في مشهد غير مسبوق، عاد رجل أميركي قُتل في حادثة غضب مروري قبل ثلاث سنوات، ليُلقي بيانه أمام المحكمة، لكن هذه المرة عبر تقنية الذكاء الاصطناعي. وفقاً هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
ففي ولاية أريزونا، شهدت قاعة المحكمة لحظة مؤثرة عندما ظهر كريس بيلكي، الذي قُتل عام 2021 إثر إطلاق نار عند إشارة مرور، في مقطع فيديو أُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي ليتحدث بصوته وملامحه، موجّهاً رسالة إلى قاتله خلال جلسة النطق بالحكم.
عائلة بيلكي، التي لجأت للتقنيات الحديثة لتخليد ذكرى فقيدها، جمعت تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو وصوراً له، لتنتج عبر الذكاء الاصطناعي نموذجاً يحاكي شخصيته وصوته بدقة.
وصرّحت شقيقته، ستايسي وايلز، بأن الكلمات التي نطق بها النموذج الاصطناعي كُتبت بعناية لتعكس شخصية شقيقها المسامحة.
قال النموذج لبيلكي أمام المحكمة: «إلى غابرييل هوركاسيتاس، الرجل الذي أطلق النار عليّ، من المؤسف أننا التقينا في تلك الظروف. في حياة أخرى، ربما كنا سنصبح أصدقاء... أنا أؤمن بالغفران، وبإلهٍ يغفر».
أثنى القاضي تود لانغ، الذي ترأس الجلسة، على الاستخدام الأخلاقي والمؤثر للتقنية، مؤكداً أنه لمس صدق الرسالة رغم مشاعر الغضب المبررة من العائلة. وأصدر حكماً بالسجن عشر سنوات ونصف السنة على هوركاسيتاس بعد إدانته بالقتل غير العمد.
هذه الحادثة أثارت ردود فعل متباينة. ففي حين عدَّها البعض خطوة إنسانية وتكنولوجية لافتة، أعرب آخرون عن مخاوف أخلاقية وقانونية.
وأشار القاضي الفيدرالي المتقاعد بول غريم، إلى أن التقنية استُخدمت في سياق قانوني مقبول، لا سيما أن الحكم لم يُصدر أمام هيئة محلفين.
لكنّ ديريك ليبن، أستاذ أخلاقيات الأعمال في جامعة «كارنيغي ميلون»، حذّر من فتح الباب أمام تلاعب محتمل، متسائلاً: «هل سنضمن دوماً أن ما يُقال يعكس حقاً ما كان الضحية ليقوله؟».
رغم الجدل، أكدت العائلة أنها استخدمت التقنية بمسؤولية. تقول وايلز: «مثلما يمكن استخدام المطرقة للهدم أو البناء، اخترنا أن نبني شيئاً يمنح شقيقي الكلمة الأخيرة».
هذا الاستخدام غير المسبوق للذكاء الاصطناعي في القضاء قد يكون بداية لعصر جديد، لكنه في ذات الوقت يُسلّط الضوء على التحديات الأخلاقية والتشريعية التي تنتظر المجتمعات مع ازدياد حضور التقنية في أدق تفاصيل الحياة والموت.