جهاز «إسفنجي» يحوّل الهواء إلى ماء في دقائق

الجهاز يستخدم مادة خشبية شبيهة بالإسفنج لامتصاص الماء من الهواء وإطلاقه في كوب (المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن)
الجهاز يستخدم مادة خشبية شبيهة بالإسفنج لامتصاص الماء من الهواء وإطلاقه في كوب (المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن)
TT

جهاز «إسفنجي» يحوّل الهواء إلى ماء في دقائق

الجهاز يستخدم مادة خشبية شبيهة بالإسفنج لامتصاص الماء من الهواء وإطلاقه في كوب (المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن)
الجهاز يستخدم مادة خشبية شبيهة بالإسفنج لامتصاص الماء من الهواء وإطلاقه في كوب (المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن)

طوّر مهندسون من المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن بأستراليا، بالتعاون مع باحثين صينيين، جهازاً قادراً على جمع الماء من الهواء حتى في ظروف الرطوبة المنخفضة، وذلك باستخدام الطاقة الشمسية فقط.

وأوضح الباحثون وفق النتائج التي نُشرت الجمعة بدورية «Journal of Cleaner Production» أن الجهاز يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً في المناطق التي تعاني من شح المياه أو في أعقاب الكوارث الطبيعية التي تُدمّر شبكات المياه، وتعتمد آلية عمل الجهاز على مبدأ بسيط يجمع بين الخصائص الإسفنجية للخشب وبعض المواد المضافة التي تزيد من كفاءة امتصاص المياه وإطلاقها. ويتكون من هيكل طبيعي مصنوع من خشب البالسا، المعروف بخفة وزنه وبنيته المسامية، بعد تعديله خصيصاً لامتصاص الرطوبة من الهواء وإطلاقها عند الحاجة. ويُوضع هذا الهيكل داخل كأس مزوّد بغطاء مقبب وصينية مضادة للتلوث ونظام تبريد، إلى جانب نظام تنشيط يعمل بالطاقة الشمسية.

الجهاز يتكون من هيكل طبيعي مصنوع من خشب البالسا المعروف بخفة وزنه وبنيته المسامية (المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن)

وعند فتح الغطاء العلوي للجهاز، يبدأ الهيكل الإسفنجي في امتصاص الرطوبة الموجودة في الهواء، وتُخزن المياه داخل المادة الإسفنجية. وعند تعريض الجهاز لأشعة الشمس، تطلق المادة المياه التي امتصتها بفعل الحرارة، فتتحول إلى سائل يُجمع في الكأس الموجود أسفله. وتتم هذه العملية تلقائياً عند إغلاق الغطاء وتعريض الجهاز للشمس؛ مما يجعل الآلية فعالة في مختلف الظروف المناخية.

ويتكوّن الجهاز من مزيج ذكي من العناصر مثل «كلوريد الليثيوم»، وجسيمات نانوية من أكسيد الحديد، وطبقات أنبوبية كربونية دقيقة، مدعومة بتصميم هندسي مبتكر. كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء الجهاز، من خلال ضبط قدرته على امتصاص وإطلاق المياه وفق التغيرات البيئية.

وأظهر الجهاز كفاءة عالية في امتصاص وإطلاق المياه في ظروف تتراوح بين 30 و90 في المائة من الرطوبة، ودرجات حرارة بين 5 و55 درجة مئوية؛ مما يجعله مثالياً للاستخدام حتى بالبيئات القاحلة. وأثبت كفاءته بعد 10 دورات متتالية من الامتصاص والإطلاق، حيث لم يتجاوز تراجع الأداء 12 في المائة.

ووفق الباحثين، يتميّز الجهاز بنظام تحكم ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لزيادة كفاءة التشغيل، بما يضمن أداءً مستداماً وفعالاً. وأضافوا أن الميزة الأهم للجهاز تكمن في إمكانية تصنيعه على نطاق واسع وبكلفة منخفضة، بفضل اعتماد المادة الأساسية على خشب البالسا المتوفر والرخيص والقابل للتحلل، وهذه الخصائص تجعله قابلاً للاستخدام في تطبيقات واقعية، مثل جمع المياه في المناطق النائية أو القاحلة.

ويأمل الباحثون في توسيع نطاق استخدام الجهاز، إما من خلال تكبير وحداته الحالية (بحجم 15 مليمتراً مكعباً)، وإما عبر تركيب شبكة من الوحدات الصغيرة لاستخدامها بحالات مثل الكوارث الطبيعية التي تعيق إمدادات المياه.

يشار إلى أن الفريق يُجري حالياً محادثات مع شركاء صناعيين لتصنيع نماذج تجريبية واختبارها ميدانياً، ويطمحون لدمج النظام بمستشعرات ذكية، إضافة لتخزين الطاقة الحرارية لتشغيله ليلاً.


مقالات ذات صلة

دون تدخل بشري... أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تتشاور قبل اتخاذ قراراتها

تكنولوجيا أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات جماعية بعد التشاور (أرشيفية - رويترز)

دون تدخل بشري... أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تتشاور قبل اتخاذ قراراتها

كشفت دراسة جديدة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات جماعية بعد التشاور، دون تدخل بشري، بل قد تقنع بعضها بعضاً بتغيير آرائها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتصميم صيغ إعلانات جديدة (د.ب.أ)

تعمل بالذكاء الاصطناعي... «نتفليكس» تطلق أدوات إعلان جديدة

أعلنت شركة خدمات البث المباشر عبر الإنترنت الأميركية «نتفليكس» تحديث تكنولوجيا الإعلانات على منصتها مدعومة بتقنيات معالجة البيانات والذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)

من التحول الرقمي إلى التفوق التقني... السعودية تُرسّخ بنية الذكاء الاصطناعي

تسير السعودية بخطى متسارعة نحو بناء بنية تحتية رقمية متقدمة للذكاء الاصطناعي عبر شراكات استراتيجية ومراكز بيانات ضخمة تدعم رؤيتها للتحول الوطني.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «أرامكو السعودية» (رويترز)

«أرامكو السعودية» توقِّع 34 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أميركية

وقّعت «أرامكو السعودية» -من خلال مجموعة شركاتها- 34 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أميركية كبرى، في مجالات مختلفة، وذلك بقيمة محتملة تقارب 90 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية بجوار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء كلمة ترمب في المنتدى الاستثماري بالرياض (واس) play-circle 00:46

بعد ترمب... السعودية تستقبل قريباً أول دفعة رقاقات ذكاء اصطناعي في المنطقة

توافد عمالقة التكنولوجيا والاستثمار من وادي السيليكون إلى العاصمة السعودية، برفقة الرئيس دونالد ترمب، الذي لعب دوراً في إحياء تصدير رقاقات الذكاء الاصطناعي.

عبير حمدي (الرياض)

«غسق» تحطّ رحالها في بيروت بعد جولة أوروبية

أبطال مسرحية «غسق» على الخشبة (مكتب إعلام المسرحية)
أبطال مسرحية «غسق» على الخشبة (مكتب إعلام المسرحية)
TT

«غسق» تحطّ رحالها في بيروت بعد جولة أوروبية

أبطال مسرحية «غسق» على الخشبة (مكتب إعلام المسرحية)
أبطال مسرحية «غسق» على الخشبة (مكتب إعلام المسرحية)

تُعرض على خشبة «مسرح المدينة» مسرحية «غسق» للمخرجة كريستيل خضر، بدعم من المعهد الفرنسي والسفارة النرويجية في لبنان. وقد اقتبستها عن «الساعون إلى العرش» للكاتب النرويجي الشهير هنريك إبسن، المُلقب بـ«أبو الدراما الحديثة». يُشارك في بطولة العمل كل من رودريغ سليمان، وإيلي نجيم، وروي ديب، وطارق يعقوب. وبعد جولات أوروبية ناجحة شملت فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، تحطُّ رحالها اليوم في بيروت، وتتناول الصِّراع على السلطة في النرويج خلال العصور الوسطى، بما يُحاكي فشل الدولة اللبنانية في النهوض بعد الحرب.

تدور أحداث «غسق» في 1 سبتمبر (أيلول) 2020، بمناسبة المئوية الأولى لقيام دولة لبنان الكبير. يقف الممثلون الأربعة في مواجهة الجرَّافات. ويُصبح اللقاء المسرحي فعل مقاومة في وجه النسيان والإفلات من العقاب، ويطرح العمل سؤالاً أساسياً: «هل يمكن بناء سلام فعلي في غياب عدالة حقيقية؟».

تجد المخرجة كريستيل خضر في المسرح أسلوباً للتعبير عن أفكارها وهواجسها، وتُخاطب من خلال العمل أبناء جيلها، الذين كبروا في ظلّ تسويات ما بعد الطائف.

تحاكي كريستيل خضر أبناء جيلها في العمل (مكتب إعلام المسرحية)

تسألها «الشرق الأوسط» هل وجدت أجوبة عن أسئلتها، فتجيب: «في كل عمل أقدِّمه، لا أنطلق من أجوبة جاهزة، بل من أسئلة تُقلقني. وخلال سير العمل، تظهر أمامنا تساؤلات جديدة، غالباً ما تبقى بلا إجابات. ولو كنتُ أملك اليقين، لما كان للعمل ذاك الأثر أو العمق. لذلك، أفضّل أن أترك للجمهور مهمة التأمل والبحث، خصوصاً أن المسرحية تطرح السؤال الجوهري: أين نحن اليوم؟ وربما، ذات يوم، يكون لنا من الشجاعة ما يكفي لنُقدِم على الفعل... الفعل الذي يكسر الحلقة المُفرغة من الكوارث التي وُلدنا فيها».

تتناول المسرحية موضوعات عدّة، من بينها العدالة الأبوية والسلطة، وتُبرز الالتباس الذي يعيشه اللبناني بين العتمة والضوء. ويأتي عنوانها من هذه المشهدية. وتعلّق كريستيل: «لا أقف عند العنوان كجملة شاعرية، وقد أطلقت هذا الاسم على المسرحية لأننا مُعلَّقون بالزمن. وفي النهاية، أنا أقوم بعملي بوصفي فنانة أعمل في مجال المسرح».

بدأت كريستيل التحضير للمسرحية، ومن ثَمَّ عرضها، منذ نحو 3 سنوات، وكان لبنان يومها يمرُّ بأيام عصيبة. فهل واجهت صعوبات معينة في تنفيذها؟ ترد: «في العمل المسرحي، يستمتع المخرج مهما كان التنفيذ صعباً. لقد قمتُ بأبحاث كثيرة ساعدتني على تلمّس خطواتي، ويمكنني القول إنني لم أواجه صعوبات تُذكر، وقد ساعدني في ذلك فريق عمل متكامل من ممثلين وتقنيين».

حازت مسرحية «غسق» على منحة «إبسن سكوب» لعام 2019، وبدعم من مؤسسات أوروبية للإنتاج، من مسارح في مدن مونبيلييه، وتولوز، وألبي الفرنسية.

تطرح المسرحية أسئلة وجدانية كثيرة (مكتب إعلام المسرحية)

جابت كريستيل بالمسرحية عدداً من الدول الأوروبية بين عامي 2023 و2025، متنقلة من ليون، وتولوز، ومرسيليا في فرنسا، إلى برشلونة في إسبانيا، وتورينو في إيطاليا. وعند المقارنة بين هذه العروض وتلك التي تُقدَّم اليوم في لبنان، تؤكد كريستيل أن للتجربة اللبنانية طابعاً خاصاً، فتقول: «لا شك أن العروض في لبنان كانت مختلفة في الجوهر، إذ نشترك مع جمهورنا هنا في الذاكرة الجمعية نفسها. وننطلق من السياقات نفسها، ونلتقي عند نقاط وجع وأمل متشابهة. لذلك، كان وقع المسرحية أعمق وأقسى على المُشاهد اللبناني، لأنها تلامس جراحه المفتوحة، وتستحضر في داخله الغصّة والحسرة. ورغم التقدير الكبير والتفاعل الجميل الذي لقيته العروض الأوروبية، فإن ما حملته الخشبة في بيروت من ضحك وحزن وتسلية كان أشدّ وقعاً، وأصدق تأثيراً».

OSZAR »