الجزائر ومالي تنقلان خلافاتهما إلى مجلس الأمن بسبب أزمة «إسقاط درون»

القضية أثارت أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين وأوجدت تحالفاً ضد الجزائر

بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
TT

الجزائر ومالي تنقلان خلافاتهما إلى مجلس الأمن بسبب أزمة «إسقاط درون»

بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)

نقلت الجزائر ومالي رسمياً خلافاتهما حول «قضية تحطيم الطائرة المسيَّرة» إلى مجلس الأمن الدولي، بعد أن أثارت أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، وأوجدت تحالفاً بين «مجموعة دول الساحل» ضد الجزائر.

أحد الصواريخ الذي كانت تحمله «الدرون» المحطمة (وكالة الأنباء الأفريقية)

وأكدت «إذاعة فرنسا الدولية»، الخميس، «وفقاً لمعلومات حصلت عليها» أن الجزائر وباماكو «توجهتا كلٌّ من جانبه إلى مجلس الأمن الدولي، في سياق الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين» التي تفجَّرت بعد إسقاط الجيش الجزائري طائرة مسيَّرة مالية عند الحدود بين البلدين في ليل 31 مارس (آذار) الماضي إلى فاتح أبريل (نيسان) الحالي.

ولم يتسنَّ التأكد من صحة الخبر من مصادر جزائرية، في حين قال دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الجزائرية «عازمة على دحض ادعاءات الحكم العسكري في مالي بخصوص تحطيم الطائرة المسيَّرة فوق الأراضي المالية». مشددين على أن الجزائر «تملك كل الأدلة على ما أذاعته حول هذه القضية» في إشارة إلى أن «الدرون» المالية، وهي صناعة تركية، استهدفها سلاح الجو الجزائري، عندما اخترقت الأجواء الجزائرية بكيلومترين، وبأن تحركاتها في الحدود «كانت هجومية».

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير 2023 (الرئاسة الجزائرية)

وتطوّرت مظاهر المواجهة غير المسبوقة بين الجزائر وجيرانها في الساحل، خلال الأيام الأخيرة، باستدعاء السفراء، وتبادل إغلاق الأجواء أمام الطيران، واتهامات حادة بين الطرفين من خلال بيانات رسمية، وتصاعد في الخطاب وصل إلى التهديد.

وكانت مالي أولاً، ثم النيجر وبوركينا فاسو لاحقاً (الثلاثة يُشكلون مجموعة دول الساحل)، أعلنوا في بيانين منفصلين عزمهم على إيداع شكوى لدى الهيئات الدولية ضد الجزائر، واصفين إسقاط الطائرة بأنه «عمل عدواني» ومتهمين الجزائر بـ«التحريض على الإرهاب في المنطقة».

رئيسا أركان الجيشين الجزائري والنيجري في لقاء سنة 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)

ومن النتائج المباشرة لهذا الخلاف، إعلان باماكو انسحابها من «لجنة أركان العمليات المشتركة» التي يوجد مقرها بجنوب الجزائر، وتضم البلدين، إلى جانب النيجر وموريتانيا. وقد جرى إطلاق هذه الآلية عام 2010 من طرق قادة جيوش البلدان الأربعة، في إطار جهود مشتركة لمكافحة الإرهاب، وكل أشكال الإجرام المنتشر بكثرة بالمنطقة.

وأفادت «إذاعة فرنسا الدولية» بأن رسالتي مالي والجزائر إلى مجلس الأمن الدولي «تتضمنان بياناتهما الحكومية المتعلقة بحادثة تدمير الطائرة المسيّرة، دون تقديم شكوى رسمية بالمعنى القانوني، وتُعرف مواقف الطرفين في هذا الملف كالتالي: مالي تُدين ما تعده عملاً عدائياً، وتتّهم الجزائر بدعم الإرهاب، في حين الجزائر تشجب انتهاك مجالها الجوي، وتتهم السلطات الانتقالية في مالي باتباع استراتيجية كاذبة».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

ووفق الإذاعة الفرنسية، فرغم إعلان باماكو مساء الأحد الماضي نيتها تقديم «شكوى» إلى «الهيئات الدولية» بشأن «أعمال عدوانية» فإن اللجوء إلى مجلس الأمن لا يُشكل، حسبها، شكوى قانونية رسمية، «بل هو مجرد نقل لمستندات دون طلب إجراءات معينة».

ونقلت الإذاعة عن «مصدر دبلوماسي في مجلس الأمن» أنه «لا مالي ولا الجزائر طلبتا عقد اجتماع حول الموضوع، ومن ثم فإن هذه الرسائل لا تستدعي إجراءً معيناً من المجلس». وعدَّ المصدر ذاته رئاسة فرنسا لمجلس الأمن هذا الشهر «مصادفة طريفة»، مشيراً إلى أن الجزائر تشغل كذلك مقعداً غير دائم في المجلس خلال شهر أبريل الحالي، وأضاف: «لست متأكداً أن البلدين يريدان مناقشة المسألة تحت رئاسة فرنسية».

ويُوضح خبير قانوني متخصص في بروتوكولات الأمم المتحدة، وفق ما نقلته الإذاعة، أن توجيه رسائل إلى مجلس الأمن من قبل دولة تتعلق بنزاع مع دولة أخرى «يُعد أمراً شائعاً جداً، إذ تلجأ الدول إلى إبلاغ المجلس عندما ترى أن دولة أخرى قامت بعمل يُهدد السلم والأمن الدوليين في مواجهتها».

قادة جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا في اجتماع بالجزائر عام 2023 (الدفاع الجزائرية)

وحسب الخبير نفسه، فإن ذلك يهدف إلى إثارة النقاش بين أعضاء المجلس، سواء بشكل غير رسمي أو في جلسة رسمية. ويقول هذا الخبير في هذا السياق: «من الناحية القانونية، يُعد ذلك وسيلة لإعلان الرفض، وتحضير إجراءات انتقامية محتملة». لكن اللافت هو أنه لا الجزائر ولا مالي بادرتا علناً إلى هذه الخطوة حتى الآن.

وهاجمت الجزائر، الأحد الماضي، عن طريق وزارة خارجيتها، بشدة مالي و«مجموعة رؤساء دول اتحاد الساحل» إثر إعلان هذه الدول رفع شكوى لدى هيئات دولية، بزعم «تعرضها لاعتداءات من طرف الجزائر». وأكدت أنها أسقطت «درون مالي» بسبب «انتهاكها المجال الجوي الجزائري مرات كثيرة». وتحدثت عن طائرة مسيَّرة مقاتلة «قامت بمناورة عدائية صريحة ومباشرة». كما عبَّرت عن «أسفها الشديد للانحياز غير المدروس لكل من النيجر وبوركينا فاسو للحجج الواهية، التي ساقتها مالي» بخصوص اتهامها بـ«نشر الإرهاب في المنطقة».

ويعود خبير أمني جزائري، طلب عدم نشر اسمه، إلى أحداث تفسر في اعتقاده الانزلاق الذي تعرفه علاقات الجزائر بجيرانها في الساحل، خصوصاً مالي. فقد ظهرت بوادر الخلاف، حسبه، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عندما هاجمت وحدة عسكرية مالية بدعم فني من مجموعات «فاغنر» الروسية، موقع تنظيم «أزواد» المالي المعارض بكيدال شمال البلاد، وتم الاستيلاء عليه. وعلى أثرها تحرك المسلحون المعارضون إلى مدينة حدودية من جهة الجزائر، بغرض إعادة ترتيب قوتهم، الأمر الذي أثار حفيظة الحكام العسكريين في باماكو، الذين باتت الجزائر في أعينهم «حاضنة لخصومهم الذين يصفونهم بالإرهابيين» وفق تعبير الخبير الأمني، الذي أشار أيضاً إلى أن «أكبر معارض لمجموعة العساكر الحاكمين لاجئ بالجزائر حالياً، وهو شيخ الدين محمود ديكو».

من جانبها، دعت «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس)»، في بيان الأربعاء، مالي والجزائر إلى الحوار. وأعربت المنظمة عن «قلقها» إزاء تدهور العلاقات بين البلدين، ودعتهما إلى «تهدئة التوتر، واللجوء إلى الآليات الإقليمية والقارية» من أجل تسوية خلافهما.



معارضون مصريون يرفضون إجراء انتخابات البرلمان بنظام «القائمة المغلقة»

مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
TT

معارضون مصريون يرفضون إجراء انتخابات البرلمان بنظام «القائمة المغلقة»

مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)

جدد معارضون مصريون رفضهم إجراء انتخابات البرلمان المقبلة بنظام «القائمة المغلقة»، تزامناً مع تعديل بعض أحكام قانون «مجلس الشيوخ».

وشهدت الأيام الماضية جدلاً سياسياً في مصر، عقب الإعلان عن تعديلات تشريعية يناقشها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) تتعلق بإعادة تقسيم بعض الدوائر الانتخابية دون التطرق إلى النظام الانتخابي، وهو ما قوبل برفض وانتقادات من معارضين وأحزاب سياسية عدة.

ووافق مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، نهائياً، خلال جلسته العامة، السبت، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، والمحال من مجلس النواب والمقدم من النائب عبد الهادي القصبي، وأكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب. وأكدت «اللجنة المختصة» في تقريرها، أن مشروع القانون يستهدف تحقيق توازن في عملية التمثيل النيابي، في ظل الزيادة السكانية التي شهدتها البلاد والتوسع في جداول قيد الناخبين، موضحة أن التساوي بين أعداد الناخبين الذين يُمثلهم النائب في كل دائرة لا يُشترط أن يكون تساوياً حسابيًّا مطلقاً، وإنما يكفي أن تكون الفروق في حدود المعقول مقارنة بالمتوسط العام على مستوى الجمهورية.

وأضافت «اللجنة» بحسب ما أوردت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، أن «عدالة تمثيل المحافظات تقتضي أن تمثل جميع محافظات الدولة في مجلس الشيوخ، بصرف النظر عن عدد سكانها، تحقيقاً لمبدأ الشمولية والعدالة في التمثيل النيابي».

جانب من جلسة مجلس الشيوخ السبت (وزارة الشؤون النيابية)

وتقضي نصوص الدستور المصري، المعمول به منذ عام 2014، بإجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه قبل 60 يوماً من انتهاء مدة ولايته، وهو ما يعني الدعوة لانتخابات «مجلس الشيوخ» في أغسطس (آب) المقبل، يلي ذلك إجراء انتخابات مجلس النواب في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»، بما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

وكانت «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، قد وافقت نهائياً، الخميس الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب.

وجدد معارضون مصريون وأحزاب سياسية رفضهم إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الحالي (القائمة المغلقة المطلقة)، مطالبين بتطبيق نظام «القائمة النسبية». وأعلنت أحزاب «المصري الديمقراطي الاجتماعي، والإصلاح والتنمية، وحزب العدل»، عن قلقها من عدم تطرق التعديلات التي يناقشها مجلس النواب إلى النظام الانتخابي، مؤكدة رفضها إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام «القائمة المطلقة المغلقة».

وذكرت الأحزاب الثلاثة في بيان مشترك، السبت، أن «مشروع القانون المقترح بشأن تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، والذي يعيد طرح نظام القوائم المغلقة المطلقة، أثبت أنه يقوض الحياة الحزبية ويقضي على التنوع السياسي ويفرغ العمل البرلماني من مضمونه الحقيقي»، وأكدت أن «نظام القوائم المغلقة المطلقة» يتعارض بشكل واضح مع المبادئ الديمقراطية السليمة، وعلى رأسها مبدأ التعددية، ويفرض واقعاً انتخابياً يهدر أصوات الناخبين، ويمنع تمثيل قطاعات واسعة من الشعب، ويؤدي في النهاية إلى إقرار برلمان غير سياسي.

جانب من اجتماع «اللجنة التشريعية والدستورية» بمجلس النواب الخميس الماضي خلال مناقشة تعديلات تقسيم الدوائر الانتخابية (مجلس النواب)

نائب رئيس «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، عضو مجلس الشيوخ، محمود سامي، يرى أن «إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة المطلقة المغلقة يعيد إنتاج برلمان لن يتخلف عن البرلمان الحالي». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم تعديل النظام الانتخابي يؤدي إلى استمرار تجميد الحياة السياسية، لذلك ما زلنا نطالب بتطبيق نظام القائمة النسبية التي تضمن تمثيلاً برلمانياً أكثر عدالة». وأضاف: «أعلنت، السبت، خلال الجلسة العامة بمجلس الشيوخ رفض حزبي للتعديلات المقترحة»، مؤكداً «ضرورة تعديل النظام الانتخابي إلى القائمة النسبية»، لافتاً إلى أن «حزبه يعتزم إعلان رفضه للتعديلات خلال الجلسة العامة بمجلس النواب، الأحد».

وتعقد «الحركة المدنية الديمقراطية»، وهي تجمع معارض يضم عدداً من الأحزاب والشخصيات العامة، مؤتمراً صحافياً، مساء الاثنين المقبل، عقب اجتماع لمجلس الأمناء يناقش موقف الحركة من الانتخابات النيابية المقبلة والقوانين المنظمة لها. وكانت الحركة، قد انتقدت، الأربعاء الماضي، عدم تطرق التعديلات التي يناقشها البرلمان إلى النظام الانتخابي، واقتصارها على تقسيم الدوائر، معتبرة، وفق بيان صحافي حينها، أن الإبقاء على النظام الانتخابي الحالي، يمثل «إهداراً لأصوات الناخبين وحرمانهم من حق التمثيل البرلماني».

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)

مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور أيمن عبد الوهاب، قال إن «الجدل حول النظام الانتخابي ممتد تاريخياً في مصر وكثير من دول العالم، ويطرح أسئلة كبرى حول مشكلة التمثيل النيابي». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «اختيار النظام الانتخابي الأمثل يجب أن يأتي متوافقاً مع الحالة السياسية في أي بلد».

وفي رأي عبد الوهاب، «يطرح الجدل القائم في مصر بشأن النظام الانتخابي الأمثل، تساؤلات حول ضمان التمثيل العادل لكل القوى المجتمعية، وهي إشكالية تواجه معظم الدول، كما يطرح تساؤلات تتعلق بفكرة الوزن السياسي للأحزاب المصرية وقدرتها على التأثير والحشد»، فالذين يعتقدون أن لديهم قدرة على التفاعل السياسي والتأثير في الناخبين يحبذون «القائمة المغلقة»، في حين أن الأحزاب التي لا تمتلك هذا التأثير يطالبون بـ«القائمة النسبية».

في غضون ذلك، أكدت وكيلة مجلس الشيوخ، النائبة فيبي فوزي، السبت، أهمية مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ، حيث يضمن أن تكون كل فئات المجتمع ممثلة، بما يعكس التوزيع السكاني والجغرافي والثقافي لجميع أقاليم الدولة. وأشارت في تصريحات إلى أن «التمثيل العادل للسكان والمحافظات يعد إحدى الركائز الأساسية لأي نظام انتخابي ديمقراطي، لا سيما في مجلس الشيوخ، والمجالس النيابية بصفة عامة». وأوضحت أن «التعديل المطروح يهدف إلى تحقيق تمثيل نسبي عادل للسكان بقدر الإمكان، وهو في ذلك يعتمد نسبة تفاوت لا تتجاوز 25 في المائة زيادة أو نقصاناً لضمان التوازن».

OSZAR »