طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

شمس البرازيل

استمع إلى المقالة

لم تعرف كرة القدم البرازيلية في تاريخها خيبةً توازي نتائج منتخب السامبا منذ احتفالات جماهيره بالحصول على كأس العالم في عام 2002 حتى بلغت ذروتها الأسبوع الماضي بالهزيمة المذلة أمام الأرجنتين بأربعة أهداف، ومع أن الاتحاد البرازيلي حاول امتصاص غضب الشارع الرياضي في بلاده من خلال إقالة المدرب دوريفال جونيور، فإن طعم الخسارة أمام الجارة المزعجة الأرجنتين تحديداً يفوق مرارة العلقم بالنسبة للمشجع البرازيلي الذي عاش دهراً في الواجهة على حساب منتخب التانغو.

وتكاد جماهير كرة القدم في البرازيل تجمع على ضعف المدرسة التدريبية في البلاد، قياساً على نظيرتها الأوروبية الأكثر انتشاراً في الأندية والمنتخبات على مستوى العالم، ما جعل الاتحاد البرازيلي يفكر في تغيير قناعاته والالتفات عن المدرب المحلي للبحث عن بديل إيطالي أو برتغالي على نحو منتخبات عريقة مثل إنجلترا التي لم تجد حرجاً في الاستعانة بمدربين من السويد وإيطاليا، وأخيراً من ألمانيا، بعد سنوات طويلة فشل فيها أصحاب القبعات من الإنجليز في تحقيق ما يوازي سمعة كرة القدم في بلادهم.

ومع أن الاتحاد البرازيلي وصل إلى قناعة بضرورة البحث عن مدرب أوروبي، فإن هذا التوجه يجد مقاومة شعبية رسمية بلغت مرحلة عدم ترحيب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بفكرة التعاقد مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، بعدما أكد في تصريحات تليفزيونية أن كرة القدم في البلاد تعاني من تراجع مستوى اللاعبين في إشارة إلى أن المشكلة الأساسية لا تكمن بالمدربين بقدر غياب أصحاب المهارات وعدم توفر تشكيلة يمكنها المنافسة على كأس العالم، قبل أن يرشح مواطنه فرناندو دينيز لتدريب المنتخب بصفة رسمية بداعي قوة شخصيته وسيطرته على غرفة الملابس «كما يرى الرئيس».

وبعيداً عن قناعات الرئيس البرازيلي ونظرته الوطنية إلى مستقبل المدربين من أبناء جلدته، تبقى كرة القدم في بلاد السامبا غنية بالمواهب واللاعبين الأفذاذ بدليل ما يقدمه كثير من نجوم البرازيل في الأندية الأوروبية، بل إنهم شركاء في صناعة إنجازات الفرق الكبرى وقيادتها إلى منصات التتويج، وغالباً لا يتعرض هؤلاء إلى الانتقادات إلا حين يظهرون بقميص منتخب البرازيل، ما يبرهن عدم تأقلمهم مع طريقة المدربين من أبناء جلدتهم الذين ينتهجون أساليب تقليدية لا يمكن مقارنتها بما لدى مدربي أنديتهم في أوروبا، وهذا ربما قاد الاتحاد البرازيلي إلى الاعتراف داخلياً بأن أدوات المدرب المحلي لم تعد تناسب العصر ولا يمكن المراهنة عليها.

ويبدو أن العالم سيشهد قريباً وصول مدرب أوروبي لقيادة منتخب البرازيل، وتدشين مرحلة جديدة تتحرر فيها فرقة السامبا من قيود وقناعات مدرسة التدريب المحلية التي أصبحت خياراً غير مفضل للأندية والمنتخبات في العالم، خصوصاً وأن اللاعب البرازيلي المحترف في أوروبا لا يحتك مع المدرب المحلي إلا حين يرتدي قميص المنتخب خلال فترة محدودة، ولا يمكن مقارنة تأقلمه مع المدرسة الأوروبية بساعات معدودة يخضع فيها لسيطرة مدرب لا يملك من القدرات ما يؤهله للتدريب في أوروبا.



OSZAR »