الأفلام العربية في «كان»... فرصة فوز لم يتحقق

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان - تُوجِّهها حسابات معقَّدة ورغبات

«عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» (مهرجان «كان»)
«عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» (مهرجان «كان»)
TT

الأفلام العربية في «كان»... فرصة فوز لم يتحقق

«عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» (مهرجان «كان»)
«عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» (مهرجان «كان»)

تعتمد السينمات العربية، أكثر من أي وقت مضى، على عرض إنتاجاتها في المهرجانات الدولية.

في السنوات الـ20 الأخيرة، ازداد عدد المعروض منها في «كان»، و«ڤينيسيا»، و«برلين»، و«كارلوڤي ڤاري»، و«لندن»، و«تورنتو»، و«لوكارنو»، والقائمة طويلة.

السبب الواضح هو الرَّغبة في تبوُّؤِ نجاحٍ جوهريٍّ يستفيد منه الفيلم ومَن فيه، وما يُمثِّله في دعم المسيرة، وتأسيس المكانة، والشهرة الفردية للعاملين فيه. وكذلك في إبراز دور الدولة التي وُلد فيها مشروع المخرج، حتى لو كان التمويل آتياً من الخارج، كما بات الحال غالباً.

هي عملية يمتزج فيها الطُّموح الفردي بالمؤسساتي، والفني بالتجاري.

أفلام «نورة» لتوفيق الزايدي، و«وجدة» لهيفاء المنصور، و«ستموت في العشرين» لأمجد أبو العلا، وأُخرى سواها، سارت على هذا الخط الرَّفيع محققة رواجاً جماهيرياً في الغرب، ونقدياً في كل مكان آخر.

«سماء بلا أرض» (مهرجان «كان»)

سبب خفي

الأفلام العربية منذ السبعينات وما بعدها، حظيت أيضاً بحضورٍ متعدّد، وكثيرٌ منها شقَّ طريقه إلى مهرجان «كان» وغيره من المهرجانات الدولية.

لكن السبب الخفي وراء هذا التوجّه، في الماضي والحاضر، يعود إلى ضيق رقعة الإنتاج العربي في الأسواق العربية.

فقد باتت تكلفة إنتاج الفيلم اليوم أعلى بكثير ممّا كانت عليه في السابق؛ إذ تقترب ميزانية الفيلم الصغير أحياناً من مليون دولار، بينما يتجاوز الفيلم الكبير هذا الرقم بسهولة.

السوق العربية لا تضمن استعادة تكلفة الفيلم الصغير (لأن أحداً لا يراه)، ولا الفيلم الكبير (كون الإنتاجات التجارية محدودة في أسواقها باستثناء المصرية).

مع هذا الوضع، لا يتَّجه الإنتاج العربي ليطلب المعونة المالية من الدول الأوروبية فقط، بل يعتمد عليها بوصفها فرصة للوصول إلى المهرجانات لا يمكن تفويتها.

«كعكة الرئيس» (مهرجان «كان»)

مضامين عربية

استقبل مهرجان «كان» العام الحالي، أفلاماً عربية متنوِّعة المصادر. مجازياً، تُسمّى الأفلام المُمولة من الغرب أفلاماً عربية، لكن الواقع هو أن ما هو عربي مُحدَّد بالإخراج واللغة والموضوع، وهذا ليس كافياً ما دام التمويل الرئيس ليس عربياً.

يجد المخرج العربي نفسه بحاجة إلى مظلَّة دولية ليُنجز فيلمه، ويعرضه عالمياً في المهرجانات أولاً، ومن ثَمَّ في الأسواق، إذا ما أُتيح له ذلك، وهو سيتوجَّه لأي بلد أجنبي يؤمِّن له هذا الهدف.

ما شاهدناه هنا من أفلام لا يؤكد ما سبق قوله فقط، بل ينتمي أيضاً إلى طروحات متعدِّدة جميعها مهمَّة، لكن الناتج يتفاوت فنياً. كان طبيعياً أن تتوجَّه بعض هذه الطروحات صوب السياسة.

فيلم «كعكة الرئيس» لحسن هادي، الذي قُدّم باسم العراق والولايات المتحدة (حيث التمويل الفعلي)، يطرح حكاية تقع أحداثها في «عراق صدّام حسين».

نرى صوره وتماثيله، وهو حاضر في طول الحكاية وعرضها، التي تدور حول فتاة صغيرة يُطلب منها تحضير كعكة بمناسبة عيد ميلاد الرئيس، وذلك في الوقت الذي يعيش فيه الناس فوضى تلك الفترة.

أما الفيلم السويدي - الدنماركي - الفنلندي - الفرنسي «نسور الجمهورية» لطارق صالح، ففيه عنصر تسوية حسابات عالقة مع النظام العراقي السابق. الفارق أن فيلم صالح ينتقد الحكم الحالي والسلطات، عوض انتظار رحيلها.

«نسور الجمهورية» نظرة خارجية من مكان آمن لحالٍ لا تطاله الرقابة المصرية (على عكس «كعكة الرئيس» المُرحَّب به داخل العراق).

في الفيلم المصري (فعلياً) «عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» لمراد مصطفى، الذي يتمحور حول مدبرة منزل سودانية، يبدأ الفيلم بها وهي في القاع، وينتهي بها وهي أسفله.

النقد هنا يبقى على أرضٍ اجتماعية بحتة لا دخل لها بالمؤسسات الرسمية.

هناك فيلم آخر عنوانه «سماء بلا أرض» (Promis le ciel) للمخرجة التونسية أريج السحيري (سبق لها أن أخرجت «تحت أشجار التين» قبل 3 أعوام).

تقول البطاقة إن الفيلم تونسي - قطري - فرنسي، لكن مع غياب التفاصيل لا نستطيع سوى التخمين بأن غالبية التمويل الأساسي لهذه الدراما الأنثوية تم مقابل تأمين «كنال بلوس» (Canal+) الفرنسية غالبية الميزانية.

«سماء بلا أرض» فيلم رقيق الحاشية من بدايته إلى نهايته. حواره الغالب فرنسي، كون بطلاته من كوت ديڤوار يعشن ويعملن في تونس.

اختيار موضوعات تسمح للفيلم الحديثَ بالفرنسية أمرٌ آخر منتشر في أفلام مغاربية.

خفي

لا يحتلّ الفن في هذه النماذج حضوراً بارزاً؛ فالاختلاف يكمن في أسلوب المعالجة. ففيلم طارق صالح «نسور الجمهورية» يتّبع معالجة سردية تنتمي إلى «النوع» (Genre)، في حين يتَّخذ «كعكة الرئيس» لحسن هادي، وكذلك فيلم «سماء بلا أرض»، منحى سردياً حكائياً. أما «عائشة لا تستطيع الطيران بعيداً» لمراد مصطفى، فهو محاولة لخلق فيلم فني، لكن النية شيء والتنفيذ شيء آخر.

لا يجب أن يغيب عن البال أن هذا المهرجان هو المناسبة الـ50 لفوز فيلم «مفكرة سنوات الجمر» للمخرج الجزائري محمد الأخضر حمينة بالسعفة الذهبية (سيُعرض بنسخة مُرمَّمة بعد ظهر اليوم، الجمعة).

هذا فيلم كان يمكن أن يُدرَّس ويُستفاد منه لناحية عناصر الحكاية، وكيفية تنفيذ المضمون، كما من جهة أسلوب عمله، لكن غالبية العاملين في الوسط اليوم لا يكترثون للرجوع بضع خطوات إلى الأمس.


مقالات ذات صلة

«رزق الهبل» هل يُعيد السيطرة النسائية على صناعة السينما؟

يوميات الشرق منى زكي تستعد لفيلم جديد (حسابها في «فيسبوك»)

«رزق الهبل» هل يُعيد السيطرة النسائية على صناعة السينما؟

يشهد فيلم «رزق الهبل» عودة التعاون الفني بين الفنانة منى زكي والمخرجة كاملة أبو ذكري بعد مشاركتهما معاً في فيلم «عن العشق والهوى» عام 2006.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما  «بعد 28 أسبوعاً» (فوكس أتومِك)

عودة «الزومبي» قريباً إلى الصالات

ينطلق ‫في العشرين من الشهر الحالي ‬فيلم «بعد 28 سنة» (‪28 Years Later‬) للبريطاني داني بويل مخرج «مليونير العشوائيات»

محمد رُضا (نيويورك)
سينما  جاكي شان (يسار) في «كاراتيه كِيد» (كولمبيا)

شاشة الناقد: فيلمان جديدان معروضان في الصالات القريبة منك

كاراتي كِيد: تستطيع أن تتنبأ بما سيحدث منذ مطلع الفيلم، بل ومنذ بدايته: الشاب الذي وعد أمّه بعدم ممارسة الكاراتيه، ويخلف وعده مضطراً

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق شكَّل الفيلم نقطة انطلاق كريستوفر نولان نحو العالمية (فرونت رو فيلمد إنترتينمنت)

بعد 25 عاماً على صدوره... «ميمنتو» يُعرض للمرّة الأولى في السعودية

جمهور كريستوفر نولان في السعودية بات من أكثر الجماهير تفاعلاً مع أعماله خلال السنوات الأخيرة، إذ حقّقت أفلام مثل «أوبنهمايمر» و«بين النجوم» حضوراً لافتاً.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق الفنان يوسف فوزي في لقطة من فيلم عصر القوة (يوتيوب)

ظهور «مؤثر» للفنان يوسف فوزي يكشف عن إصابته بمرض نادر

أثار أحدث ظهور إعلامي للفنان المصري يوسف فوزي، عبر أحد المواقع الإخبارية المحلية، تفاعلاً كبيراً وتعاطفاً ملحوظاً مع إطلالته «المؤثرة».

داليا ماهر (القاهرة)

شاشة الناقد: فيلمان جديدان معروضان في الصالات القريبة منك


جاكي شان (يسار) في «كاراتيه كِيد» (كولمبيا)
جاكي شان (يسار) في «كاراتيه كِيد» (كولمبيا)
TT

شاشة الناقد: فيلمان جديدان معروضان في الصالات القريبة منك


جاكي شان (يسار) في «كاراتيه كِيد» (كولمبيا)
جاكي شان (يسار) في «كاراتيه كِيد» (كولمبيا)

Karate Kid‪:‬ Legends

«كاراتي كِيد: أساطير» ★☆ إخراج: جوناثان إنتويسل

‫ الولايات المتحدة ‬ | أكشن

عروض 2025: تجارية.

تستطيع أن تتنبأ بما سيحدث منذ مطلع الفيلم، بل ومنذ بدايته: الشاب الذي وعد أمّه بعدم ممارسة الكاراتيه، ويخلف وعده مضطراً، فينازل وينتصر بمساعدة بطل من أجزاء سابقة، هو رالف ماكيو، وبطل آخر خبير في رياضات الكونغ فو والكاراتيه، هو جاكي شان.

في الواقع، شان يُرضي جمهوره ببعض المهارات، وهو، بالنسبة لكثير من المشاهدين، السبب الجوهري الوحيد لمتابعة هذا الجزء الجديد.

الحكاية لا تعدو كونها سرداً روتينياً لمواقف روتينية لا تأتي بجديد. يسقط الإخراج على أرض الحلبة من البداية، ويبقى هامداً حتى نهاية الفيلم، رغم محاولات ضخّ بعض الحيوية فيه.

يمرّ الفيلم بكليشيهات عاطفية حوارياً وبصرياً. يحرّك المخرج الكاميرا، من دون أن يتحرّك شيء آخر في الفيلم.

ليست الأجزاء الخمسة السابقة رائعة، لكنها، على الأقل، كانت أكثر إثارة.

Lilo ‪&‬ Stitch

ليلو وستيتش ‪)‬الولايات المتحدة) ★★★ إخراج: دين فلايشر كامب ‫ ‬الولايات المتحدة | فانتازيا

عروض 2025: تجارية.

أُنتج هذا الفيلم ليُعرض على منصة «ديزني+»، إلى أن قرَّرت إدارة الاستوديو أنه جدير بالعروض السينمائية أولاً، لتُفاجأ بأن الفيلم حقَّق نجاحاً فاق التوقّعات.

«ليلو وستيتش» (ديزني)

هو أعلى مستوىً من مجرد تحريك حكاية بإيقاع سريع، كما تشتهر به أفلام الرسوم المتحركة هذه الأيام. هناك قدر معقول من الاهتمام في التواصل مع رسالة إيجابية، تتناول العلاقات العائلية وكيف يجب أن تكون، إلى جانب قصة المخلوق المنبوذ من كوكبه إلى الأرض، وسعي الفتاة الصغيرة التي تأويه لحمايته.

البداية، فوق سطح ذلك الكوكب، مرسومة ومنفّذة جيداً. لكن الفيلم يتعب بعد نحو ثلث ساعة من محاولة جعل كل مشهد مهماً، في حين تُعاني الحكاية من البطء.

المقدمة تمهِّد لمعرفة ماهية هذا المخلوق الأزرق، الذي لا يزيد حجمه عن حجم كرة قدم. لقد ابتكره عالِم بوصفه مخلوقاً فائق القدرات الذهنية، وسمّاه «ستيتش»، لكنه يهرب، وتكون لقاءاته الأولى على الأرض مثيرة، قبل أن يفقد الفيلم بعضاً من حرارته.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز

OSZAR »