معارضون مصريون يرفضون إجراء انتخابات البرلمان بنظام «القائمة المغلقة»

تزامناً مع تعديل بعض أحكام قانون «مجلس الشيوخ»

مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
TT

معارضون مصريون يرفضون إجراء انتخابات البرلمان بنظام «القائمة المغلقة»

مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة السبت (وزارة الشؤون النيابية)

جدد معارضون مصريون رفضهم إجراء انتخابات البرلمان المقبلة بنظام «القائمة المغلقة»، تزامناً مع تعديل بعض أحكام قانون «مجلس الشيوخ».

وشهدت الأيام الماضية جدلاً سياسياً في مصر، عقب الإعلان عن تعديلات تشريعية يناقشها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) تتعلق بإعادة تقسيم بعض الدوائر الانتخابية دون التطرق إلى النظام الانتخابي، وهو ما قوبل برفض وانتقادات من معارضين وأحزاب سياسية عدة.

ووافق مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، نهائياً، خلال جلسته العامة، السبت، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، والمحال من مجلس النواب والمقدم من النائب عبد الهادي القصبي، وأكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب. وأكدت «اللجنة المختصة» في تقريرها، أن مشروع القانون يستهدف تحقيق توازن في عملية التمثيل النيابي، في ظل الزيادة السكانية التي شهدتها البلاد والتوسع في جداول قيد الناخبين، موضحة أن التساوي بين أعداد الناخبين الذين يُمثلهم النائب في كل دائرة لا يُشترط أن يكون تساوياً حسابيًّا مطلقاً، وإنما يكفي أن تكون الفروق في حدود المعقول مقارنة بالمتوسط العام على مستوى الجمهورية.

وأضافت «اللجنة» بحسب ما أوردت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، أن «عدالة تمثيل المحافظات تقتضي أن تمثل جميع محافظات الدولة في مجلس الشيوخ، بصرف النظر عن عدد سكانها، تحقيقاً لمبدأ الشمولية والعدالة في التمثيل النيابي».

جانب من جلسة مجلس الشيوخ السبت (وزارة الشؤون النيابية)

وتقضي نصوص الدستور المصري، المعمول به منذ عام 2014، بإجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه قبل 60 يوماً من انتهاء مدة ولايته، وهو ما يعني الدعوة لانتخابات «مجلس الشيوخ» في أغسطس (آب) المقبل، يلي ذلك إجراء انتخابات مجلس النواب في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»، بما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

وكانت «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، قد وافقت نهائياً، الخميس الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب.

وجدد معارضون مصريون وأحزاب سياسية رفضهم إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الحالي (القائمة المغلقة المطلقة)، مطالبين بتطبيق نظام «القائمة النسبية». وأعلنت أحزاب «المصري الديمقراطي الاجتماعي، والإصلاح والتنمية، وحزب العدل»، عن قلقها من عدم تطرق التعديلات التي يناقشها مجلس النواب إلى النظام الانتخابي، مؤكدة رفضها إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام «القائمة المطلقة المغلقة».

وذكرت الأحزاب الثلاثة في بيان مشترك، السبت، أن «مشروع القانون المقترح بشأن تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، والذي يعيد طرح نظام القوائم المغلقة المطلقة، أثبت أنه يقوض الحياة الحزبية ويقضي على التنوع السياسي ويفرغ العمل البرلماني من مضمونه الحقيقي»، وأكدت أن «نظام القوائم المغلقة المطلقة» يتعارض بشكل واضح مع المبادئ الديمقراطية السليمة، وعلى رأسها مبدأ التعددية، ويفرض واقعاً انتخابياً يهدر أصوات الناخبين، ويمنع تمثيل قطاعات واسعة من الشعب، ويؤدي في النهاية إلى إقرار برلمان غير سياسي.

جانب من اجتماع «اللجنة التشريعية والدستورية» بمجلس النواب الخميس الماضي خلال مناقشة تعديلات تقسيم الدوائر الانتخابية (مجلس النواب)

نائب رئيس «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، عضو مجلس الشيوخ، محمود سامي، يرى أن «إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة المطلقة المغلقة يعيد إنتاج برلمان لن يتخلف عن البرلمان الحالي». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم تعديل النظام الانتخابي يؤدي إلى استمرار تجميد الحياة السياسية، لذلك ما زلنا نطالب بتطبيق نظام القائمة النسبية التي تضمن تمثيلاً برلمانياً أكثر عدالة». وأضاف: «أعلنت، السبت، خلال الجلسة العامة بمجلس الشيوخ رفض حزبي للتعديلات المقترحة»، مؤكداً «ضرورة تعديل النظام الانتخابي إلى القائمة النسبية»، لافتاً إلى أن «حزبه يعتزم إعلان رفضه للتعديلات خلال الجلسة العامة بمجلس النواب، الأحد».

وتعقد «الحركة المدنية الديمقراطية»، وهي تجمع معارض يضم عدداً من الأحزاب والشخصيات العامة، مؤتمراً صحافياً، مساء الاثنين المقبل، عقب اجتماع لمجلس الأمناء يناقش موقف الحركة من الانتخابات النيابية المقبلة والقوانين المنظمة لها. وكانت الحركة، قد انتقدت، الأربعاء الماضي، عدم تطرق التعديلات التي يناقشها البرلمان إلى النظام الانتخابي، واقتصارها على تقسيم الدوائر، معتبرة، وفق بيان صحافي حينها، أن الإبقاء على النظام الانتخابي الحالي، يمثل «إهداراً لأصوات الناخبين وحرمانهم من حق التمثيل البرلماني».

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)

مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور أيمن عبد الوهاب، قال إن «الجدل حول النظام الانتخابي ممتد تاريخياً في مصر وكثير من دول العالم، ويطرح أسئلة كبرى حول مشكلة التمثيل النيابي». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «اختيار النظام الانتخابي الأمثل يجب أن يأتي متوافقاً مع الحالة السياسية في أي بلد».

وفي رأي عبد الوهاب، «يطرح الجدل القائم في مصر بشأن النظام الانتخابي الأمثل، تساؤلات حول ضمان التمثيل العادل لكل القوى المجتمعية، وهي إشكالية تواجه معظم الدول، كما يطرح تساؤلات تتعلق بفكرة الوزن السياسي للأحزاب المصرية وقدرتها على التأثير والحشد»، فالذين يعتقدون أن لديهم قدرة على التفاعل السياسي والتأثير في الناخبين يحبذون «القائمة المغلقة»، في حين أن الأحزاب التي لا تمتلك هذا التأثير يطالبون بـ«القائمة النسبية».

في غضون ذلك، أكدت وكيلة مجلس الشيوخ، النائبة فيبي فوزي، السبت، أهمية مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ، حيث يضمن أن تكون كل فئات المجتمع ممثلة، بما يعكس التوزيع السكاني والجغرافي والثقافي لجميع أقاليم الدولة. وأشارت في تصريحات إلى أن «التمثيل العادل للسكان والمحافظات يعد إحدى الركائز الأساسية لأي نظام انتخابي ديمقراطي، لا سيما في مجلس الشيوخ، والمجالس النيابية بصفة عامة». وأوضحت أن «التعديل المطروح يهدف إلى تحقيق تمثيل نسبي عادل للسكان بقدر الإمكان، وهو في ذلك يعتمد نسبة تفاوت لا تتجاوز 25 في المائة زيادة أو نقصاناً لضمان التوازن».


مقالات ذات صلة

مصر: «تحسن ملحوظ» في مؤشرات تنظيم الأسرة

شمال افريقيا نائب رئيس الوزراء وزير الصحة المصري د.خالد عبدالغفار في إحدى حضَّانات الأطفال (وزارة الصحة والسكان)

مصر: «تحسن ملحوظ» في مؤشرات تنظيم الأسرة

أظهر تقرير مصري حكومي «تحسناً ملحوظاً» في مؤشرات تنظيم الأسرة في مصر، مشيراً إلى انخفاض متوسط عدد الأطفال لكل سيدة.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي وبن زايد أكدا أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)

تشديد مصري-إماراتي على «حل الدولتين» ونفاذ المساعدات لغزة

شددت مصر والإمارات على «ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد نحو سلام دائم واستقرار شامل في الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الخليج رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وهو يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المطار الرئاسي في أبوظبي (أ.ف.ب)

محمد بن زايد والسيسي يبحثان التعاون الثنائي وتطورات الأوضاع في غزة

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يقوم بزيارة إلى الإمارات، سبل تعزيز التعاون الثنائي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا إقبال جماهيري لافت على شراء اللحوم من المنافذ الحكومية قبل عيد الأضحى (الشرق الأوسط)

مصريون يعوّلون على المنافذ الحكومية لتأمين «لحوم الأضحى»

أمام منفذ «أمان» لبيع اللحوم في ميدان الدقي، اصطف العشرات من المواطنين في طوابير متوازية لشراء احتياجاتهم استعداداً لاستقبال «عيد الأضحى».

رحاب عليوة (القاهرة)
رياضة عالمية جانب من تدريبات الفريق قبل النهائي المصري (نادي الزمالك)

نهائي كأس مصر: أحلام متناقضة بين الزمالك وبيراميدز

يدخل الزمالك وبيراميدز المباراة النهائية لكأس مصر في كرة القدم، الخميس، على استاد القاهرة الدولي بأحلام متناقضة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيا المنقسمة تتلمس مستقبلها بصعوبة

قوات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس (رويترز)
TT

ليبيا المنقسمة تتلمس مستقبلها بصعوبة

قوات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس (رويترز)

فارت ليبيا في أعقاب إطاحة نظام العقيد الراحل معمر القذافي، مثل بركان، وباتت متشظيةً تشبه الفسيفساء. وبعد 14 عاماً، تتلمس البلاد المقسمة مستقبلها بصعوبة في ظل خريطة نفوذ وتحكم تتحرك وفق تحولات عسكرية وأمنية وسياسية في عموم البلاد.

وفي ظلال جبهتين، إحداهما في شرق ليبيا يقودها المشير خليفة حفتر، وأخرى في غربها حيث حكومة عبد الحميد الدبيبة، انخرط كل فصيل في تحقيق غايته، وسعى إلى تفعيل أجندته، مستنداً إلى دعم خارجي. ورافقت ذلك فوضى أمنية تقاطعت فيها الأجندات وتباينت الغايات، فانقسمت البلاد بين مشروعين أحدهما يسعى إلى تأسيس نظام عسكري، لكنه يواجه اتهامات بـ«عسكرة ليبيا»، وثانيهما ذاب في الميليشيات وذابت فيه.

ومن بنغازي إلى طرابلس، مروراً بمدن الجنوب، تراوح الأزمة مكانها، بعد أن جالت في عواصم عدة؛ بحثاً عن حل. والحاصل أن الأطراف كافة، تتشبث بالسلطة، وتُعزِّز تموضعها، وتُبقي أصابعها على زناد البندقية، راسمةً خريطة لنفوذها ولو مؤقتاً... فإلى أي مدى تمتد هذه السيطرة؟ ومَن يحكم ماذا؟

OSZAR »