كيف نعلم أطفالنا الخصوصية الرقمية؟ 6 خطوات يُنصح باتباعها

صورة ملتقطة في 20 أبريل 2013 تُظهر طفلاً يستخدم هاتفاً ذكياً في مضمار سباق كولفيلد في ملبورن (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 20 أبريل 2013 تُظهر طفلاً يستخدم هاتفاً ذكياً في مضمار سباق كولفيلد في ملبورن (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

كيف نعلم أطفالنا الخصوصية الرقمية؟ 6 خطوات يُنصح باتباعها

صورة ملتقطة في 20 أبريل 2013 تُظهر طفلاً يستخدم هاتفاً ذكياً في مضمار سباق كولفيلد في ملبورن (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 20 أبريل 2013 تُظهر طفلاً يستخدم هاتفاً ذكياً في مضمار سباق كولفيلد في ملبورن (أرشيفية - أ.ف.ب)

يواجه الآباء والأمهات في عالم اليوم نقاشاً جديداً، وهو تعليم أطفالهم حماية خصوصيتهم في عالمٍ يُمكن فيه تسجيل كل زلةٍ وإعادة تشكيلها وجعلها دائمة. فربما استوعبت الأجيال السابقة هذه المعلومات بشكل طبيعي، لكن شباب اليوم يحتاجون إلى توجيه بشكل ما.

وتُعدّ مخاطر الرسائل الجنسية ومشاركة الصور الحميمية أمراً قديماً بالنسبة لمعظم الناس. لكنّ عمليات التزييف العميق بالذكاء الاصطناعي، وسرقة الهوية الرقمية، ومخططات الابتزاز الجنسي بهدف الحصول على المال، تستهدف القاصرين بمعدلاتٍ مُقلقة.

وبحلول عام 2030، تتوقع الجهات الرقابية أن يكون ثلثا حالات سرقة الهوية ناتجاً عن «مشاركة البيانات»، أي إفراط الآباء في مشاركة حياة أطفالهم عبر الإنترنت، وفق تقرير لمجلة «تايم» الأميركية.

وعد تقرير المجلة أن تهديدات الخصوصية الحديثة ليست نظرية، بل هي مخاطر حقيقية، وهي تُشكّل مستقبل أطفالنا بنشاط؛ لأن مستقبل أطفالنا مرتبطٌ إلى حدٍّ كبيرٍ بالبيانات الموجودة عنهم في العالم. كما أنّ مواجهة هذه المخاطر الجديدة تتطلب التوفيق بين الاستباقية والعملية.

تغطية كاميرا الويب

وينصح التقرير أن يبدأ الآباء بخطوات صغيرة. الخطوة الأولى الجيدة هي تغطية كاميرات الويب على كل جهاز كومبيوتر تملكه عائلتك. فعلبة من أشرطة التمرير البلاستيكية الصغيرة تُركّب في ثوانٍ، وتوفر حماية قوية ضد اختراق كاميرات الويب، وهي جريمة شائعة بشكل متزايد.

وضع ضوابط الخصوصية

بعد ذلك، ابحث عن استخدام أجهزة ومنصات توفر أدوات تحكم مصممة خصيصاً لخصوصية الأطفال. ربما تمتلك واحداً بالفعل. فشركات التكنولوجيا الكبرى تعلم أن الآباء قلقون - وهم حريصون بشكل متزايد على الاستفادة من هذا القلق من خلال تقديم منتجات صديقة للخصوصية. لكن لا تفترض أن إعدادات جهازك الافتراضية محمية. وينصح التقرير أن تخصص بضع دقائق لمراجعة وضبط الخصوصية على جميع أجهزة العائلة وحسابات التواصل الاجتماعي. كما يمكنك إعداد تنبيه «غوغل» لاسم طفلك وعنوان بريده الإلكتروني وبياناته الشخصية الأخرى لتعرف فوراً ما إذا بدأت معلومات حساسة بالظهور في أماكن غير مناسبة.

الحوار الجاد

لكن مع أن الفلاتر والمراقبة تُفيدان كثيراً، فإنها لا تُغني عن الحوار الجاد حول الخصوصية. وتتطلب أزمة الخصوصية الحديثة نوعاً جديداً من الشراكة بين الآباء والأبناء، مبنياً على حوار صادق وتفكير عملي. هذا يعني أولاً تقبّل حقيقة أن الخصوصية التي تمتعنا بها في طفولتنا لم تعد ممكنة.

ويوضح التقرير أن المجتمع لن يتخلى فجأة عن الأجهزة الإلكترونية ويعيش في الغابة. لذا، فإن الطريق إلى الأمام يتلخص في تخفيف المخاطر، وهو أمر محزن ومُحبط. لكن مدى نجاحك في تخفيف المخاطر المُحتملة يُمكن أن يُحدث فرقاً.

التحكم في البصمة الرقمية

ويعيش الأطفال اليوم كأفراد من لحم ودم وذوات رقمية في آنٍ واحد، وغالباً ما يكون لهذه الأخيرة تأثيرٌ هائل على فرصهم في العالم الحقيقي. ويحتاج الأطفال إلى إدراك أن التحكم في بصمتهم الرقمية يُعادل التحكم في السعادة التي سيختبرونها في المستقبل. فكل معلومة على الإنترنت - سواء نشروها هم أنفسهم أو أصدقاؤهم أو حتى آباؤهم - يُمكن أن تؤثر على كل شيء، من دوائرهم الاجتماعية إلى فرص العمل.

وبحسب التقرير، فإن الحيلة ليست في جعل أطفالك يشعرون بالارتياب، بل في جعلهم يشعرون بالتمكين. أقنعهم بأن امتلاك سمعتهم الخاصة هو مصدر تمكين لهم، بدلاً من السماح للآخرين بتعريف هويتهم بشكل سلبي.

تجنب المشاركة غير المدروسة

وتوصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بوضع «خطة استخدام عائلية لوسائل الإعلام» لتحديد قيم عائلتك المتعلقة بالخصوصية والتكنولوجيا بوضوح. ولا يقتصر الهدف على وضع القواعد بقدر ما هو ترسيخ غريزة الخصوصية الدائمة.

والهدف النهائي هو إيصال الشباب إلى مرحلة عقلية حيث يفكرون في المشاركة عبر الإنترنت، في كل مرة يفعلون ذلك بوعي ودقة وتردد طبيعي، لا مزيد من المشاركة غير المدروسة. وبنفس القدر من الأهمية، يجب أن يتعلموا احترام خصوصية الآخرين، وأن يفهموا بديهياً أن ما يشاركه صديق لا يعني الموافقة على مشاركته في مكان آخر.

الحديث مبكراً عن المشكلات الرقمية

ولعل أهم شيء يجب تعليمه لأطفالك هو ما يجب فعله عندما يحدث خطأ أو يبدو غير طبيعي. يجب على الأطفال التحدث بصراحة في اللحظة التي يشتبهون فيها في انتهاك خصوصيتهم، سواء من خلال رسالة غير متوقعة، أو صورة مشتركة، أو حتى مجرد شعور غامض بأن هناك شيئاً غير صحيح. غالباً ما تبقى المشاكل التي تُكتشف مبكراً بسيطة وسهلة المعالجة، لكن المشاكل الصغيرة قد تتفاقم بسرعة. يجب على الآباء أيضاً معرفة ما يجب فعله في حال حدوث مشكلة تتعلق ببيانات أطفالهم.

جدير بالذكر أن القانون الفيدرالي الأميركي يوفر من خلال قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت حماية قوية للأطفال دون سن 13 عاماً. وبعد سن 13 عاماً، تصبح الحماية أقل شمولاً وتختلف اختلافاً كبيراً من ولاية لأخرى.

وعدّ التقرير في ختامه أنه لا يوجد طريق مثالي لتجاوز متاهة الخصوصية الرقمية، حتى للمحترفين، فلكل عائلة مسارها الخاص، الذي يعكس قيمها الفريدة ومستويات راحتها. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر تماماً. إن مجرد أخذ الخصوصية على محمل الجد، وإظهار حسن السلوك بغض النظر عن مستوى تفاعل العائلة، سيُظهر لأطفالك أهمية حياتهم الرقمية، وأن بياناتهم الشخصية تستحق السيطرة عليها.


مقالات ذات صلة

«التوأمة الرقمية» من «ساس»: ذكاء اصطناعي يحاكي ويتعلّم ويقرر

خاص التوأم الرقمي لم يعد مجرد محاكاة بل أصبح بيئة ذكية حية تتخذ قرارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي (أدوبي)

«التوأمة الرقمية» من «ساس»: ذكاء اصطناعي يحاكي ويتعلّم ويقرر

في «ساس إنوفيت 2025»، كشفت شركة «ساس» عن التوأم الرقمي كأداة ذكية حية تتعلم وتتنبأ وتُحاكي الواقع، مدعومة بالذكاء الاصطناعي والبيانات اللحظية.

نسيم رمضان (أورلاندو - الولايات المتحدة)
تكنولوجيا يمثل «Arc Search» جيلاً جديداً من المتصفحات الذكية يجمع بين الذكاء الاصطناعي وسهولة الاستخدام (أبل)

«آرك سيرش» متصفح ذكي يغير قواعد البحث على الإنترنت

يتيح ميزة المكالمة مع الذكاء الاصطناعي للإجابة الصوتية، مع حظر تلقائي للإعلانات، ودعم الترجمة، وسرعة في الوصول للمعلومة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «غوغل» تواجه تهديداً وجودياً مع تراجع البحث التقليدي وظهور أدوات ذكاء اصطناعي تقدم إجابات فورية ما قد يهدد نموذجها الإعلاني (أ.ف.ب)

تراجع البحث في «سفاري» يكشف عن تحول عالمي في سلوك المستخدمين

لأول مرة منذ 22 عاماً، مسؤول في شركة «أبل» يكشف عن تراجع عمليات البحث داخل متصفح «سفاري».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
العالم البطريرك المسكوني برثلماوس (أ.ب)

زعيم الكنيسة الأرثوذكسية: الإيمان هو الضامن الوحيد للبشرية ضد «حكم الروبوتات الوشيك»

قال الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذكس في العالم إن الإيمان الديني ينبغي أن يكون ضمانة للبشرية في ظل التقدم التكنولوجي السريع وما وصفه بـ«حكم الروبوتات الوشيك».

«الشرق الأوسط» (أثينا)
تكنولوجيا لقطة من الفيديو تُظهر خروج الروبوت عن السيطرة

شاهد... روبوت يخرج عن السيطرة ويهاجم «بعنف» عمال مصنع صيني

أظهر مقطع فيديو، جرى تداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، وقيل إنه صُوّر في مصنع صيني، روبوتاً يُهاجم العمال بعنف.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«التوأمة الرقمية» من «ساس»: ذكاء اصطناعي يحاكي ويتعلّم ويقرر

التوأم الرقمي لم يعد مجرد محاكاة بل أصبح بيئة ذكية حية تتخذ قرارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي (أدوبي)
التوأم الرقمي لم يعد مجرد محاكاة بل أصبح بيئة ذكية حية تتخذ قرارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي (أدوبي)
TT

«التوأمة الرقمية» من «ساس»: ذكاء اصطناعي يحاكي ويتعلّم ويقرر

التوأم الرقمي لم يعد مجرد محاكاة بل أصبح بيئة ذكية حية تتخذ قرارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي (أدوبي)
التوأم الرقمي لم يعد مجرد محاكاة بل أصبح بيئة ذكية حية تتخذ قرارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي (أدوبي)

في مؤتمر «ساس إنوفيت 2025» (SAS Innovate 2025) الذي يعقد في مدينة أورلاندو الأميركية، لم يُعرض مستقبل التوأمة الرقمية فحسب، بل أُعيد تعريفه. لم يعد مقتصراً على التصورات الثابتة، فقد أصبحت التوائم الرقمية اليوم أنظمة حية وتعليمية تدمج البيانات في الوقت الفعلي، وتتخذ القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحويل الصناعات. والصناعات بذاتها تسعى في جميع أنحاء العالم إلى تحقيق عمليات أكثر ذكاءً ومرونة وكفاءة، ما يجعل التوأمة الرقمية كجسر تقني يربط بين التحديات الواقعية وحلول المحاكاة الافتراضية.

لكن «SAS» لن تحقق ذلك وحدها. فمن خلال شراكة قوية مع شركة «إيبك غيمز» (Epic Games)، تدمج «ساس» تحليلاتها القوية وذكاءها الاصطناعي المتقدم مع محرك «أنريل إينجين» (Unreal Engine) لإنشاء بيئات توأمية رقمية واقعية تستند إلى البيانات. هذه البيئات تمكّن شركات مثل «جورجيا باسيفيك» (Georgia-Pacific)، وهي إحدى الشركات الرائدة عالمياً في تصنيع منتجات الورق ومواد البناء القائمة على الخشب من اختبار وتحسين وتوسيع عملياتها في الفضاء الافتراضي، ما يقلل من المخاطر ويحسن السلامة ويحقق عوائد ملموسة على الاستثمار.

براين هاريس الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في «ساس» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (ساس)

ما هو التوأم الرقمي؟

التوأم الرقمي هو نسخة افتراضية ديناميكية من عملية أو نظام أو كيان حقيقي. بخلاف المحاكاة التقليدية، يرتبط التوأم الرقمي بتغذية بيانات حية، من أجهزة الاستشعار أو الكاميرات أو الأنظمة التجارية. وهذا يُمكنه من عكس الواقع والتفاعل معه في الوقت الحقيقي. ومع الذكاء الاصطناعي والتحليلات، يتطور ليتنبأ بالنتائج، ويحسّن السيناريوهات، بل يُحاكي الحالات النادرة التي يصعب أو يستحيل اختبارها في العالم الواقعي.

لكن «ساس» تذهب بهذا المفهوم إلى أبعد من ذلك. إذ تبني توائمها الرقمية، ليس من أجل الرؤية فقط، بل من أجل اتخاذ القرار عبر دمج الواقعية البصرية الغامرة مع الذكاء الاصطناعي الأخلاقي والتفاعلي، لتصميم أنظمة يمكن للفرق متعددة الوظائف استخدامها بسهولة لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وثقة.

التوائم الرقمية كأدوات قرار

يقول براين هاريس، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في «ساس»، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، التي كانت الجهة الإعلامية الوحيدة من الشرق الأوسط، التي تلقت دعوة لحضور الحدث: «إن الأمر يتعلق ببناء بيئات محاكاة تمكن الأنظمة المعقدة من أن ترى وتفهم وتُحسّن». ويضيف أنه قد حان الوقت لأن تبدو التوائم الرقمية كالعوالم التي تحاكيها. وعلى عكس المحاكاة التقليدية التي غالباً ما تكون ساكنة ومحدودة ببيانات مسبقة، تتميز التوائم الرقمية التي تطورها «ساس» بقدرتها على الاستجابة اللحظية والتعلّم المستمر. فهي تدمج بيانات أجهزة الاستشعار في الوقت الحقيقي، ما يتيح لها التفاعل الفوري مع الأحداث والتغيرات في البيئة. وتعمل هذه التوائم الذكية مدعومة بوكلاء الذكاء الاصطناعي، الذين يتولّون تحسين العمليات ذاتياً بناءً على تحليلات فورية.

التوائم الرقمية من «ساس» تدمج بيانات أجهزة الاستشعار الحية لتوفير استجابات لحظية وتوقعات دقيقة (شاترستوك)

وفي قلب التجربة، تندمج هذه النماذج مع بيئات ثلاثية الأبعاد واقعية تم تطويرها باستخدام محرك «Unreal Engine» ما يمنح المستخدمين تجربة بصرية غامرة تتجاوز الجداول البيانية والنماذج التقليدية. كل ذلك يسمح بمحاكاة سيناريوهات عالية الخطورة، مثل الحوادث الصناعية أو الأعطال اللوجستية دون المخاطرة بعواقبها على الأرض. ويشرح أودو سجلافو، نائب رئيس الذكاء الاصطناعي التطبيقي والنمذجة في «ساس»، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن «للتوائم الرقمية ووكلاء الذكاء الاصطناعي علاقة تكافلية». ويشير إلى أن «الوكلاء هم العقل المدبر للتوأم الرقمي، ويطبقون بحوث العمليات والخوارزميات لمحاكاة القرارات المثلى داخل البيئة الافتراضية».

المصنع الذكي لـ«Georgia-Pacific»

في مصنع «سافانا ريفر هيل» (Savannah River Mill) التابع لـ«جورجيا باسيفيك» (Georgia-Pacific)، يعمل التوأم الرقمي من «ساس» على تحسين المركبات الآلية في بيئة افتراضية خالية من المخاطر.

تخيل مشاهدة المركبات الآلية، وهي تتنقل في أرضية المصنع المزدحمة، وتتفاعل مع تنبيهات القرب، والعوائق، والأحداث النادرة في الوقت الفعلي. يقول روشان شاه، نائب رئيس الذكاء الاصطناعي والمنتجات في «جورجيا باسيفيك»، إن التحليلات القوية والمحاكاة الواقعية التي توفرها توائم «ساس» الرقمية المحسنة تمكن من اتخاذ القرارات وزيادة الإنتاج. وباستخدام تقنية «رياليتي سكان» (RealityScan) من «إيبك غيمز»، قامت «ساس» برقمنة أرضية المصنع بالكامل، ما سمح لمحرك التحسين في «فايا» (Viya) باختبار استراتيجيات التوجيه وضبط سير العمل، والتنبؤ بالاختناقات، كل ذلك دون إيقاف خطّ الإنتاج.

العقل المدبر للتوأم الرقمي

تعمل التوائم الرقمية التي تطورها «ساس» بواسطة وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على أتمتة اتخاذ القرارات داخل البيئة الافتراضية بشكل ديناميكي. وتنقسم هذه الوكلاء إلى 3 أنواع رئيسية، تبدأ بالوكلاء المضمنين داخل منصة «Viya» والمصممين مسبقاً للتعامل مع المهام الصناعية الشائعة. أما النوع الثاني فهم الوكلاء المصممون حسب الطلب، الذين يُطورون خصيصاً لتناسب احتياجات سير عمل محددة ومعقّدة. والنوع الثالث هو الوكلاء المستقلون، الذين يمكنهم العمل خارج بيئات «SAS» عبر منصات متعددة البائعين.

وتتواصل هذه الوكلاء عبر بروتوكولات مفتوحة مثل «A2A» و«MCP»، ما يمنحها قابلية تشغيل عالية وقدرة على التفاعل عبر أنظمة متنوعة ومترابطة. ويوضح أودو سجلافو أن «ساس» لا تحاكي البيئات فحسب، بل تحاكي الذكاء. ويضيف أنه يمكن لوكيل أن يحسب العدد الأمثل للمركبات الآلية في المنشأة، بينما يراقب آخر مخاطر السلامة باستخدام الرؤية الحاسوبية. والنتيجة ليست مجرد رؤية، بل استباق ذكي للأحداث.

أودو سجلافو نائب رئيس الذكاء الاصطناعي التطبيقي والنمذجة في «ساس» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (ساس)

من التوأم الرقمي إلى المختبر الرقمي

توائم «ساس» الرقمية ليست مجرد نماذج، بل هي مختبرات تجارب حية. يؤكد ويليام كوليس، رئيس تحليلات الألعاب والمحاكاة في «ساس» أن شركته تحوّل التوأم الرقمي إلى مختبر رقمي. ويضيف سجلافو أن بيانات القياس عن بُعد تتدفق من «Unreal» إلى نماذج «ساس»، ثم تعود إلى المحاكاة، ما يغير البيئة ثلاثية الأبعاد ديناميكياً بناءً على الرؤى. ويرى أن هذا «التحسين الحلقي المغلق» يسمح للشركات باختبار بروتوكولات سلامة جديدة قبل التنفيذ ومحاكاة اضطرابات سلسلة التوريد والتكيف استباقياً. كذلك التنبؤ بأعطال المعدات وجدولة الصيانة وتجربة السلامة التي عرضناها قيد التشغيل بالفعل. على سبيل المثال، تعمل نماذج الرؤية الحاسوبية على كاميرات أرضية المصنع في الوقت الفعلي... فإذا كان العامل لا يرتدي خوذة، يحدد النظام ذلك فوراً.

شارك في مؤتمر «ساس إنوفيت 2025» أكثر من 3000 شخص في مدينة أورلاندو الأميركية (ساس)

عوالم التوأم الرقمي

بعد أن كانت صناعات مثل التصنيع هي الرائدة في تبني التوائم الرقمية، بدأت هذه التقنية بالانتشار بسرعة عبر قطاعات متعددة، لتفتح آفاقاً جديدة من الإمكانات والابتكار.

في قطاع الرعاية الصحية، تُستخدم التوائم الرقمية لمحاكاة تدفق المرضى داخل المستشفيات، ما يساعد في تقليل أوقات الانتظار في أقسام الطوارئ. كما تتيح هذه المحاكاة توقّع الطلب على أسرّة العناية المركزة خلال فترات الأوبئة أو الأزمات، إلى جانب استخدامها في تدريب الجراحين من خلال بيئات افتراضية تحاكي غرف العمليات الواقعية.

أما في المدن الذكية، فتُسهم التوائم الرقمية في نمذجة حركة المرور لفهم الأنماط وتخفيف الازدحام، كما تتيح اختبار قدرة البنية التحتية على الصمود في وجه أحداث مناخية قاسية، وتساعد في تحسين مسارات الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ، مثل الحرائق أو الكوارث الطبيعية.

وفي الخدمات المالية، تُستخدم التوائم الرقمية لاختبار محافظ الاستثمار في سيناريوهات صدمة اقتصادية، كما تتيح محاكاة هجمات الاحتيال الإلكتروني لاختبار الدفاعات وتعزيزها، وتساعد في دراسة تأثير السياسات مثل التعريفات الجمركية على سلاسل التوريد العالمية. ويؤكد بيل كليفورد، من «إيبك غيمز»، أن الاحتمالات لا حصر لها. من الفضاء الجوي إلى صناعة السيارات، يتيح التوأم الرقمي للشركات الاستعداد لما هو قادم، وليس الردّ على ما يحدث الآن فقط.

ميزة القرار

مع اقتراب شركة «ساس» من ذكرى تأسيسها الخمسين، تمثل التوائم الرقمية أكثر من مجرد تكنولوجيا. إنها نموذج جديد لاتخاذ القرارات. يشدد براين هاريس على أن «ساس» لا تقدم إجابات فحسب، «بل ثقة في تلك الإجابات، وهذا ما تبدو عليه ميزة القرار الحقيقية». وكما يبدو أنه من أرضيات المصانع إلى الأسواق المالية، المستقبل مُحاكى ومُحسن ومُؤمن بتوأم رقمي واحد في كل مرة. الرسالة من مؤتمر «SAS Innovate 2025» واضحة: «التوأم الرقمي ليس المستقبل. إنه الحاضر». والسؤال لم يعد عما إذا كانت المؤسسات ستعتمد هذه التكنولوجيا، بل بأي سرعة يمكنها تسخير إمكاناتها الكاملة؟

OSZAR »