجابية

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان المجموعة في ريو بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو. ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني المتطرف، خافيير ميلي، ركزت المجموعة على تغير المناخ مع ختام القمة، وأعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فاعلية على فائقي الثراء، وأكدوا الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

ولم يتطرّق بيان ريو إلى مسألة الخروج التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.

وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيدي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، الثلاثاء، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم». وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت عدّة فقرات من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النموّ.

وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال بمجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».

وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها عدّة منظمات غير حكومية، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا.

وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية المعروف باسم «مجموعة السبع والسبعين+الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ لرفعه من مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو.

وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بألف مليار في السنة. غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.

وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى على الرغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.

وقال محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي». غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29»، إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو والقائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.

وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أنه بدأ العمل يوم الثلاثاء، ككلّ المشاركين في «كوب 29»، بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة «كنّا ننتظر زخماً كبيراً ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».

وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّة بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذ حذوها».

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو». واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».

ولفتت تيسن إلى أن «الصمت بشأن الهدف الجديد لتمويل مكافحة التغير المناخي وبشأن التخلّي التدريجي عن الوقود الأحفوري غير مقبول من أكبر الاقتصادات وأكبر الملوّثين». وعدّ هارجيت سينغ من المبادرة من أجل اتفاق لعدم انتشار الوقود الأحفوري أن «القادة العالميين الملتئمين في قمّة مجموعة العشرين أظهروا نقصاً فادحاً في الحسّ القيادي وغفلوا عن إعادة التأكيد على التزامهم بالتخلّي عن الوقود الأحفوري، وهو محور رئيسي من العمل المناخي العالمي».

الشرق الأوسط

وأعرب الإعلان الختامي عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، ودعت القمّة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار.

وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على «حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

لافروف مع نظيره الصيني (أ.ف.ب)

ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة «حماس» و«حزب الله»، اللذين تخوض إسرائيل حرباً ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي. وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

أعلنت دول المجموعة في بيان مشترك صدر الاثنين أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان. وقال قادة الدول العشرين في بيانهم: «نحن متّحدون في دعم وقف شامل لإطلاق النار في غزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وفي لبنان بما يمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق» الذي يقوم مقام خط الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف القادة في بيانهم الختامي: «إنّنا وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان، فإنّنا نؤكّد على الحاجة الملحّة لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيّين».

وتابعوا: «نحن نسلّط الضوء على المعاناة الإنسانية والآثار السلبية للحرب» في قطاع غزة، و«نكرّر التزامنا الثابت بحلّ الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الكوريتين

وفي ظلّ هذه التطوّرات، رحّبت المجموعة «بكلّ المبادرات الوجيهة والبنّاءة التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا. وفي البيان الختامي قال القادة إنّهم «يرحّبون بكلّ المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم» في أوكرانيا يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة ويشيع علاقات «سلمية وودّية وطيّبة» بين الدول المتجاورة. لكن كما الحال في القمم السابقة للمجموعة، لم يأت البيان على ذكر الغزو الروسي. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جانبه بالخطوة «الجيّدة» التي صدرت عن بايدن بخصوص الصواريخ البعيدة المدى.

الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت «قراراً جيداً» بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب داخل روسيا.

وعلى هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، قال ماكرون إن دعوة إدارة بايدن جاءت بسبب تدخل جنود من كوريا الشمالية في أوكرانيا، ووصف قرار روسيا في هذا الشأن بأنه «تصعيدي». غير أن المستشار الألماني أولاف شولتس أكّد أنه لن يتأثّر بخطوة بايدن وتمسّك بموقفه بعدم تسليم كييف صواريخ متطوّرة ألمانية الصنع. وعلى هامش القمّة، اجتمع شولتس بالرئيس الصيني في لقاء ثنائي للتطرّق إلى مسائل عدّة منها، العلاقات بين البلدين، لا سيما في المجال التجاري، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وبحث وزيرا خارجية الصين وروسيا الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الكوريتين خلال لقاء على هامش القمة، وفق ما أوردت «القناة التلفزيونية الصينية» الرسمية، الثلاثاء. واجتمع وانغ يي وسيرغي لافروف في ريو دي جانيرو، و«تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في أوكرانيا والوضع في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب قناة «سي سي تي في». ونقلت القناة عن وانغ يي قوله إن الصين «مستعدة للعمل مع الجانب الروسي من أجل تعزيز التعاون والتحالف الاستراتيجي».

وقال لافروف، الثلاثاء، إن شن أوكرانيا هجمات بصواريخ أميركية الصنع على منطقة بريانسك الروسية إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع. وأضاف لافروف: «حقيقة استخدام صواريخ أتاكمز مراراً في منطقة بريانسك خلال الليل هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد». وتابع: «من المستحيل استخدام هذه الصواريخ المزودة بتكنولوجيا متطورة من دون الأميركيين، مثلما قال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مراراً وتكراراً». غير أن لافروف قال إن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لتجنب اندلاع حرب نووية. وذكر للصحافيين أن الأسلحة النووية ستمثل رادعاً عن شن حرب نووية. وقالت روسيا إن أوكرانيا أطلقت ستة صواريخ أتاكمز أميركية الصنع صوب منطقة بريانسك غرب البلاد.

ووجهت دول غربية حليفة لكييف انتقادات إلى بكين على خلفية عدم إدانتها الغزو صراحة. لكن بعض الخبراء يرون أن بكين لا تشعر بالارتياح إزاء قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا بهدف احتمال نشرها في أوكرانيا، خشية عواقبها على الأمن في شرق آسيا، بسبب اتفاقية الدفاع الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ. والصين حليف دبلوماسي تقليدي لكوريا الشمالية، وتقدم لها الدعم الاقتصادي الحيوي. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم يواجه مرحلة جديدة من «الاضطراب»، مشدّداً على ضرورة «تجنّب التصعيد في الحروب وتأجيج النيران».


مقالات ذات صلة

الأرصاد السعودية تستشرف الحالة المناخية في المملكة لـ100 عام مقبلة

يوميات الشرق الرئيس التنفيذي خلال إلقاء كلمته في الورشة (المركز)

الأرصاد السعودية تستشرف الحالة المناخية في المملكة لـ100 عام مقبلة

هذا التغيّر المناخي المتوقَّع لا يأتي عشوائياً، وإنما يستند إلى دراسات علمية وميدانية متخصّصة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق ضياع الهيمالايا في زمن الضباب (غيتي)

الهيمالايا تختفي خلف الضباب... رحلة في قلب التلوّث الصامت

نشأ نافين سينغ خادكا في عاصمة نيبال وهو يشاهد جبال الهيمالايا، ومنذ غادرها، افتقد الاستمتاع بالمَشاهد الخلّابة لبعضٍ من أعلى القمم الجبلية على وجه الأرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أحد الموظفين يحمل مادةً حراريةً باروكالية تستخدمها الشركة في تقنية تبريد الحالة الصلبة داخل مقرها الرئيسي بكمبردج (أ.ف.ب)

تكنولوجيا جديدة تبشر بثورة في أنظمة تكييف الهواء

يعمل علماء فيزياء على مواد قد تُحدث ثورة في عالم التبريد والتخلي عن تكييف الهواء المسبب للغازات الملوثة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص شاب يغوص في شط العرب المائي هرباً من الحر في البصرة جنوب العراق (أ.ب)

خاص «الخزين المائي الأقل في التاريخ»... صيف قاسٍ ينتظر العراقيين

كشف مسؤول حكومي أن المخزون المائي في البلاد هو الأقل عبر تاريخ البلاد، محذراً من صيف هو الأكثر قسوة على العراقيين.

فاضل النشمي (بغداد)
أوروبا يحمل المتظاهرون أعلام إسبانيا خلال احتجاج مناهض للحكومة دعا إليه أنصار اليمين المتطرف في ساحة كولون في مدريد (أ.ف.ب)

سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألفاً على ملازمة منازلهم

أمرت السلطات الإسبانية أكثر من 160 ألف شخص بملازمة منازلهم، السبت، بعد اندلاع حريق في مستودع صناعي أدى إلى انبعاث سحابة كلور سامة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

أستراليا: الجندي الأكثر حصداً للأوسمة يخسر استئنافاً في قضية «جرائم حرب»

بن روبرتس سميث العضو السابق بفوج النخبة للقوات الجوية الخاصة الأسترالية يغادر المحكمة الفيدرالية في سيدني يوم 1 مايو 2025 (أ.ف.ب)
بن روبرتس سميث العضو السابق بفوج النخبة للقوات الجوية الخاصة الأسترالية يغادر المحكمة الفيدرالية في سيدني يوم 1 مايو 2025 (أ.ف.ب)
TT

أستراليا: الجندي الأكثر حصداً للأوسمة يخسر استئنافاً في قضية «جرائم حرب»

بن روبرتس سميث العضو السابق بفوج النخبة للقوات الجوية الخاصة الأسترالية يغادر المحكمة الفيدرالية في سيدني يوم 1 مايو 2025 (أ.ف.ب)
بن روبرتس سميث العضو السابق بفوج النخبة للقوات الجوية الخاصة الأسترالية يغادر المحكمة الفيدرالية في سيدني يوم 1 مايو 2025 (أ.ف.ب)

خسر بن روبرتس - سميث، أحد أكثر الجنود الأستراليين تكريماً على قيد الحياة، استئنافه، الجمعة، ضد حكم قضائي مدني اتهمه بقتل أربعة أفغان عُزّل بشكل غير قانوني. وفي الوقت نفسه، طالب أحد نشطاء شؤون المحاربين القدامى بضرورة تسريع التحقيقات في مزاعم جرائم الحرب بأفغانستان، والتي تُلقي بظلالها على سمعة جنود أبرياء.

وصل بن روبرتس سميث إلى المحكمة الفيدرالية في سيدني الأربعاء 9 يونيو 2021 (أ.ب)

وقد رفض ثلاثة قضاة من المحكمة الفيدرالية بالإجماع استئناف روبرتس - سميث ضد حكم صدر عام 2023 يقضي بأنه لم يتعرض للتشهير من خلال مقالات صحافية نشرت عام 2018 اتهمته بمجموعة من جرائم الحرب.

وكان القاضي أنتوني بيزانكو قد حكم بأن هذه الاتهامات كانت صحيحة إلى حد كبير وفقاً للمعايير المدنية، وأن روبرتس - سميث كان مسؤولاً عن أربع من أصل ست حالات قتل غير قانوني لأشخاص غير مقاتلين اتُهم بها.

الرائد الأسترالي أندرو داه يتحدث إلى قواته في شاه ظفر - أفغانستان 7 مايو 2008 (أ.ف.ب)

وقال روبرتس - سميث لاحقاً إنه سيسعى على الفور إلى الطعن في القرار أمام المحكمة العليا، وهي آخر فرصة له للاستئناف. وقال في بيان: «ما زلت أؤكد براءتي وأنكر هذه الادعاءات الفاحشة والحاقدة». وأضاف: «يُقال إن ضوء الشمس هو أفضل مطهر، وأعتقد أن الحقيقة ستنتصر قريباً».

ورحبت توري ماغواير، وهي مديرة تنفيذية في شركة «ناين إنترتينمنت» التي نشرت المقالات التي زعم روبرتس - سميث أنها غير صحيحة، بالحكم ووصفته بأنه «انتصار حاسم».

وقالت ماغواير: «اليوم هو أيضاً يوم عظيم للصحافة الاستقصائية، ويؤكد على سبب تقديرها الكبير من قبل الشعب الأسترالي».

المحاكمة استمرت 110 أيام

ويُقدَّر أن المحاكمة التي استمرت 110 أيام كلفت نحو 25 مليون دولار أسترالي (16 مليون دولار أميركي) في صورة أتعاب قانونية، من المرجح أن يكون روبرتس - سميث مسؤولاً عن دفعها.

جنود من الجيش الأسترالي وجنود من الجيش البريطاني من فوج المظلات يُشاهدون العرض العسكري اليومي 30 يوليو 2008 في معسكر باستيون بولاية هلمند - أفغانستان (غيتي)

وقد تلقى روبرتس - سميث دعماً مالياً من الملياردير الأسترالي كيري ستوكس، الذي تملك شركته الإعلامية «سفن ويست ميديا» وتعدّ منافساً لشركة «ناين إنترتينمنت».

وقال الصحافي نيك ماكنزي، الذي تمت مقاضاته شخصياً، إن روبرتس - سميث يجب أن يُحاسب أمام النظام القضائي الجنائي. ولم يواجه روبرتس - سميث أي تهم جنائية حتى الآن، حيث تتطلب إثباتاً بمعيار أعلى، بحسب تقرري لـ«أسوشييتد برس»، الجمعة.

حتى الآن، تم توجيه تهمة واحدة فقط تتعلق بجرائم حرب ضد أحد المحاربين الأستراليين في أفغانستان، وهو الجندي السابق في وحدة «الخدمات الجوية الخاصة» أوليفر شولتز.

وقد اتُّهم شولتز بقتل أفغاني غير مسلح يُدعى داد محمد في مايو (أيار) 2012، حيث أطلق عليه ثلاث رصاصات بينما كان الضحية، في منتصف العشرينات من عمره، مستلقياً على ظهره فوق عشب طويل بإقليم أروزغان.

وتم توجيه التهمة إلى شولتز في مارس (آذار) 2023. وقد دفع ببراءته ولم يُحاكم بعد. ويشارك حالياً في جلسة تمهيدية لتحديد ما إذا كان لدى الادعاء أدلة كافية لتقديمه إلى المحاكمة أمام هيئة محلفين.

مقتل 39 أفغانياً بشكل غير قانوني

وكان تقرير عسكري أسترالي صدر في عام 2020 قد وجد أدلة على أن القوات الأسترالية قتلت 39 سجيناً ومدنياً أفغانياً بشكل غير قانوني. وأوصى التقرير بالتحقيق الجنائي مع 19 جندياً حالياً وسابقاً، وليس من الواضح ما إذا كان روبرتس - سميث من بينهم.

وتعمل الشرطة مع «مكتب المحقق الخاص»، وهو وكالة تحقيق أسترالية أنشئت عام 2021، لإقامة دعاوى ضد جنود القوات الخاصة من «قوات الخدمات الجوية الخاصة» والكوماندوز الذين خدموا في أفغانستان بين عامي 2005 و2016.

ودعت «رابطة القوات الجوية الخاصة الأسترالية»، التي تدافع عن شؤون المحاربين القدامى، الحكومة إلى تحديد مهلة زمنية للمحقق الخاص، بدلاً من السماح باستمرار هذه المزاعم لعقود.

وقال رئيس الرابطة، مارتن هاميلتون - سميث: «يجب إنجاز عملية التعامل مع هذه المزاعم بأسرع وقت ممكن». وأضاف أن توجيه تهمة جنائية واحدة فقط حتى الآن يُشير إلى أن الأدلة وراء الكثير من المزاعم قد لا تكون موثوقة.

ولم يرد وزير الدفاع ريتشارد مارلز، الذي يعمل رئيس وزراء بالنيابة في غياب أنتوني ألبانيزي، على طلب للتعليق، الجمعة.

وأشار نشطاء حقوق الإنسان إلى أن الشخص الوحيد الذي سُجن في أستراليا بسبب قضية تتعلق بجرائم حرب في أفغانستان هو المُبلّغ عن المخالفات ديفيد ماكبرايد.

فقد حُكم على المحامي العسكري السابق بالسجن قرابة ستة أعوام قبل عام، بعد تسريبه معلومات سرية إلى وسائل الإعلام كشفت عن مزاعم جرائم حرب ارتكبها جنود أستراليون.

يُذكر أن روبرتس - سميث (46 عاماً)، كان عريفاً سابقاً في القوات الخاصة الأسترالية، وقد مُنح «وسام فيكتوريا كروس» و«ميدالية الشجاعة» لخدمته في أفغانستان.

وقد خدم نحو 39 ألف جندي أسترالي في أفغانستان وقُتل منهم 41. وينضم بعض زملائه في القوات الخاصة إلى المطالبين بتجريده من «وسام فيكتوريا كروس»، ليكون أول من يُجرَّد من أعلى وسام للشجاعة في المعركة في تاريخ أستراليا.

وتأتي هذه المحاكمة عقب أن خلص تحقيق رسمي استمر لمدة ثلاثة أعوام إلى أن 19 جندياً ربما اقترفوا جرائم قتل غير قانونية خلال تواجد القوات الأسترالية في أفغانستان، وفقاً لصحيفة «التايمز».

بن روبرتس سميث قال إنه سيستأنف القرار أمام المحكمة العليا في أستراليا «على الفور» (غيتي)

وبحسب خبراء في القانون الدولي، فإن المحاكمة ستمثل تحولاً تاريخياً في التعامل مع المخالفات العسكرية المشابهة، سواء في أستراليا أو في دول الحلفاء الغربيين الذين تجنبوا إجراء محاكمات جرائم الحرب في محاكم مدنية.

وبموجب القانون الجنائي الأسترالي يشكل القتل المتعمد في منطقة الاشتباكات جريمة حرب إذا كان الضحايا مدنيين أو غير قادرين على القتال بسبب تعرضهم لإصابات وجروح.

OSZAR »