قضية قتل ظلت 23 عاماً دون حل... هكذا عثرت الشرطة على المتهم

صورة نشرتها شرطة مقاطعة مونتغومري ليوجين غليغور فور إلقاء القبض عليه في عام 2024
صورة نشرتها شرطة مقاطعة مونتغومري ليوجين غليغور فور إلقاء القبض عليه في عام 2024
TT

قضية قتل ظلت 23 عاماً دون حل... هكذا عثرت الشرطة على المتهم

صورة نشرتها شرطة مقاطعة مونتغومري ليوجين غليغور فور إلقاء القبض عليه في عام 2024
صورة نشرتها شرطة مقاطعة مونتغومري ليوجين غليغور فور إلقاء القبض عليه في عام 2024

بعد 23 عاماً من الغموض والحيرة بشأن هوية مرتكب جريمة قتل سيدة أميركية، تمكَّنت الشرطة من العثور على المتهم، وذلك باستخدام حيلة اعتمدت في الأساس على حمضه النووي.

بداية الواقعة

بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، يعود تاريخ الواقعة إلى 2 مايو (أيار) 2001، عندما اكتشف المحققون مقتل سيدة تدعى ليزلي برير داخل منزلها في منطقة تشيفي تشيس بولاية ماريلاند.

ففي صباح ذلك اليوم، لم تحضر برير إلى عملها في شركة إنتاج إعلانات، وشعرت إحدى زميلاتها بالقلق عليها واتصلت بعائلتها. وبعد ذلك، ذهب زوج برير، كارل، الذي كان قد غادر إلى عمله نحو الساعة 7:30 صباحاً، مع زميلتها إلى المنزل، الذي وجداه في حالة من الفوضى، حيث تحرَّكت السجادة من مكانها وكانت هناك طاولة مقلوبة، فضلاً عن وجود آثار دماء جافة.

ونادى كارل على زوجته، وبحث عنها في أرجاء المنزل، ليجد جثتها داخل حمام في الطابق العلوي.

صورة نشرتها شرطة مقاطعة مونتغومري للضحية ليزلي برير

تم استدعاء الشرطة. وخلصت التحقيقات ونتائج تشريح الجثة في النهاية إلى أنه بينما كانت برير بمفردها، دخل شخص ما إلى المنزل وهاجمها في الردهة الأمامية، وخنقها وضرب رأسها بالأرض، قبل أن يحمل جثتها إلى الطابق العلوي، ويتركها داخل الحمام ويختفي.

وجمع محققو الطب الشرعي عينات دم من المنزل، ووجدوا الحمض النووي لرجل مجهول.

وظلت هوية القاتل مجهولة لمدة 23 عاماً.

كيف توصَّلت الشرطة للقاتل؟

قبل عامين، وفي أثناء تكليفها بالتحقيق في القضية، خلصت المحققة تارا أوغستين إلى أن «جميع أساليب التحقيق المعقولة قد استُنفدت» باستثناء التقنية الجديدة نسبياً التي تُحلل عينات الحمض النووي وتقارنها بالعينات التي يُقدمها الأشخاص لشركات أبحاث الأنساب.

ولا تقود هذه التقنية مباشرةً إلى المشتبه به، بل تُرشد المحققين إلى أقاربه الذين يتشاركون معه بعض العلامات الجينية.

وباستخدام هذا البحث، ووفقاً لملفات المحكمة، وجد المحققون ارتباطاً بين الحمض النووي الموجود في مسرح الجريمة، وذلك الخاص بعائلة تدعى «غليغور».

ولاحقاً، وفي أثناء البحث في ملفات القضايا القديمة، عثرت أوغستين على بلاغ مُقدم عام 2002 ضد شخص يدعى يوجين غليغور (45 عاماً)، وذلك من جار سابق له قال إنه «اعتقد أنه قد يكون على صلة بجريمة قتل ليزلي برير».

لم يتضح قط مدى تدقيق المحققين في هذا البلاغ عام 2002. لكن أوغستين كانت فضولية بلا شك بشأن هذا الأمر، خصوصاً بعد نتائج الحمض النووي.

وقرَّرت المحققة القيام بخدعة لجمع الحمض النووي لغليغور. فبعد أن علمت أن المشتبه به كان عائداً من لندن في 9 يونيو (حزيران) 2024، استعانت أوغستين بضابط جمارك أميركي لإقناع غليغور بضرورة الذهاب إلى غرفة لإجراء «فحص ثانوي» ظاهرياً.

وأعطى ضابط الجمارك زجاجة ماء لغليغور، الذي ابتلع الطُعم وشربها قبل أن يضعها جانباً ويغادر.

ودخل المحققون بعد ذلك بوقت قصير ووضعوا الأدلة في كيس. وأكدت الفحوص لاحقاً تطابق العينة مع الحمض النووي الموجود في منزل برير وتحت أظافرها.

وفي 18 يونيو 2024، أُلقي القبض على غليغور من شقته في واشنطن.

الإقرار بالذنب

عندما ضيَّق المحققون الخناق على غليغور، الذي كان يواعد ابنة برير في التسعينات، واتهموه بالقتل من الدرجة الأولى. قدَّم محاموه دفاعاً قوياً، وقدموا طلبات لاستبعاد أدلة رئيسية من القضية.

وكان من المقرر أن تُعقَد جلسة قضائية في أغسطس (آب) ليرى القاضي فيما إذا كان سيتم رفض نتائج فحص الحمض النووي دليلاً في القضية، حيث قال محامو غليغور إن عينات الحمض النووي الخاصة به تم جمعها بشكل غير قانوني، ومن ثم ينبغي ألا يتم الأخذ بها دليلاً في القضية.

لكن، بدلاً من ذلك، توصَّل غليغور ومحاموه، أمس (الأربعاء)، إلى اتفاق مع الادعاء العام في مونتغومري، بإقراره بالذنب في تهمة أقل خطورة، وهي القتل من الدرجة الثانية، التي قد يواجه غليغور على أساسها عقوبةً قصوى بالسجن لمدة 30 عاماً، مقارنةً بالسجن المؤبد المحتمل في تهمة القتل من الدرجة الأولى.

وحُدّد موعد النطق بالحكم في 28 أغسطس.

شخص ودود واجتماعي

الأمر المثير للدهشة هو أن غليغور كان يحظى بحب واحترام زملائه وأصدقاءه جميعاً خلال السنوات الماضية.

وقد شغل منصب مدير حسابات لشركة وطنية تعمل في مجال المراقبة بالفيديو في العقارات التجارية. وكان ودوداً واجتماعياً مع أصدقائه، وكان يبدو مهتماً بالأخلاقيات وقيم تطوير الذات، وكان يعيش في منطقة يو ستريت العصرية بواشنطن.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق مسلسل «طريق» (شركة الصبّاح)

ميثاق دعم المرأة في صناعة الدراما اللبنانية... خطوة رائدة نحو بيئات عمل آمنة

تهدف المبادرة إلى خلق بيئات عمل آمنة ومحترمة للنساء العاملات في مجالات السينما والتلفزيون، من خلال ميثاقية ملزمة وتوفير الدعم القانوني والتدريبي لهنَّ.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق نماذج وحفريات ديناصورات في متحف أونتاريو الملكي بتورنتو كندا (غيتي)

لغز مقبرة الديناصورات الجماعية في «نهر الموت» بكندا

تشير الأدلة إلى أن موت هذه الديناصورات كان بسبب فيضان مفاجئ نجم عن عاصفة هائلة جرفت القطيع بالكامل.

«الشرق الأوسط» (ألبرتا)
يوميات الشرق سيارة أجرة روبوتية في معرض شنغهاي الدولي للسيارات عام 2025 (غيتي)

رحلة بلا سائق... «أوبر» ستُطلق سيارات الأجرة الروبوتية في بريطانيا عام 2027

أعلنت شركة «أوبر» استعدادها لتشغيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة داخل بريطانيا، غير أن الحكومة أجّلت الموعد للموافقة على انطلاق المركبات الذاتية القيادة بالكامل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المرحاض المسروق (أ.ف.ب)

السجن مع وقف التنفيذ لرجل شارك في سرقة مرحاض ذهبي قيمته 6 ملايين دولار

أصدرت محكمة في مدينة أكسفورد البريطانية حُكماً «مع وقف التنفيذ» على «وسيط» متورط في سرقة مرحاض ذهبي بقيمة نحو 6 ملايين دولار سُرق من معرض فني في قصر بلاينهايم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الشاي... تفضّله مالحاً أو بالجبنة أو أزرق اللون؟

الشاي... تفضّله مالحاً أو بالجبنة أو أزرق اللون؟
TT

الشاي... تفضّله مالحاً أو بالجبنة أو أزرق اللون؟

الشاي... تفضّله مالحاً أو بالجبنة أو أزرق اللون؟

مرّت 5 آلاف سنة على أول جلسة شاي في الصين القديمة، لكنّ الموعد ما زال يتجدّد يومياً انطلاقاً من بكين، مروراً بالقاهرة، وصولاً إلى لندن، وما بين تلك العواصم من محطّاتٍ تفرّدت في إنتاج الشاي وتقديمه.

وإذا كانت الصين بلد المنشأ والانطلاقة، فمن البديهيّ أن تكثر فيها الغرائب المرتبطة بثقافة الشاي. لا يتساهل الصينيون في صناعته ويقضي التقليد القديم بأن يُحضّر بمهارة، ما يعرف بالـ«كونغ فو تشا». ويتطلّب ذلك استخدام أوراق الشاي وتقديم المشروب في الأواني الصينيّة التقليدية. هذه ثقافة متوارثة منذ أجيال، لا سيّما في جبال فينغ هوانغ، حيث يبلغ عمر بعض نبتات شاي «أولونغ» أو «التنّين الأسود» 700 عام.

كيلو شاي بـ1.5 مليون دولار

الشاي ذهبُ الصين، وقد يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى مليون و400 ألف دولار. ففي عام 2002، ووفق خبر نشرته شبكة «بي بي سي» آنذاك، اشترى رجلٌ ثريّ 20 غراماً من شاي «دا هونغ باو» الأسطوري مقابل 28 ألف دولار. وفي عملية حسابية بسيطة، يتبيّن أن الكيلوغرام الواحد يتجاوز المليون.

نظراً لندرته، يباع شاي «دا هونغ»، وهو من فصيلة الأولونغ الأسود، في المزادات العلنيّة حيث يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد 30 ألف دولار.

شاي دا هونغ باو الصيني الأغلى في العالم (إنستغرام)

حروب من أجل الشاي

أمران يمنحان الشاي الصيني فرادته: الأقدميّة أولاً، وتقنيات التعتيق ثانياً. في ولاية يونان جنوب غربي الصين، يتجاوز عمر أشجار شاي «بويريه» الألف عام. ووفق الخبراء، فإنّ هذا النوع هو أقدم وأنقى شاي متوفّر حالياً حول العالم. أما سعر الكيلوغرام الواحد من أوراقه المعتّقة والمخمّرة فيصل أحياناً إلى 10 آلاف دولار. لا غرابة بالتالي في أن تكون قد خيضت حروب وجُمعت ثروات بسببه، وفق تاريخ الصين القديم.

شاي بويريه المخمّر والمعتّق من الأصناف النادرة جداً (ويكيبيديا)

شاي الباندا والحشرات

لا تتوقف غرائب الشاي الصيني عند حدود أسعاره الخياليّة، بل يبلغ الذهول ذروته عند الاطّلاع على بعض مصادره. من بين تلك الأصناف مثلاً، «باندا دونغ»، وهو شاي أخضر يُستخدم في زراعته براز دب الباندا كسمادٍ طبيعي. لا يؤثّر ذلك بشيء على سعره، بل على العكس، إذ يبلغ الكيلوغرام الواحد منه 70 ألف دولار!

ليس دب الباندا وحده من بين الحيوانات المشاركة في صناعة الشاي الصيني، فللحشرات دورٌ محوَريّ كذلك. ويُعدّ «شاي الحشرات» من بين الأغلى في العالم، نظراً للتقنيّات الفريدة والدقيقة التي تُعتمد في تصنيعه. وفي التفاصيل، فإنّ الحشرات النادرة المستخدمة تُغذّى بأوراق نبتة الشاي ثم يُجمع برازها ويُحوّل إلى أكياس من الشاي. أما المنافع الصحية لهذا الصنف فكثيرة جداً، من بينها خفض نسبة السكّري والدهون وضغط الدم.

نكهات تايوانيّة غريبة

لم تصدّر الصين أوراق الشاي فحسب إلى الدول المجاورة، بل أرسلت معها مزيداً من الغرائب. ففي تايوان على سبيل المثال، تفرّغ خبراء الشاي لابتكار نكهاتٍ غير متوقّعة.

«نايغاي تشا» أو الشاي بالجبنة! هو مزيج من الشاي المثلّج بنكهات الفاكهة والمغطّى بطبقة كثيفة من الجبنة المخفوقة والمملّحة. وقد تخطّت هذه الموضة حدود تايوان فعادت إلى بلد المنشأ أي الصين، كما انتقلت إلى الولايات المتحدة، وأستراليا، وبريطانيا.

الشاي بالجبنة صناعة تايوانيّة انتشرت عالمياً (إنستغرام)

ومن بين أصناف الشاي التايواني التي غزت العالم، «بوبا» أو شاي الفقّاعات. ابتُكر عام 1980 وهو مزيج من الشاي والحليب وعصير الفاكهة، أما المكوّن الخارج عن المألوف فيه فكُريات التابيوكا.

«بوبا» أو شاي الفقّاعات المكوّن من الشاي والحليب وعصير الفاكهة والتابيوكا (إنستغرام)

شاي بزبدة الياك

يفوق عدد أصناف الشاي الـ3000 حول العالم، لكن من بينها ما يتميّز فعلاً بفرادته. وليست الجبنة والتابيوكا النكهات الغريبة الوحيدة في عالم الشاي، ففي أعالي جبال التيبت يتناولونه ممزوجاً بالزبدة، وهو يُعرف بالـ«بو تشا».

دخل الشاي إلى تلك المنطقة الشاهقة والمثلجة في القرن العاشر. لكنّ النبتة السوداء لم تكن كافية بالنسبة للسكّان الأصليين، الذين أضافوا الزبدة الحيوانيّة والملح إلى الشاي الأسود. ولم يحصل ذلك بهدف ابتكار سلعةٍ تجاريّة، إنما لتحويل الشاي إلى مشروبٍ يقيهم البرد القارس ويكون بمثابة وجبة غذائية تمنحهم الطاقة. أما الزبدة التي يضيفون إلى الشاي في التيبت، فمستخرجة من حيوان الياك، الذي ينتشر حصراً في جبال الهيمالايا.

يستغرق تحضيره وقتاً طويلاً بما أنّ أوراق الشاي الأسود تُنقع لساعات، حتى تسودّ المياه تماماً. ثم يُسكب الشراب في وعاء مصنوع من خشب البامبو. بعد ذلك، تُضاف بضعة ملاعق من الزبدة إليه وحليب عند الرغبة، إلى جانب الملح.

شاي أزرق

إلى تايلاند حيث يتلوّن الشاي بالأزرق، فهو مصنوع من الـbutterfly pea أو زهرة بازلاء الفراشة الزرقاء. وإذ يصطبغ هذا الشاي بلونٍ مميّز، هو يكتسب كذلك نكهة الأزهار. وبمجرّد إضافة بعضٍ من عصير الليمون إليه، يتحوّل الشاي التايلاندي إلى اللون البنفسجي.

الشاي الأزرق التايلاندي مشروب نباتي من دون ملوّنات صناعية (إنستغرام)

مهد الماتشا

في اليابان طقوس الشاي مقدّسة، وهو مشروبٌ يوازي الماء أهميةً إلى درجة أن الشاي الأخضر يقدّم مجاناً في المطاعم مع أطباق السوشي والساشيمي.

للشاي احتفاليّةٌ خاصة تُدعى «شادو»، وهي تعبيرٌ عن حسن الضيافة اليابانية. يجلس الضيوف أرضاً في غرفة الشاي التقليدية، على البساط المعروف بـ«تاتامي». تمتدّ الطقوس لساعات ويتخلّلها تناول وجبات خفيفة، كما أنها تتميّز بحركات يدَين معيّنة ترافق سكب الشاي وشربه.

تمتدّ احتفالية الشاي التقليدية في اليابان لساعات (رويترز)

اليابان هي أيضاً مهدُ الماتشا، فالشراب الأخضر الذي يغزو العالم حالياً آتٍ من هناك. والماتشا هي مسحوق الشاي الأخضر المطحون الذي يُمزج مع المياه الساخنة. وغالباً ما يُقدّم الماتشا في اليابان مع حلوى «واغاشي».

شاي الماتشا الياباني مع حلوى الواغاشي (إنستغرام)

شاي بالعربي

من الشرق الأقصى إلى العالم العربي، حيث يحتلّ الشاي مرتبة متقدّمة على قائمة العادات اليومية. في مصر مثلاً، الشاي هو المشروب الوطني ويتنوّع ما بين «الكُشَري» الذي يُعتبر خفيف المذاق مقارنةً مع الشاي الصعيدي أو «الثقيل».

في المغرب كذلك، الشاي زينة المائدة، وهو يُغلى مع أوراق النعناع. أما تقديمه فله تقنية خاصة تقضي بسكبه من الإبريق عن مسافة 30 سنتيمتراً من الكوب، كتعبير عن احترام الضيف.

ومن بين الدول الأكثر استهلاكاً للشاي واحتراماً لطقوسه، تركيا التي تنتج 10 في المائة من مجمل إنتاج الشاي العالمي. أما البريطانيون فهم في المرتبة الثالثة للشعوب الأكثر استهلاكاً للشاي، بمعدّل كيلوغرامَين منه سنوياً لكل مواطن بريطاني.

OSZAR »